المجلس الوطني الكوردي في سوريا

د. محمود عباس : بديل الـ حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د 1/2

114

 

كثيراً ما يقال أن الحدث الفلاني أو هذه الشخصية أو المنظمة التالية غيروا مجرى التاريخ، أو لو أستلم فلان أو الحزب الفلاني السلطة لغيروا مسيرتها، أو على الأقل تاريخ المنطقة أو الشعب، وفي الواقع الجدلية بهذه البساطة مطعونة فيها، يقال مثل هذا الكلام عادة لإضفاء الهيبة أو للتشنيع، فجميع من ينوهون إليهم يدرجون ضمن الصفحات التي تتبلور سطورها على تراكمات عديدة تؤدي إلى تشكل التاريخ بهذا الشكل، فلا بد أن تتجمع وتكتمل العناصر الملائمة ضمن المجتمع وفي الطبيعة وتختمر على وفي مراحل زمنية معينة، ليبرز العنصر أو النظام الذي يحدد مسارات التاريخ، فلا نظن، وعلى سبيل المثال، أن ديانة أخناتون بعد زواجه من نفرتيتي أو اليهودية أو الماسونية الأولى في الإسكندرية أو المسيح ومن ثم المسيحية أو محمد ومن ثم الإسلام الأموي أو العباسي، أو قيصر أو المكدوني أو هتلر أو الحزب الشيوعي أو غيرهم، غيروا مجرى التاريخ لمجرد ظهورهم المفاجئ، أو أنهم هكذا ظهروا وغيروا أو رسخوا التاريخ على المجرى الذي نحن عليه، إن كان سلبا أو إيجابا، كارثيا أو مبهراً، فلو لم يظهر هؤلاء لبرز أمثالهم، ولأستمرت المسيرة، أم لربما بغيابهم لانحرف التاريخ، وليس هم الذي حرفوا التاريخ، فبقدر ما مهدت عوامل عديدة لظهورهم وأصبحوا جزء من التاريخ، بإمكان تلك الظروف خلق أمثالهم، فهم ضمن التاريخ قبل أن يكون التاريخ لهم، خلقوا وتشكلت الأديان والمنظمات ليكتمل التاريخ بهذه الأبعاد وليسير على هذا المنحى، الكارثي أو الحضاري.
وهكذا يمكن أن يقال عن المعادلات البسيطة، على مستوى مصير الأمة الكردية ضمن مسيرة التاريخ، والتي تحتاج إلى عمل متناسق، وجهد مضني لتكتمل عناصر نجاحنا في المستقبل، وظهور قيادة على مستوى إمكانيات الأمة، وهذه تنطبق على الجغرافيات الضيقة كجغرافية جنوب غربي كردستان، أو شعوب محاصرة كالشعب الكردي ضمن سوريا، وفيما إذا كان حزب أو شخصية كردية، غير الذين ظهروا وحددوا مسارها بهذا الشكل، كان بإمكانها أن تظهر سابقاً وقطع الطريق عليهم أو عليها، ولو لا ذلك لكان بإمكانهم تغيير مجريات تاريخ المنطقة؟ أم أننا نعيش الواقع المنطقي المؤلم، وعلينا محاولة خلق ظروف ملائمة لتصحيح الجاري أو خلق بديله، وبناء مستقبل ناجح.
فرغم خطأ طريقة عرض الجدلية، النابع من الضعف، والمبني على الآمال والتمنيات، وفي خضم الحوارات غير المنتهية، والنقاشات الخلافية المتواصلة بيننا، كثيراً ما تثار أسئلة في الأوساط السياسية والثقافية الكردية وخارجها وحتى بين العامة من المجتمع، ويقال: لربما أو لكان واقع الشعب الكردي والمسيرة التاريخية الجارية لمنطقة روج أفا على غير ما هي عليه الآن، فيما لو:
1-     لم يكن الـ ب ي د هو المهيمن، أو لو كان بديله مجموعة كردية أخرى.
2-     تم رفع العلم الكردي عوضاً عن علم الإدارة الذاتية.
3-     فيما لو سميت القوات الكردية بالبيشمركة بدلاً من قوات الحماية الشعبية.
4-     سميت المنطقة بفيدرالية غربي كردستان بدلاً من الإدارة الذاتية.
5-    عرفت جغرافيتنا بكردستان سوريا بدل من تسميتها الأخيرة، حالياً شمال شرق سوريا.
والعديد من المحللين السياسيين الكرد وغيرهم، يعرضون وجهات النظر المتضاربة والمتنوعة، ويظنون أن مسيرة التاريخ كانت ستتغير، منهم من يضع السلبية وآخرون نحو الإيجابية، أو كان بالإمكان تحريف الجاري، مع عرض المغاير، فيما لو جرت ما تم ذكره في النقاط السابقة، أي لو تمكن الشعب الكردي من جمع عناصر تسيير التاريخ الملائم في المراحل السابقة، ونحن هنا لسنا بصدد فيما إذا كانت النتيجة أكثر تعقيداً وكارثية من الحالي أو ناجحاً، وبالتالي وعلى الخلفية الجدلية الدارجة تطرح الأسئلة الشكوكية أو الاحتمالات التالية:
1-    هل كانت ستحصل الهجرة الكردية إلى الخارج وبهذا الكم، والعربية إلى المنطقة، لو كانت الإدارة بيد حراك كردي غير الـ ب ي د، أي على سبيل المثال بيد المجلس الوطني الكردي، الحالي أو الذي كان يعمل عليه في البداية ليشمل أغلبية الحراك الكردي؟ وهل سياسة الإدارة الذاتية فاقمت منها، وهل كانت ممنهجة ضد الشرائح الكردية المعارضة لسياستها؟ أم أنها كانت ستحصل حتى بغياب إدارة الـ ب ي د أو الشراكة مع الأطراف الكردية الأخرى؟ وهل الشعب كان سيعاني من الدمار المماثل لمناطق الداخل؟ على خلفية احتمالية استئثار المنطقة بمجموعات من المعارضة التكفيرية، إلى جانب توقع تمدد منظمة داعش، والتي كانت ستؤدي إلى هجرة كارثية. وهنا يضيف البعض، هل كانت القوة البديلة ستعيد النظر في الاستيطان البعثي الغمري، رغم استبعادها من قبل شريحة، لكونهم يضعون احتمالية مشاركة المعارضة العربية القوى الكردية المحتملة هيمنتها على إدارة المنطقة.
2-    هل كانت المنطقة ستظل بدون دمار كارثي مماثل لما حصل للمدن والمناطق التي سيطرت عليها المعارضة العسكرية كحلب وحمص وحماة والمناطق المحيطة بدمشق؟ وهل كان بإمكان القوى الكردية الأخرى خلق توازن بين السلطة والمعارضة، والبقاء على الحياد مثلما حصلت لمحافظة السويداء؟ أم أن الأطراف الكردية والتي مثلتها في البدايات المجلس الوطني الكردي كانت على مقدرة لحماية المنطقة وإنقاذها من داعش والسلطة؟ وهل كانت ستحصل على دعم دولي مثلما تم من قبل أمريكا؟ وهل كانت روسيا ستفرزها كمنطقة محايدة، أو هل كان بإمكان الكرد بناء إدارة محايدة؟
3-    ماذا لو لم يتم الخلاف بين الأطراف الكردية، وشارك جميع الأطراف وبأسلوب ديمقراطي على إدارة المنطقة، وتم رفع العلم الكردي وسميت قواتهم بالبيشمركة؟ هل كانت ستوقف هجرة الشباب إلى الخارج؟
4-    ما هي النتائج المتوقعة لو تم طرد المربع الأمني الذي لم يغادر قامشلو، وهل كانت ستتخلى السلطة ومربعاتها عن المنطقة بتلك السهولة التي تم فيها تسليم إدارتها الأمنية لقوات الـ ب ي د؟ ماذا لو تم محاولة طرد قوات السلطة العسكرية المتواجدة على أطراف مطار قامشلو ومنطقة تل كوكب؟
6-    هل الأطراف السياسية الكردية الأخرى وبينهم المجلس الوطني الكردي كانت ستتعامل مع الـ ب ي د بنفس المنهجية التي تعاملت معهم الـ ب ي د؟ أم أن عدمية الصدامات بينها وبين السلطة كانت ستستمر، أم كانت ستظهر حالة مماثلة لثورة 2004م؟
7-    هل الأطراف الأخرى كانت ستقبل أو تواجه منهجية وإيدلوجية ب ي د كمعارضة، أو لو كانت معهم في السلطة هل كان بالإمكان حصول توافق بنيهم، وهل كان من المتوقع تجنب صراع أو ربما قتال كردي-كردي؟
يتبع…

التعليقات مغلقة.