بعد انطلاق السورية ولجوء نظام الأسد إلى استخدام الخيار العسكري ضد شعبه شهدت سوريا عمليات نزوح كبيرة أصبح ما يقارب ستة ملايين نسمة من السوريين لاجئين في الدول المجاورة والاوربية حيث يشكّل السوريون ما يقرب من ثلث إجمالي عدد اللاجئين في العالم ، وتستضيف تركيا نسبة 63.4 % منهم وهو مايقارب الأربعة ملايين لاجئ وفقا لاحصاءات الأمم المتحدة.
وتشير تقارير متتالية، إلى أن هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، ترك آثارا كبيرة ديمغرافيا وسياسيا واجتماعيا على المجتمع التركي، وقد مثل تواجدهم، وفقا لآخر الإحصاءات، ما نسبته 4.2% من عدد سكان البلاد.
وبسبب استغلال الاحزاب السياسية المعارضة والحكومة التركية على حد سواء قضية اللاجئين السورين ضد بعضهم البعض وتهديدات أردوغان المتكررة للدول الأوربية في فتح الحدود أمام اللاجئين السورين للهجرة إلى أوربا واتخاذ أردوغان اللاجئين السوريين حجة له للقيام بعملية عسكرية في كوردستان سوريا اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش السلطات التركية في إسطنبول وأنطاكية باحتجاز وترحيل عشرات السوريين قسرا إلى شمال سوريا بين يناير وسبتمبر 2019، رغم الاشتباكات الدائرة هناك.
السوريون المرحلون قالوا إن موظفين أتراك أجبروهم على توقيع استمارات لم يسمح لهم بقراءتها، وفي بعض الأحيان بعد تعرضهم للضرب والتهديد، ثم نقلوهم إلى سوريا.
في أواخر يوليو نفى وزير الداخلية سليمان صويلو “ترحيل” تركيا لسوريين ولكنه قال إن “الذين يريدون العودة طوعا إلى سوريا” يمكنهم الاستفادة من إجراءات تسمح لهم بالعودة إلى “مناطق آمنة” غير محددة.
يتعارض هذا التصريح مع تقرير هيومن رايتس ووتش الذي وجد أن تركيا رحّلت سوريين بطريقة غير قانونية إلى محافظة إدلب، إحدى أخطر المناطق في سوريا.
وأدت هجمات التحالف العسكري السوري الروسي على إدلب والمناطق المحيطة إلى مقتل 1089 مدنيا على الأقل منذ أبريل الماضي بحسب الأمم المتحدة، بما في ذلك 20 على الأقل في غارة على مجمع للنازحين.
وقال جيري سمبسون المدير المساعد لقسم الأزمات والنزاع في هيومن رايتس ووتش إن “ادعاء المسؤولين الأتراك أن جميع السوريين العائدين إلى بلدهم فرحون بذلك يسقط أمام الأدلة. عدد السوريين الذين تستضيفهم تركيا أكبر بأربع مرات من العدد الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي، لكن هذا لا يعني أن بإمكانها إعادتهم إلى مناطق حرب”.
واستندت هيومن رايتس ووتش في تقريرها هذا، على التحدث هاتفيا مع 12 سوريا حول توقيفهم واحتجازهم في تركيا وترحيلهم إلى إدلب، إضافة إلى سوريَيْن هربا من إدلب بعد ترحيلهما إليها وعادا إلى تركيا، وزوجة رجل رُحل من اسطنبول.
قال 13 منهم إنهم رحلوا بالحافلات بين يوليو وسبتمبر. وقال ثلاثة منهم إن ركاب الحافلة الآخرين، نحو 100 شخص، أخبروهم إنهم يُعادون إلى سوريا رغم إرادتهم.
لم توجَّه أي تهمة للأشخاص الـ15، الذين احتُجز بعضهم ستة أسابيع قبل ترحيلهم، وباستثناء واحد منهم، لم يُسمح للمحتجزين بالطعن في احتجازهم أمام موظفي الهجرة أو أمام قاض حسب التقرير.
وتتسق هذه النتائج مع تلك المذكورة في بيان صادر عن “نقابة المحامين في إسطنبول” أفاد أن النقابة تلقت بين أوائل يوليو و20 أغسطس تقريبا، 180 شكوى عن سوء استخدام الشرطة لاستمارات العودة الطوعية والتي تفيد برغبة الشخص العودة إلى سوريا.
وقال 5 سوريين مُرَحلين إن الموظفين صفعوهم أو ضربوهم لإكراههم على توقيع استمارة رفض المسؤولون ذِكرَ ما عليها.
يشار إلى أن تركيا طرف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان” اللذين يحظران التوقيف والاحتجاز التعسفي والمعاملة غير الإنسانية والمهينة.
وبموجب اتفاق موقع بين الطرفين، يعتبر الاتحاد الأوربي أن تركيا بلد ثالث آمن لإعادة طالبي اللجوء السوريين إليه. لكن تركيا لم تلتزم أبدا بمعايير الاتحاد الأوربي، بحسب التقرير.
وقد أنفق الاتحاد الأوروبي بموجب هذا الاتفاق، 55 مليون يورو على الأقل لدعم مراكز استقبال واحتجاز المهاجرين في تركيا بين 2011 و 2015.
التعليقات مغلقة.