مرت الذكرى السنوية الثانية على قرار الاستفتاء التاريخي في 25-9-2019، والذي جاء نتيجة حتمية لمواقف وشجاعة الرئيس مسعود البارزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكان ذلك بمثابة طرح قومي للكورد في كوردستان، وأيضا نتيجة تلك التضحيات التي قدّمها شعبنا.
رغم كلّ الصعوبات التي لحقت بإقليم كوردستان من قبل أعدائه في الداخل والخارج، ومراهنة الكثيرين على افشاله، ولكن التصميم والإرادة والطموح وقوة العزيمة تجاوز الاقليم تلك المحنة والحصار من قبل بغداد والدول الاقليمية وحتى واشنطن، واستطاعت القيادة الكوردستانية العودة من جديد الى الساحة الاقليمية والدولية بعزيمة أقوى.
الشعب الكوردي في كوردستان الغربية يفتخر بقرار الاستفتاء، وشارك أشقاءه في الإقليم فرحة ذلك الانجاز العظيم.
ورغم ذلك لم يستفد كورد في سوريا من ذلك، ولم يحاولوا الاقتداء بشجاعة وتصميم الكورد في إقليم كوردستان.
ما رأيكم بشجاعة وحكمة قيادة حكومة إقليم كوردستان بعد مرور عامين على الاستفتاء؟
عن ذلك قالت عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بسة عبدي: كلّ انسان يتخذ قرارا يتبنى قضية شعبه والدفاع عنها، حتما يمتلك شجاعة معينة، لان هكذا قرار وخاصة في ظل الانظمة المستبدة يعني الاستعداد للكثير من المواجهة وتحمّل تبعات هكذا قرار هذا على المستوى الفردي لأي شخص، أما عندما يتعلق الامر بموضوع مصيري يتعلق بمصير شعب قوامه الملايين من الاشخاص تعرض عبر التاريخ لكل ما ابتكره العقل البشري من ظلم وقهر واستبداد وانكار وإبادة، عندها يصبح القرار والقائد المُصَدِر للقرار معجزة في زمنه، لان قرار الاستفتاء يعني وضع حد فاصل للتاريخ -التاريخ الكوردي الحديث-، يعني ان مُصَدِر القرار شخص استثنائي حكيم وشجاع وقوي، استطاع مواجهة الاعداء، ومواجهة مصالح الدول الاقليمية، ومواجهة دنائة وخذلان شريحة من أبناء شعبه، وسار باجماع شعب كوردستان رغم كل شي نحو الاستفتاء، فالرئيس مسعود البارزاني شخصية استثنائية وهو بذاته مرحلة ذهبية من تاريخ الكورد.
وتابعت الحقوقية زهرة أحمد: كتب أيلول بحروف من الخلود، حمل بين حروفه قداسة الثورة والاستفتاء. قاد البيشمركه الأسطورة مسعود بارزاني ثورة الاستفتاء في 25 أيلول عام 2017 ليقول الشعب الكوردي كلمته التاريخية ” بلى” نعم للاستقلال.
كان الاستفتاء امتداداً نضالياً لثورة أيلول المجيدة التي قادها البارزاني الخالد وأرسى دعائمها وأبعادها الاستراتيجية، ليكون الاستفتاء أعظم انجاز وأهم وثيقة تاريخية، سياسية وقانونية للشعب الكوردي في تاريخ الحركة التحررية الكوردية، وفي قاموس الاستقلال.
واضافت: إرادة الشموخ للبيشمركة مسعود بارزاني، من نضاله كبيشمركة بطل وسياسي حكيم حريص كل الحرص على شعبه مؤمن بمشروعية حقوقه القومية، تلك الارادة ستقود البلاد الى الاستقلال. تستمد هذه الارادة مشروعيتها من الشعب أولاً ومن الدستور الاتحادي والمواثيق الدولية ثانياً، ليقرر الشعب مصيره بنفسه. استفتاء 25 أيلول تاريخ مشرق، سجل خالد، بداية لحق قانوني مشروع لشعب أراد أن يقرر مصيره بنفسه ويترجم استراتيجية الثورات البارزانية في رسم ملامح الحرية على خارطة الوجود، ليعانق أيلول الثورة أيلول الاستفتاء بمجده المعطر بدماء الشهداء وكبرياء البيشمركة الأبطال التي رسمت تاريخ الشعب الكردي على شموخ جبال كردستان.
فيما قالت رئيسة اتحاد كتاب كوردستان سوريا، وزنة حامد: نكن كل الاحترام والتقدير لفخامة الرئيس مسعود البارزاني الذي تمكن من قيادة الإقليم في أصعب الظروف وخاصة بعد الاستفتاء التاريخي في 25/9/2017 وبحكمته المعروفة وقيادته الحكيمة حافظ على توازنه وهدوئه بعد خيانة 16 أكتوبر وتداعياتها، إنه زعيم وقائد، لذالك نرى شعبنا خلف قيادته، إنه رمز للنضال والتضحية يفتخر بسيادته كل كوردي، وشعبنا من حقه أن يقرر مصيره حسب المعاهدات والمواثيق الدولية.
بعد مرور عامين، كيف تحللون موقع إقليم كوردستان على الساحتين الإقليمية والدولية؟
تقول عبدي: بعد مرور عامين اصبح الكورد وخاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني اكثر قوة واكثر فعالية رغم انه تم تجميد نتائج الاستفتاء إلا ان الحزب الديمقراطي وحكومة كوردستان بات اكثر ديناميكية في التعامل مع الملفات الاقليمية والدولية، وبليونةً تتطلبها المرحلة وخاصة في علاقته مع بغداد ومشاركته في الانتخابات العراقية والحكومة الفيدرالية وتوسيع وتمتين العلاقات مع الدول الاخرى.
اشارت أحمد: الاستفتاء يوم مميز وخاص، احترامي وتقديري لأولئك الذين لم ينحنوا لأحد. بهذه الكلمات التاريخية وصف الرئيس مسعود بارزاني الاستفتاء في ميلاده الثاني.
المؤامرات الاقليمية والدولية قبل الاستفتاء لم يمنع الشعب الكوردي من أن يقول كلمته التاريخية فكان الاستفتاء وكان الانتصار العظيم.
بعد الاستفتاء كشفت الاتفاقيات السرية عن أنيابها المؤامراتية لتخترق الاتفاقيات الاستراتيجية الداخلية، فكانت خيانة 16 اكتوبر وما رافق ذلك من حصار سياسي اقتصادي من الحكومة الاتحادية والدول الاقليمية التي حاولت بكل الطرق إلغاء نتائج الاستفتاء، لكن إردادة الشعب الكوردي التي تطبعت بشموخ الجبال بقيت شامخة، فالجبال لا تنحني. حكمة الرئيس مسعود بارزاني وبطولات البيشمركة في جبهات القتال، وثقة ودعم الشعب الكوردي كانت الضامن الحقيقي لحماية مكتسبات القومية للشعب الكوردي والاستحقاقات القومية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتي تحققت خلال مسيرة نضالية وتاريخية كانت ثمرة دماء الشهداء وبطولات البيشمركة وتضحيات الشعب الكوردي.
واضافت: بذلك تمكن اقليم كوردستان العراق من اجتياز كل المؤامرات التي حاكتها ونسجت تفاصيلها الشوفينية تلك الدول الإقليمية التي تقتسم الخريطة الجيوسياسية لكوردستان وباتفاقيات دولية سرية وأخرى علنية من أجل كسر إرادة الشعب الكردي وإلغاء نتائج الاستفتاء.
داخلياً: بعد الاستفتاء، وبعد سلسلة من المؤامرات، استعاد اقليم كوردستان من خلال السياسة الحكيمة للرئيس مسعود بارزاني رونق إشراقاته، تقدمه المميز في كافة المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وغيرها، محققا انتصاراً باهراً في الانتخابات التشريعية.
البارتي “حزب الاستفتاء” بقيادة سروك مسعود بارزاني ونهجه الكوردايتي، ودفاعه التاريخي عن مكتسبات الشعب الكردي، والنضال من أجل حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه، كل ذلك وغيرها من الامور الكثيرة كانت دعائم راسخة ليفوز الحزب الديمقراطي الكوردستاني فوزا ساحقا في انتخابات برلمان كوردستان. نال المركز الأول في الانتخابات التشريعية في العراق الاتحادي، والانتخابات التشريعية في كوردستان، فكانت ثقة الجماهير بنضال البارتي وتضحياته الكبيرة لضمان مستقبل كوردستان المشرق، عنواناً مشرقا للفوز الكبير.
اختيار قياديين اثنين من البارتي “حزب الاستفتاء” في قمة الهرم السيادي للإقليم وبمرجعية سياسية تاريخية شامخة “البيشمركة مسعود بارزاني” وإرثه النضالي الراسخ، سيقود كوردستان إلى آفاق مشرقة من الحرية والازدهار، وفق استراتيجية واقعية تفرض نفسها بتضحياتها في خارطة الشرق الاوسطية.
فكان البرلمان وكانت الحكومة وسيكون الازدهار وعناوين الشموخ.
دوليا: في ميلاد الثاني للاستفتاء وللمرة الأولى، وفد من حكومة إقليم كوردستان يشارك في اجتماعات الدورة الـ 74 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا دليل على مكانة الاقليم على المستوى الدولي والدبلوماسي.
وتضيف حامد: بعد الاستفتاء التاريخي حدث شرخ في العلاقات الكوردستانية والدولية وخاصة مع الحكومة المركزية في بغداد التي رافقتها حزمة من العقوبات على الإقليم كالحصار الجوي على مطاري اربيل وسليمانية، إلا أن قيادة الأقليم لملم جراحه بسرعة غير متوقعة ( بالرغم من خيانة 16 أكتوبر ) وتحرك دبلوماسيا بشكل مكثف مما مهد الطريق إلى إجراء انتخابات برلمانية تم تشكيل حكومة شابة برئاسة السيد مسرور البارزاني، وفيما بعد انتخاب السيد نيجرفان البارزاني رئيسا لأقليم كوردستان.
الكورد في كوردستان الغربية يفتخرون بإنجازات الاستفتاء، ولكن لا يستفيدون منها، ما رأيكم؟
أكدت عبدي: ان الاستفتاء كان متعلقا بتحديد مصير قسم من الشعب الكوردي ولان التحرر والانعتاق هو حلم كل كوردي وحق من حقوقه، تفاعل كورد سوريا بشكل كبير مع قرار الاستفتاء لانه يجسد الرغبة الكوردية في تشكيل الدولة الكوردية، اما في ما يتعلق بكورد في كوردستان سوريا وعدم الاستفادة من الاستفتاء فالوضع مختلف لا يزال هناك الكثير من المراحل علينا تجاوزها، وقد لا نصل الى مرحلة الاستفتاء في المستقبل المنظور لان الظروف الذاتية والموضوعية مختلفة تماما.
قالت أحمد: كان الاستفتاء الحدث الأهم في كل أجزاء كوردستان. نال الاستفتاء في كوردستان سوريا التأييد التام، من خلال الموقف السياسي الداعم، وقانونياً من خلال مشاركة المكتب القانوني للمجلس الوطني الكوردي في الاستفتاء كمراقبين قانونبين، وثقافياً من خلال العشرات من المقالات السياسية والدراسات القانونية التي كانت بمثابة المشاركة في الاستفتاء. انطلاقاً من الحقيقة التاريخية والمصيرية، فأي تقدم تحرري في سبيل الحقوق المشروعة للشعب الكوردي في أي جزء هو انجاز ومكتسب كوردستاني لأجزاء كوردستان الأخرى، متجاوزة بذلك حدود سايكس بيكو.
الرئيس مسعود البارزاني دعم حركات التحرر الكوردية في أجزاء كوردستان الأخرى، ليكون إقليم كوردستان العمق الاستراتيجي لها، وقرار الرئيس بإرسال بيشمركة كوردستان إلى كوباني أقوى رسالة قومية للعالم مؤكداً وحدة الإرادة والمصير الكوردستاني، لتتحطم بذلك حدود المؤامرات والاتفاقيات الجيوسياسية التي وزعت كوردستان على خرائطها.
كان الرئيس مسعود البارزاني أول من دعا الى مؤتمر قومي كوردستاني لترتيب البيت الكوردي، وتوحيد الخطاب السياسي والنضال الكوردي لنيل الحقوق المشروعة.
وأضافت حامد: الإنجازات التي حققتها اقليم كوردستان على كافة الصعد وخاصة الاستفتاء التاريخي الذي جسد وحدة الشعب الكوردي في أجزاء كوردستان الأربعة، لذالك هذه الإنجازات تستحق أن نفتخر بها لأنها ثمرة نضال طويل وشاق اما الشق الثاني من السؤال نحن نستفيد من تجارب أشقائنا في الإقليم فخامة الرئيس مسعود البارزاني مرجعية كوردية بدون نقاش.
هل تتحلى الحركة الكوردية في كوردستان الغربية بشجاعة قيادة إقليم كوردستان في إتخاذ قرار كهذا؟
تطرقت عبدي: إلى ان الازمة السورية ووضع كورد سوريا معقد جدا في هذه المرحلة التي نعيشها، كان الكورد في كوردستان العراق قد اختبرها منذ ما يقارب خمسون عاما من خلال جملة من الاتفاقات والادارات في المنطقة، فمنذ تأسيس الدولة السورية إنها المرة الاولى التي اتيح للكورد فسحة صغيرة للمشاركة الفعالة سواء في إدارة اموره او تدويل قضيته، الامر ليس شجاعة او جبن وانما امر واقع.
وأردفت أحمد: فرضت الحكومات التي تقتسم خريطة كوردستان بدكتاتوريتها سياسيات إلغاء الهوية والوجود، رسخت عوامل الانقسام، وحاربت معاً بالرغم من عمق خلافاتها، كل مكتسب سياسي لأي جزء كوردستاني.
النضال السياسي للحركة الكوردية في سوريا وعبر مراحل التاريخ كان من أجل الحقوق القومية للشعب الكوردي، استطاعت وبالرغم من حدة أنياب التعريب التي جرحت الإنسانية وحقوقها، وأسدلت ستاراً عروبياً على مفاصل الحياة مع أبجديتها الكوردية، ان تحافظ على هويتها القومية، بالرغم من كل محاولات طمس الهوية وسياسات التعريب وتللك القوانين والاجراءات الاستثنائية.ردعمت بكل امكانياتها حركات التحرر الكوردية في الأجزاء الكوردستانية الاخرى. لكن الانقسامات المتتالية في جسم الحركة الكوردية وعوامل التشتت الذاتية والموضوعية في الصف الكوردي ضعفت الخطاب السياسي الكوردي.
سياسة الحزب الواحد وعدم تقبل الأخر والقمع السياسي، ساهمت في تعزيز الضعف في الحركة الكوردية.
أكدت حامد: ان الشعب الكوردي شعب شجاع تحدى الظلم والقهر في كل مكان وقدم تضحيات في سبيل حريته، اما سياسيا نعمل من أجل مشروع فيدرالي سوري يلبي طموحات الشعب السوري عامة والشعب الكوردي خاصة.
ما المطلوب من الحركة الكوردية لتخرج من هذه الفوضى بقوة أكبر?
أردفت عبدي: قد لا يوجد حل جاهز يمكننا الاستناد عليه للخروج من الازمة الحالية، كون كل طرف في الصراع مرتبط بأجندات ومصالح أطراف اخرى، وبعض الدول القوية تحاول إيجاد توازن بين المتصارعين وليس ايجاد حل دائم، طالما الوضع كذلك لا يمكن الخروج من الازمة الا بانسحاب احد الاطراف نهائيا او اخراجه من الساحة.
بيّنت أحمد: المرحلة حساسة ومصيرية، والأحداث تتسارع في رسم ملامح مرحلة جديدة في خارطة شرق الأوسط، لذلك لا بد من العمل المشترك لنكون جزءاً هاماً من المتغيرات المصيرية ونحقق ثوابت غير قابلة للتصويت، لتثبيت حقوقنا المشروعة في دستور سوريا الجديد كشعب يعيش على أرضه التاريخية.
المسؤولية التاريخية أمام الشعب الكوردي تتطلب النضال بإخلاص ووفاء، والعمل المشترك لتجاوز عوامل التشتت والانقسامات اللامسؤولة والنضال من أجل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي.
ختمت حامد: ان المنطقة بأكملها تعيش في حالة الفوضى وتبقى الحركة الكوردي في سوريا أكثر تنظيما من غيرها والآن نرى بأن قادة المجلس الوطني الكوردي يشاركون في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة وهذا انجاز لشعبنا.
ما يشبه الخاتمة:
السياسة الحكيمة للرئيس مسعود البارزاني كان وراء قرار الاستفتاء وتنفيذه، وكان لسياسته الحكيمة وراء إحباط جميع المؤامرات التي حاكت ضد اقليم كوردستان بعد الاستفتاء، وبذلك نرى الآن إقليم كوردستان وخاصة بعد انتخاب حكومته الجديدة ومن عناصر شابة في أوج عطائه وازدهاره.
الحركة الكوردية في كوردستان سوريا ونتيجة الانقسامات المتتالية في جسم الحركة وعوامل التشتت الذاتية والموضوعية في الصف الكوردي ضعفت الخطاب السياسي الكوردي. لذلك يتطلب من جميع الأطراف الكوردية في كوردستان سوريا التحلي بشجاعة الرئيس مسعود البارزاني وحكومة إقليم كوردستان في اتخاذ قرارات صائبة لصالح المشروع القومي والوطني الكوردي في سوريا، فالظروف الحالية من التهديدات والضغوطات على كوردستان سوريا بدون وحدة الصف والموقف الكوردي لن يكون للكورد أي وجود في المرحلة المقبلة، ويتطلب من الحركة الكوردية ايضاً النظر بعين المسؤولية وجعل من يوم الاستفتاء التاريخي مثال للإخلاص والوفاء والاقتداء بشجاعة وحكمة الرئيس مسعود البارزاني، والعمل بروح الكوردايتي والتقارب الأخوي لتوحيد الموقف في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ سوريا الحديثة.
التعليقات مغلقة.