المجلس الوطني الكوردي في سوريا

سربست الكوردي :انخفاض قيمة العملة. _ أسبابها _ تأثيراتها

148

 

الهواجس من تطبيق العقوبات التي تفرض على الدول التي تشهد نزاعات مسلحة و الاضطرابات الداخلية تدفع بالكثيرين إلى تهريب اموالهم إلى خارج مناطق النزاع و يستغل البعض هذا الوضع للتحكم باقتصاد البلاد و احتكار كافة السلع و سد المنافذ امام دخول المساعدات سواء أكانت عن طريق المنظمات الدولية او الجمعيات الانسانية و مؤسسات خيرية ارضاءا لجشعهم، بهذا يكونوا قد حققوا اولى خطوات دمار البنية التحتية و انهيار اقتصاد الدولة و فقدان الثقة بالعملة المحلية بفعل عمليات الاحتيال و المضاربة عن طريق اطراف النزاع التي تتلاعب بالقيمة الشرائية للعملة مقابل العملات الاخرى إضافة إلى خلق ازمات كثيرة كحرق المحاصيل الزراعية و رفع اسعار المحروقات و فرض الضرائب على السلع المستوردة و تحجيمها و منع التجار من التعامل باكثر من سلعة واحدة او حصرها بيد سماسرتها لمنع اي انعاش للاقتصاد كل ذلك لإبقاء الشعوب ضمن دائرة الخوف من المجهول.
و للوقوف على اسباب انهيار الاقتصاد و قيمة العملة لا بد من ذكر بعض التعاريف
1 _
العملة: هي الاوراث النقدية التي تتداولها البلدان في عمليات البيع و الشراء و تحمل مفهومها.
_ قيمة العملة: هي قوة العملة في الأسواق العالمية مقابل العملات الأخرى، فهناك عملات محافظة على قيمتها الشرائية و قوتها الاقتصادية (الدولار مثالاً) و هناك عملات متدنية القيمة الشرائية ولكنها محافظة على قوتها الاقتصادية ( الين_اليوان) مؤخرا اعتمد اليوان الصيني كعملة احتياطية للبنك العالمي.
و عملات لا تمتلك القيمة في الاسواق و ليس لديها قدرة اقتصادية ( العملات الشرق اوسطية).

_مقومات العملة: تحددها حجم صادرات هذه البلدان و حجم الناتج المحلي، الكتلة النقدية، سعر الفائدة، الطلب العالمي على هذه العملة

2_سعر العملة: تتحدد من خلال عمليات التبادل التجاري و الاقتصادي و اكثر ما يؤثر على انخفاض سعرها هي عدم الاستقرار و الاضطرابات التي تشهدها البلدان المنهارة اقتصادياً بسبب هروب رأس المال و انعدام المناخ الاستثماري فالمتعارف عليه ان رأس المال جبان ففي حال نشوب اي نزاع تتسارع الرساميل إلى الهروب من بلد النزاع مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد و ضعف قيمة العملة و بذلك تضع اولى اللبنات في تدمير البنى التحتية
3_الواردات:هي الاموال التي ترد إلى الخزينة المركزية بالعملات الاجنبية من مبيعات النفط و المنتجات الزراعية و المعابر الحدودية و الحركة السياحية و منتجات المعامل الصناعية فهذه تؤثر سلباً في حال خسرانها على الاحتياطي المركزي في البلد بالمقابل فإن الانظمة بحاجة إلى شراء الاسلحة و الوقود و الكثير من الآليات و المنتجات التي تعجز هذه البلدان عن إنتاجها

4_حجم العملة :هي كتلة العملة النقدية التي تخص بلد ما إلى النسبة المئوية للعملات العالمية
نموذج: جحم العملة السورية بالمقارنة مع الدولار خلال الاعوام من 2011 إلى 2018 لا تتجاوز 27٪ و هذا دليل انخفاض قيمة العملة مقابل القطع الاجنبي و عدم تغطية حجمها لذلك تعتبر منخفضة جداً بالمقارنة بالنسبة الي حجم الكتلة في السنوات الي سبقت الازمة.

5_طباعة العملة : هي الاوراق النقدية التي تطبع خارج قوانين صندوق النقد الدولي (خارج ميزانية)
لزيادة حجم الكتلة النقدية لبلد ما لا بد من وجود زيادة في الناتج المحلي، في حال كانت كتلة النقود المتداولة اكبر من جحم الناتج المحلي يُحدث هذا تضخماً و انخفاضاً لقيمة العملة، إذا زيادة حجم كتلة العملة يجب
ان تتناسب طرداً مع زيادة الناتج المحلي، اي خلل في هذه النسبة و التناسب يؤدي إلى انخفاض حجم الاحتياطي و انخفاض قيمة العملة.

6_المحفظة : هي كتلة الاحتياطي من السندات الاجنبية و الذهب و العملات الاجنبية التي تدعم العملة المحلية، اي نزيف او استنزاف لهذا الاحتياطي يتسبب في تدهور قيمة العملة و التأثير المباشر على الاقتصاد، و لذلك فإن روسيا (الدولة الداعمة للنظام السوري) رفضت في الاونة الاخيرة طباعة اي عملة جديدة لسوريا بسبب التأثير السلبي على الاقتصاد.

نستخلص مما ذكر ان : اسباب كثيرة تؤثر على قيمة العملة مثالاً (الحالة السورية) العقوبات الغربية الاقتصادية المفروضة و سياسة تفعيلها من اهم الاسباب و التدخلات الخارجية و التأثير المباشر على اطراف الصراع.
بعد الاستنزاف الكبير في الاقتصاد و الهدر في الطاقات عملت الدول الاجنبية استكمالاً لخططها الخبيثة للقضاء كلياً على الاقتصاد و منع اي انعاش او اعطائه اي فرصة للتعافي فبدهاء ساندت النظام و دفعته لاستعادة بعض المناطق لبسط سيطرته عليها، لتزيد بذلك من اعبائه و اختناقاته الاقتصادية و ذلك من خلال زيادة عدد سكان و الزيادة في حجم الخدمات الواجب توفرها لخدمة هؤلاء في توفير المستلزمات و المواد الاساسية ( كالخبز  و المحروقات و الماء و الغاز) اضافة إلى خدمات النظافة و شبكات الطرق و المواد الاساسية الاولية و كل هذا تستورد عن طريق النظام بالعملات الاجنبية و هذا سبب في زيادة الطلب على العملة الاجنبية اكثر من المحلية.
و ايضاً قرارات البنك المركزي بانخفاض نسبة الفائدة من 12.5٪ إلى 8.5٪ بدلاً من رفعها حيث ان رفع الفائدة يحافظ على قيمة العملة و انخفاضها يؤثر في انخفاض العملة.
و كل هذه الامور تؤثر سلباً على المواطن و ذلك بارتفاع القيمة الشرائية و زيادة الاسعار و عدم تناسب الدخل مع الطلب مما يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر (حيث وصلت النسبة بحسب الاحصائيات إلى 70٪من سكان سورية يعيشون تحت خط الفقر)

و من سياسات المركزي ايضاً فرض قيود على الحوالات الخارجية و تحديد مبالغها الواردة و ايداع ما يزيد عن المبلغ المحدد في حسابات مصرفية لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر و من ثم يحق لصاحب الحق سحب باقي الحوالة و لكن بالليرات السورية و حسب سعر المركزي. وهذا يتسبب في انخفاض نسبة الحوالات الواردة وبالتالي انخفاض في المخزون الاحتياطي ففي عام ٢٠١٧ على سبيل وبحسب الاحصائية، قدرت قيمة الحوالات الواردة بمليون وثمانمائة الف دولار أمريكي وما يعادله من العملات الاخرى
و هذا ايضاً من اسباب شح العملات الاجنبية مما يدفع بالنظام إلى الاستعانة بالدول الصديقة و السوق السوداء و سماسرة و تجار العملة مما يزيد العبء على الدولة اكثر فأكثر و المواطن هو من يدفع الثمن

التعليقات مغلقة.