قال تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة الصادر اليوم إن انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها “الجيش الوطني السوري” من اختطاف وتعذيب وابتزاز واغتيالات متكررة, مستمرة في منطقة عفرين.
ويضيف التقرير الذي يتناول المشهد السوري بعد ثمانية سنوات من الصراع وتصاعد العنف, أن الظروف الأمنية فوضوية في منطقة عفرين مع “غياب عام لحكم القانون”.
انتهاكات:
تقول الفقرة /57/ من التقرير الصادر عن لجنة التحقيق إن تبادلاً لإطلاق النار اندلع بين مجموعتين مسلحتين منضويتين تحت راية “الجيش الوطني السوري” تسبب بمقتل “زوج يبلغ من العمر 35 عامًا وأب لثلاث فتيات وصبي أثناء وقوفه خارج متجره”.
ويضيف التقرير أن كثيراً من عمليات الاختطاف في عفرين تمت لأسباب “اقتصادية وسياسية .. وكان ضحايا عمليات الاختطاف على أيدي الجماعات المسلحة و / أو العصابات الإجرامية في الغالب من أصل كردي”.
ويذكر التقرير في الفقرة /59/ أن اللجنة وثقت حالة “اختطفت فيها جماعة مسلحة في 13 أيار/مايو رجلين وطفل من ذوي الإعاقات الذهنية لدى سفرهم من عفرين إلى إعزاز. وبحسب ما ورد عثر على أحد المختطفين ميتاً بعد بضعة أيام يظهر عليه علامات تعذيب ، بينما طالب الخاطفون بفدية قدرها 10،000 دولار لبقية المختطفين. أشارت الروايات التي تلقتها اللجنة إلى أن الرجل الثاني عُثر عليه ميتاً بعد مرور /40/ يومًا على الحادث ، مع ظهور علامات تعذيب واضحة ؛ بعد ذلك ، تم العثور على رفات الطفل.”
“فدية وغرامات واستيلاء على الممتلكات”
ويضيف التقرير في الفقرة /60/ أن النشطاء الذين انتقدوا الجماعات المسلحة, تعرضوا للاعتقال والتعذيب والاحتجاز “بانتظام”, ويذكر وصف أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أنه “بعد اعتقاله من قبل مجموعة مسلحة .. تعرض للضرب المبرح والحروق أثناء الاحتجاز ، حتى تم دفع مبلغ 600 دولار لإطلاق سراحه”.
ويستند التقرير إلى شهادات سكان محليين قالوا للجنة إن موجة الاعتقالات “مصممة في المقام الأول لتوليد دخل مالي للجماعات المسلحة. في هذا الصدد” وتفيد اللجنة تلقيها تقارير تؤكد بأن “الشباب الذين قُبض عليهم للاشتباه في ارتباطهم بالهياكل الكردية أجبروا على دفع غرامة قدرها 400 دولار من أجل إطلاق سراحهم.”
ويذكر التقرير أن المدنيين العائدين إلى عفرين, مُنعوا من الوصول إلى ممتلكاتهم, و “تم الاستيلاء عليها من قبل أفراد الجماعات المسلحة وأسرهم. وكان يتعين على الآخرين دفع ما يصل إلى عدة آلاف من الدولارات لإعادة بضائعهم ومركباتهم بعد سرقتها.”
وشير التقرير إلى تلقي اللجنة تقارير تفيد بأن المزارعين أُجبروا على دفع “الضرائب” من أجل زراعة أراضيهم. وبالمثل ، طُلب من مزارعي الزيتون التنازل عن نسبة مئوية معينة من حصادهم كضرائب على الجماعات المسلحة. علاوة على ذلك ، تلقت اللجنة عدة تقارير تتعلق بنهب المواقع التاريخية والأثرية من قبل الجماعات المسلحة ، بما في ذلك تل جنديرس.
قيود على حقوق المرأة
يشير التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة, إلى تلقي تقارير حول ” فرض قيود صارمة على حقوق المرأة ، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة التي تتبع الأيديولوجيات المتطرفة”.
وتذكر الفقرة /63/ التقرير ” وتشمل الانتهاكات فرض قواعد صارمة على ملابس النساء والفتيات والقيود المفروضة على حرية التنقل. وفي الوقت نفسه ، تعرضت النساء والفتيات للمضايقات من جانب أفراد الجماعات المسلحة ، لا سيما عند محاولة اجتياز نقاط التفتيش.”
ويذكر التقرير في الفقرة /77/ “في سياق النزوح وما بعده ، تواجه النساء والفتيات مخاطر أكبر للاستغلال والإيذاء ..ويؤدي النزوح إلى تضخيم أوجه عدم المساواة بين الجنسين الموجودة مسبقًا وتفاقم الأضرار بين الجنسين.”
“استبدال مسؤولين كرد بعرب”
تقول الفقرة /64/ من التقرير “لم تتلق اللجنة أي إشارة إلى أن السلطات التركية كانت إما قادرة أو مستعدة للسيطرة على سوء سلوك الجماعات المسلحة” مستنداً بذلك على شهادات الضحايا الذين قدموا شكاوى للمجالس المحلية وذكروا باستمرار أن الأطراف المسيطرة لا تزال إما غير راغبة أو غير قادرة على توفير سبل انتصاف فعالة.
وفي الفقرة /65/ يذكر التقرير “يقال إن المسؤولين من أصل كردي الذين عملوا سابقًا في مؤسسات استبدلوا كثيرًا بأشخاص من أصل عربي”, ويضيف “واصل الأشخاص الذين تمت مقابلتهم وصف الهياكل الإدارية والتنفيذية بأنها غير قادرة إلى حد كبير على معالجة المظالم الناشئة عن السلوك غير القانوني لعشرات الجماعات المسلحة.”
وتقول اللجنة ” هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن أفراد الجماعات المسلحة في عفرين واصلوا ارتكاب جرائم الحرب المتمثلة في أخذ الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب.”
سنة ثامنة من الانتهاكات
يقول تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة أن المدنيين في جميع أنحاء سوريا يواصلون تحمل وطأة الأعمال العدائية المستمرة في إدلب وشمال حماة واللاذقية وغرب حلب, التي أدت إلى تدمير البنية التحتية التي الضرورية لبقاء المدنيين.
ويذكر أن الانتهاكات تختلف باختلاف الجهات الفاعلة التي تسيطر على المناطق, مع تصاعد العمليات القتالية خلال الفترة المشمولة بالتقرير والتي أدت إلى تدمير المشافي والموارد الزراعية وأجبرت المدنيين على الفرار.
ويتطرق إلى موجات النزوح التي شهدتها دير الزور “حيث لجأ عشرات الآلاف من الفارين من مناطق القتال في دير الزور إلى مستوطنات مؤقتة ، مما أدى إلى توتر الموارد الإنسانية التي تعاني بالفعل من ضغوط شديدة. لم تؤد عمليات النزوح فقط إلى محدودية الوصول إلى الموارد للمدنيين ، ولكن أيضًا التوزيع غير المتكافئ للخدمات في جميع أنحاء البلاد.”
ويضيف “تزال عمليات النزوح التي طال أمدها دون حل ، ولا سيما في أماكن المعسكرات الكبيرة ، بما في ذلك مخيمات الهول وعين عيسى والروج وعطمة وركبان ، حيث يظل عشرات الآلاف من المدنيين محبوسين في ظروف يائسة وسط أراضٍ قاحلة.”
ويذكر التقرير في تبويب منفصل أوضاع المدنيين بإدلب مؤكداً على أن عمليات العنف تصاعدت ضد المدنيين أثناء سعي القوات الحكومية السورية طرد عناصر “هيئة تحرير الشام” منها.
توصيات
يشدد التقرير في توصياته على “ضمان الوصول غير المشروط والمستدام إلى الإغاثة الإنسانية والطبية للمدنيين المحتاجين وضمانات لحماية العاملين في مجال المعونة والصحة.”
ويطالب بـ “اتخاذ جميع التدابير الممكنة ، بموجب قرار مجلس الأمن 2474 (2019) ، بالكشف عن مصير المعتقلين والمختطفين ، وإنشاء قناة اتصال فعالة مع الأسر ، ولا سيما الأزواج ، من أجل ضمان تلبية احتياجاتهم القانونية والاقتصادية والنفسية على النحو المناسب.”
ويركز التقرير ضمن توصياته على “ضمان حماية ومساعدة النساء والفتيات المشردات والعائدات ، بما في ذلك حصولهن على الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية ، فضلاً عن معالجة الحقوق الأساسية ، مثل الممتلكات والتوثيق ، بطريقة فعالة ومستدامة ” مؤكداً على “الحاجة إلى حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي والجنساني”
التعليقات مغلقة.