اندلعت ثورة أيلول في 11 أيلول من العام 1961 بزعامة البارزاني الخالد، وامتدت إلى عام 1975، هذه الثورة كانت ردّ فعلٍ على السياسة الفردية التي كان يتبعها عبدالكريم قاسم رئيس وزراء العراق آنذاك ( أول رئيس جمهورية في العراق)، بعد نجاح ثورة 14 تموز عام 1958 في بناء الجمهورية الفتية الأولى في العراق والتي لقيت تأييداً ومباركةً من كلّ العراقيين، وكان البارزاني الخالد من أوائل القادة الذين هنأوا عبدالكريم قاسم بنجاح تلك الثورة، وعلى إثره قام الأخير بدعوة البارزاني “والذي كان يشغل منصب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني والذي كان أحد اللاجئين السياسيين في الاتحاد السوفييتي سابقاً”، للعودة إلى العراق .
إلا أنّ الخلافات قد وصلت إلى ذروتها بين قادة الثورة ” عبدالكريم قاسم،عبدالسلام عارف، جمال عبدالناصر” حول رسم السياسة التي ستسير عليها الدولة الجديدة، إضافةً للخلاف على هويتها، مما حدى ب عبدالكريم قاسم الذي ارتأى أنّ أحداث الموصل وكركوك من صنع القوميين ودعم الناصريين، إلى التفرد بالسلطة والتخلي عن النهج الوطني وضرب القوى الوطنية وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومصادرة الحريات الثقافية والسياسية وملئ السجون بالمناضلين وضيق الخناق على قيادات وكوادر الديمقراطي الكوردستاني وإنكار الحقوق المشروعة للشعب الكوردي والتنصل من وعوده مع البارتي والبارزاني، فحاول البارزاني إقناع قاسم بالعدول عن سياسته والعودة لمبادئ الثورة والجمهورية الفتية، إلا أنّ محاولاته لم تلقَ آذاناً صاغيةً، فعاد إلى ” بارزان”.
ونتيجةً للسياسة القمعية التي كان يتبعها قاسم قامت حكومته بملاحقة أعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني واعتقالهم، إضافةً لإغلاق الجريدة الرسمية التي كانت تصدر باسم الحزب ” خبات” ومقر الحزب في بغداد، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ بل قام بتسليح بعض رؤساء العشائر الكوردية ” الجحوش” مستغلاً الخلافات العشائرية والقبلية في البيت الكوردي، وقام بحملة عسكرية في 11 أيلول عام 1961 شاركت فيها الطائرات الحربية وكانت تتقدمها أفواج الجحوش، وهاجمت مناطق كوردستان من محاور مختلفة وعلى وجه الخصوص منطقة بارزان وهكذا انطلقت ثورة أيلول بنضال الشعب الكوردي والبيشمركه الأبطال، واستمرت 14 عاماً.
كما وحققت الثورة مكسباً وإنجازاً تاريخياً للكورد في كوردستان العراق من خلال إرغام نظام صدام حسين البائد على توقيع بيان 11 آذار عام 1970 والذي نص على الاعتراف بالحكم الذاتي للكورد، والذي شكل منعطفاً مهماً في تاريخ الكورد.
وإلى ذلك فقد حيكت مؤامرة دولية في الجزائر لكسر شوكة الكورد وثورتهم، أُطلق على هذه المؤامرة ” اتفاقية الجزائر 1975″ والتي نصت على منح إيران جزءاً من شط العرب مقابل قطع المساعدات عن الحركة الكوردية في كوردستان، إلا أنّ الكور واصلوا مسيرتهم النضالية بإشعال فتيل ثورة گولان في 26.5.1976 معلنين أنها امتداد لثورة أيلول والتي أطلق عليها الكاتب “صبحى ساله يى” اسم ” الوريث الشرعي” لكل الثورات الكوردية على اعتبار أنها جاءت تتويجاً لكل الطاقات المخلصة والأفكار الحريصة والجهود النيّرة التي حاربت الظلم من أجل رفاهية الشعب وكرامته واستقلاله.
لقد حظيت ثورة أيلول بتأييدٍ ودعم من شعوب العالم المناضلة، والأحزاب والمنظمات السياسية التي تدعو إلى حرية الإنسان وحق تقرير المصير، وكانت هي أيضاً مؤيدةً وداعيةً إلى انتصار حقوق القوميات والأديان والمذاهب ومن هنا أصبحت موئلاً لكل المضطهدين السياسيين العراقيين، وأصبحت مركز إشعاعٍ تحرري لكل كوردستان.
بيرين يوسف
إعلام ENKS
التعليقات مغلقة.