المجلس الوطني الكوردي في سوريا

محمود عباس : مفتي سوريا أحمد حسون والكورد

160

المسلمون في النار إلا الزاهد، والمحرض على القتل ساقط عنه الصفة بسند من النص والحديث، وقد فعلها مفتي سلطة سوريا الأسد الإجرامية أحمد حسون، وقبله رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، يوم أرشدوا وأفتوا للسلطات العربية والمنظمات الإسلامية بالقتل والتكفير بين المسلمين، ولكليهما حكم سابق بحق الكورد، وهي من الأحكام الصادرة عن الفرق الإسلامية الضالة، مطعونة في سندها ومصداقية مصادرها، فلا اعتبارات فقهية أو شرعية أو دنيوية لها، واليوم يعيدها المفتي ومن مخلفات منطق السيادة والموالي، بحق الشعب الكوردي في شرقي الفرات بحجة الإدارة الذاتية قائلاً ” لا ترفعوا رؤوسكم بعد اليوم لأننا لا نفتخر بأمثالكم” وفي الواقع افتخاره بنا ناقصة لنا، مثلما نقيضها شرف وكبرياء، وكلامه هذا مثل سفاهات الأخرين عن الكورد أوسمة نفتخر بها، تعكس نقاء أمتنا، وصدق مسيرتنا.

وفي كل مرحلة نقدم فيها جميلا للوطن، ويحصل فيه شعبنا على مكتسب، تصدر مثل هذه الثرثرة، ولا نستبعد أن شخصيات أخرى من أحضان سلطة بشار الأسد على شاكلة المفتي سيظهرون قريبا، وسيتناولون القضية الكوردية من أطراف أخرى، علما أن كلامهم وتهجمهم أصبح خارج مجالات الاعتبار، لكننا كتبنا هذا المقال، لتبيان دور مفتي الجمهورية ومدى انتمائه لأحد الفرق المذكورة.

كم هي نسبة الفرقة الناجية من الفرق الاثنين والسبعين الباقية في الإسلام، وعددها مسنود بحديث لرسول الإسلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم. والفرقة الناجية بذاتها تحتضن العديد من الضالين، من حيث الجهالة بالإيمان أو بأحكامه، وبينهم فقهاء، كمفتي السلطة السورية (أحمد حسون) الخارج بحكمه الحسي على الكورد، ناقضا فيها أحكام الإسلام كدين جامع، ونحن هنا لا نتحدث عن الوطنية فهو كبعثي ساقط من أحكامها لخلفية التبعية لحاكم فاسق مجرم على المذهب القدري الأموي، وهي من أول الفرق الإسلامية المخالفة، وأحكام فقهاءهم كتأويلهم للصلاة الإلهية المضافة على أسم الرسول، فاسدة في الأولى، ومخالفة لكلية الإله في الثانية، والتي هي في جلها انتقاص من قدرة الخالق بقدر ما هو تقريب ما بين الإنسان والإله، بين الرسول ومرسله، بين النبي والله، والنبي عليَّ الله قدره يوم بعثه رسولا للعالمين أجمع. ولا يأتون على تعليل لمن سيصلي الإله ولمن سيدعو لمحمد، أ لذاته اللامنتهية اللامحدودة اللانهائية؟ لمن ولماذا يقيم الإله الصلاة؟ وماذا يطلب فيه؟ ومن المصلى له؟ وهل الله يصلي؟ والصلاة خشوع، فلمن يكون الخشوع؟
الحديث عن الفرق الإسلامية الضالة، والتي ينتمي إلى أحداها، (المفتي المذكور أنفا أحمد حسون) والناجية منهم وما ورد عليها في نهاية الحديث من التشديد ” وواحدة في الجنة، وهي الجماعة” وهو ما جاء على لسان معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) قيل : عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ : أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ : ( أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ) يتأرجح ما بين المطعون فيه والصحيح. ثبت برواية لأبو داود والحاكم، وصححه ابن حجر في كتابه ” تخريج الكشاف” كما رواه الترمذي وحسنه ابن العربي في كتابه أحكام القرآن، والعراقي في تخريج الإحياء، والألباني في صحيح الترمذي، وطعن فيه شيخ الإسلام، أبن تيمية، ملهم التكفيريين ورائد الوهابيين، بعدما صححه في كتابه مجموعة الفتاوي، ومثله فعلها الشاطبي.
والقول في هذا الحديث يطول ما بين المطعون والصحيح، في بناءه وتشديده، إلى أن جاء البعض ورواه على النحو التالي ” وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي” وآخرون جاؤوا بنهاية مخالفة ” (تَفَرَّقُ أُمَّتِي عَلَى سَبْعِينَ أَوْ إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: (الزَّنَادِقَةُ، وَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ) ولا خلاف على أن سلطة بشار الأسد وحاشيته من الزنادقة، ومسيرتهم في الإجرام وقتل الشعب السوري الأمن دليل إلهي قبل أن يكون بشري على ما نحكم، ومفتيه (أحمد حسون) من القدرية، لتبعه الزنادقة في الحكم، ولا أحكام أخلاقية للزنادقة وتابعيهم، لذلك فما أورده المفتي بحق الكورد ساقط كفتوى ولو أنني لست من يفتي، لكنه أفتى على ذاته بحكم يناقض فيه النص والحديث، عندما يجامل الطاغية والزنديق، ولا يختلف عن الزنديق العديد من قادة معارضته التكفيرية.
تم تكذيب الحديث بهذا اللفظ على لسان الرسول، وفي الواقع أتفق العديد من الفقهاء على أنه من سلسلة الأحاديث الضعيفة، خاصة وهو موضوع بهذا اللفظ، مع ذلك يأخذ به العديد من الفرق الإسلامية الضالة في حاضرنا كفرقة مفتي الجمهورية العربية السورية أحمد بدر الدين حسون، عندما ود أن يعرض وجهتها السياسية وحكمها على الشعب الكوردي فحمل رايتها بعباءة الدين مستخدما منطق الفرق الضالة في الأمة الإسلامية، وسند بشائعها بالتأويلات القدرية.
لا تختلف الفرق الضالة عن بعضها في الأحكام الإلهية، فجلها تشوه الإسلام ولا تمثله، حتى المدعية أنها حاملة الراية السلفية، أو الليبرالية، حسب المصطلحات العصرية كجماعة المفتي في سوريا، والأردوغانية في تركيا، جلها تسخر النصوص القرآنية لمأربها البشرية، وتأولها حسبما تتطلبه غاياتها. وفي الواقع أن كان الحديث صحيحا، فيحتضن السلفيين بضلالاتهم كداعش والنصرة والقاعدة، قادة قتل المؤمن، ومعهم البعض من المنظمات التكفيرية الجهادية في المعارضة العسكرية السورية، وأن كان الحديث مطعونا فيه فقد أستخدمه معظم الملل الإسلامية الإجرامية أو المدافعة عن الزنادقة، كملة أحمد حسون لعزل ذاتهم من الإحكام الفقهية الإنسانية وليست الإلهية، على أنهم الفرقة الناجية، فالله عليم بذات الصدور.
بعد محمد صلى الله عليه وسلم، أختلف المسلمون على الراية، وقتلوا بعضهم بالألاف، وبأمر من قادة الإسلام والصحابة والسلف المذكور، وجل الفرق أتبعوا السلف، واستمروا على خلافاتهم، وأيادي جميعهم ملطخة بدماء المؤمنين البسطاء الذين لم يكن لهم حول ولا قوة، يطبقون أحكام القتل بأمر ويأمنون بالنقل والإملاء، وبالتالي ينطبق عليهم حكم الآية الكريمة ” وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما” والسؤال هنا مَن مِنَ السلف لم يقتل المؤمن الأخر بتعمد وعن سابق تخطيط؟ الكل فعلها وبدون استثناء، وصاحب المفتي على رأس القائمة في عصرنا هذا، وهناك مناوئه رجب طيب أردوغان زعيم الإخوان المسلمين الجدلي والتكفيريين، بتمويلهم ومساندتهم بأحكام متنوعة. ففي سورة النساء وفي الآية المذكورة يظهر بشكل واضح وجه الإعجاز التشريعي في تبرئة فرقة أحمد حسون وحاكمه وداعميه من أئمة ولاية الفقيه، وأردوغان وحكومته، رغم التأويلات والتفسيرات الغائية بأبعادها السياسية، في تحريم القتل- بصفة عامة- وقتل المؤمن لأخيه المؤمن متعمدا- خاصة، وهؤلاء قتلوا وبكثرة، ومن قتل فلا يقف الحكم على مقولة شبه فتوى تدفع إلى القتل.
يطول القول في مجريات البحث في هذا الحديث الذي يدرج في أحكامه فرقة أحمد حسون الضالة وسلطته من جهة وأردوغان وأدواته من المعارضة من جهة أخرى والتي تعبث بمنطقة عفرين وتقتل الكورد المسالمين والمسلمين فيها، مهددين بقتلهم في شرقي الفرات إن لم يرضخوا لأحكامهم، وأئمة ولاية الفقيه لشرورها ودعمها لضلال سلطة بشار الأسد، كما في الكثير من الأحاديث، والتي بلغت ببعضها درجة التكفير، لتناقضها مع النص القرآني، ومنها ما جاء في صحيحي المسلم والبخاري.
لسنا هنا للتعمق الفقهي في هذا الصدد، وهو من اختصاص أهلها، بل في هذا الكم من الفرق العجيبة التي ظهرت على الساحة السياسية وجميعها تحمل راية الإسلام، وبأشكال متنوعة، وبينهم فقهاء في الدين، كالمفتي المذكور والمهدد للكورد في شرق الفرات، وأصحاب له ولأردوغان من جميع الاختصاصات في الشريعة والفقه والتاريخ الإسلامي، كيف تقبل على ذاتها أن تكون من أصحاب النار، فهي إما لا تؤمن في قرارة نفسها بالإسلام كدين إلهي، ولذلك تسخرها لغاياتها، وهي منافقة ومن الفرق الضالة، أو أن جل هؤلاء المدعين بمعرفة الإسلام، منافقون لا إيمان لهم، ويفتون لهذه الفرقة أو تلك المتقاتلة، ولهم خلفيات فقهية وعمق بالدين، ويرددون الشهادة مع مقولة (صلى الله عليه وسلم) على صوت ولسان، وفي القناعة الباطنية مشككون أو لا يؤمنون أنه لا إله ولا نبي، أنما الغايات بشرية منحطة، والقتل يبررونه بسند عمل، من أعمال الصحابة والتي هي بحد ذاتها مخالف، وليس على نص لا يؤمنون به. فجميع فرقهم المتقاتلة على أرض سوريا والعراق، وشمال أفريقيا ضالة وفاسقة، وجميعها في النار، والجنود المغرورين بهم لا يفهمون في الإسلام، ولهذا فالإيمان بالدين عن طريق النقل كفر بالإنسانية، فلا يعقل أن يرسل الله بعباده إلى التهلكة بتسليط الجهالة والجهلاء أو المنافقين والزنادقة عليهم، وليظهر هذا الكم من المجرمين، ومبرري الإجرام أمثال مفتي سوريا أحمد حسون، وقبله يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سابقا.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع 

التعليقات مغلقة.