منذ بداية الأحداث في سوريا عامة وكوردستان سوريا خاصة كان الشباب هم أكثر فئة تضررت ، والطلبة يشكلون جزء من هذه الفئة التي دفعت الثمن بأشكال مختلفة فمنهم من دفع حياته ومنهم من اختار الهجرة تاركاً خلفه كل شيء، أهله ، اصدقائه ، وحتى دراسته .
وهناك فئة لم تتح لها حتى فرصة الهجرة فاضطرت البقاء هنا تتحدى كل الصعوبات ، و طلابنا في كليات الحسكة كان لهم النصيب الأكبر من صعوبات الحياة والأحداث التي عرقلت سير دراستهم بشتى الطرق ولكنهم ظلوا صامدين .
ففي بداية الأحداث السورية تعرضت أغلب كليات الحسكة لهجوم الارهابيين (داعش) فأحرقوا مباني الكليات والأوراق الثبوتية للطلبة فاضطر الطالب للنزوح إلى مناطق أكثر آماناً، وبعد تنظيف المدينة من الدواعش لم تنته المشاكل والمعوقات التي تعيق طلبتنا حيث ازداد التوتر بين الميليشيات التابعة لـ PYD و مليشيات التابعة للنظام السوري فكان كل طرف يحاول وضع الكليات تحت سيطرته وخاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة ما تسمى بالإدارة الذاتية وفي كل مرة يقوم النظام بإصدار قرار بإغلاق هذه الكليات إلى إشعار آخر فينهار الطالب نفسياً ولا يعلم إن كان سينهي دراسته ويتخرج أم لا.
و تشتت الكليات بين النظام السوري وما تسمى بالادارة الذاتية ومع هذه المعوقات انتشر الفساد في كليات الحسكة كباقي الجامعات السوريةمثل (جامعة تشرين و الفرات فرع ديرالزور وحتى جامعة دمشق )ولكن الفرق هناك الفساد فيه نوع من السرية ( مستورة) بينما في كلياتنا باتت في العلن حتى أن اغلب الطلاب قاموا بشراء موادهم وتخضع هذه العملية للواسطة والسعر يختلف من كلية إلى أخرى ، ففي كلية الهندسة المدنية حسب ما يقال تكلف 40 ألف ليرة سورية في حين في الحقوق المادة تباع ب50 ألف وأحيانا أكثر و في كلية العلوم كانت لا تتجاوز ال30 الف……إلخ و خفض الأسعار في كلية العلوم شجع الكثير من الطلاب إلى التوجه لشراء المواد وشاع الحديث عما يحدث في كلية العلوم في كل مكان مما جعل عميد الكلية الدكتور أحمد الحاجي إلى متابعة الموضوع والسعي إلى جمع الأدلة عن المتورطين في هذه العملية و رفع تقرير فيهم إلى وزارة التعليم العالي لمحاسبتهم (طلبة وعاملين) حيث تم فصل عدد من العاملين و70 طالب وطالبة .مما جعل الجميع يتخذ الحذر في هذه الدورة الإمتحانية.
وفي هذا السياق قامت شبكة موقعنا R-ENKS باستطلاع آراء بعض الطلاب حول سير الإمتحانات في الدورة الثانية للعام الدراسي 2018/2019 فكان لنا وقفة مع مسؤول الطلبة في اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني روج آفا في الحسكة رامان إبراهيم حيث تحدث:أننا في الإتحاد نتابع الوضع في كافة كليات الحسكة عن قرب وخاصة سير الإمتحانات وقد قمنا بإعداد تقارير عن الفساد الذي كان يحدث داخل الكليات ومدى تأثيره على سير العملية التعليمية لايصاله إلى الجهات المختصة كمحاولة لردعه ولكن دون جدوى.
وتابع إبراهيم : واليوم من خلال متابعتنا لأوضاع الإمتحانات استطيع القول بأن محاولة الدكتور أحمد الحاجي عميد كلية العلوم في ايقاف الفساد في كليته نجحت بشكل ممتاز حتى إن لم تكون أبدية ولكنها بداية جيدة والآن الكلية خالية من أي محاولة لاستغلال الطلاب وبيع المواد، كما أن ماحدث في كلية العلوم جعل العاملين على الفساد في باقي الكليات يتخذون الحذر وبالتالي وأن وجد الفساد فلن يكون بتلك الصورة الواضحة والبشعة .
وأنهى إبراهيم حديثه بالقول : نتمنى من طلابنا ألا ينصاعوا خلف استغلال بعض مريضي الأنفس وأن يعتمدوا على جهودهم ، كما ونتمنى التوفيق والنجاح لكل طلبتنا .
اما في كلية العلوم نفسها فكان لنا وقفة مع الطالبة ل. أ وهي طالبة كلية العلوم سنة رابعة في قسم علم الأحياء حدثتنا قائلة: بعد أن عانت كليتنا طيلة السنوات الماضية من الفساد وبيع المواد نستطيع أن نقول الآن بأن العملية التعليمية في كليتنا أصبحت نزيهة وبعيدة عن استغلال الطلبة فكل طالب يحصد ثمرة جهده ونتمنى أن تبقى هكذا.
كما وأكدت الطالبة بأن الصعوبة الوحيدة التي تواجه الطلاب هي قلة الكادر التدريسي فالدكاترة يأتون من جامعة دمشق لمدة أسبوع أو أسبوعين ويتم إعطاء جميع المحاضرات النظرية خلال تلك الايام القليلة وبشكل مضغوط بالإضافة إلى التكلفة المادية العالية للمحاضرات و مشاريع التخرج للكليات العلمية.
وفي كلية الهندسة المدنية الكلية العملية التي لا يطبق فيها شيء عملي حتى بناء البنايات تكون نظرية فقط وهذا ما يجعل الطلبة يجدون صعوبة فيها بحسب ما صرحت لنا الطالبة آ.ي وهي طالبة سنة ثالثة حيث تقول : عدم تطبيق الدروس عملياً طبعا بسبب عدم توفر المواد والمكان وكذلك الكادر التدريسي يجعل من المواد جافة ولا نستطيع استيعابها ناهيك عن الفساد الذي لا يوصف بالطبع عن بيع المواد أتحدث و الوضع في كليتنا مرثي أكثر من كلية العلوم لكن هنا يلعبون بطريقة ذكية فلا أحد يستطيع أن يقدم أدلة بالرغم من أننا متأكدون من وجود فساد في جميع الأحوال ، والمواد تباع عن طريق سماسرة موثوقين و لطلبة معينين .
وتابعت الطالبة حديثها: نتيجة الفساد الحاصل تأخرت صدور نتائج إمتحانات الفصل الدراسي الأول حيث أصدرت قبل الأمتحانات الحالية بأيام طبعا أتوقع بأن كليتنا كانت الوحيدة بين كل الكليات السورية التي لم تصدر النتائج حتى ذلك التاريخ .
وتابع الطالب حديثه بالطبع الأسئلة تتسرب بطرق اخرى أيضا ليس فقط البيع فأن كنت تعرف أحد الضباط في النظام السوري وتطلب منه مساعدتك عند احد الدكاترة لا على التعين بكل تأكيد سيقدم لك الأسئلة على طبق من فضة مع حبة مسك، و في جميع الأحوال لا يدفع الثمن سوى الطالب الفقير الذي ليس معه مال يدفع ولا ضابط يساعده فيضطر الى إعادة مادته عدة مرات حتى يرفعها .
وفي النهاية وبالرغم من كل الإجراءات التي أتخذتها الوزارة للقضاء على الفساد إلا أنه يبقى الفساد و يبقى المسؤولون على قضايا الفساد خارج هذه اللعبة ، و يدفع الطالب المسكين الثمن و يكون هو الضحية الوحيد لكل قضية .
تقرير : مهاباد خليل
إعلام ENKS الحسكة
التعليقات مغلقة.