تشهد الساحة العالمية ترتيبات نوعية غريبة تحمل في طياتها متناقضات جمة, توحي للوهلة الأولى بعقم التوجّه الجديد , وعدم جدواه , وأن كل الذي يجري يقع في دائرة الدوامة المفتعلة و صنع الأزمات وإدامتها, بما تمليه وتستوجبه المصالح الحيوية للقوى الكبرى,… لكن في الأساس تحمل توجهاً ذات منحى متكامل الأركان يبغي ترتيبات ” الضرورة ” للحول القادم…وفق سياسة مدروسة تستمد اندفاعها من الهيجان المفتعل والفوضى الخلاقة..قد تتقاطع مع هذا أو تواجه ذاك, وفق قاعدة ” الفوضى أساس الترتيب “.
وبالرغم من الغموض الذي يلف مجريات الوقائع المؤلمة التي تتفجر هنا وتهدأ هناك دون إيجاد الحلول الناجعة, والإبقاء على التأزيم المحير..إلا أنها تحمل في قادماتها بوادر انفراج ترقبية, وعبر مراحل في منطقة الشرق الأوسط, وبالأخص في ساحات التوتر التي تحمل المفاتيح للمرور إلى الحلول المعدّة والوصفات الجاهزة وخاصة في العراق وسوريا واليمن, وكذا لاحقاً تركيا وإيران, وما تحمل شاخصات تلك الدول من بؤر توتر لعقودٍ خلت ولا تزال مستمرة حتى الآن, وبالأخص القضية الكوردية المستمرة في نزفها قرابة القرن…والتي أضحت بالنسبة للقوى الدولية في المرحلة الحالية حصان طروادة ..!!!
تشير معظم الوقائع إلى تكامل الخطوط النهائية للتوجه ” المتناقض ” للترتيبات المطلوبة عالمياً وإقليمياً ومنها:
– إيصال فرقاء التصارع إلى الدائرة الفارغة المطلوبة, وتجريد الجيب الوطني.
– الوجود العسكري والسياسي المباشر للقوى العالمية الفاعلة في ساحات بؤر التوتر, في منطقة الشرقين الأوسط والأدنى.
– الاستحواذ على جميع خيوط الأزمات وربطها في الأوتاد العالمية ..
– طرح ذواتها كقوى منقذة لشعوب المنطقة مع تهليل الجماهير التواقة للأمن والسلام والحرية من الوحوش والديكتاتوريات التي تم تربيتها في فترات سابقة, وعلى موائدها.
– خلق الأرضية الملائمة لنقل أشكال الصراعات التي تجري هنا وهناك إلى أخرى وبعناوين ويافطات جديدة مستساغة, تلائم شرقنا وأوجه صراعاتنا التي تتأرجح بين القومية والمذهبية..
– ستشهد قادمات الأشهر أو النصف الأول من العام القادم– حسب المعطيات – صراعاً دموياً طويل الأمد يحمل عنواناً طائفياً, يتم الإعداد له جيداً, وقد تجلّت ملامحه في الترتيبات السياسية في كل من إيران و تركيا , وكذلك في الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي ( دونالد ترامب ) الشرق أوسطية، بدءً بالمملكة العربية السعودية وإسرائيل, ربما لاحقاً كوردستان…والميزانية المعجزة التي تم إقرارها و تحضيرها لبناء الشرق الأوسط الجديد وجملة العقود المالية الضخمة التي تم توقيعها ( كميزانية حرب وتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ) .
– التعامل الحيوي مع ملف القضية الكوردية والكوردستانية في التحرر والاستقلال بقيادة المشروع القومي الكوردي والكوردستاني المنطلق وفق قيم الكوردايتي وعلى نهج البارزاني الخالد في أجزاء كوردستان الأربعة بقيادة قائدها الرئيس مسعود بارزاني من قبل القوى العالمية وهيئاتها الشرعية ( هيئة الأمم المتحدة , التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, الاتحاد الأوربي, وروسيا الاتحادية, واليابان, والصين..وبعض الدول العربية وخاصة السعودية والأردن وو ) .
– تكامل شروط الحلول النهائية في كل من العراق وسوريا, والتعامل الدولي الجديد مع الملفين وحصر الصراع والقرار في الدائرة الدولية والمركز العالمي لإدارة الأزمة, بما يتلائم ومخطط الشرق الأوسط الجديد وإعلان الكيان الكوردي مبدئيا في كل من كوردستان / العراق و كوردستان / سوريا, ولا حقا في الجزأين الشمالي والشرقي في المرحلة الجديدة من الصراع العاصف القادم..مع إنهاء الأدوات التي ولدت أو تمّ إحياؤها في مرحلة الفوضى في العقدين الأخيرين…
الغد القريب قادم, وسيحمل في طياته في الغالب متغيرات جمّة, يبقى أن نكون في مستوى الحراك العالمي الضخم الهائل الذي يحمل كل الخير لشعبنا الكوري المظلوم.
التعليقات مغلقة.