المجلس الوطني الكوردي في سوريا

حينما الوطن يقسو عليك ، و يرفسك …

129

الكاتب : يوسف حمك

تبدلت الظروف ، و قواعد اللعبة تغيرت ، و الأسلوب الناعم لم يعد مجدياً .
فإما الانغماس في وحل الذل ، و التأقلم مع المهانة و انهيار العزم ، أو استجماع القوة التي قد يودي بك إلى المهالك ..

التراخي و القلق و الوهن إشارات تدل على الاضطراب و عدم الاتزان .
أما الاستجداء و طلب الاستعطاف بالتضرع و التوسل فلا مكان لهما في الضمير اليقظ ، و لا مع النفس العزيزة يلتقيان ..
بل كارثةٌ إن حلت على صاحب القلب النقيِّ . و مأزقٌ إن فتح ثغرةً لملامسة عفته …

بينما للانتهازيين بادرة خيرٍ ، و للنفعيين فائدةٌ تدر عليهم ، كما موضع ترحيبٍ . حتى و إن هوت بهم إلى مستنقع الرذيلة ، و قذفتهم الشائنات إلى الحضيض .
نصف عقدٍ و نحن نتقاسم الوجع ، و على مائدة الألم جلسنا معاً ، نتشارك الحزن و الكآبة .
العلاقات بيننا أينعت ، و بلغت درجة النضج ،
غير أن ما يستدعي الألم ، حينما تقطفك الظروف من الأحبة .
فتلجأ إلى حزم الحقائب بدلاً من المواجهة .
فلا عدل في بلادكم الجريحة ، من هول صراع الطغاة و استبداد حكامكم ، ولا كرامة في ربوع وطنٍ اختطفه السفلة في الداخل ، و مزقه الأوغاد في الخارج .

لذا فإن رحلتي أوشكت على شفا ختامها ، و ساعة الانسحاب دنت ، و المغادرة أصبحت قاب قوسين أو أدنى .
ساعاتٌ معدودةٌ و القطار سيطلق صفارته بصراخٍ عارمٍ ، ليعلن بدء الانطلاق .

فلأن في المسامحة انسلاخٌ من نوازع الماضي ، و تحرر من العواطف الشائنة ، و فيها لياقة النفس و لباقة الفكر ، كما الذوق الرفيع . و الصفح ينقلك إلى حياةٍ أكثر متعةً و علاقاتٍ أروع .
و الغفران ينجيك من ضائقة المشاعر التعيسة ، كما تعميقٌ للتجربة الإنسانية ، و نجاةٌ من تأنيب الضمير .
فقد سامحت كل من أخطأ بحقي ، و صافحت كل من آذاني ، أو أهمل استحقاقاتي متعمداً .
أما من أخطأتُ بحقه ، أو أسأت إليه ، فأقدم له رزمةً من الاعتذار الصريح على طبقٍ من التأسف . لاضعفاً أو عجزاً ، و لا شعوراً بالخجل . و إنما بلسماً للشفاء ، و مداواةً للجروح .
فراقٌ موجعٌ ، و رحيلٌ مؤلمٌ .
أتمنى لكم حياةً رائعةً ، و عيشاً هانئاً .
و لو أن الأمور لا تسير بذات المنحى .
وإلى مزبلة التاريخ قادة بلدانكم راحلون .

(المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع) 

التعليقات مغلقة.