محمود عباس : كوردستانية المنطقة الآمنة 2/1..
لغياب الثقل الكوردي، سياسة، والسذاجة في التعامل الدبلوماسي، وتهميش الحكمة وضبابية بعد الرؤية، المرافق مع حضور النخر والصراعات الداخلية المفتعلة، تماهت الانتصارات الكوردية على أبشع منظمة إرهابية في العالم، ولم تظهر القوى الكوردية من البيشمركة والـ Y P G والـ Y P J والقسد، كقوى حاربت بديلا عنهم القوى التكفيرية وقضت على دولة الخلافة في أخر معقل لها باغوز(باهوز)، بل بعض السلطات العنصرية التكفيرية هاجمت القوات الكوردية إعلاميا، على أنها تعرضت للمدنيين، وأنكر رئيس وزراء العراق السابق، انتصارات البيشمركة في موصل وغيرها من المناطق.
أنهت القوات الكزردية واجب حضاري وإنساني أمام البشرية، وهي لا تختلف عن نشر رسالات السلام والعدل في العالم، فحتى ولو كانت القوات الكوردية أدوات، لكنها تمكنت من تدمير داعش عسكريا، ولولاهم لكانت المنطقة الأن تعيش الرعب، ولأستمر القتل والإجرام بأبشع صوره، أما الانتصار الفكري فهي متوقفة على الأنظمة الحاضنة لهذا الفكر، والتي تغذيها، وتحافظ عليها، لتسخيرها لمصالحها كتركيا وقطر وإيران والسعودية وغيرها من السلطات العربية والإسلامية.
رغم ما قدمه الكورد من خدمات للبشرية، ظلت جغرافيتهم المجلية عنها الخلافة التكفيرية تتقاذفها الأقدار، مثلها مثل كلية كوردستان، وبقيت إشكالية المنطقة الأمنة (شرق الفرات) مثارة بشكل سافر، جلها لإجلاء الكورد منها، كثأر لقضائهم على داعش، فكثرت الاحتمالات حولها، ومألات مصيرها، ومن سيحكمها؟ وفي كثيره يبعدون الهيمنة الكوردية عنها، ومن الغرابة، أنه من بين من يبث لغياب السيطرة الكوردية هي بعض الجهات الحزبية الكردية، ولا أقول السياسية، فلو كانت سياسية لا حزبية، لعرضوا تحليلات منطقية، وبحثوا في العوامل الممكنة تكوينها كورديا، ولتحاوروا من أجل تفادي ما يخططه أعداؤنا، ولما قدموا ذاتهم توابع للقوى التي يتوقعون إدارتها، تحت حجة الواقعية في دراسة المستقبل.
ففي الأروقة الخفية، تتحرك القوى المتربصة بكوردستان، وتتآمر بين بعضها لتقضي على المكتسبات الكوردية، فحتى انتصاراتهم على داعش يهمشونها أو يسخرونها لمصالحهم، ويقحمون ذاتهم فيها كقوى ساهمت في إزالتها من المنطقة.
فمعظم القوى الإقليمية الطامحة للسيطرة على شرق الفرات مثل سيطرتها على عفرين، تدرك أن مصير هذا الجزء الكوردستاني، كإدلب، وعفرين، بل وسوريا المستقبل، تتحكم بها القوتين الكبريتين، لذلك تسخر جميع أوراقها لتغييب الكورد عن الساحة. كما وهي تعلم أن قادم سوريا بعد الانتهاء من إشكالية إدلب، وقضية شرق الفرات، بعد القضاء العسكري على داعش، وزوال حكم الخلافة، لا تزال في حكم الحوارات بين روسيا وأمريكا التي لم تبدأ بشكل جدي بعد، والمتوقعة أن يتم قريبا، وهي متيقظة أن المنطقة الكوردية تقف على رأس الأجندات، لعدة أسباب:
1- لان تركيا وإيران والدول الإقليمية الأخرى المنجرفة في القضية السورية، تعلم أنها ستتأثر بشكل مباشر بما ستؤول إليه مستقبل المنطقة الكوردية، ونوعية السلطة التي ستتشكل فيها، ومن سيحكمها.
2- أن الكورد الأداة الأكثر صدقا واعتمادا عليها من قبل أمريكا، وروسيا في بعض المجالات، من جميع القوى في المنطقة والتي تم اختبار بعضهم، ولهذا فنفس الدول الإقليمية تتحرك دبلوماسيا وفي كل الأوساط، لئلا يكون للكورد الهيمنة على المنطقة، وتقدم في هذا كل الأعذار، وتستخدم كل أثقالها السياسية وعلاقاتها العسكرية والاقتصادية لهذه الغاية.
3- لا شك أن مصالح الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا وروسيا، تفرض عليها الميلان لصالح الدول المقسمة لكردستان، لكن هناك دول في الجوار كإسرائيل والسعودية، تقلل من أهمية الدول المقتسمة لكوردستان، وتفرض ذاتها، وهذه ترى أن الوجود الكوردي من العوامل المؤثرة في رجحان كفة الميزان لصالحهم.
4- الكورد هم أداة للوجود الأمريكي على الأرض في سوريا، وهو عامل ممانع للتمدد الإيراني وتهديداتها لأمن إسرائيل، كما وهم عامل مساند لروسيا، لترهيب تركيا وبالتالي تبعيتها، وللحد من طموحاتها في سوريا، تحت حجة مساندة المعارضة التكفيرية، وإعادة المهجرين.
لا شك هذه التوقعات والرؤى تصبح في حكم العدم، عندما يغيب العامل الذاتي المساند، وتتجه أنظار الكورد إلى القوى الإقليمية لرسم مستقبلهم، أو عندما يربطون مصيرهم بالقوى الأخرى، من المعارضة أو السلطة السورية، إلى الإيرانية والتركية، وبها يعدمون القدرة في ذاتهم على خلق القوة الثالثة، الكوردية مع القوى المحلية.
تتوضح هذه الجدلية الكوردية الفاشلة من خلال عرضهم لواقع جغرافيتهم، شرق الفرات، وإشكاليات المنطقة الأمنة، والتي لا تزال غير واضحة معالمها، وهل سيتم إقامة مثل هذه المنطقة، أم أنها محاولات لجس نبض الكورد؟
تنشر القوى الكوردية احتمالات أبعد من المتواجدة على الساحة، وأوسع من المقترحة أو المطالبة بها أعداءنا. ولنكن واقعيين، علينا أن ندرس كل التوقعات والطروحات، وأين سيكون الكورد، ومن سيتحكم بها ومن سيستفيد منها؟ وفي أي الحالات سنتمكن من إعادة التركيبة الديمغرافية المذابة في السنوات الماضية، وفي أيها ستتفاقم الأفة؟
1- ففي حال تطبيق المنطقة الأمنة بعمق 20-30 كم على طول الحدود التركية السورية، وإخلاءها من القوة الكوردية المتواجدة والمهيمنة عليها حاليا، والتي قضت على خرافة دولة الخلافة الإسلامية، سيتم فيها فراغ عسكري، هذا ما عرضه جيمس جيفري المسؤول الأمريكي لحماية تركيا والكورد معا (وعلى الأغلب تصريحه كان للاستهلاك المحلي) لذلك لم يدرس حتى الأن في الأروقة الأمريكية ولم يعاد إليه، وتناسى أنها لابد وأن تملئ بقوة موالية لتركيا، وأن القوة ستكون من المنظمات الإسلامية التكفيرية العروبية، وبالتالي ستفرغ المخيمات السورية في تركيا، لتسكينهم على طول هذا الخط وعليه سيتم القضاء على الوجود الكوردي ديمغرافيا وعسكريا، ولا يتوقع أن تتمكن القوى الأخرى من الحراك الكوردي كأحزاب أنكسي ولا المحايدة من ملئ هذا الفراغ العسكري والسياسي، ولا نظن أن تركيا ستسمح بعودة الكورد إلى مناطقهم، وعلى الأغلب أن سيناريو عفرين ستطبق في هذه الحالة، بل وأنها ستسهل تنفيذ مخططاتهم في عفرين…
يتبع…
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.