تعرض ابناء شعب كوردستان الى الويلات والكوارث من الجوع والموت أعوام مرت على اهم صفحة من صفحات نضال شعب كوردستان، هجرة قاربت المليونين وبدأت من “31/آذار1991 “والنزوح الجماعي للعوائل الكوردية نحو الحدود العراقية التركية الإيرانية نحو المجهول تاركة أرضها وبدأوا سيراً على الأقدام قاطعين مئات الكيلو مترات في أرض حلبجة وهم يعانون البرد والجوع والخوف من الموت الذي يلاحقهم والمصير المجهول .
فبعد ان انتفض شعب كوردستان في 5/آذار /1991 وامتدت الانتفاضة لتشمل جميع المدن والقرى بعد فشل الطاغية صدام باحتلال كويت وهزيمته منها ،كانت الانتفاضة اشبه بكسر أبواب سجن كبير والخروج منه ، فرحة عارمة غمرت الناس انها السعادة التي يشعر بها الانسان عندما يرى سقوط الظالم وفرصة الانعتاق من عبوديته المتبقية، فمن سعادتهم وطيبتهم لم يفكروا حتى بالانتقام من القطعات العسكرية الموجودة هناك بعد ان تفرقت.
حتى في بعض المدن التي بقيت تحت سيطرة قيادة النظام البعثي كالموصل ، تمكنت أعداد من الكورد بالخروج منها والالتحاق بالانتفاضة المباركة، وقيام النظام البعثي باعتقال أعداد كبيرة من الرجال والشباب الكورد وحجزهم في معسكرات وقواطع الجيش ، والقيام بتبليغ المواطنين الكورد بواسطة مكبرات الصوت طالبين منهم بالخروج الفوري من المدينة وخلال 24” ساعه وإلا سيكون مصيرهم الموت، ولم يستثنى من هذا الأمر أحداً حتى عوائل الأسرى ، خرج اغلبهم وهربوا الى المدن الكوردية لينضمو ا بعدها الى الهجرة الجماعية المليونية ، بعد ان تقدمت قوات الدكتاتور، وبدأت بقصف المدن الرئيسية وما حولها بالمدفعية ، ولم يبقى إلا كبار السند والعجزة والمئات من النساء والشيوخ تركوا منازلهم ومساكنهم.
قامت قوات من البيشمرگة التي تجمعت خلال ايّام الانتفاضة بمجابهة قوات الطاغية صدام في عدة محاور، وتمكنوا من التقدم نحو الجموع البشرية النازحة عبر الجبال شهرين من الزمن قضتها هذه الإعداد الكبيرة من الناس منذ بداية هجرتهم ، وعودتهم قضوها بالسير في الطرق الجبلية .
وبعد وصولهم الى الحدود الإيرانية والتركية ،حيث كان الناس قد اتجهوا في اتجاهين، مجموعات اتجهت الى حدود إيران وكانت اكبر هذه التجمعات في منطقتي (زيوه)و(نغده) ومجموعات توجهت الى الحدود التركية وكانت اكبر التجمعات في منطقة (جلى) قدمت لهم بعض الدول والمنظمات مساعدات إنسانية لقد سقط الكثير من هؤلاء نتيجة الظروف القاسية التي مروا بها .
وفي منصف الشهر من نفس العام صدر قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (688)إنشاء منطقة آمنة للكورد في كوردستان .
وهكذا بدأت هذه الملايين البشرية بالعودة الى منازلهم والتي اغلبها سُرقت ونُهبت، ففي مثل هذه الأيام سطر شعب كوردستان اروع صفحة من نضال مشرف صوب تحقيق حقوقه المشروعة .
استطاع الشعب الكوردي كسب عطف العالم وتأييده بالقرار الدولي 688 الصادر عن مجلس الأمن في “الخامس “من ابريل /1991
شكل القرار “688 “ نواة لعدة قرارات لاحقة نحو تجحيد النظام البائد .
وحيث كانت الانتفاضةالكوردية نتيجة تداعيات حرب تحرير الكويت وبنوع من التخطيط من قبل القيادة الكوردية ، وكانت الهجرة المليونية تعبيراً عفوياً صادقاً رداً للدكتاتورية باختيار الموت في الجبال وسط الثلوج والبرد على الاستسلام .
فقد أوضحت الهجرة المليونية بأن الشعوب قادرة على تقرير مصيرها بعيداً عن السياسة والسياسات التي كبلت الطموحات الكوردية منذُ تدشينه النضال.
ونتيجة الأوضاع المزدرية للنازحين بادرت ايران وتركيا الى فتح معابر لإمداد المساعدات الإنسانية لهم.
وهذا يحمل الذاكرة الكوردية الكثير من دروس وعبر تلك الملحمة البطولية .
ابطال الهجرة المليونية ، فلولا الهجرة المليونية لما توفرت الأجواء لتشكيل الإدارة الكوردية فهي مُدينة للشعب بكل ما أنجزتها خلال الأعوام اللاحقة، لتحقيق طموحاتهم رغم العراقيل الذاتية .
تقرير : لافا دلي
إعلام ENKS شرقي قامشلو
التعليقات مغلقة.