كانت الثورات لتكون الجبال شامخة، جبال كوردستان الثورية، في ثناياها إضاءات أزلية من ملاحمنا البطولية، عبق من دماء الشهداء، وسطور مجد نحتت في التاريخ بتضحيات البيشمركه وقائدهم الأسطوري، كانت ولاتزال عنوانا لحريتنا في عمق التاريخ النضالي، حمت وجودنا من إبادات متكررة من صانعي الاستبداد ومضطهدي الشعوب، وبقيت شامخة بشموخنا الأبدي.
البارزانية.. قيم وتضحية، نضال مستمر وإخلاص للقضية، تعايش وإنسانية متدفقة.
عانقت شموخ الجبال ونحتت بين قمم المجد عنفوانها، ولدت من رحم البطولة، من قلعة صامدة تحدت غدر الاستبداد، كانت بيئة خصبة لتنبت نظرية الثورات بمبادئها الرصينة ثمار الانتصار الخالد.
من بارزان.. مهد الثورات وحركات التحرر الكوردستانية، تلك الجغرافية الصامدة التي حرقتها نيران الدكتاتوريات أكثر من عشرين مرة وبقيت عنوان وقضية.
بارزان : قلعة الصمود ومنارة للقومية والثورات المتقدة أبداً.
ارتبط اسم البارزاني ارتباطاً وثيقا بكوردستان، الاسم الأكثر إشراقا على صفحات التاريخ النضالي لتمتد دورة النضال القومي إلى مهاباد، فكان جنرالاً قاد قواتها المسلحة ببسالة.
كان يقرأ الحرية في أبجدية الجبال، كما يفك رموز الشيفرات السياسية في اتفاقيات السلام. يقول البارزاني الخالد: إن عقيدتي هي تحقيق مطالب شعبي وأن أفدي روحي في سبيل قضيتي .
استطاع الخالد وفي أعقد الظروف وأشدها استبداداً أن يحقق مكتسبات للشعب الكوردي في مدارات السلام، راسخا ركائز الحرية، فكان قائد السلام والتآخي.
الدكتاتوريات التي قسمت الخريطة الكوردستانية، صادرت الحياة وكل حرياتها. فوهات مدافعها نطقت بالدمار، وعقولها لم تعرف سوى قواميس الاستبداد، لكن؟
الشعب الكوردي لم ينحن لحملات الإبادات الجماعية ولا للكيماوي والسياسات الشوفينية، وإحصائيات التجريد من الجنسية وحزام التعريب، في محاولاتها لطمس الهوية والقومية الكردية تتريكا وتفريسا وتعريبا، ولا للإعدامات اليومية والمؤامرات الإقليمية بمباركاتها الدولية. تحطمت كل العبثيات أمام إرادة الشعب الكوردي، الذي لم يعرف الخنوع في قاموسه النضالي، بل ثار وناضل متخذاً من الجبال مقراً، ومن مشروعية الحقوق القومية إيمانا راسخا ونهجا خالداً.
من ثورة إلى ثورة والتاريخ يزهو بالثورات، من أيلول الثورة إلى أيلول الاستفتاء أبجدية الجبل في طور النضال.
الرئيس مسعود بارزاني كقائد للحركات التحرر الكوردستانية، حقق مع البارزاني الخالد ومهندس المصالحة الوطنية إدريس البارزاني والبيشمركه الأبطال ملاحم بطولية وملامح دولة كوردستان.
كبيشمركة بطل شارك في ثورة أيلول المجيدة، قاد مع إدريس بارزاني ثورة كولان التقدمية، وفي انتفاضة آذار رسخ البطولة في عرين المجد، وكزعيم قاد ثورة الاستفتاء.
بعض من المحطات البطولية للبيشمركة الأسطورة مسعود بارزاني والتي شكلت دعائم دولة قادمة، تستحق أن تدون في كتب ومجلدات وتدرس للأجيال دروس التضحية والفداء، بل تكتب في سجلات الخلود.
ثورة أيلول المجيدة:
انطلقت شرارة الثورة في عموم كوردستان، ثورة الشعب الكوردي بمكوناته وشرائحه كافة. حملت بين طياتها آمال الشعب الكردي، تخطت الحدود المحلية إلى آفاق دولية، بثت المفاهيم العميقة للوعي القومي في بيئة كوردية ظامئة للحرية، متجاوزة كافة الولاءات التقليدية ليكون الولاء للشعب والقضية.
اندلعت ثورة أيلول التحررية بزعامة البارزاني الخالد (1961 – 1975)، كرد فعل على سياسة الحكم الفردي الاستبدادي والعنف الرجعي والسياسات الشوفينية التي انتهجتها السلطات الحاكمة في بغداد، ومصادرتها للحقوق القومية للشعب الكردي.
تخطت جغرافيا الاتفاقيات المؤامراتية، لتعانق بنضالها المشرف قمم الجبال، نهج البارزاني الخالد وقيمه السامية أضاءت سمو الثورة ورفعتها.
يقول الرئيس مسعود بارزاني: “أعظم ثورة للشعب الكوردي عبر معاناته التاريخية الطويلة، هي بحق أم الثورات لأنها رسمت للشعب الكوردي مساراً تاريخيا جديدا”.
كان يوماً تاريخياً، هكذا سماها الرئيس مسعود بارزاني، عندما التحق بالبيشمركه وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، حاملا شرف البيشمركايتي حتى الآن.
يصف ذلك اليوم في كتابه البارزاني والحركة التحررية الكوردية في جزئه الثالث قائلا: ” لقد أصبحت واحداً من البيشمركة في يوم 1962/5/20 وأعطوني بندقية من نوع “برنو” فشعرت في ذلك الوقت أنني أملك العالم كله، وكنت أحب سلاحي وأخدمه أكثر من نفسي” وعندما أتحرك من أجل الاستفتاء في الوقت الحاضر، أشعر بأنني يافع أكثر من ذلك الوقت” .
كان لثورة أيلول من دروس النضال نهج وأبجدية، وهي ترسم عبرهما الخطوط العريضة لحقوق مشروعة ماتزال تشكل خارطة النضالين العسكري والسياسي وأصولاً للديمقراطية وأسساً للتعايش السلمي.
ثورة الشعب الكوردستاني التي استطاعت بقيادة القائد البارزاني الخالد وبطولات البيشمركه أن تحقق أعظم إنجاز من انجازات الثورة بتوقيع اتفاقية 11آذار 1970 كأول وثيقة قانونية التزمت الحكومة بموجبها بالحقوق القومية للشعب الكردي، وشكلت اللبنة الأساسية لما حققته الثورات اللاحقة من ركائز متينة وملامح دولة قادمة.
بالإضافة إلى الإنجازات العسكرية، فقد كانت القيادة الحكيمة للثورة لا تترك أية فرصة للتفاوض مع الحكومات المتعاقبة على الحكم في بغداد لتحقيق إنجازات سياسية قانونية، حيث تلازم النضالان العسكري والسياسي معاً في ثورة أيلول والثورات اللاحقة لترسم نهجا نضاليا أصبح نبراسا للحرية والسلام.
كان الرئيس مسعود بارزاني عضواً في الوفد المفاوض لثورة أيلول مع الحكومة العراقية، وعندما تمت قراءة اتفاقية 11آذار التي وقعت بين الثورة والحكومة العراقية كان مسعود بارزاني حاضراً مع شقيقه إدريس البارزاني وشاهدا على أول إنجاز قانوني سياسي للشعب الكردي.
استطاعت ثورة أيلول أن تؤسس مدرسة نضالية كبرى بين صفوف الشعب الكوردي المتمثلة بقوات البيشمركه الأبطال في استمرارية ديمومتها حتى ثورة الاستفتاء.
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبتها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.