عبدالرحمن كلو: التدخل التركي في شرق الفرات متفق عليه أمريكياً ، وتركيا تعتمد الانتقائية السياسية والايديولوجية …
قال عبد الرحمن كلو إنّه بات من الواضح أنّ النتائج النهائية للحرب الطويلة في سوريا وضعت الحالة أمام مشروعين رئيسيين ”مشروع روسي في غرب الفرات و مشروع أمريكي في الشرق منه” وكلا الطرفين أدخلا في مشروعهما تفاهمات متداخلة وذات علاقة مع الطرف التركي في الشمال ومع الطرف الإسرائيلي في الجنوب ،
جاء ذلك في حديث خاص أدلى به السياسي عبدالرحمن كلو لموقعنا r-enks ، وتابع حديثه في الصدد ذاته « من خلال تلك التفاهمات تحاول تركيا استثمار ثغرات التوافق مع المشروع الأمريكي، ففي الوقت الذي هي تتفق مع المشروع بالخطوط العريضة الرئيسية هي في ذات الوقت تختلف في التفاصيل وتحاول إخفاء الأهداف الحقيقية لتدخلها المرتقب والمتفق عليه أمريكياً، فهي بهذا الخصوص تعتمد ”الانتقائية السياسية والآيديولوجية” بما يتوافق مع ثقافة الشارع التركي من العثمانية الجديدة والأتاتوركية، حيث تسعى إلى التعامل مع المناطق الكوردية وكوردستان سوريا وفق المفاهيم الأتاتوركية والموروث الفاشي لتلك المدرسة السياسية.
ومضى بالقول « من جهةٍ أخرى تتعامل مع المناطق ذات الأغلبية العربية وفق طموحات امبراطورية للعثمانية الجديدة، فبالإضافة إلى محاولتها التخلص من عدوّها اللدود والتاريخي المتمثل بال PKK الذي هو جزء من منظومة الدولة العميقة ( الأرغنكون )، فإنها تحاول إنهاء المشروع القومي الكوردي وتمزيق الجغرافية البشرية لهذا المشروع، لافتاً أنّ سيناريو احتلال عفرين مؤشر واضح ودليل دامغ على نوايا ”التدخل التركي” والممارسات التي تعتمدها من خلال ميليشياتها الإرهابية” بحسب وصفه ”.
وأضاف كلو” نقطع الشك باليقين أنّ تركيا لا تحارب ال PKK فحسب في عفرين بل تحارب الجغرافية السياسية والحاضنة القومية والوطنية الكوردستانية في مناطق كوردستان سوريا، فنظمومة ال PKK والتي غادرت عفرين تعلن كل يوم أنها لا تحمل أي ”مشروع قومي كوردي“ ، ومثل تلك المشاريع ما هي إلا من قبيل التخلف السياسي، وهي فعلياً تحارب هذا المشروع على الأرض في الجزيرة وكوباني، وبالتنسيق مع النظام والمشروع الإيراني العقائدي تقوم بحملات التهجير الممنهجة من خلال فرض الأتاوات وحملات الاعتقال والنفي وخطف وتجنيد القاصرين وإلغاء الحياة السياسية وحتى المدنية،
بالإضافة إلى دعواتها العلنية المتكررة للحفاظ وحدة وسيادة أراضي الدولة السورية، وتفاخرهم بأنهم خير من يحمي ويحرص على أمن وسلامة الحدود التركية.
مستدركاً بالقول « إلا أنّ تركيا تصرّ على أنها لن تسمح بكيان انفصالي على حدودها، وهذا يعني أنّ تركيا – ورغم خلافها مع ال PKK – فهي ليست بصدد محاربة وجود هذا الحزب في الشمال السوري وحسب بل تتخذ من هذا الوجود ذريعةً لمحاربة الوجود القومي الكوردي بتداعياته الوطنية الكوردستانية ، لأنها تعلم جيداً أنّ وجود هذه المنظومة في الشمال السوري مؤقت وطارئ والخوف هو من المشروع الأمريكي بخصوص ”الشرق الأوسط الجديد ” وتداعياته على القضية الكوردية التي تمتلك حاضنة قومية تاريخية مؤهلة للشراكة القوية مع الأمريكان، وعليه فمستقبل المناطق الكوردية وآمنية هذه المناطق مرهون ”بإفشال المخطط المزدوج” لتركيا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار كلو بأنه ومن خلال كل ماسبق يمكن التعويل على دور الرئيس بارزاني في الفصل بين الحالة الكوردية في الجزء الغربي من كوردستان ( الشمال السوري) وبين حالة الصراع التركي الداخلي بين ال PKK وبين تركيا العدالة والتنمية.
«ما الأثر الذي ستتركه المنطقة الآمنة على الكورد؟ وما إيجابياتها بالنسبة لهم »
وفي ردّه على سؤالٍ لمراسلتنا حول المنطقة الآمنة المطروحة في المشروع الأمريكي التركي والنتائج الإيجابية التي سيجنيها الكورد من ذلك المشرول قال كلو « إذا ما نظرنا إلى مشروع هذه المناطق وفق الترتيبات والشروط الأمريكية وهو السيناريو الأرجح، لأنه يرتبط بشكل وثيق مع مشروع ”الشرق الأوسط الجديد أو الكبير ” فيما بعد التي أرادت له الولايات المتحدة الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي أي بُعيَدَ الحرب العالمية الثانية ، وهو من وضع صناع القرار والاستراتيجيات في الولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي كمرحلة انتقالية لمراحل تطبيقات المشروع اللاحقة، والمنطقة الآمنة في هذه الحالة ستكون خطوة متقدمة جداًعلى طريق ”التحرر الوطني الكوردستاني ” ، مبيناً أنها ستكون أولاً خطوة مهمة في عملية فصل ال PKK عن الشأن السياسي الكوردي العام أي أنها ستكون بمثابة العملية الجراحية لهذا الفصل، وثانياً لن تسمح لتركيا بالتمادي والمواجهة مع الوجود القومي الكوردي في هذه المنطقة وستتحطم كل طموحاتها الإمبراطوريّة على أسوار هذا المشروع، ومن ثم ستستبعد كل أشكال النفوذ الإيراني العدو الأخطر في سوريا والعراق الممانع للمشروع الوطني الكوردستاني.
«مادور بيشمركه روج والمجلس الوطني من المنطقة الامنة وماموقف تركيا حيال ذلك ؟»
وحول دور بيشمركه روچ والمجلس الوطني في مشروع المنطقة الآمنة أوضح كلو أنه ومن أجل إنجاح هذا المشروع لا بدّ للولايات المتحدة الأمريكية الاستعانة بمكونات المنطقة من خارج الأطر السياسية والعسكرية التقليدية إذ ستعتمد على قوى عسكرية وسياسية خاصة مشكّلة من النسيج المجتمعي لهذه المنطقة بتمويل عربي ”سعودي وخليجبي” وستكون قوات بيشمركة ( روزـ ROJ ) إحدى أهم القوات التي ستعتمد عليها أمريكا في المناطق ذات الأغلبية الكوردية مع استبعاد القوات الموالية لقنديل نحو الحدود العراقية السورية لتوظيفهم كحراس حدود وتحييدهم بناءً على ”الرغبة التركية ” بحسب تفاهمات مسبقة ومتفق عليها من الطرفين،
منوّهاً أنّ أمر إبعاد هذه العناصر وتحييدهم تبقى رغبةً أمريكية كما هي رغبة تركية لأنها إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني في المنطقة في المنظور الأمريكي وبهذه الإجراءات التكتيكية ستكتسب أمريكا مساحة أكبر للمناورة وقدرة أكبر في إدارة شؤون المنطقة، في هذه الحالة لن تقف إيران مكتوفة
«ماهية ماسمي بالمؤتمر الوطني الكوردستاني وتداعيات دعواته مؤخراً إلى وحدة الصف »
وتعليقاً على الدعوات التي وُجّهت مؤخراً إلى الأحزاب الكوردستانية من قبل ما سمي KNK إبان التهديدات التركية لشرق الفرات قال كلو « بدايةً وقبل كل شيء علينا تسمية الأشياء بأسمائها، فالجميع يعلم أنّ المؤتمر الوطني الكوردستاني ال KNK هي إحدى منظمومات العمال الكوردستاني ب ك ك وأنّ هذا التنظيم هو من استلم الملف الكوردي بُعَيدَ الأزمة السورية عام 2012 أي أننا أمام تنظيم من خارج الحدود السورية دخل سوريا بموجب عقود اتفاق أشرف عليها قاسم سليماني لحماية النظام من الجانب الكوردي، ولذلك علينا وضع الأمور في نصابها قبل أي حديث،
وعلى ذلك فقد كرّست هذه المنظمة كل جهودها لتدجين وإلحاق الحركة السياسية الكوردية بالمحور الإيراني وَصَفِّ النظام وبعد فشل جهودها السياسة التي وصفها ب ”الناعمة ” وهزيمتها من الداخل، مارست بحق الشعب الكوردي أبشع أساليب القمع والترهيب بهدف إنهاء وجوده القومي وإحداث فجوات كبيرة في التغييرالديمغرافي لتمزيق ما يمكن من الجغرافية البشرية للمكون الكوردي في كوردستان سوريا،
وأكد أنّ مهام هذه المنظومة محددة إيرانياً وهي لا تمتلك إرادة وحرية أية مبادرة أو قرار لأنها ليست طرفاً بالأساس، وما هي إلا إحدى أدوات الحرس الثوري الإيراني وجزء من منظومته الأمنية بخصوص الملف الكوردي في كوردستان عموماً، وبالأمس القريب وفي ظل التهديدات التركية للشمال السوري مثل الجانب الكوردي المفترض القيادي في ال PKK ” صبري أوك ” في لقاءات سريعة ومكثفة مع الروس والإيرانيين متنقلاً بين موسكو وطهران وحميميم ولم يكن برفقته أياً من الكورد السوريين حتى من الذين ينتمون لما يسمى PYD ،
عموماً فمشكلة منظومة الPKK ليست مع المجلس الكوردي فحسب بل مشكلتها مع القضية الكوردية بأبعادها الإقليمية و” دعوتها ” للمصالحة ما هي إلا في إطار الترتيبات الروسية والإيرانية فيما يخص شرقي الفرات والمشروع الأمريكي والتفاهمات الأمريكية مع تركيا وإن تبدو للبعض وكأنها مبادرة،
مردفاً بالقول « إنّ ما تسمى بالمبادرة عنوانها الصريح والمعلن هو دعوة من النظام للعودة إلى المربع الأول من مساحة ” حضن الوطن ” في الوقت الذي يبحث فيه الكبارعن الحلول السياسية في مرحلة ما بعد الحرب إذ يحاول فيها هؤلاء الكبار إعادة تدوير أدواتهم بما ينسجم مع مستجدات الحالة السورية وبالتالي فهي مبادرة” إيرانية روسية ” لتفعيل الحالة الكوردية على عكس ترتيبات المشروع الأمريكي ، منوّهاً أنّ الهدف هو انتزاع الورقة الكوردية من الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة الحلول السياسية ورسم الديموغرافيات الجديدة، وعليه فلا توجد أية مبادرة من جانبهم والتوقيت هو توقيت روسي إيراني لممانعة المشروع الأمريكي في شرق الفرات، وليس توقيتاً كوردياً فالتوقيت الكوردي كان في أعوام 2012 و2013 و2014 ، عند توقيتات اتفاقات ”هولير ودهوك ” وعند دعوة الرئيس بارزاني إلى عقد مؤتمر قومي كوردي لأجزاء كوردستان الأربعة، عندما كان الوضع الدولي والإقليمي مهيأً لأن يحقق للكورد نجاحات حقيقية في الساحتين السورية والعراقية، حيث كان بالإمكان تدويل القضية الكوردية في الأجزاء الأربعة سيما وأنّ الحرب على الإرهاب كانت في بداياتها والحاجة للكورد كحلفاء استراتيجيين كانت قوية جداً، إلا أن إيران وتركيا استدركتا ” خطورة مشروع البارزاني ” في حينه لما يحمل من ” خطورة ” على أمنها القومي واستطاعت وأد المشروع وإفشاله عن طريق منظومة ال PKK ،
لذلك عندما نتناول أية مبادرة أو مشروع لابدّ من تناول التوقيتات الزمنية ومناخات طرحها، ففي البدايات كانت الحالة في مرحلة تمكين سلطة ماتسمى ال PKK من جانب إيران والنظام قبل أن تقوم بكل هذه الممارسات الإرهابية ضد الكورد، حيث كان بالامكان المراهنة على الوطنيين من داخل تلك المنظومة بالانقلاب على إملاءات المشروع الإيراني والالتحاق بمحور المشروع القومي الكوردي بأبعاده الكوردستانية، أما الآن فنحن أمام مرحلة انتهاء مدة صلاحيات هذه المنظومة وإنهاء وجودها في الشمال السوري بعد أن قامت بدورها المنوط بها على أكمل وجه،
ويرى كلو أنّ الوضع اليوم يختلف تماماً عما هو بالأمس ولا يمكن قراءة المبادرة إلا في إطار محاولات إعادة تدويرها وتكليفها بمهام جديدة بما يناسب راهنية الحالة، وبما أنّ مواقف المحور الروسي الإيراني لم تتغير بخصوص القضية الكوردية ولا تحمل أية بوادر إيجابية، لذا فمن العبث التعويل على طروحات هذا المحور، وخلاصة الموقف الروسي بخصوص القضية الكوردية أفصح عنه وزير جارجيتها لافروف حين قال: على الكورد العودة إلى النظام والقبول بنا تمنحه لهم قوانين الدولة، أي العودة إلى ما قبل 2011 ، لذا تبقى المصالحة الحقيقية في أن تخرج ماتسمى منظومة ال PKK من الحياة السياسية والأمنية للشعب الكوردي لا في أية مبادرة “منهم ” أو من مرجعياتهم الهدف منها تغيير شكل وجودهم وعناوين تسمياتهم بعد انتهاء مهامهم للمرحلة السابقة.
« أعلن ماسمي بمجلس سوريا الديمقراطية عن عدة بنود ضمن مفاوضاتها مع دمشق وبالأخص الاعتراف بعلم النظام والجيش السوري مع رفض النظام للإدارة الذاتية والاكتفاء بالإدارة المحلية »
واختتم السياسي عبدالرحمن كلو حديثه لموقعنا بالقول « إنّ ماتسمى منظومة ال PKK ليست طرفاً بحجم التفاوض مع الجهة الراعية لها فهي في الأزمة السورية من البداية وحتى مشارف انتهاء الفصول الأخيرة منها كانت جزءاً من المؤسسة الأمنية والعسكرية للنظام في إدارة الملف الكوردي وكالةً وعلى لسان أكثر من مسؤول سوري رفيع المستوى،
هذه القوات كانت جزءاً من منظومة الجيش العربي السوري وقوة رديفة له، لذا من الغباء الدخول في تفاصيل عمليات الاستلام والتسليم فهي مجرد إجراءات شكلية لا يمكن أن تسميها مفاوضات ولا حتى حوار ولو كان كذلك لما تنقّل ” صبري أوك ” بين طهران ودمشق وحميميم.
حاورته : بيرين يوسف
إعلام ENKS تربسبيه
التعليقات مغلقة.