المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر كانون الأول 2018 وحتى تاريخه

127

لاتزال الأزمة السورية تتأرجح بين دول استانا- سوتشي، وبين الشرعية الدولية بما هي مرجعية جنيف1 والقرارات الأممية ذات الشأن ( 2254 و2118 ) أي أن روسيا الاتحادية ومعها إيران وتركيا إلى حد ما، (حيث هذه الأخيرة لاتزال تلعب دور بيضة القبان، تارة ترضي روسيا وأخرى أمريكا) في مواجهة التحالف الدولي بقيادة أمريكا، مع احتمال سيناريو التفاهم أو التوافق بين قيادتي الطرفين (روسيا وأمريكا ) ولو أن هناك تزايد اشتداد حمأة الصراع بين الجانبين قد تصل إلى حدود المواجهة عبر الوكلاء الإقليميين (السعودية تركيا إيران) حيث زعامة العالم الإسلامي من جهة، والتفاعل مع القوى الدولية للحفاظ على أمنها وسلامة دولها من جهة أخرى، أي تجنب الوقوع في متاهات نتائج المخاض العسير الذي تشهده منطقتنا وما يكتنفها من غموض نحو المجهول، ومن مؤشرات ازدواجية الدور التركي هو ما حصل بينها وبين أمريكا مؤخرا إبان قرار الرئيس الأمريكي بسحب قواته من سوريا، وما سيحصل بينها وبين روسيا عند اتخاذ إجراءات عملية حيال الأوضاع السورية. في هذا السياق، كان قرار الرئيس الأمريكي مفاجئاً للجميع بما فيها الإدارة الأمريكية ذاتها، وظهر وكأن القرار لم يكن مدروسا على المستوى الأمريكي الرسمي (البنتاغون، مجلس النواب، مجلس الشيوخ ..الخ) حيث وقع القرار في مجال التردد وخصوصاً في مهلة الانسحاب، أو أنه جاء من قبيل الضغط على بعض الجهات، أو اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر في العراق حيال تزايد التطاول الإيراني وتزايد انتعاش (داعش) هناك، وما ينبغي من اتخاذ ما يلزم من العمل للحدّ منه، بمعنى قد جاء قرار الرئيس ترامب لتعزيز الثقل الأمريكي في العراق الموقع الأكثر أهمية بالنسبة لها، وهناك احتمال قوي بعقد تحالف إقليمي في مواجهة إيران يكون للعراق وتركيا وإقليم كوردستان الدور الأساسي فيه، وعليه قد لا يتم الانسحاب الأمريكي من سوريا إلا في الجانب الشكلي، حيث المصالح الاقتصادية الواسعة في شرقي الفرات (مصادر الطاقة والمياه والزراعة ..الخ) أضف إلى ذلك ما بذلته أمريكا من جهد وعمل في إنشاء القواعد العسكرية والأمنية وصرف مبالغ طائلة في هذه المنشآت، ما يعني عدم تركها، خاصة وأن شروط انسحابها لم تتحقق بعد، بماهي الهزيمة النهائية لـ(داعش) وخروج الميليشيا الإيرانية من سوريا، وتحقيق الانتقال السياسي في سوريا. إيران، تبدو قلقة حيال المستجدات من الأوضاع ولاسيما المساعي الأمريكية لإنشاء تحالف إقليمي ضدها كما ذكرنا، أضف إلى ذلك وضعها الداخلي الذي تزداد أزماته تفاقما، اقتصاديا حيث تدني معدل النمو وتدني قيمة الوحدة النقدية، واجتماعيا يزداد الخط البياني للفقر صعودا، وسياسيا تزايد الاضطرابات والاعتصامات في مختلف المناطق والمدن، وخصوصا من قوى المعارضة القومية والمعارضة الإيرانية العريضة بشكل عام، وحتى من داخل النظام الإيراني، ومع ذلك تزداد إيران تدخلا في شؤون دول المنطقة وتشدد في استعداداتها حتى المواجهة مع أمريكا- بحسب إعلامها- لكنها تبقى مرتبكة جراء ذلك، وقد بدت مؤخرا اللين والتودد في تعاطيها حيال المجتمع الدولي وخصوصا أمريكا، لكنها تبقى ماضية في سلوكها غير الرشيد الذي قد يذهب بها إلى المصير أو المآل المجهول. أما تركيا، فمازالت تمارس لعبتها كما ذكرنا بين (استانا- سوتشي) وبين التحالف الدولي، فهي تريد أن تبقى في علاقاتها مع روسيا، بل السعي لتعزيزها أكثر، لكنها في نفس الوقت ترى ضرورة إرضاء الجانب الأمريكي لما يربطهما من علاقات تاريخية واستراتيجية، ولما لها من دور على الصعيد العالمي، وبالتالي خشية الدعم المستمر لخصومها، وتضييق الخناق عليها في الأزمة السورية، ما يعني أنها (أي تركيا ) لا بد أنها ستتجاوب بالتالي في الشراكة بتأسيس الحلف الإقليمي المذكور، خاصة أن صراعها تاريخي مع إيران ولو حصل بعض التوافقات الاستثنائية حول قضايا عرضية في الأزمة السورية، كما تطمح تركيا أن تلعب دوراً رئيسيا على صعيد المنطقة وفي الوضع السوري تحديدا، أي أنها تسعى لكسب الدعم الأمريكي الأمثل بغية تأهيلها القيام بكل ما تناط بها من مهام، ومن المتوقع أن تحصل تفاهمات في هذا الصدد بين الطرفين (الأمريكي والتركي) وقد تتطور إلى عودة العلاقات على ما كانت عليها سابقا .. والعراق، مازال يعيش أزماته الداخلية المستعصية بما هي قضايا حكومة السيد عادل عبد المهدي، وقضايا الفساد المالي والإداري، ومشاكل المحافظات وخصوصا البصرة وغيرها، هذا إلى جانب الصراعات السياسية وخصوصا بين الموالين لإيران وبين القوى الوطنية الأخرى، والدور الأمريكي في العراق وجهود ومساعي بناء الحلف الإقليمي في مواجهة المدّ الإيراني ونفوذه في المنطقة، ما يعني أن العراق في خط المواجهة المباشرة مع إيران في حال انجاز الحلف المذكور، أي أنه (العراق) أمام قضايا هامة ومسؤوليات جسيمة ينبغي أن يكون في المستوى المطلوب من التأهب والاستعداد، وقد تكون نتائج هذه القضايا والصراعات تعالج الجانب الأهم في مسائل عراق الخلافية .. وفي إقليم كوردستان، هناك جهود ومساع حثيثة ومسؤولة تبذلها قيادة إقليم كوردستان، وفي المقدمة منها الرئيس المناضل مسعود بارزاني، بغية تحقيق التوافق الأمثل بين القوى والأحزاب السياسية، ولاسيما بين الحزبين الرئيسيين (البارتي والاتحاد) مع مراعاة الانتماءات السياسية الأخرى، سواء في تشكيل حكومة الإقليم أو في الترتيبات السياسية الأخرى، ما يعني أن سيادة الرئيس يتصرف بكل حكمة وحرص في مسعى لإرضاء ما يمكن إرضاؤهم من الأطراف السياسية المعنية، ولعل اللقاءات الأخيرة تعطي نتائجها المرجوة .. أما كوردستان سوريا، وبعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب سحب قوات بلاده من سوريا، يعيش الشعب حالة قلق وتململ جراء التهديدات التركية باجتياح شرقي الفرات، على غرار اجتياحها لعفرين والمناطق التابعة لها، والتي ماتزال تعيش المآسي جراء الانتهاكات السافرة التي تمارسها الأوساط الحاقدة على شعبنا الكردي هناك، وعليه يبقى قلق شعبنا وعموم المكونات الأخرى المتعايشة في هذه المنطقة قلقا مشروعا، لأن سيناريو عفرين إذا ما أعيد أو تكرر سيكون هداما وشاملا لعموم المكونات دون تمييز، وهنا لابد من اللجان المعنية بالعلاقات الخارجية والأوساط السياسية الأخرى من التحرك لدى الإدارة الأمريكية والجهات الدولية والإقليمية الأخرى، حيث بذل الجهود والمساعي للحيلولة دون التدخل العسكري التركي إلى مناطقنا أو مناطق شرقي نهر الفرات كما هو معد لها، وفي هذا السياق أطلق knk ما تسمى مبادرة أو دعوة الأطر والأحزاب السياسية الكردية لعقد لقاء أو مؤتمر على أنه من أجل وحدة الصف الكردي في مواجهة التهديدات التركية، وأصدرت الجهات المعنية لـ p.y.d قرارا يسمح بفتح مكاتب الأحزاب (غير المرخصة) “كبادرة حسن نية “من جانبه دون التطرق إلى مواضيع أخرى كموضوع المختطفين والرازحين في زنازينهم، ومواضيع الإجراءات الأخرى. قراءة سريعة لمثل ما سميت هذه المبادرة، أولا ليس knk الجهة المعنية بمثل هذا العمل، وإنما p.y.d هو المعني بذلك، ثم معلوم أن أية دعوة ومن أي طرف لا يمكن الاستجابة لها من الطرف الآخر (أي المجلس وب ي د ) بل الجانب العملي في مثل هذه المسائل هو أن يتم التواصل دون أية دعوة مسبقة ومن ثم الترتيب والتوافق على مجمل القضايا وحتى على الأطراف الممكن دعوتها وبالتالي عقد اجتماع موسع لمناقشة تلك القضايا المتفق عليها. من هنا يفهم أن هذه الدعوة هي لتسجيل موقف إعلامي، أو أنها تأتي في سياق الترتيب الداخلي للوضع السوري انسجاما مع توجه دول استانا- سوتشي، الذي يسير باتجاه مخالف للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة في هذا الصدد، وعليه فإننا كمجلس وطني كردي سوف نتعاطى بحذر وروية في مثل هذه المسائل، لأننا على أعتاب مرحلة جديدة من التفاعلات السياسية التي تتجه نحو اصطفاف جديد على الصعيدين الدولي والإقليمي على حد سواء، ما ينبغي الدقة والتمحيص قبل اتخاذ أي موقف سياسي مصيري .. ختاماً، مع حلول العام الجديد، نقول كل عام والجميع بألف خير.

8 / 1 / 2019

المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا

التعليقات مغلقة.