عزالدين ملا
تعودنا منذ بداية الأزمة السورية وقبل انتهاء كل عام، نرى تسارعاً في الأحداث وبوتيرة عالية حول الوضع السوري، ووسائل الإعلام على اهبة الاستعداد لنقل الأحداث ومن كل الجهات، ويبدأ الترقب لدى المواطن السوري بقلب ملؤه الحسرة لإنهاء معاناته، ونجده شديد الاهتمام والترقب لما سيلاحق تلك الأحداث المتسارعة، وفي كل عام كان الأحداث تتجه نحو ايجاد الحلول، ووعود في أن بداية العام القادم هناك مشاريع وحلول لإنهاء هذه الأزمة التي أنهكت السوريين بكل فئاته. لكن نهاية هذا العام، كانت الأحداث تأخذ منحى آخر، باتجاه التصعيد، وكأن الأزمة بدأت للتو، فعلى كل الاتجاهات هناك احتمالات كبيرة لحدوث عمليات عسكرية بسبب وجود خلافات عميقة بين الدول ذات الشأن بالوضع السوري، وكل تلك الخلافات تكون بمنحيين، الأول هو الخلاف على الوجود الإيراني في المنطقة وتهديدها لأمن أمريكا واسرائيل وذلك حسب ما يزعمون، والاذرع الايرانية المنتشرة في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق واليمن، ويتم تصفية الحسابات على أراضي هذه الدول، والموقع السوري الاستراتيجي بالنسبة لكلٍ من ايران التي تعمل ومنذ سنوات على تنفيذ مشروعها القديم وهو الهلال الشيعي، وأمريكا التي حاولت منذ بداية السبعينات أيام حافظ الاسد من بسط نفوها على سوريا. والمنحى الآخر هو القيام كل من روسيا التي تعمل باستمرار في الحفاظ على معقلها الوحيد في البحر الأبيض المتوسط، وجعلها نقطة رئيسية في بسط نفوذها على كل المنطقة، ومن خلالها التوسع نحو مناطق أخرى. وتركية أيضا تعمل باستمرار لخلق ذرائعَ من أجل الدخول في الأراضي السورية والسيطرة عليها. من أجل ضرب المشروع القومي الكوردي الممتد من هولير إلى قامشلو وكوباني وعفرين، ايضا في محاولة منها في العودة إلى أمجاد الإمبراطورية العثمانية واستعادة الزعامة الاسلامية.
ومن خلال القراءة لمجمل الاوضاع السياسية في سوريا، يتطلب من السوريين عامة والكورد خاصة مراجعة حساباتهم في التعامل مع كل هذه الدول، لان الحل لن يظهر ان لم يتفق السوريين أنفسهم مع بعضهم البعض.
اما الحركة الكوردية في كوردستان سوريا- وخاصة بعد التهديدات الأخيرة من قبل تركية باجتياح المناطق الكوردية أو حسب مصطلحاتهم شرق الفرات، واعلان المفاجئ من ترامب رئيس الأمريكي بالانسحاب من سوريا- ان لا ينتظروا حتى تقع الواقعة – ويقع الفأس بالرأس-.
أمام الحركة الكوردية فرصة تاريخية لا تعوّض، وخاصة في هذه المرحلة والتي تعتبر للكورد بالمرحلة الانتقالية، أي هناك تغيير في السياسات والحلفاء.
الكورد يشكلون كفة الميزان في الوضع السوري، ويستطيعون استغلال ذلك لمصلحة القضية الكوردية العليا، ويتحقق ذلك بالتكاتف وتوحيد الجهود والرؤى السياسية، والاتفاق على آليات التقارب، والعمل بكل أمانة ومسؤولية من أجل عودة قوات بيشمركة روج، وان لا نسمح للغير- الدول الغاصبة والاقليمية- بالتدخل بيننا وتفرقتنا. فـ بتشرذمنا نكون بيضة القبان، يمرر هذه الدول وغيرهم مصالحهم من خلالنا في المنطقة.
إذاً يتطلب من الحركة الكوردية في سورية مراجعة حساباتها، وترك الأنانية الحزبية والشخصية والتفكير بالقضية العليا، قضية وطن وشعب.
التعليقات مغلقة.