المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر تشرين الثاني 2018 وحتى تاريخه

124

في الوقت الذي ينهمك فيه المجتمع الدولي بالعديد من القضايا الهامة والأساسية التي تحفز الدبلوماسية الدولية على التحرك والعمل الدؤوب، ولاسيما مخرجات مؤتمر قمة الدول العشرين الأكثر ثراء في العالم الذي انعقد في 30 تشرين الثاني بعاصمة الأرجنتين( بيونيس آيرس ) بما تحمل من القضايا الأساسية كمسألة التجارة الدولية وقضايا المهجرين ومسألة المناخ بالإضافة إلى أزمات منطقتنا المتداخلة، وفي المقدمة منها الأزمة السورية التي تأخذ مكان الأهمية بالنسبة للأزمات الأخرى، حيث حصلت لقاءات ومداولات بشأنها على هامش هذه القمة، وكان أبرزها لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان الذي تناول بإسهاب ما يخص الموقف العسكري التركي حيال المناطق الحدودية المتاخمة لها مع سوريا على غرار منطقة عفرين، الأمر الذي أخذ المزيد من الاهتمام الأمريكي في التوافق بين الحفاظ على القوى المقاتلة سواء ضد الإرهاب أو لحماية مناطق النفوذ في شرقي نهر الفرات وبين الإرضاء التركي كحليف استراتيجي تاريخيا.

كما تناول المجتمع الدولي حيثيات الحل السياسي للأزمة السورية سواء المتعلق منها بدول استانا وسوتشي أو بمرجعية جنيف1 والقرارات الدولية في هذا الشأن ( 2118 ، 2254 وغيرهما ) والعراقيل والعقبات التي تعترض سبيل الحل السياسي والتي يتخذها النظام السوري بدعم حليفيه الروسي والإيراني، وآخرها رفضه مشاركة أية قوى خارجية دولية أو إقليمية في وضع دستور جديد لسوريا المستقبل بزعم أن المعنيين بالدستور هم السوريون، وليس سواهم، كمحاولة لإعادة المساعي والجهود الدولية في هذا الشأن إلى المربع الأول، في الوقت ذاته تظل أمريكا ومعها دول التحالف عازمة على خروج الميليشيا الإيرانية من سوريا وتنفيذ القرارات الدولية في الحل السياسي والتحضير لما بعد اللجنة الدستورية، ولاسيما أن الجانب الدولي يتصرف وكأن الدستور السوري الجديد جاهز ، حيث الترتيبات الجارية هنا وهناك لا يمكن لها أن تكون مخالفة أو غير متجانسة مع الدستور الجديد، مثل الإدارة الجديدة المرتقبة لشرقي الفرات، والتموضع الروسي في ما اسموها سوريا المفيدة، وهكذا بالنسبة لإيران وحتى تركيا، من هنا يبدو أن الأشهر القليلة القادمة أو بالأحرى السنة الجديدة ستشهد تطورات هامة.

وتركيا، يبدو أن الظروف قد ساهمت في تعزيز علاقاتها الدولية وخصوصا حلفائها الاستراتيجيين كأمريكا والاتحاد الأوربي، حيث تسعى لتصحيح علاقاتها من جديد مع تلك الأطراف دون التخلي عن دول استانا مستفيدة من عدد من القضايا المستجدة، منها مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي وتطورات الأزمة السورية ،وأخيرا استجابتها للضغوط الأمريكية ما جعلتها ( تركيا ) تمارس نوعا من الابتزاز بين التدخل العسكري في مناطق شرقي الفرات أسوة بعفرين أو أن تتخلى أمريكا عن دعم مقاتلي p.y.d ، وأمريكا أيضا تناور في هذا الصدد نحو التوافق بين الجانبين ( استمرار علاقتها مع هؤلاء المفاتلين واستعادة علاقاتها مع تركيا) كما أسلفنا حيث وضعت نقاط مراقبة على الحدود تفاديا لوقوع أي اشتباك بين تركيا والقوات المناوئة.
من جانب آخر تسعى تركيا لاستمالة دول الاتحاد الأوروبي لدرجة احتمال استئناف المباحثات بين الجانبين ( الأوربي والتركي ) لقبول انضمام هذه الأخيرة إلى الاتحاد الأوروبي.

أما إيران، فإنها تزداد تدخلا كما هو معروف في شؤون عدد من دول المنطقة ( سوريا، اليمن، العراق، لبنان ) وتشدد من وتيرة صراعها مع المملكة العربية السعودية سواء عسكريا عبر اليمن أو سياسيا بعد مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة استانبول التركية، وتسعى في الوقت نفسه نحو ترسيخ علاقاتها مع دولتي روسيا وتركيا الحليفتين لها عبر الأزمة السورية ومن خلال استانا سوتشي، إلا أنها بدت في الآونة الأخيرة تغير لهجة تعاطيها مع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من المجتمع الدولي ولاسيما أمريكا والتي أثقلت كاهلها بأعباء ومتاعب جمة والعجز عن تغطية احتياجات المجتمع الإيراني ناهيك عن فقدان عوامل التطور والتنمية الاقتصادية المستدامة، مع كل ذلك وفضلا عن الصراعات السياسية الداخلية المستمرة مع النظام الإيراني وعلى أكثر من صعيد وجانب وحتى في داخل النظام نفسه، إلا أنه بقي مستمرا في سياسته الطائشة التي تقوده إلى المجهول حتى الآن.

في العراق، لاتزال الخلافات قائمة بين الكتل والأحزاب السياسية العراقية ولو أن السيد عادل عبد المهدي المكلف بتشكيل الحكومة قد أنجز استكمال الوزراء على مضض وتحت ضغط بعض القوى الإقليمية وفي المقدمة منها إيران، إلا أنه أصبح من جديد أمام مهام ومسؤوليات في غاية التعقيد بما تحمل من ملفات عديدة وشائكة وفي المقدمة منها ملف الفساد المالي والإداري وملف الصراع السياسي بين إيران وأمريكا، هذا ناهيك عن حالة الأمن والاستقرار التي يفتقر إليها العراق لسنوات، ومن ثم البدء بوضع الخطط والترتيبات اللازمة لتوفير عوامل النهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار بعد سنوات من الاقتتال الداخلي ومع القوى الإرهابية الظلامية والتكفيرية ..

وفي إقليم كوردستان، كانت الزيارة التاريخية للزعيم مسعود البارزاني إلى بغداد لها وقعها وتأثيرها الهام على الجميع خصوما وأصدقاء حيث استقبل استقبال رؤساء دول مضافا إليه الحفاوة البالغة من الأطراف السياسية والكتل البرلمانية جميها سواء في بغداد أو في النجف، وحقق مكاسب سياسية تجاوزت حدود المتوقع لها، فقد تم حلحلة قضايا الخلاف بين بغداد و اربيل بما فيها مسألة المناطق المتنازع عليها، ومسألة الموازنة العامة، واعتمادات البيشمركة ..الخ، هذا فضلا عن مساهمته في حل بعض الإشكاليات بين القوى السياسية في بغداد، ومن جانب آخر فإن إقليم كوردستان وبعد الانتخابات البرلمانية التي حقق فيها الحزب الديمقراطي الكوردستاني الشقيق الفوز الكاسح، بدأ يستعد لترتيب وضعه سياسيا وإداريا عبر انتخاب رئيس الإقليم ورئيس حكومة الإقليم حيث رشحت قيادة الحزب للمنصب الأول السيد نيجيرفان البارزاني وللمنصب الثاني السيد مسرور البارزاني ..
من جانب آخر، وجدير بالذكر أن قوات تابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني قد أقدمت على إغلاق عدد من مكاتب ومقرات حزب العمال الكوردستاني ( p.k.k ) عنوة، ما يشير إلى قضايا خلافية بين الحزبين رغم أن الطرفين حليفان لإيران، وليس مستبعدا توسيع الهوة بين الجانبين ما لم يتدخل طرف آخر بينهما ..

في كوردستان سوريا، يزداد اهتمام مؤسسات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان بوضع منطقة عفرين ومعاناة أهلها وخصوصا المشردين منهم في العراء الممنوعين من العودة إلى بيوتهم وقراهم وأماكن سكناهم ، وهكذا الذين يعانون من سطوة المهيمنين على مقدرات الأمور وكذلك الذين يمارسون السطو والسرقة والنهب، ويمارسون صنوف الجور بحق العزل والمدنيين من الرجال والنساء والأطفال ..الخ، وجدير ذكره أن الوضع برمته هو موضع اهتمام المجلس الوطني الكوردي في سوريا بل من أولويات اهتماماته، وخصوصا لجنة العلاقات الخارجية وممثلي المجلس المعنيين بالأمر، حيث لم يدخر الطرفان أي وسع في فضح واقع المعاناة وتلك الممارسات الجائرة وشرحها للأصدقاء والمهتمين بالشأن الكوردي من الدول والمنظمات غير الحكومية، بغية الضغط على تلك الجهات لتخفيف الوطأة عن هذه المنطقة وسكانها.

أما حزب الاتحاد الديمقراطي ( p.y.d ) فيتنقل بين الأطراف السياسية المعنية بالوضع السوري، ويسعى للتوفيق في علاقاته مع أكثر من طرف، يمارس علاقاته مع النظام السوري ويعمل بدأب من أجل إرضائه، يعقد اجتماعات ومحافل تحضيرا للحوار معه، ويتودد إلى الأطراف الكوردية بغية استمالتها في هذا المنحى، ويبحث في نفس الوقت عن سبيل أو مخرج بغية الحد من الضغوط التركية، كما لم يتردد في السعي لتوثيق العلاقة مع أمريكا درئا للخطر التركي واجتياحه لمناطق أخرى على غرار عفرين، أي أن وضع ( p.y.d ) في حرج، وليس له أي سبيل سوى العودة إلى أحضان شعبه ومجتمعه ..

أما المجلس الوطني الكوردي في سوريا، فهو في الوقت الذي لا يغيب عن مجمل النشاطات المعنية بالوضعين السوري و الكوردي و القضايا الكوردستانية الأخرى، فهو في ذات الوقت يمارس أعماله وبرامجه السياسية بوضوح تام وعلى صعيدين، الأول الأزمة السورية وآفاق الحل السياسي من خلال المعارضة الوطنية ومرجعية جنيف1 والقرارات الدولية ذات الصلة ( 2118 و 2254 ) والمحافل والمؤتمرات الدولية التي تعبر عن خدمة هذا المنحى السياسي، والثاني عبر البعد القومي الكوردستاني المتمثل في نهج الكوردايتي نهج البارزاني الخالد، والمشروع القومي الكوردستاني الذي يقوده الزعيم المناضل مسعود بارزاني والذي يعد المجلس الوطني الكوردي جزءا منه، وهكذا يستمر المجلس الوطني الكوردي في سوريا بخطه النضالي بوضوح وشفافية إلى أن تتحقق الأماني والآمال التي يعمل من أجلها المجلس بأحزابه السياسية ومكوناته القومية الأخرى وفق العهود والمواثيق الدولية ..

في 6 / 12 / 2018
المكتب السياسي

التعليقات مغلقة.