المجلس الوطني الكوردي في سوريا

أكرم ملا: الوعي السياسي..التزام وضرورة..

136

 

الوعي السياسي هو إدراك الفرد لواقع مجتمعه و محيطه الإقليمي و الدولي, ومعرفة طبيعة الظروف السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية التي تحيط به , ومعرفة مشكلات العصر المختلفة , و كذلك معرفة القوى الفاعلة و المؤثرة في صناعة القرار وطنياً و عالمياً . و الوعي السياسي هو طريق الفرد لمعرفة حقوقه و واجباته في كل الأنظمة الديمقراطية أو الشمولية . و الشعوب التي تطمح إلى نيل حقوقها المشروعة وبناء دولها المستقبلة كشعبنا الكوردي ستكون بحاجة إلى منظومة من المعارف السياسية التي تتضمن قيم و إتجاهات سياسية مختلفة , يستطيع من خلالها الفرد التعرف على الظروف و المشاكل التي تحيط به محلياً و عالمياً , و يحدد مكانه و موقفه منها و المساهمة في تغييرها أو تطويرها . و لذلك يحتاج الفرد إلى رؤية سياسية واعية و شاملة بالظروف و الأزمات التي تعتري المجتمع .

يعتبرالوعي السياسي للمجتمعات هو الأساس في التطبيق الفعلي للديمقراطية . وأن أي إنخفاض في نسبة الوعي يهدد الديمقراطية كمفهوم وسلوك . وعلى الرغم من تطلعات الشعب الكوردي إلى بناء مجتمع ديمقراطي, إلا أنه يعيش حالة من التسطيح الفكري لمفهوم الديمقراطية . وهذا التسطيح ينعكس سلباً على الإنجاز الديمقراطي البطئ في المجتمع الكوردي . وتقع مسؤلية الوعي السياسي على عاتق منظمات المجتمع المدني وبالذات الأحزاب السياسية الكوردية التي من صلب مسؤولياتها المساهمة  في بلورة الفكر السياسي لدى الشعب ويجب أن تكون أحزابنا الكوردية مؤهلة لتصدير الوعي السياسي للمجتمع .

أن مصادر تمويل الوعي السياسي هي وسائل الإعلام و منظمات المجتمع المدني المختلفة , إضافة إلى التثقيف الذاتي عن طريق القراءة و المطالعة للصحف و الكتب و الدوريات السياسية الشهرية والفصلية , والأمسيات و المحاضرات . وتتسع قاعدة الوعي السياسي للفرد من خلال المشاركة و الشراكة السياسية في المجتمع, كالإنتخابات و الإحتجاجات و التظاهرات و التصويت و الإستفتاء و غيرها . و تلك الممارسات تمد الفرد بخبرات سياسية  و فكرية تساهم في تنشئته السياسية و الإجتماعية, و تقويم رؤيته و أفكاره السياسية, و تخلق مناخات سياسية إيجابية و قيم إجتماعية ذات تأثير فعال على تنمية العمل السياسي، والوعي السياسي يعزز من رؤية الفرد لقضايا وطنه و أمته و الظروف التي تؤثر في المجتمع بصورة تحليلية واعية . فالمجتمع الكوردي حالياً هو بحاجة إلى وعي ثقافي و سياسي شامل و واسع , لينظم من خلاله صفاته و أهدافه و يحرك مفاهيمه للديمقراطية الوليدة نحو الممارسة و السلوك في المجتمع. و تعبئة المجتمع ثقافياً و سياسياً،  لأن التنمية السياسية هي حالة إجتماعية ثقافية لا يمكن أن تقوم بمعزل عن المجتمع . و تنشيط الوعي السياسي في المجتمع له أهمية في تنوير بصيرة المواطن بحقوقه القومية المشروعة  (حالة الشعب الكوردي ) ومن ثم المدنية والقانونية، و دائرة الوعي السياسي يجب أن تركز على شريحة الشباب لأنهم أكثر ضرورة في تفعيل السلوك السياسي و الديمقراطي في المجتمع . لكون الشباب طاقة كبيرة تساعد المجتمع في القضاء على ظواهر و مظاهر العنف و الإكراه و الإقصاء و التهميش . و اللجوء إلى لغة العقل و الحوار في كل الأزمات و التداعيات على أسس ديمقراطية . و دعوة الشباب من كلا الجنسين لإشراكهم في العمل السياسي يعزز دور التجربة الديمقراطية في ميادين العمل الحزبي السياسي  من خلال توليهم مناصب قيادية او مراكز المسؤولية وصنع القرار.

 

إن غياب الوعي السياسي له آثار سلبية على بناء المجتمع سياسياً و ديمقراطياً , و كذلك يفقد النضوج والرؤية الواضحة لدى الأحزاب الكوردية في مجالي الثقافة والسياسة, و الأحزاب تفقد توازنها و بريقها من فضاء المجتمع، و في ظل غياب الوعي لا يمكن لأي شعب أو مجتمع التعرف على واقعه و رصد مواطن القوة و الضعف و العوامل المؤثرة فيه . وبذلك من الصعوبة جداً التكهن بتداعيات الظروف السياسية التي تحيط بالمجتمع .

إن مسؤلية الوعي تقع على عاتق الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني و الوسائل الإعلامية و البرامج السياسية الناجحة . فلابد للمجتمع أن يدرك أهمية و قيمة الوعي السياسي وسبل تكريس حالة الوعي لمفهوم الديمقراطية , ومساندة الأصوات و القوى السياسية التي تنادي بالاصلاح السياسي وتطوير المجتمع الكوردي ديمقراطياً , و تحريك عجلته السياسية  من الركود و التحجر الذهني إلى الإنفتاح الفكري السياسي و الثقافي, و ذلك من خلال تطبيق مفهوم الديمقراطية بأساليب و أدوات حديثة تتناسب مع مقاييس الفهم الدولية , و تنسجم مع منظومة المجتمع الكوردي الأخلاقية والثقافية والتاريخية.

التعليقات مغلقة.