المجلس الوطني الكوردي في سوريا

يوسف بويحيى : هل الإستفتاء بدعة؟!..

136

أشفق على البعض من الذين يعتبرون الإستفتاء مجرد بدعة و خديعة للبارزاني ،لدرجة أني أشك في كوردية هؤلاء و تورطهم مع أطراف لها علاقات مع الأنظمة الإقليمية الغاصبة ،كون يحللون وفق ما يحلل به أعداء كوردستان دون خجل و حياء.

من الضروري العودة للوراء كي نتوسع في الأمر جيدا و لنظهر الحقيقة التي يعمل البعض جاهدا على طمسها و إخفائها ،فمنذ بداية الثورة السورية و عسكرتها و التي بدأت بهدف إسقاط النظام ثم تغير مجراها إلى القضاء على الإرهاب ،حيث كان لظهور داعش في سوريا الدور الكبير في تحريك الحس الكوردي على المستوى الدولي و الإقليمي ،وما إن دخلت داعش إلى العراق حتى إنقلب كل شيء عليها عكس ما خططه صناعها ،حيث إستطاع البيشمركة هزم الجحافل الإرهابية و تدويل القضية الكوردية عن طريق “البارزاني” بشكل سياسي و ديبلوماسي مهني دقيق.

وفقط للتذكير فإنه كان من أهداف داعش إسقاط كوردستان أي نفس ما سعى إليه الحشد الشعبي و الجيش العراقي بعد أحداث خيانة كركوك ،لهذا قال مسعود بارزاني أن البعض مازال يؤمن بالحكم الشمولي و يريد أن يعيدنا إليه.

إن الهجوم على كوردستان بعد داعش من طرف الحشد الشعبي و الجيش العراقي كان أمرا حتميا و مخططا له ،وخيانة كركوك كانت متوقعة من طرف الطالبانيين ولو بدون إجراء الإستفتاء ،وما الإستفتاء إلا ذريعة إتخدت بعد أن فشل أعداء الكورد في عرقلة إجرائه.

كان “مسعود بارزاني” يعلم جيدا ما يجري في الساحة الإقليمية و الدولية ،ورأى أن ثمرة محاربة داعش لابد لها أن تترجم على الأرض بمكسب تاريخي مصيري كان هو الإستفتاء ،الشيء الذي لم يستغله قادة كوردستان روجافا في الإتحاد الديمقراطي pyd رغم تقديم ألاف الشهداء في سبيل مصالح النظام السوري و الإيراني بلا اي منفعة للشعب الكوردي و كوردستان.

هنا أريد أن أسأل مثقفي البدعة ماذا حقق pyd و pkk في كوردستان روجافا بعد كل تضحيات الشعب الكوردي في المناطق العربية؟! ،أوليست البدعة الحقيقية هو مشروع تنظيم العمال الكوردستاني و الإتحاد الديمقراطي و “شيخ ألي” و “حميد درويش”!! ،فعلى الأقل “البارزاني” أجرى الإستفتاء بإجماع كل الأحزاب و المكونات و أثبت من خلاله كوردستانية المناطق المحتلة (المتنازع عليها) بوثيقة رسمية و دول القضية الكوردية و حجز لها مكانا في الرأي و الحسبان الدولي ،فماذا حقق قادة كوردستان روجافا pyd و كوردستان باكور pkk الذين رموا شباب الكورد في مطاحن المصالح الإقليمية و الدولية؟! ،وأتحدى أن يعطيني أحد مكسبا واحدا حققته هذه الأحزاب و التنظيمات للكورد منذ بداية الثورة السورية إلى الآن!! ،ألم يحن الوقت لتخجلوا يا مثقفو البدعة و كفاكم كذبا و فلسفة فارغة و إستفزازات ساخرة.

الإستفتاء ليس بدعة بل حق مشروع لكل أمة تريد تقرير مصيرها ،ولولا مكسب الإستفتاء لما إستفاد الكورد شيئا في محاربتهم لداعش في كوردستان باشور الشيء الذي فشل فيه تنظيم pkk و pyd في كوردستان روجافا.

إن كان البعض يرى في الإستفتاء بدعة فأنا أراه حنكة ممزوجة بمغامرة مصيرية تكللت بالنجاح رغم كل العراقل و التحديات و النكسات ،ووثيقة حية لها أبعادها التطلعية التاريخية و المستقبلية الإقليمية و الدولية ،وأخرجت الكورد من بوتقة التبعية في نظرة العالم ،كما أن الإستفتاء أعظم حدث سياسي في تاريخ الحركة الكوردية و الذي لعب دور الحافز لشعوب أخرى أمثال “كتالونيا” و “الأحواز”…

البعض يرى في التنازل على “كركوك” حلا ناجحا لإخماد الصراع الكوردي الإقليمي خصوصا العراقي (الإيراني) ،متناسيا أن “كركوك” منطقة كوردستانية تاريخيا و جغرافيا و ثقافيا و إجتماعيا…،مع العلم أن فكرة التنازل و البيع طرحها “جلال طالباني” في أكثر من مناسبة إلا أن قضية “كركوك” أكبر من “جلال طالباني” و إيران و العراق و أتباعهم ،لأن “كركوك” في حد ذاتها قضية كوردية بين “البارزاني” الحامل للمشروع الوطني الكوردي التحرري و الأنظمة الإقليمية و الدولية ،وهذا دليل كاف على أن “البارزاني” في جبهة و العالم في الجبهة المعادية و مع ذلك لم يستطع أحد أن يسرق كوردستانيتها و الظفر بها بشكل نهائي ،ومازالت في متناول البيشمركة عاجلا أم آجلا و لن يحكمها إلا الكورد مهما تلاعبت تضاربت المصالح الدولية و الإقليمية فيها.

إن القرار السياسي و العسكري لكوردستان بيد البارزاني وحده لهذا بقيت كركوك و باقي المناطق كوردستانية و وثيقة الإستفتاء حية و تقرير المصير صوب الإستقلال واقع لابد له ان تشرق شمسه ،بيتما بقية الكورد مجرد أدوات تكتيكية مؤقتة ستتلاشى بتلاشي الأنظمة التي صنعتها و تدعمها.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع 

التعليقات مغلقة.