في الفترة الأخيرة قام جيش الاحتلال التركي بقصف مناطق شرقي الفرات بكوردستان سوريا غداة تهديدات اردوغان والقمة الرباعية التي شهدتها إسطنبول وجمعت قادة تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا.
وما زاد القلق هو التصريح الأمريكي الأخير بمكافئة من يدلي بمعلومات عن ثلاثة قيادي PKK ( مراد قري لان، جميل بايق، دوران كالكان) ، وبحسب بعض المراقبين والمتتبعين للشأن الكوردي بأن هذا التصريح جاء رداً على التهديدات التركية باجتياح مناطق شرقي الفرات بكوردستان سوريا بأن PYD ليس PKK.
وحول هذا قام موقعنا R-ENKS باستمزاج آراء نخبة من السياسين والكتاب الكورد وطرح عليهم هذا السؤال:
– بنظركم لماذا جاءت التصريحات الأمريكية في هذه المرحلة الحساسة وخاصة قصف جيش الاحتلال التركي للمناطق شرقي الفرات بكوردستان سوريا، وكيف تفسرون هذه التصريحات وهل هي مداعبة لحليفتها تركيا وإعطاء ضوء أخضر للهجوم على كوردستان سوريا؟
فقال القيادي فؤاد عليكو عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكوردي في سوريا
“بأن امريكا تحاول منذ فترة أن لا تخسر حليفتها التاريخية والاستراتيجية تركيا وبنفس الوقت هي بحاجة إلى قوات PYD لمحاربة داعش في منطقة ديرالزور وتحاول فصل PYD وجناجها العسكري YPG عن PKK لذلك نراها تشدد على PKK وترصد الملايين لملاحقة قياداتها واتهامهم بالإرهاب وهذه رسالة قوية إلى PYD بأن عليكم الابتعاد عنهم وقطع العلاقة معهم والتفاهم مع حليفتها تركيا كما تبعث برسالة تطمين لتركيا بأننا معكم وبكل الوسائل لمحاربة PKK”.
وأوضح عليكو “بهذه السياسة المتبعة امريكيا أصبح PYD في وضع لايحسد عليه حيث أصبح بين نارين أما إرضاء امريكا على حساب غضب PKK أو إرضاء PKK واغضاب امريكا، منوهاً بأنه سيصبح وضعهم في شرق الفرات حرجا جدا وقد يدفع ذلك بأمريكا إعطاء الضوء الأخضر لتركيا بالتدخل عسكريا كما فعلت روسيا مع تركيا في عفرين، والمرحلة المقبلة حبلى بتطورات كبيرة في شرق الفرات”.
أما الكاتب والباحث السياسي د. محمود عباس عبر عن وجهة نظره بالقول:
“حصر الأمريكيين نشر الخبر، والمكافئة ضمن المستويات الدبلوماسية الضيقة، وصدورها من سفارتهم في تركيا عقب زيارة نائب وزير خارجيتها ماثيو بالمر إلى أنقرة”.
وأكد عباس بأن “هذا التصريح له دلالاتها العسكرية والسياسية، وهي موجهة لتركيا مثلما هي للإدارة الذاتية، ففي البعد الدبلوماسي ذات وجهين: جواب نفي على الاتهامات التركية لأمريكا، على أن علاقتها مع الـ PYD تعني علاقتها مع الـ PKK، حتى ولو كانت تركيا لا تصرح عنها بشكل مباشر، ولربما من جهة أخرى بهذا التحديد تحذر تركيا، أن تصنيف أمريكا الأن لـ PKK بالإرهاب محصور في شخصيات من الحزب وليس الحزب كله. وأوضح عباس “فبقدر ما هي ترضية أو تطمين لها من ناحية، تأكيد على أن علاقتها مع الـ PYD أو الإدارة الذاتية لا تلغي صريح موقفها من قادة حزب العمال الكردستاني. كما لا يستبعد أن تكون رسالة عسكرية بنكهة دبلوماسية لتركيا لوقف مشروع الهجوم على شرقي الفرات. وعلى الأغلب ضوء أحمر وليس أخضر لتركيا، ولربما لن تسمح أمريكا بتدخل تركي في شرقي الفرات، وأن سمحت لها فهي تعني نهاية الوجود الأمريكي في سوريا”.
ونوه عباس بأن “السؤال هل أمريكا اتفقت مع روسيا للخروج من سوريا؟ وعلى أثرها وجدنا ضعف إسنادها الجوي لقوات قسد ضد داعش في منطقة الدير الزور في الفترة الأخيرة! أم أنها من ضمن الرسائل المتبادلة والتي تمس كل القوى المعنية بأمر المنطقة؟”.
واختتم عباس بالقول “لذلك لا يستبعد أن تكون لها علاقة بإيران وروسيا، وتمددهما في المنطقة، وأمريكا بهذا الموقف تضع الـ PKK ضمن الأدوات التي تستند عليها إيران في مخططاتها في المنطقة، فكما تجد أمريكا الـ PYD حليف لها ترى الـ PKK ضمن الحلف الروسي الايراني”.
اما القيادي عبدالباسط حمو عضو المكتب السياسي لحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا قال
حقيقة قبل مدة زمنية بدء هناك تغير في الاستراتيجية الامريكية تجاه الأزمة السورية وما حصل من تباين واختلاف بين مصالح أمريكا و تركيا على الحل السياسي في سوريا.
بدأت تلك الأزمة تصعيدا عند اعتقال القس الامريكي وثم بعد ذلك الإفراج عنه وما حصل فيما بعد الاتفاق المشترك على الحل السياسي في منبج ومن احد بنود هذه الإتفاقية إبعاد PYD ومقاتلي PYD عن منطقة منبج وشمال سوريا، ذلك بعد ان حققت تركيا في الاتفاقية المبرمة مع روسيا توجهت انظار تركيا لشرقي الفرات واشار المسؤولين الاتراك وعلى رأسهم أردوغان بانهم لن يتوقفوا عند عفرين ودرع الفرات وانما سيتوجون نحو شنكال وحتى حدود العراق.
وتابع حمو هذه الإستراتيجية التركية تؤثر على التغيير الحاصل في الحل السياسي في سوريا لذلك أمريكا وجدت ان يكون هناك مناخ ملائم للتواصل والتفاهم بين تركيا وامريكا، لانه لا يمكن بدون تركيا وجود حل اساسي في سوريا لان تركيا ترتبط مع سوريا بالجغرافيا وتحتضن المعارضة ، ولها دور ايضا لدى الفصائل المسلحة التي تقاتل في الشمال السوري لذلك بانت خطوط ونقاط مشتركة بين امريكا وتركيا .
ورأى حمو بان التهديدات التركية لن تنفذ كما تريد تركيا ولكن هناك حلول وسطية واعتقد بان ما صرحت بها السفارة الأمريكية بانقرة واعلنته وكالة رويترز بإعلان عن مكافأة لمن يدلي بمعلومات عن ثلاثة قيادي في PKK، هناك تغير في السياسة الامريكية إزاء المنطقة وتسعى أمريكا بأن تعزل PYD عن PKK وهذا يتطلب بعض وقت، وما جاء من هذا التصريح إزاء اعتقال ثلاث قيادي PKK هو مقدمة لابداء حسن النية ازاء الاتفاق الذي تم بين تركيا وامريكا.
ونوه حمو ما يشير الى القلق هناك تحرك من جانب تركيا ومن جانب القوى العربية خاصة في منطقة الرقة وما جرى من نتائج اغتيال احد شيوخ القبائل العربية في الرقة كما يدعون على يد مقاتلي PKK هي بداية افتعال حرب كوردية عربية.
وأشار حمو ” هناك مخاوف ولكن لا اعتقد بان الإستراتيجية الامريكية والمصلحة الامريكية تدعي بان تسمح لتركيا بالدخول الى شرق الفرات كما سمحت روسيا لها بالدخول الى عفرين ولكن في النهاية تبقى السياسة مبنية على مصالح وامريكا تتبع مصالحها.”
وأكد حمو “بأنه يتوجب على الكورد ان يقوموا بتوحيد الصف والبيت الكوردي قبل ان يبدء الاخرون بتحقيق اهدافهم وهذه الحقيقة تقع على عاتق PYD ويتوجب عليها ان تعيد سياستها وتكتفي بالسياسة المغامرة إزاء حقوق شعبنا الكوردي كما نجم عن سياستها المغامرة في عفرين”.
ودعى حمو ” ال PYD بإعادة النظر والعودة الى الصف الكوردي لعدم تحقيق اهداف الآخرين”.
واردف حمو بالقول “لا يمكن لامريكا ان تبدء مشروعها السياسي ودورها في حل الازمة السورية دون دور الكورد واعتقد بان دور الكورد بالنسبة لامريكا مهم ولكن هناك دول اقليمية وروسيا وايران ولهم مصالح ويلعبون بالاوراق ويستخدمونها للضغط على أمريكا” .
وتابع حمو “اعتقد يجب على الكورد أولا وثم امريكا ان تتحد حتى لا تتحقق اهداف الغير كما شأت الاوضاع في عفرين،
موضحا بأن التهديدات التركية قائمة ولكن لا بد ان يكون مانعا ومقاوما لها وحدة الصف الكوردي وهذا ما يتوقف على الإستراتيجية الامريكية.
وأكد حمو “ونحن كالمجلس الوطني الكوردي مشروعنا السياسي وطني قومي وطالبنا بالحل السياسي واثبت للاخرين بان ما طرحه المجلس الوطني الكوردي منذ مؤتمره الأول كان قرارا صائبا بقراءة الازمة السورية لان الحل السياسي هو الحل الافضل، وبدء الحل العسكري بالزوال واعتقد بان امريكا ستبدء بمشروعها السياسي لحل الأزمة السورية عبر اتفاقة جنيف وتحت المظلة الدولية تحت قرار ٢٢٥٤”.
ومن جانبه رأى الكاتب والباحث الكوردي وليد حاج عبدالقادر
“لعلها من البداهة لكل مراقب منذ انخراط امريكا عسكريا في الأزمة السورية منذ عهد أوباما وحتى الآن هي مقولتها التي ما كلت او ملت من تكرارها والمحددة بأنهم موجودون في سوريا فقط لمحاربة الإرهاب ، هذا الكلام الذي سمعه قيادات هذا الحزب أيضا مرارا وتكرارا”.
وأضاف عبدالقادر “وقد نفذت امريكا على أرض الواقع مقولتها عمليا وشاهدنا ضغوطاتها على كتائب أولوية متعددة حينما رفضت اوامرها في محاربة داعش بمناطق أخرى كما كتائب ما يسمى كتيبة الشهيد أحمد العبود او اسود الشرقية ومشاوير الثورة ، منوها بأن تجربة درعا وريفها التطبيق الأمثل لهذه الحقيقة وذلك في تنفيذ حرفي لعهدة كيري – لافروف والتي لاتزال تنفذ بحرفية عالية وبومبيو ولافروف لازالا أمنيين عليها” .
وتابع عبدالقادر “والأدهى هنا ثانية هو ان قيادة PYD او من يديرها في المنظومة يدرك حقيقة هذه المعادلة ولكن هناك عاملين يدفعه للاستمرار في هذه الفوضى : الوارد المادي الضخم لهم من رواتب الجنود وتعويضات الشهداء والجرحى والأمر الآخر يتمثل في الارتهان على الزمن وتحولات المنطقة ومن ثم إمكانية استخدامهم مجددا في مناطق أخرى وأعني تحديدا الصراع مع إيران والتي أضحت في رأس قائمة الولايات المتحدة ولهذا لا غرو أن تتواتر استهدافات إيران من حزب الله مرورا بالحوثيين وثلاثة قادة محترمين بناصية منظومة PKK والتي لربما ستشهد تغييرات مركبة ضمن بنيتها قد تبدو شكلية ولكن عنف اليد العميقة داخلها ستودي بالأمر إلى تكرار تجارب الثمانينيات من تصفيات هادئة والجسد الإيراني في داخلها متعوب عليه كثيرا ولكنه مكشوف تماما وبات مستهدفا”.
وتأسف عبدالقادر بقوله “بالإضافة إلى ما اختزلته أعلاه فقد كان واضحا لنا أيضا ان حزب الاتحاد الديمقراطي قد استدراج الى ذات الفخ الذي وقع فيه جميع بدائل النظام في المناطق التي استولوا عليها بزعم التحرير وايضا في نطاقية ما اوردناه أعلاه من ان الهدف الأساس هو القضاء على المنظمات الإرهابية فهناك مكافآت ستوزع ولتركيا العدو اللدود لأي توجه قومي حصة الأسد فيها وهي جريرة عناصر وكوادر PKK وزجهم في أتون الأزمة السورية والأهم بنيويا كورديا من حيث انكشافهم على الواقع من خلال طبقة كادرو”.
واشار عبدالقادر بالقول “هذا الأمر كان واضح لأردوغان ولكن اطماعه مع كل خطوة ارتقت ، والآن ومع هذه النقطة التي وصلت إليها الأزمة السورية واقتراب سيطرة النظام على مناطق عديدة ولزيادة الضغط على حزب الاتحاد الديمقراطي لتسليم المنطقة إلى النظام من دون أية إنجازات ، هذه الخطوة التي لا أشك بأنهم سيقدمون عليها لسبب بسيط ان النظام أفضل من تركيا وبالتحديد وفي الجانب الآخر : نرى عالميا بأن الجميع ينحى نحو مابعد صمت المدافع بالتطرق إلى مسألة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والدول الأوروبية تدرك الأسباب العملية للهجرة مئات الألوف من الكورد إلى دولها واعادتهم يستلزم انتفاء الأسباب الداعية لها ، تركيا ستناوش وتقصف باستفزاز ولكنها بتصوري تعجز عن خوض معارك برية أمام زخم مآس إنسانية ولكن هذه الاستفزازات ستحقق أهداف الجميع من دون الكورد وذات يوم سيعود الجميع إلا تلك المقابر التي تضخمت في بقاعنا ومن دون اي إنجاز قومي” .
إعداد : فرهاد شيخو
إعلام ENKS- إقليم كوردستان
التعليقات مغلقة.