سوريا.. طبق لذيذ على طاولة قمم المصالح
الشعب الكوردي بين تهديد الدول المستبدة ووعيد الدول الكبرى
اللعبة السياسية التي تتعامل بها الدول الكبرى والاقليمية مع الأزمة السورية هي لعبة المصالح، والخاسر الوحيد فيها هو الشعب السوري المسكين الذي ذاق مختلف صنوف الظلم والارهاب، كثرت في عام ٢٠١٨ انعقاد قمم واجتماعات بين الدول الكبرى والاقليمية وايضاً اجتماعات عديدة للأمم المتحدة.
نلاحظ بعد انعقاد كل قمة أو اجتماع يتم بعدها تقطيع أوصال سوريا قطعة بعد قطعة لتحديد كل دولة منطقة نفوذ لها، كما حصلت في عفرين والغوطة الشرقية ودرعا وهكذا إلى ان يتم تطبيقها على كافة المناطق السورية.
وكذلك تصريحات وتهديدات التي تصدر بين آونة وأخرى من قبل النظام عن طرق وزير خارجيته بالتوجه نحو مناطق شرقي فرات، وكذلك تهديدات التركية باجتياح ذاك المنطقة. هذه التهديدات التي صدرت قبل عدة أيام من القمة الرباعية التي جمعت روسيا وفرنسا وألمانيا وتركيا.
قمنا بتوجيه بعض الاستفسارات والاسئلة إلى مجموعة من السياسيين والمثقفين:
١- هل من الممكن ان يتم تنفيذ هذه التهديدات من قبل النظام السوري أو تركيا؟
٢- ماذا تتوقعون من سيناريو جديد بعد القمة الرباعية بين روسيا وفرنسا والمانيا وتركيا؟
٣- ما هو مستقبل المنطقة الكوردية أمام تهديدات إقليمية ومصالح دولية؟
٤- ما هي النقاط المهمة التي يتطلب من الحركة الكوردية لتدارك هذه التهديدات، وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الكوردي في كوردستان سوريا؟
على الأطراف الدولية الاعتماد على القوى الكوردية السياسية الفعلية التي تملك المشروع السياسي
تحدث محمد اسماعيل المسؤول الإداري للمكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا وعضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكوردي، حيث قال: « نتيجة المناخ الحالي هو العمل على تحقيق السلام في سوريا أي ترجيح الحل السياسي السلمي، وبالتالي ان تهديدات تركيا أو النظام وأجنداتها من الميليشيات المسلحة سوف تتلاشى، لان سبب التوتر هو وجود نظام دكتاتوري وميليشيات مسلحة هاتان الظاهرتان اينما وجدت توجه هناك حالة من التوتر وعدم الاستقرار. وباستمرار الميليشيات في المنطقة سوف تتدخل تركيا عسكريا، وكذلك النظام لكل وفق مصالحه على حساب معاناة السوريين ».
تابع اسماعيل: « ان القمة الرباعية شددت على ان الحل لا يمكن إلا من خلال عملية سياسية تتيح التفاوض عليها تماشياً مع قرار مجلس الأمن ” ٢٢٥٤ “، وشدد على زيادة التنسيق بين جميع المبادرات الدولية للمساهمة في الحل الحقيقي والدائم للنزاع في سوريا بمشاركة فاعلة من جميع الأطراف السورية، والدعوة لعقد اجتماعات مبكرة لـ ”اللجنة الدستورية“ لأجل تحقيق الاصلاح الدستوري ».
اضاف اسماعيل: « ازاء هذه التحركات الدولية المكثفة واستمرار معاناة السوريين وتقهقر داعش والمنظمات الارهابية بالتأكيد سيتم تغيير الأدوات، أي تتلاشى الميليشيات المسلحة والبدء بتشكيل شكل من أشكال الإدارة في المناطق الكوردية بمشاركة الجميع، وهناك بوادر من الدول المؤثرة أمريكا وفرنسا للتحرك لتنفيذ خطوة في هذا المجال، بالرغم من ان الأمور غامضة بعض الشيء لأنها متعلقة بتجاذبات دولية واقليمية ».
اضاف اسماعيل ايضاً: « فان هذه الادارة ينبغي لها ان تكون منسجمة مع الدستور المزمع كتابته ليكون أساسيا يمكن البناء عليه مستقبلا لتشهد المنطقة استقرارا، وان تشارك فيها كافة القوى والفعاليات الكوردية وابناء المنطقة عموما، كما انه من المفيد ان تلعب تلك الأطراف الدولية في ضمان التوافق الكوردي، والاعتماد على القوى السياسية الفعلية التي تملك المشروع السياسي، ومصلحة الشعب والمعبرة عن ارادة المجتمع الكوردي خصوصاً، ومنها حتما سيكون المجلس الوطني الكوردي حامل المشروع القومي الكوردي برؤيته السياسية وكوادره وفعالياته دور ايجابي وهام في هذا المجال ».
تابع اسماعيل: « وكما نتطلع الى دور مهم ومؤثر للإخوة في اقليم كوردستان وبالأخص سيادة الرئيس مسعود البارزاني في احياء التقارب الكوردي كضامن اساسي وموثوق في هذا الصدد ».
وحدة الصف الكوردي تكفل باستمالة الدول الكبرى إلى جانبهم ومساعدتهم
تحدث عبدالكريم محمد عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، حيث قال: « بالنسبة للتهديدات، لا يمكن لتركيا ولا النظام من تنفيذ تهديداتها دون
اتفاق مع أمريكا، سيكون هذه التهديدات بدون معنى وشبه مستحيلة ».
تابع محمد: « أما بالنسبة للاجتماع الرباعي بين روسيا وفرنسا والمانيا وتركيا، أرى ان كل اجتماع اذا انعقد من أجل انهاء الازمة السورية نحن معها وليس تدخل في شؤون المناطق الكوردي. نحن كـ“شعب كوردي“ – ذقنا مختلف أنواع الظلم والقهر من قبل النظام السوري- مع القمة الرباعية ان كان من أجل كيفية عودة السوريين إلى وطنهم وإيقاف حالة الحرب، فباعتقادي لن يستطيعوا تنفيذ أي قرار دون ان يكون لأمريكا دور فيها، لذلك ليس هناك خطر على المناطق الكوردية، وان كان هذا الاجتماع من أجل الدستور واللجنة الدستورية خطوة ايجابية، أما إذا كان من اجل التدخل في شرقي فرات وخلق عدم الاستقرار في المناطق الكوردية، انا استبعد ذلك دون اتفاق مع امريكا، وغير ذلك أمريكا لن تسمح بالتدخل أي دولة في مناطق نفوذها ».
اضاف محمد: « مستقبل المنطقة الكوردية – أي في عفرين وكوباني والجزيرة عامة – مرتبط بمصلحة الدول الكبرى خاصة أمريكا، اذا امريكا لم تقم بسحب قواتها من المنطقة حتى وضع حلول ووضع دستور وحتى المرحلة الانتقالية وإقامة نظام لا مركزي ديمقراطي فيدرالي لن استبعد حلول جدي خلال المستقبل القريب، والكورد ضمن هذه الحلول في الحصول على حقوقهم، وارى المستقبل للكورد بدليل لجنة العلاقات للمجلس الوطني ووفدها ضمن المفاوضات التي تتنقل في كل مكان من اجل ايصال صوت الشعب الكوردي للمحافل الدولية ».
تابع محمد ايضا: « النقاط المهمة التي يتطلب من الحركة الكوردية، اولا الطرف الأوحد لا يمكن ان تقوم بالإدارة في المناطق الكوردية، فيتطلب من القوى الكوردية وحدة الصف، وانهاء جميع الممارسات اللامسؤولة من قبل ب ي د وفتح مكاتب احزاب المجلس الوطني، وانهاء ملف الاعتقالات وعدم ملاحقة المناضلين والنشطاء، وجلوس الطرفين لإنهاء التشرذم وإيجاد طرق للحصول من خلالها على الحقوق المشروعة للكورد. وخلق جو من الثقة والطمأنينة، ووضع مصلحة الكورد بالمرتبة العليا، فبذلك يكفل ويضمن بإبعاد الخوف والخطر من قبل الكتائب والمنظمات الارهابية والشوفينية عن المناطق الكوردية ولن يستطيعوا التأثير على مناطقهم. فوحدة الصف يكفل باستمالة الدول الكبرى إلى جانبهم ومساعدتهم».
النظام السوري وتركيا لن يستطيعا تنفيذ تهديداتهما اذا لم يتوفر لهما الأجواء الدولية
تحدث محمد علي ابراهيم عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا، حيث قال: « نعلم جميعا لم يكن باستطاعة النظام التغلب على الثورة السلمية في سوريا لولا الاستنجاد وتدخل إيران وميليشيات حزب الله اللبناني وفيما بعد التدخل الروسي الذي غير كفة الميزان لصالح النظام، وما التهديدات من قبل النظام إلا استقواء بالروس، اما التهديدات التركية فهي قائمة منذ السنوات الأولى من الثورة السورية. النظام السوري وتركيا تهديداتهم مستمرة على الدوام إلا أنهما لن يستطيعوا تنفيذ تهديداتهم بقيد أنملة اذا لم يتوفر لهما الأجواء الدولية وحصولهما على الضوء الأخضر ضمن تفاهمات توافقات حيث مصالح واجندات تلك الدولة ».
تابع ابراهيم: «على الرغم من إصدار بيان مشترك من الدول الأربعة بشأن الوضع في سوريا لا يعني التوافق الكلي بل هناك خلافات جوهرية بين الدول الأربعة حول مستقبل سوريا وإيجاد آليات للحل السياسي، والخلافات ان لم يكن على ثلاث اطراف في القمة بالتأكيد بين طرفين ورأيين مختلفين، والاختلاف على ترتيب الأولويات بشأن الوضع السوري وتشخيص تلك الأولويات، ك القضاء على داعش والارهاب- وضع الدستور- وموقف النظام من آلية وضع دستور جديد ام تعديل الدستور السوري؟ من يرأس لجنة الدستور؟، إعادة إعمار – الموقف من بقاء ايران- ونقاط أخرى كلها قضايا خلافية لم يتفق عليها الدول الأربعة بل على القاسم المشترك الا وهو (الحل السياسي) لكن ما هي الآليات؟، وحيث لكل منهم موقف حول المستقبل السوري، قد يتفق موقفي المانيا وفرنسا إلى حد ما حيث الموقف الأوربي الذي لا يذهب بعيدا عن الموقف الأمريكي، اما تركيا لها موقف مختلف والأكثر خلافا هو الموقف الروسي الذي يسعى إلى تسويق قمم سوتشي واستانة كبديل ».
اضاف ابراهيم: « بالرغم من خصوصية الوضع الكوردي في سوريا حيث وجود قضية كوردية في سوريا منذ تأسيس الدولة السورية والحرمان الذي تعرض له الكورد كونهم قومية ثانية في البلاد، إلا أن الوضع الكوردي كقضية أساسية من قضايا البلاد ليست بمعزل عن الوضع السوري العام، ويتعرض إلى ضغوطات داخلية ومن بعض الدول الإقليمية التي تتنكر دائما الوجود الكوردي كقضية أرض وشعب (تركيا- ايران)، قد يكونوا حجرة عثرة امام تحقيق طموحات الشعب الكوردي لكنهم ليس بمقدورهم حجب الضوء على معاناة وحقوق هذا الشعب امام التغيرات التي ستحدث في سوريا، بدءا من الدستور المرتقب كتابته بمشاركة دول ومنظمات حقوقية وقانونية دولية ».
تابع ابراهيم ايضا: « بكل أسف عندما نتحدث عن التهديدات المحدقة على الكورد وقضيتهم العادلة على الساحة الكوردستانية نلجأ إلى استعراض ما العمل من أجل الحماية ودرء الخطر؟ يتبادر دائما إلى أذهاننا وحدة الصف الكوردي، ورص الصفوف لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، الا اننا نصطدم برأي مخالف بعيد عن الكوردايتي رغم ادعائهم بذلك، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك ألا وهو إنهاء الحياة السياسية في كوردستان سوريا، كل ذلك انعكست سلبا على الموقف الكوردي على المستويين الإقليمي والدولي. عليهم أي (ب ي د) مراجعة سياساتها الفاشلة والعودة إلى جادة الصواب، ونتيجة لهذا الواقع الذي يعاني منه الكورد على المجلس الوطني الكوردي المزيد من التحرك والنشاط على مختلف الصعد والمستويين الإقليمي والدولي لاسيما في هذه المرحلة الحساسة حيث الوضع السوري في مراحلها النهائية بوضع دستور جديد للبلاد، لابد أن تكون الدبلوماسية الكوردية قد وضعت لها بصمات حيث الاعتراف الدستوري بوجود المكون الكوردي في سوريا ».
اقليم كوردستان بقيادة البارزاني له دور في تصحيح اتجاه البوصلة لصالح الكورد
تحدث عبدالرحمن كلو- سياسي-، حيث قال: « بخصوص التهديدات التركية والسورية لا يمكن الأخذ بها محمل الجد، لأن الحالة السورية باتت تتحرك وفق مفصلين أساسيين وهي روسيا وأمريكا، ولا يمكن لأية قوة أخرى دولية أو إقليمية أن تتحرك دون التنسيق او التوافق مع الولايات المتحدة الأمريكية او مع روسيا أو مع كليهما معاً كما حدث في عفرين، كما أننا نتذكر تهديدات النظام باجتياح إدلب، وفي حينها قلنا لن تكون هناك حرب في إدلب إلا بتوافق روسي تركي، وهكذا فبغياب أمريكا عن أي اجتماع أو لقاء بخصوص شرقي الفرات من الحالة السورية يمكن اعتباره لاغيا أو لا قيمة له ».
اضاف كلو: « عليه يمكن القول ان القمة الرباعية وأية قمة لا يمكنها أن تغير من المعادلة السورية بشيء بغياب الطرف الأمريكي هذا من حيث المبدأ، لكن يجب التنويه ان الوضع مختلف في هذه القمة رغم غياب الطرف الأمريكي، لأن أمريكا في هذه القمة كانت الحاضرة الغائبة، أي رغم عدم حضورها الرسمي كانت حاضرة في نفس الوقت عن طريق حليفتها فرنسا، وهذا ما يعطي للقمة اهمية اكبر بالنسبة للقاءات السابقة، والأمر الآخر الجدير بالتذكير هو غياب الطرف الإيراني، أي ان التفاهمات تجري بعيدة عن المصالح الإيرانية واجنداتها في سوريا وهذا هو الإيجابي في اللقاء، إضافة إلى الحضور الألماني الذي يعني مناقشة وضع اللاجئين في الداخل والخارج والجوانب الإنسانية في الأزمة، وهو الأهم للسوريين والاوربيين على حد سواء في هذه المرحلة ».
تابع كلو: « بالنسبة لمستقبل المنطقة أعتقد أن الأمور تقترب من النهايات، خاصة بعد تحييد الدور الإيراني وهذا ما سيظهر بشكل أوضح بعد ٤ نوفمبر تاريخ تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات على إيران، وهو بداية هبوط المسار المنحني البياني لفعاليات الايراني في سوريا والعراق، وعموماً سوريا مقسمة فعلياً إلى مناطق نفوذ روسية وأمريكية مع تفاهمات إسرائيلية في الجنوب، وتفاهمات تركية في الشمال ومنطقة النفوذ الأمريكية ستدخل مرحلة انتقالية قد تمتد لسنوات، ستعتمد فيها أمريكا على لوحة سياسية جديدة تكون من صناعتها هي في المنطقة غير اللوحة التقليدية الحالية، ولن تسمح لتركيا بالتدخل في شرقي الفرات من الشمال السوري إلا في المسائل التي تتعلق بـ PKK . وسيتفق الطرفان على حلول وسطية ترضي الطرفين ».
تابع كلو ايضا: « بكل الأحوال لا أعتقد ان الحركة السياسية الكوردية مؤهلة لتكون شريكة في أية سيناريو مستقبلي بخصوص شرقي الفرات او شمال سوريا، فهي تفتقر إلى الحد الأدنى من الحالة المؤسساتية في مواجهة مؤسسات أمنية وعسكرية وسياسية عملاقة (معادلة غير متكافئة) يبقى التعويل على اقليم كوردستان بقيادة الرئيس مسعود البارزاني الذي هو أحد حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الأساسيين في الشرق الأوسط، لذا يمكنه أن يلعب دورا مهما في تصحيح اتجاه البوصلة ».
التعليقات مغلقة.