محمود عباس: مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً الجزء “التاسع والثلاثون”..
قراءة في كتابه: التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية.
التكرار والتناقضات:
تتمة لما ذكرناه في الحلقة السابقة، حول ما يبتغيه الكاتب من الحوادث المعروضة في الصفحات (701-702) وهوامشها بمنهجيته، للطعن في الشخصيات الكوردية المعروفة في التاريخ السوري، بإبراز دور الذين تنصلوا من كورديتهم وتحت حجج مختلفة، ومنهم، كما نوهنا سابقا، النائب علي بوظو، الذي شذ عن عائلته الكوردية المعروفة، واستعرب ربما لغاية ذاتية، بعكس البقية من آل بوظو، مركزاً على قضية طلبه من البرلمان، بمنع تسجيل الكورد في الجزيرة، تحت حجة الهجرة من تركيا، وإهمال الدوائر المدنية المعنية بالأمر في المنطقة الكوردية( حسب مصادر الكاتب) وأوضاعها المزرية، ويحاول التغطية على أصوله القومية بالبعد الوطني، والتي وفق فيها البرلماني قبل الكاتب، وتمكن بعد سنوات طوال من هذه المسيرة المشوهة الحصول على منصب وزير الداخلية (علي بوظو من أحدى الشخصيات الكوردية نسبة أو انتهازية، التي لاءمت الكاتب والسلطات المحرضة له، بالتركيز وتسليط الضوء عليهم دون الأخرين، ونشر أفعالهم ضمن هذا الكتاب الموبوء) المسيرة التي بدأت بتحوله من حزب الشعب إلى الناصرية ويقال فيما بعد إلى حزب البعث، وكان وراء تغيير أسم حارة الأكراد، التي هو منها، إلى ركن الدين، عندما كان وزيرا للداخلية. مع ذلك لا يخفى أن انتقاده السابق لدوائر السجل المدني يحمل صفة وطنية، على خلفية الوضع المزري لمكاتبها وسجلاتها قبل أن تكون لعمليات تسجيل الكورد.
وهذه الأخيرة هي التي كانت محور مداخلات حزب الشعب والبعث وتناولها النائب بوظو كأحد أعضاء الحزب، ولا يغفر له كسياسي من أصول كوردية، وخرج عن نطاق العائلة، وعلى أثرها ازداد الشرخ بينه، وبين كورد الحي والعائلة، وهي التي كانت السبب في المشادة السياسية بينه كعضو من حزب عروبي وبين النائب محمد إسماعيل باشا الملي، كما وتحدث حينها في هاتين القضيتين (تسجيل الكةرد ومراكز التسجيل المدني) الوزير (محمد كرد علي) بعد زيارة تفتيشية إلى منطقة الجزيرة، الذين وصفهم النائب بالمتسللين لأنهم كانوا في خطر على الجانب الأخر من الحدود المتشكلة حديثا والمرفوضة كورديا، أو كما يقول الكاتب على لسانه “” من غير المرغوب فيهم” في تركيا”” وهي حقيقية، لأن الكورد كانوا يعاونون المر على طرفي الحدود المصطنعة، ويوردهم كمثال لأنهم كانوا يشكلون الديمغرافية شبه المطلقة في المنطقة حتى تلك الفترة الزمنية أي بداية الخمسينيات، والتي كان من الواجب أن تقوم الدوائر بخدمتهم.
وفي الواقع أعضاء حزب الشعب والبعث هم الذين أثاروا هذه القضية وهم كانوا وراء التعامل السافر من قبل دوائر السجلات المدنية، والمراقبة من قبل المربعات الأمنية لعمليات الإحصاء وتجريد الكورد من الجنسية، ولا يستبعد أن يكون أعضاء حزب الشعب هم الذين حرضوا السيد بوظو المنسلخ عن قوميته كحالة شاذة بين آل بوظو، للقيام بهذه المهمة والطعن في مراكز السجلات أو مواجهة السيد محمد إسماعيل باشا الملي، لينحصر الخلاف بين الكورد، وهي نفس الخباثة المستخدمة الأن من قبل السلطات العنصرية الحالية، التي تجند العديد من الكتاب والمثقفين العروبيين لهذه المهمة، بينهم البعض من أبناء عشائر منطقة الجزيرة. كم نتمنى لهؤلاء بالتحديد أن يستيقظوا على ما تم تكليفهم به، ومنها: خلق الخلافات بين العائلات الكوردية- الكوردية، والكوردية -العربية، وإثارة النعرات العنصرية في جنوب غربي كوردستان تحت غطاء الوطنية السورية.
هذا الكاتب إلى جانب شريحة من المثقفين العرب (ومن بينهم ثلة من أبناء منطقة الجزيرة العارضين ذاتهم ككتاب أو باحثين في تاريخ المنطقة أو محللين سياسيين، المتنقلين أو فرزوا وبتخطيط، خلال العقد الأخير من حضن الأحزاب العروبية العنصرية كالبعث والناصرية وغيرهما إلى أحضان المنظمات التكفيرية الإسلامية العروبية كداعش والنصرة وجيش الإسلام تحت ادعاء المعارضة أو الثورة، أو إحياء العروبة، والعائدين أو المرتدين ثانية إلى أحضان سلطة الأسد أو البعث) بتهجمهم على الكورد ومحاولات تشويه تاريخهم، وتنسيب جغرافيتهم إلى جغرافية الدول الإقليمية المحتلة، في الواقع يطعنون في القومية العربية وينتهكون حرمة الإسلام كدين جامع، معظمهم يحملون ثقافة مغرضة، مغلفة بعباءة الوطنية، مخلفات السلطات الاستبدادية الملغية للأخر، حيث النهج الانتهازي لمراكز القوى، بل وحتى أنهم ينافقون على مصير شعوبهم، باعوا ويبيعون الوطن السوري والعروبة للسلطات الإقليمية كأئمة ولاية الفقيه أو لأردوغان لمصلحة ذاتية أو كرها بالكرد، وهي نفس المسيرة التي تم فيها تقديم اسكندرونه لأتاتورك سابقا وتخلوا عنها لأردوغان في السنوات الماضية، وسوريا والعراق ولبنان حاليا لأئمة ولاية الفقيه.
هذه الشريحة أصبحت أكثر من معروفة على الساحتين الثقافية والسياسية، وفي الإعلام، وهي تستخدم كل المصطلحات الوطنية والقومية العربية، ومتأخرا الإسلام العروبي، وتدمجهما عندما تدعي الضرورة، للتغطية على: أحقادها نحو الشعوب الأخرى وجلها ضد الكورد، وتسخر كل طاقاتها للسلطات الإقليمية تحت حجة الحلف السني أو الشيعي.
28- يكرر في الهامش (64) ما ورد في المتن من الصفحة ذاتها (679) حول محاولات الحكومات السورية بعد الاستقلال وخاصة في الخمسينات زيادة نسبة السكان في سوريا وذلك بحض المرأة على الإنجاب الخصب، في الوقت الذي كانت فيه نفس السلطات وأحزابها وأعضاء البرلمان العروبيين منهم يخططون للحض من تزايد الديمغرافية الكوردية في الجزيرة تحت حجة الهجرة غير الشرعية بين تركيا وسوريا، والحد من تسجيلهم في دوائر السجلات المدنية، ودفعوا بالكثيرين على الهجرة من الجزيرة، أو حاولوا تهجيرهم، وبأساليب متنوعة، رغم انعدام شبه التام، في تلك الفترة وحتى السبعينات من القرن الماضي، للديمغرافية العربية في المنطقة، في الوقت الذي كان فيه السريان والأشوريون والكلدان المسيحيون محافظين على هويتهم القومية الخاصة ويفتخرون بها، وبالتالي لم يكن محسوبين على الديمغرافية العربية، قبل أن يجرون إلى الهوية العروبية أو يستعربوا. والكاتب هنا يدافع عن عنصرية الحكومة وأعضاء من البرلمان الذين كانوا يحرضون السلطة للحد من استقرار الكورد في مناطقهم في المرحلة اللاحقة للفصل السياسي بين جزئي كوردستان، وتم على أثرها إبعاد العائلات والعشائر الكوردية عن بعضها ما بين طرفي الحدود، عارضا مفاهيمه وتحليلاته حول التنقلات الكوردية على جدليته الخاصة وهي الحضور المفرغ منه وبمطلقه لسوريا العربية وتركيا الكمالية…
يتبع…
التعليقات مغلقة.