منذ أسابيع بدأت تدق طبول معركة أدلب بين بقايا الفصائل المسلحة الموالية للحكومة التركية و النظام السوري التابع للحليفين الإيراني و الروسي فبدأت تلك الفصائل تعلن عن جاهزيتها لخوض المعركة فيما إذا هوجمت و تحضيرا لذلك حفرت الأنفاق و أقامت السواتر الترابية متوعدة بإلحاق الخسائر بالقوات التابعة للنظام السوري و حلفائها و تعتبر معركة أدلب هي الحاسمة و الأخيرة لتلك الفصائل آخذين بعين الإعتبار الإنتصار او الموت لكن الحقيقة لا ملاذ لهم باق حتى يفكروا بالإنتقال إليها , بالمقابل فإن النظام السوري يريد إنهاء الصراع في آخر بقعة تتواجد فيها تلك الفصائل المعارضة و الموالية للحكومة التركية و دك معاقلها بعدما جمعتهم من مختلف المناطق السورية عبر صفقات مشبوهة تمت بين بعض العناصر من تلك الفصائل و القوات الروسية و يشاطره في الرأي بخوض المعركة النظام الإيراني الذي يؤجج الصراع أكثر فأكثر للتغطية على القرار الأمريكي المطالب بإنسحاب كامل القوات الإيرانية من الأراضي السورية و من أجل تعويض ما خسرتها من أموال من أجل بقاء رأس النظام السوري الضامن لتعويض ما تم إنفاقها و فرض أمر الواقع و الإعتراف الرسمي بوجودها على الأراضي السورية دوليا و إبعاد الطلب الأمريكي عن مجالات الشك و المساومة و الدخول في مرحلة جني الأرباح من خلال مشروع إعادة إعمار المنطقة و كذلك الإستثمار في مجال النفط و إحتكار طرق و مفاصل التجارة الدولية .
النظام التركي بدوره سيحاول جاهدا لإبطال مفعول القنبلة الموقوته التي ستنفجر عاجلا أم آجلا في أدلب لتحقيق بعض الأهداف التي تؤمن مصالحها الأستراتيجية بغض النظر عن التنازلات و المساومات التي ستقدمها للدول الراعية و الضامنة التي أجتمعت معها سوية في استانة و العمل على تكريس مفهوم مناطق خفض التصعيد و لو بشكل مؤقت للحفاظ على ماء الوجه باعتبارها القوة الراعية و الضامنة و الداعمة لتلك الفصائل المسلحة في توسيع امبراطوريتها المزعومة معززا من خلاله تحقيق و ضمان الأمن القومي بالدرجة الأولى و لو كان هناك بعض التنازلات السياسية خارج مفهوم أمنها كالقرار المتخذ بحق هيئة تحرير الشام و إعتبارها منظمة إرهابية و لهذا فقد أكدت الحكومة التركية على أهمية تعاونها مع روسيا لضمان تأجيل تنفيذ القوات السورية _ الروسية للعملية العسكرية المزمع تنفيذها غدا مع إنتهاء القمة الثلاثية في إيران و الحيلولة بعدم القيام بعمليات تجهض مسار أستانة بل سيحاول الجانب التركي بتحويل الأنظار بإتجاه الخلاف التركي _ الأمريكي حول مناطق الشمال السوري بشكل عام و موضوع الدعم الذي يتلقاه الوحدات الحماية الشعبية المسماة زورا و بهتانا و انتحالا للشخصية الكردية من الجانب الأمريكي و محاولة إكتساب الدعم المعنوي لمواجهة الخطر المزعوم بما يخص إستقرار المنطقة و الحفاظ على وحدة الأراضي السورية و إظهار عدم إلتزام الجانب الأمريكي بما تم الإتفاق حوله واضعا بعين الاعتبار هدفها هو إخراج تلك الوحدات المسماة بالحماية الكردية إلى خارج الأراضي السورية لتعزيز الأمن و الإستقرار علما بأن طلائع تلك القوات و قياداتها الميدانية غادرت مواقعها في تركيا بناء على الطلب التركي بموجب إتفاق أبرم بين الحكومة التركية و حزب العمال الكردستاني في عام 2013 و لهذا فإن تلك القوات تستخدمها تركيا كشماعة لمحاربة لمحاربة القضية الكردية في عموم ساحات كردستان إضافة لتعزيز موقفها الداعي للتعاون ستشير الحكومة التركية إلى نقطة ثانية و هي بأن تلك الوحدات تبسط سيطرتها على مساحة واسعة من الأراضي السورية مقارنة بالمساحة التي يشغلها الفصائل المسلحة المحسوبة عليها و المنتشرة ضمن محافظة ادلب و لهذا فإن الحل حسب المفهوم التركي هو تأجيل العمل العسكري إلى مرحلة لاحقة و تبني بإنهاء خطورة تلك الفصائل بالنسبة الحليف الروسي و الضمان بعدم مهاجمتها و شن عمليات عسكرية على القاعدة الروسية في مطار حميميم و كذلك عدم إقترابها من المواقع العسكرية التي تنتشر فيها القوات السورية التابعة للنظام و ما إجتماعات الأسبوع الماضي بين ممثلي الحكومة التركية و الروسية أتت بنتائج مؤقتة مسكنة لعملية حتمية مميتة آجلا أم عاجلا لتلك الفصائل المسلحة في أدلب و التعهد التركي واضح لا لبس فيه بالعمل سوية و التعاون الأستخباراتي مع الحليفين الروسي و الإيراني لتحديد مواقع تلك الفصائل المسلحة الإرهابية حديثا بغية توجيه الضربات لها في القريب العاجل بحال عدم إلتزامها ببنود الإتفاقيات التي ستبرم في القمة الثلاثية .
* المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها .
|
التعليقات مغلقة.