عزالدين ملا
الشعب السوري ومنذ ثماني سنوات ينتقلون من دمارٍ إلى دمار دون ان يصل إلى بر الأمان. كَثُرت المؤتمرات وتعددت الأسماء، وتكثفت المفاوضات وتسويات وتحت شعارات براقة، ولكن بقي الشعب السوري على حاله، لا بل ازداد سوءً. وفي الآونة الأخيرة والحديث يدور حول وضع دستور جديد، وفي نفس الوقت يزداد عنف النظام السوري على مناطق جنوب سوريا وبمساعدة روسيا وغض طرف أمريكي، حيث بلغ عدد النازحين في تلك المناطق أكثر من 350 ألف نازح، وفي نفس الوقت أيضاً هناك حديث حول تشكيل لجنة دستورية. أما بالنسبة للكورد فقد أصبح المجلس الوطني الكوردي كيانا مستقبلا في الهيئة العليا للمفاوضات.
- إين تكون موقع المعارضة السورية من كل ذلك وفي هذا الوقت بالذات؟
- أمام هذا الوضع هل يمكن للمعارضة من فرض مواقفها وتطلعات الشعب السوري في الدستور الجديد؟
- حسب رأيكم، هل من الممكن ان يتوجه النظام نحو المناطق الكوردية بعد الانتهاء من جنوب سوريا؟
- كيف تحللون دور المجلس الوطني الكوردي في المرحلة القادمة بعد أن أصبح كيانا مستقلا في الهيئة العليا للمفاوضات؟
عرضنا هذه التساؤولات على عدد من السياسيين والمثقفين:
تحدث نافع بيرو عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا، بالقول: «التطورات التي حدثت في مسار الثورة السورية ومواقف الدول وتقاطع مصالحها بالإضافة الى سيطرة قوات النظام على مساحات واسعة من الارض وانحسار الاراضي التي كان يسيطر عليه الثوار بموجب تطبيق مناطق خفض التوتر. اضافة الى التوافق امريكي روسي غير المعلن، وتبدل مواقف مجمل الدول التي ساندت الثورة وخاصة تركيا ودول الخليج، والتي باتت السبب الرئيسي في مأساة الشعب السوري. وما نشهده اليوم في الجنوب السوري يدخل ضمن لعبة المصالح الاقليمية والدولية والتي من المتوقع ان تعم بقية المناطق السورية. كل ذلك اضعف المعارضة السورية، ولم تعد تمتلك القوة التي تؤهلها لفرض شروطها سواء في مفاوضاتها مع النظام او لجهة تمرير توجهاتها في الدستور المزمع كتابته».
تابع بيرو: «لم يتغيب النظام عن مناطق كوردستان سوريا حتى يعود اليها، فحتى عندما تظاهر النظام بانسحابه من هذه المناطق وتكليف PYD بإدارتها بموجب محاضر تسليم واستلام. نقول بالرغم من ذلك بقيت كافة مؤسسات الدولة الخدمية والامنية موجودة وتقوم بمهامها دون عراقيل، وحتى المؤسسات او المراكز التي انشاها PYD بموازاة مؤسسات النظام كان الهدف منها ابتزاز المواطنين الكورد حصرا وتهجيرهم وجني الضرائب وتهجير ونفي ممنهج لمعارضيها، وزج من بقي في السجون بهدف الرضوخ لسياساتها والقضاء على الحركة السياسية المطالبة بحقوق الكورد، كل ذلك حدث بتوافق مع توجهات النظام الرامية الى احداث تغيير ديمغرافي في كوردستان سوريا، وقد نجح PYD في ذلك الى حد بعيد».
اضاف بيرو: «لم يئن الاوان بعد لانتهاء الازمة السورية ونتوقع ان تستمر الازمة لوقت طويل، ولكن في النهاية يجب ان يكون الحل سياسيا. والمجلس الوطني هو الطرف الذي يجسد تطلعات الكورد، واستطاع منذ بداية الثورة ان يشارك في كافة المؤتمرات التي بحثت في الازمة السورية، وللمجلس الوطني علاقات مع الدول صاحبة القرار. ولعل لقاء لجنة علاقات المجلس منذ فترة قصيرة مع وزارة الخارجية الفرنسية، وكذلك اعتباره كيانا مستقلا في الهيئة العليا للمفاوضات ومشاركته في كتابة الدستور يؤكد ما ذهبنا اليه بان المجلس الوطني هو من يمثل كوردستان سوريا في المحافل الدولية كونه يمتلك الحاضنة الجماهيرية التي تؤهله للقيام بهذا الدور».
تحدث حواس عكيد قيادي في حركة الإصلاح الكوردي وعضو هيئة التفاوض في الائتلاف السوري، بالقول: «المعارضة السورية منذ البداية متمسكة ببيان جنيف1 وقرارات مجلس الامن المتعلقة بالوضع السوري ومنها القرار 2254، ومنذ مؤتمر جنيف 2 والمعارضة تعمل باتجاه الضغط لتنفيذ هذه القرارات. والكل يعلم ان الثورة السورية انطلقت بشكل سلمي مطالبة بالحرية والكرامة والمعارضة مستمرة في السعي لتحقيق اهداف الثورة بغض النظر عن تغير التوازنات لان المعارضة تمثل الشعب السوري الذي ثار في وجه الظلم، ونحن نعمل بشتى الوسائل لتنفيذ قرارات مجلس الامن».
تابع عكيد:« رغم جميع الضغوطات والقتل والتهجير الذي طال اكثر من نصف الشعب السوري الا ان المعارضة استطاعت ان تقاوم جميع تلك الظروف وتبني الأطر التي تساعدها على تبني موقف الشارع السوري وتطلعاته وتحافظ على مستوى مقبول من التجانس في تمثيل الشعب السوري بمختلف انتماءاته، وما يشاهد من اختلاف في موازين القوى على الارض هو ليس نتيجة لقوة النظام وسيطرته على الارض انما هو نتيجة اتفاقات دولية بين حليفي النظام ايران وروسيا والقوى الدولية ذات التأثير في الوضع الدولي والسوري، وعودة النظام الى بعض المناطق لا يعني انتهاء الثورة السورية فبالأصل كانت الثورة السورية سلمية وذات مطالب ستبقى الاوضاع ملتهبة بدون تحقيقها، فالمعارضة تستمد قوتها من الشعب المصمم على التغيير بالإضافة الى الاستناد على شرعية القرارات الدولية».
اضاف عكيد: «النظام ليس لديه القوة الكافية للسيطرة العسكرية على المناطق الكوردية لان الكل يعلم ان النظام لم يعد لديه سوى امكانيات عسكرية محدودة ولولا دعم ومساندة الروس والايرانيين والميليشيات التابعة لهم لما استطاع تحقيق اي تقدم عسكري في اي بقعة سورية, لكن الوضع في المناطق الكوردية يبقى رهن التفاهمات والمصالح والاتفاقيات الاقليمية والدولية».
تابع عكيد أيضاً: « المجلس الوطني الكوردي منذ تشكيله وهو يحمل الهم الكوردي والهم السوري العام وهو يعمل بكلوهو يعمل مع جميع القوى السياسية في المعارضة السورية وكذلك على المستوى الدولي لتحقيق تطلعات الشعب الكوردي في الحرية والكرامة والحقوق التي سلبت منه بعد هذه العقود من السنين, فالقضية الكوردية لم تعد محصورة بالشأن الداخلي السوري ولكنها تناقش في المحافل الدولية، ووجود المجلس الوطني الكوردي ككيان مستقل في هيئة المفاوضات بالإضافة الى تمثيله في وفد الائتلاف المفاوض، هو ثمرة النضال المتوازن للمجلس، وهذه الاستقلالية نعتبرها ارضية جيدة للبناء عليها على جميع المستويات وبلا شك سيفتح هذا التمثيل المستقل للمجلس ابوابا اوسع للعمل لتحقيق الحقوق القومية للشعب الكوردي وحقوق الشعب السوري بشكل عام، ومطلوب اليوم مساندة الوفد المفاوض ورفده بكل الطاقات والامكانات لتقويته على طاولة المفاوضات، لتضمين حقوق الشعب الكوردي كمكون اساسي في دستور سوريا المستقبل، ونحن سلمنا السيد ستيفان ديمستورا رؤيتنا حول ورقة المبادئ في جولة جنيف8 وتضمن رؤيتنا الإقرار الدستوري بالحقوق القومية للكورد واعتبار لغتهم لغة رسمية في مناطقها وإزالة السياسات الاستثنائية التي مورست بحق الكورد وتعويض المتضررين منها واعتبار قضية الكوردية جزء من القضية الوطنية السورية، وتم تعريف سوريا بأنها دولة متعددة القوميات والأديان».
تحدث عبدالله كدو عضو اللجنة المركزية في حزب يكيتي الكوردي في سوريا، بالقول: «الشعب السوري خلال سنوات الثورة تعرض لتدخل خارجي قل نظيره على مستوى العالم وعلى مر التاريخ لأسباب كثيرة منها موقع سوريا الجيوسياسي.
وبعد أن خذله معظم القوى الإقليمية والدولية المتنفذة ومنها مجموعة أصدقاء سوريا، وتوج كل ذلك بالتدخل الروسي المباشر باستدعاء من النظام. الآن المعارضة السورية تنحسر في مناطق ضيقة، وتشهد درعا “كآخر منطقة لخفض التوتر” معارك عنيفة، وقصف من قبل جيش النظام السوري وكذلك الطيران الروسي».
تابع كدو: «إزاء كل ما سبق، المعارضة السورية متمسكة بمقررات مؤتمر جنيف1 والقرارات الدولية الخاصة التي بنيت عليها تعمل على المشاركة في صياغة دستور جديد للبلاد التي تستند على مقررات مؤتمر رياض2، لتكون سوريا لكل السوريين على اختلاف قومياتهم ومعتقداتهم وتعترف بالقضية الكوردية كقضية وطنية».
اضاف كدو: «أما بالنسبة للمناطق الكوردية الواقعة شرق الفرات التي تديرها بشكل مشترك الحكومة السورية مع PYD وملحقاته الذي يلقى الدعم العسكري من امريكا وذلك لمحاربة داعش في هذه المنطقة، حيث قاتل في منبج والرقة ودير الزور ثم انسحب من معظمها لينزاح الى شرق الفرات، وهناك احتمال انسحاب امريكي من هذه المنطقة بالترافق مع تهديدات تركية لتطبيق نموذج منبج على طول حدودها مع سوريا».
اضاف كدو أيضا: «المجلس الوطني الكوردي بعد أن حصل على عضوية كيان مستقل كباقي منصات هيئة التفاوض يستطيع بذلك إيصال صوته بشكل مباشر لتثبيت أو رفض القرارات بما يفيد القضية».
تحدث جوان علي عضو هيئة السكرتاريا في اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني-روج آفا، بالقول: « بداية لا يسعنا ونحن نتحدث عن الثورة السورية وما آلت إليها الأحداث من خراب ودمار وشتات وقتل وتهجير إلا أن نقول سقط القناع عن زيف الادعاءات الدولية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، فقد ظهر المستور، وكشف المغيب في أروقة صناع القرار على جميع الأصعدة. وإذا ما بدأنا بالحديث عن المعارضة السورية وموقعها من الأحداث الجارية سنجد بأن هذه المعارضة لا تمثل شيئا سوى أنها أيقونة تعزف من خلالها الدول المحيطة بسورية والإقليمية الداعمة لها ماديا أهم ألحانها، وتحقق من خلالها رغباتها وسياساتها غير مبالين بدماء الشعب السوري».
اضاف علي: «المعارضة لا تملك تلك القوة العسكرية لتمكنها من فرض قرارات جريئة وقوية، وإن ملكتها فإنها لا تستطيع فرض قراراتها السياسية على هذه القوة كي تتحرك أو تتوقف بأمرتها.
لذلك لا اتوسم خيرا من هكذا معارضة أما فيما يتعلق بلجنة صياغة الدستور السوري الجديد، وعن أي دستور نتحدث، وكما هو واضح كثرت المنصات وكثرت المؤتمرات. فليصيغوا ما يصيغوه قدر ما يشاؤون لكن هل هم قادرون على إعادة ما خسره الشعب السوري من فلذات أكبادهم وهل هم قادرون على حماية وصيانة ما تبقى من كرامة المواطن السوري بشكل عام، وهذا ما لا اجده حاضرا في دستورهم القادم والمليء بالمفاجأة».
أما فيما يتعلق بالنظام وتوجهه إلى المناطق الكوردية، أردف علي قائلاً: «هذا أمر بديهي، فكلنا على يقين وعلى دراية تامة كيف تم الاستلام والتسليم بين النظام وPYD، وكما أن البندقية المأجورة ستعود إلى صاحبها يوما ما وقد آن أوان عودتها فقد أستطاع PYD تلبية متطلبات المرحلة بامتياز، فكانوا بذلك أفضل الحراس وأفضل من خدم النظام في وأد الثورة الكوردية في كوردستان سوريا على أقل تقدير، وشهدنا كيف تم تصفية المناضلين واعتقال آخرين ونفيهم، بالإضافة إلى حرق مكاتب الأحزاب أي بما معناه نجح هذا الحزب في إجهاض الثورة الكوردية بناء على رغبة أسيادهم في دمشق».
أما فيما يتعلق بالمجلس الوطني الكوردي كونه اصبح كيانا مستقلا أردف علي قائلاً: «لابد لنا من الاعتراف بأن هذه خطوة كانت لابد أن تتم منذ زمن، فالمجلس يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة مرتبطة بأرضهم، وعليه فأن دوره لابد أن يتبلور ويتمحور في كيفية صيانة حقوق الشعب الكوردي في الدستور السوري الجديد إن تم بالفعل صياغته، وأن لا يكون مطلبهم مخجلا او مخيبا لآمال جماهيره».
تحدث الناشط – عبداللطيف محمد امين موسى، بالقول: « منذ ثماني سنوات تُرِكَ الشعب السوري وحيدا يعاني ويدفع ثمن ذلك دماء شعبه من قتل وتشريد وتدمير على كل المستويات بل أصبحت الاراضي السورية بمثابة مختبرات وحقل تجارب لأفضل الأسلحة تطورا في العالم من قبل الروس والإيرانيين حيث عان الشعب ومازال يعاني كل أنواع القهر والحرمان والتشرد وتفكك، بل أدى ذلك الى تدمير أجيال كاملة عبر حرمانها من أبسط أنواع حقوقها من خلال أحداث شرخ في بنية المجتمع السوري، ومازالت آلة القتل الروسية تريد الاجهاز على ما تبقى من الشعب السوري عبر استخدام شتى أنواع الأسلحة في الجنوب السوري الأمر الذي أدى الى تشريد الألاف ومحاصرتهم في مناطق لا يتم استقبالهم ولا مساعدتهم».
تابع موسى: «في خضم كل هذا كثيراً ما كنا نسمع بأن الحل في سورية سياسي وسط الانقسام الحاد بين جميع اجزاء المعارضة، الانقسام الذي أستفاد منه جميع أعداء الشعب السوري بل كرسوا الخطط في سبيل تعزيز ذلك الانقسام، وفشلت أغلب المحاولات في توحيد المعارضة السورية بسبب تعنت الدول الغربية والعربية بمواقفها المتمثلة بتحقيق مصالحها في سورية».
اضاف موسى: «بذلت جهود كثيرة لتوحيد صف المعارضة السورية وتنظيم عملها السياسي والخروج بجبهة سياسية موحد استعدادا للاستحقاقات القادمة. ولكن للأسف لم تفضي لشيء لأنها كانت تصطدم مع مصالح الدول المشاركة في الازمة السورية. حيث عجرت المعارضة السورية وبكل أنواعها وانقساماتها أن تتفاعل مع كل تلك التطورات المتسارعة على الساحة الدولية وأن تستوعب كل ما يحصل على الساحة السورية من أجندات إقليمية، وعجزت عن تقديم تصور شامل ومنطقي يطرح آفاق الحل لخروج الشعب السوري من أزمته تلك».
أما بالنسبة لتشكيل اللجنة الدائمة لصياغة دستور جديد في سورية أردف موسى بالقول: «حسب تصوري هي من أولى الخطوات الصحيحة يُمَكن المعارضة السورية من الخروج بحل، وكما أن المعارضة مطالبة بوضع وتقديم صياغة مشتركة وتقديم وتصورات وأحداث رؤى للحل في سورية تراعي وتضمن جميع مطالب الشعب السوري عبر إعداد مسودة دستور حضاري تناسب الواقع السوري وتلبي جميع تطلعات وأمال الشعب تمكنه من الخروج من أزمته عبر أنهاء معانته».
تابع موسى أيضاً: «برأي التركيبة السلطوية الحاكمة في سورية وعبر الدعم المباشر من حلفاء النظام هذه العقلية ستمضي في توجهاتها عبر سلوك نفس المعادلة على جميع الاراضي السورية حيث سيتوجه النظام الى الشمال والشمال الشرقي في سورية حسب ما يستدل من تصريحات النظام السوري بأن ثمة ما يعد في الخفاء من عودة تلك المناطق الى سيطرة النظام، وما يعزز ذلك الاعتقاد تصريحات مسؤولي PYD عن قبولهم بالتفاوض مع النظام ومن دون أي شروط».
أضاف موسى أيضاً: «المجلس الوطني الكوردي وبعد أن أصبح كيانا مستقلا في الهيئة العليا للمفاوضات السورية يتطلب منه التحليل الدقيق للواقع يراعي ويلبي المصالح الكوردية والدول الإقليمية المهتمة بالشأن الكوردي في سورية عبر أنشاء ورش عمل اكاديمية مختصة للعمل على أعداد تصورات شاملة لآفاق الحل في المناطق الكوردية عبر الاستفادة من علاقتها الدبلوماسية الدولية وعرض القضية الكوردية وبشكل مدروس وممنهج واكاديمي، وإنشاء وثيقة تكون تصوراً للحل في المناطق الكوردية ».
التعليقات مغلقة.