المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني –سوريا ، عن شهر حزيران 2018 وحتى تاريخه ..

159

بعد التطورات الأخيرة المتتالية في الأزمة السورية ، بدءا من دعوة بوتين لرئيس النظام السوري ومرورا بتحركات ديمستورا وصولا إلى لقاء رياض ، يبدو بوضوح أن مخرجات مؤتمر سوتشي وبالأخص مسألة الهيئة الدستورية قد تقدمت ولاقت القبول المبدئي من لدن النظام والمعارضة على حد سواء ، حيث قدم كل طرف لائحته الخاصة بأسماء ممثليه ليتم اختيار الأنسب لهذه الهيئة ، كما يظهر أن المسودة الروسية في هذا الشأن قد لاقت الاهتمام ، ما يعني أن المشروع الروسي لحل الأزمة السورية يتقدم على سواه ولو بلبوس دولي وضمن حواضن المجتمع الدولي وقرار مجلس الأمن 2254 ومرجعية مؤتمرات جنيف ، وتتزامن المساعي الدبلوماسية في هذا الاتجاه مع تزايد حدة المعارك في مناطق درعا وحوران ما يعني إطلاق يد النظام وحلفائه الروس والإيرانيين فيها ، الأمر الذي يثير السخط والاستهجان مما يحصل في استكمال الدمار لتلك المناطق وقتل وتهجير المزيد من الأهالي عنها وسط صمت دولي مطبق ، وكأن النظام يعيد الترتيب لهيمنته على المقدرات من جديد ، وفي ذات الوقت يدأب على التواصل مع ما تسمى معارضة الداخل لتحركها باتجاه حلول شكلية استباقية عن المحافل الدولية وبدعم وتنسيق مع روسيا ..
وأمريكا منهمكة في دفع خطها الاستراتيجي في المنطقة إلى الأمام ، وفي المقدمة منها عزل إيران من سوريا بسحب ميليشياتها ونزع يدها عن التدخل في أزمات المنطقة أو المساهمة في تفاقمها واشتدادها ، وهناك مؤشرات لتعزيز القدرات الأمريكية في المنطقة بما تكفل حتى درجة المواجهة العسكرية إن اقتضى الأمر ذلك ، تتجلى هذه المؤشرات في بناء المزيد من القواعد العسكرية في المنطقة وخصوصا كردستان العراق ومناطق شرق الفرات التي لن تتخلى عنها كما يبدو سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها الدوليين والإقليميين ، هذا إلى جانب تعزيزات عسكرية عبر مناطق أخرى من العالم وفي محاذاة الحدود الإيرانية ..
وإيران لم تأبه ولا تبالي رغم كل ما يدور حولها في الداخل والخارج ، ففي الداخل ما تزال حركة الاحتجاج على أشدها وتنتقل من منطقة إلى أخرى ، هذا الى جانب تزايد حدة التضخم النقدي الهائل وتفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية التي أدت إلى نشوب صراعات بين القوى والتكتلات الحاكمة نفسها ، وفي الخارج فضلا عن الضغوط الدولية وفرض العقوبات اٌلاقتصادية ، هناك دعم متواصل لمعارضة الخارج ولاسيما ” مجاهدي خلق ” وكذلك حركة المقاومة الإيرانية التي عقدت مؤتمرها في باريس خلال شهر حزيران الجاري ، ما يعني أن هناك توافقات على استهداف النظام الإيراني لدرجة تغييره وأمريكا بشكل خاص تنشد هذا التغيير علنا و دون مواربة ..
أما تركيا فهي تسعى بكل ثقلها نحو ترتيب وضعها الداخلي من جديد بعض أن تعرضت لهزات قوية وأهمها محاولة الانقلاب العسكري الأخير الذي هدد كيان النظام التركي ، و قد ساعدت هذا الترتيب الانتخابات الأخيرة الرئاسية والبرلمانية والتي حولت مجرى التطور التركي إلى نظام رئاسي دون رئاسة الحكومة ، ما تم حصر الصلاحيات كاملة في يد رئيس الجمهورية الأمر الذي عزز دور ومكانة رجب طيب أردوغان ، وفي سياق التحول المذكور تسعى تركيا لاستعادة دورها مع حلفائها التقليديين ” أمريكا ودول الاتحاد الأوربي ” مع الاحتفاظ بدورها وعلاقاتها مع شركائها دول استانا ” روسيا وإيران ” بخصوص الأزمة السورية ، كما أنها لا تزال جاثمة في مدن وبلدات عفرين وهي عازمة على تجديد القتال مع حزب العمال الكردستاني ” p.k.k ” وأذرعها في الدول الأخرى وبما يشمل حتى حزب الشعوب الديمقراطي ” h.d.p “الذي فاز بمجموعة مقاعد في البرلمان التركي والذي كان رئيسه المعتقل ” صلاح الدين دمرتاش ” أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية ..
وفي العراق وإقليم كردستان ، ما تزال اللقاءات والمشاورات مستمرة بين الكتل البرلمانية حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وبانتظار الانتهاء من عمليات التدقيق في نتائج الانتخابات بغية الإعلان بشكل نهائي عن مقاعد الكتل الفائزة في الانتخابات ، ويبدو أن أربيل هي المحطة الأخيرة في هذه اللقاءات والمشاورات ، وفي جانب قيادة الإقليم فإنها تعمل بكل هدوء من أجل ترتيب الأوضاع الداخلية والسعي نحو تعزيز العلاقات مع دول الجوار وإعادة الاعتبار للعلاقة مع الدول الصديقة وخصوصا أمريكا التي تعزز تواجدها السياسي واللوجستي في الإقليم حيث تشيد قواعد عسكرية وتبدي الاهتمام الكبير بقوى البيشمركة واعتبارها قوة دولية رديفة لحلف الناتو مع تخصيص رواتب وإعانات لها لمدة عشرين عام ، هذا إلى جانب بناء قنصلية كبيرة يذكر أنها الأضخم في المنطقة ، ما يوحي أن كردستان جزء هام من استراتيجيتها المستقبلي .
وفي كردستان سوريا ، يطلق حزب الاتحاد الديمقراطي p.y.d دعوات لعقد مؤتمر قومي للحركة الكردية في سوريا بزعم توحيد المواقف والخطاب السياسي استعدادا للتحولات المرتقبة ، لكنه بنفس الوقت وبدل أن يسعى لتوفير الأجواء وتهيئة المناخات المناسبة لعقد المؤتمر المزعوم وبدل ذلك يشدد وتيرة سياسته المناوئة للمجلس الوطني الكردي في سوريا حيث الاعتقالات مستمرة ومكاتب ومقرات المجلس وأحزابه لا تزال مغلقة ، كما زاد الوضع سوءا باحتجاز منازل ذوي بعض قيادات المجلس دون أي وجه قانوني ، ما يعني أنه غير جدي في مسعاه من أجل وحدة الصف الكردي وموقفه وخطابه السياسي وبالتالي توحيد الرؤى حول ما يصبو إليه الشعب الكردي من الحقوق القومية والوطنية في غمرة اللقاءات والحوارات وخصوصا بشأن وضع دستور جديد للبلاد ، يبدو ان هذا الحراك هو للتغطية على الفشل السياسي والعسكري وخصوصا بعد الهزيمة التي مني بها في عفرين ومناطقها ..
أما المجلس الوطني الكردي في سوريا ، فإنه يمارس نشاطه بشكل اعتيادي ومتزن ، فهو مشارك نشيط في اللقاءات والمحافل الدولية سواء المتعلقة منها بالمفاوضات أو بالحوارات أو بوضع الآليات المناسبة ، وفي هذا السياق فقد حقق ما جعله مكون مستقل له ممثله في التفاوض إلى جانب ممثله من خلال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ، كما يكون له ممثل في الهيئة الدستورية ، ذلك إلى جانب نشاطات لجنة العلاقات الخارجية برئاسة رئيس المجلس سواء في روسيا الاتحادية أو بعض الدول الأوربية مثل فرنسا وقبلها بلجيكا والمانيا حيث كانت اللقاءات إيجابية في كل مرة سواء المتعلق منها بالشأن السوري أو الشأن الكردي أو بوضع عفرين ومعاناة أهلها ، أي أن المجلس قد حقق له دورا فاعلا في مجمل العلاقات بخصوص الحل السياسي للأزمة السورية ، وبذلك تكون كل القوى الوطنية الكردية في كردستان سوريا مدعوة لدعم المجلس وموقفه ومساعيه بغية توحيد الصف الكردي وعلى طريق بناء سوريا المستقبل كدولة اتحادية ذات نظام ديمقراطي برلماني ينعم فيها المكونات السورية كافة بحقوقها القومية والوطنية وفق العهود والمواثيق الدولية ..
9 / 7 / 2018 
المكتب السياسي

التعليقات مغلقة.