خالد إبراهيم: “نريد الحياة”..
استيقظ وانهض من أعماقي الجافة، واجرح كَبد الحقيقة، وغني للريح والهدوء والعتمة، سافر عبر أمواج السكون وكُن كأشرعة السفن البيضاء، وانظر عبر ثقب زجاج نافذكَ المطلة نحو حديقة عمركَ المُتعب.
احتسي مرارة قهوتكَ الصباحية وحيداً بلا أخطاء أو ندوب تلتف حولها الطحالب وخيوط العنكبوت المسائية، كُن كجريدة معبئةً بأخبار الغياب والقتل والترحال، كُن أنا ولا تخف أيها الموت.
أنا الذي قتل نفسه دون أن يَشعر بكَ أيها الجبان المجبول بلعاب مليء بصدأ وتاريخ السنوات العِجاف، تعال لِنوقع عقدا مبرماً أسمه الخذلان وفجيعة الجَيفِ وذهول النمل والجراد على جسد الحقيقة.
قم، سر، غني لي وحدي، غني واسمع أصوات الكمنجات عِندَ ذلك النهر البسيط كدموع طفل يتعربش بجدائل أمه التي تشبه جذور التين النابت على سطح تلةً تدعى طفولتنا الحدباء.
انهض بهدوء الغريق أيها المُتعالي على أحذية زمنٍ مُتعب، امسح زجاج غروركَ أمام هول وحقيقة المجازر التي تشبه منفاي، كُن جريئاً لمرة واحدة ولا تأتي بغير موعدا أو شهود عيان، ولا تَنهش لحم الضعيف الميت وأنتَ المُبتسم مثل العاشق السكران على ضفاف الراين.
دع الأرواح تتراقص على ضفاف دجلة والفرات والخابور، دعكَ من صكوك اللصوص ومزوري الحروب وقاتلي الأحلام، دع كل شيء على حاله واجمع تلكَ التراكمات واقذفها خارج ثقوب قلبي.
اهدأ، أشعل سيجارة من روح عنيدة مثلي، وتحدث إلى ها هنا، ألا تراني بكل هدوء أجمع اجزائي المبعثرة وأضحك بقوةِ الخاسر دائما وابداً.
جميلٌ أنت أيها الموت سيد المساء وتاج الأمنيات، بادلني الأدوار ولا تتردد تعال ننفخ في الحياة روح التحدي تعال بِلا عكازة أو صندل، تعال بِلا حقائب فلا وقت لدي كي أنجو من نفسي، تعال لنجلد هذا الكوكب بسوط الأمل، تعال ننشأ الحدائق والبساتين والحقول، تعال لنقول للطفل أنت الله وكُل شيء، تعال وأشعل لي سيجارة ولطخ جسدي برائحة التربة الحمراء ولا تخف، كُن مقبرةً تجتمع حولها الأزهار وضحكة قد نسيت لِمن تكون.
لِمن ومع من أتكلم ولماذا أهدرُ وقتي وأصفف الكلمات عقدا جميلا مطرزا بالأمل؟
أعلمُ أنك غدارٌ، ربما مثل رصاصة طائشة، ربما مثل ثقبٍ في سفينةٍ هاربةٍ ببعضِ المهجرين، ربما مثل سكينٍ بيد صعلوكِ لا يحترم قوانين الله، أو طعنة خنجر تنز ألما في ليالي الفجر الحمراء.
لا تغدر بي وقف أمامي مثل هذا الوجع الذي يضم ملايين الأرواح.
التعليقات مغلقة.