بعد انتفاضة الشعب الإيراني المنتصرة ضد الفاشية الدينية الحاكمة والتحولات التي شهدنا استمرارها على المستوى الاقليمي والدولي لم يكن من البعيد توقع أن يقوم الولي الفقيه من أجل أن يمد في حياته التي شارفت على الانتهاء بتوجيه حلفائه وعملائه لانكار وجود البديل الديمقراطي والمتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ولصنع نحت بديلة مضحكة بهدف حرف الرأي العام. ولكن في الحقيقة من هم هؤلاء المنكرون لهذه الحقيقة الواضحة والجلية؟
اذا نظرنا بقدر منصف وعادل مع قليل من المنطق إلى صورة القضية الإيرانية ذات الأربع عقود الماضية سنجد بوضوح أن هناك حربا كانت تجري ومازالت بين جبهتين متعاديتين.هما الحكم الديني والقوة المسقطة للحكم الديني. نظام ولاية الفقيه الديني والقوى الشعبية الحقيقية التي نزلت إلى الساحات وظهرت في المشهد قبل ٣٧ سنة ماضية بشعارات إسقاط هذه الحكومة وقدمت في سبيلها ثمنا باهظا.
لقد سجل التاريخ الإيراني بأن أول قوة وقفت ضد نظام الملالي ولم تصوت لدستوره واستهدفت مبدأ ولاية الفقيه هي نفسها تلك القوة التي وضعت أمامها خيارات السجن والتعذيب والقتل والاستشهاد في نضالها ضد النظام الاستبدادي المعروف بالبهلوي (نظام الشاه) وكانت أول ثمارها ونتائجها هي إسقاط نظام محمد رضا شاه بهلوي في عام ١٩٧٩.
هذه القوة التي تسمى مجاهدي خلق و تم تأسيسها من قبل محمد حنيف نجاد ورفاقه في عام ١٩٦٤ وضعت حجر الأساس للجبهة الديمقراطية الثورية التي تشكل على أساسها اسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومع تشكيل هذا المجلس تشكل البديل الديمقراطي الذي نتحدث عنه في مقابل نظام الملالي.
يعتبر هذا المجلس أقدم ائتلاف سياسي في تاريخ إيران وبعد مضي ٣٧ عاما على تأسيسه من قبل السيد مسعود رجوي يعتبر أشهر وأكبر قوة وبحسب قول البعض يعتبر القوة الوحيدة الحقيقية الموجودة من أجل إسقاط نظام الملالي. لأنه على مدى الأربع عقود الماضية بقي ثابتا بشكل مستمر على خطه السياسي والاستراتيجي ولم ينحرف أو يبتعد أبدا عن مطلب إسقاط نظام الملالي.
الآن بعد الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني تغيرت الظروف المحيطة ودفعت المجتمع الدولي لأول مرة للاعتراف بمطالب الشعب الإيراني واستراتيجية المقاومة الإيرانية الثابتة والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني فمن الطبيعي جدا أن يتخذ عملاء كل من النظامين الدكتاتوريين (الشاه و الملالي) بشكل هستري هذا البديل الديمقراطي عدوا لهم.
لأن بقايا نظام الشاه الديكتاتوري يرون أنفسهم بأم أعينهم أنهم عبارة عن ورقة محروقة لا أكثر وكذلك عملاء نظام الملالي أيضا يرون بأن سقوطهم على يد الشعب والمقاومة الإيرانية مسئلة وقت لا أكثر. وهنا طبعا هناك البعض الذين لديهم مصالح ومنافع من بقاء الديكتاتور الحالي أو لايمكلون الجرأة والشهامة للاعتراف بهذه الحقيقة لذلك اختار بعضهم الصمت والسكوت مسبقا والبعض الآخر تناغم من المجموعتين الاوليتين.
الحقيقية هي أن مشروعية أربع عقود من النضال المستمر للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لم تترك أي خلفية أو أرضية لنجاح المؤامرات الاستعمارية والرجعية في خلق البدائل المصطنعة والمنحوتة على القياس لأن البديل الديمقراطي الحقيقي يملك لنفسه قوانين وأسس راسخة ومحكمة حيث يمكن القول وبكل جرأة بأنها تتمثل وتتجلى فقط في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
بما في ذلك وجود قوة مخلصة مضحية مقاتلة وتمتلك خبرة طويلة، انتفضت من الشعب ومن اجل الشعب، مستقلة وبالأخص ماليا وبالاعتماد على شعبها، متكونة من هيكل ديمقراطي، تتمتع بقيادة وانسجام واعتراف في داخل إيران وخارجها، تمتلك جهاز اداري وعرض للمرحلة الأولى بعد الإطاحة بنظام الملالي وأيضا منصة وبرامج معلنة من أجل إيران الحرة غدا تقدم فيه حلاً ديمقراطياً وتقدمياً لأهم مشاكل المجتمع. لذلك يتمتع هذا المجلس واعضائه في أسخن الاحداث والتحولات الكبيرة والصغيرة المتعلقة بإيران بقوة وصلابة وثبات خاص. وذلك لأن الثمن الذي دفعوه في الماضي من أجل تخليص ونصر شعبهم يمنع الأخرين من تجاهله وكذلك يمنع نجاح مؤامرات الاخرين ضد الشعب والمقاومة الإيرانية.
مثل هذه القوة تريد الآن عقد مؤتمرها السنوي الذي من المقرر عقده في يوم ٣٠ حزيران في باريس لتظهر للعالم أجمع من هو البديل الديمقراطي الحقيقي ولتظهر أيضا من هم اؤلئك الاشخاص الذين ارتدوا عبائة الربيع كذبا متخبئين بين أوراق الزهور وخلف أشجار الربيع.
إن مؤتمر الإيرانيين العظيم هذا العام سوف يكشف لنا زيف وبطلان كل القوى الكاذبة التي تدعي أنها قوى مسقطة لنظام ولاية الفقيه وكذلك ستكشف لنا المدعين الجشعين والطماعين و منتهزي الفرص والانبطاحيين.
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع
التعليقات مغلقة.