المجتمع الدولي..ومحاولات الانتقال إلى الحل السياسي.. الكورد بحاجة لوحدة الصف في هذه المرحلة المصيرية..
إعداد: عزالدين ملا كاتب وصحفي كوردي
المشهد السياسي السوري يتناغم حول كيفية الوصول إلى تسويات بين الدول أصحاب القرار( روسيا- أمريكا- فرنسا- بريطانيا)، وإزالة كافة العوائق مثل مطالبة أمريكا بقطع المد الإيراني في سوريا إرضاءً لإسرائيل، ومحاولات تركية بكل السبل لتأمين حدودها مع سوريا، ودخول فرنسا بشكل قوي في المشهد السوري ونشر قواتها في مناطق عدة في شمال وشرق سوريا.
تتوارد الأنباء حول محاولات لوضع دستور جديد للدولة السورية المستقبلية، والانتقال إلى العملية السياسية، وروسيا الواقفة على ذلك لتأمين والحفاظ على مصالحها في الساحل السوري، لذلك أُرسل إلى جميع القوى السورية لدراسة وتعديل وكيفية وضع هذا الدستور، فكان زيارة وفد العلاقات الخارجية برئاسة الإستاد سعود الملا للمجلس الوطني الكوردي إلى موسكو ضمن هذا الإطار.
كما تتناقل في الآونة الأخيرة أنباء حول محاولات للتقارب بين الأطراف الكوردية في كوردستان سوريا، وخاصة بين المجلس الوطني الكوردي وتف دم، وكما وان مؤتمر جنيف على الأبواب.
ولمعرفة المزيد قمنا باستمزاج آراء بعض السياسيين وطرحنا عليهم هذه الأسئلة:
1- كيف تحللون من خلال الرؤية السياسية كل ما يجري على الساحة السورية؟
2- هل هناك جدية حقيقية حول إنهاء الأزمة السورية حسب رأيكم الشخصي؟
3- كيف تقيمون زيارة المجلس الوطني الكوردي إلى موسكو؟
4- ما مدى صحة التقارب بين المجلس الوطني الكوردي وتف دم، وكيف ترون ذلك؟
لتحقيق التقارب بين الأطراف الكوردية لا بد من خلق مناخات حسن النية
تحدث عبدالصمد خلف برو عضو المكتب السياسي في الحزب اليكيتي الكوردي وعضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكوردي، بالقول: « كما هو معلوم ان سورية أصبحت ساحة مفتوحة للتدخلات الإقليمية والدولية، وميداناً لتصفية حسابات، سواء بالتدخل المباشر أو من خلال أدواتها على الأرض، وإمدادها بالمال والسلاح للاستمرار في حرب عبثية بالوكالة، استنزفت كل الطاقات وخلقت نوعاً من توازن الضعف بين القوى والفصائل المتصارعة لتمرير أجنداتها، وحرفت الثورة عن مسارها، وكانت سبباً في إطالة أمدها فبالتالي لم يعد الحل بيد السوريين نظاماً ومعارضةً، وعجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل سياسي خلال سبع سنوات عجاف من قتل وتشريد ودمار وعن التوافق بين كل هذه المتناقضات وبقيت كل تلك المؤتمرات وقراراتها حبراً على الورق لا تعكس ما يجري ميدانياً ».
أضاف برو: « الآن بعد الانتهاء من داعش تحول الصراع إلى تقاسم مناطق النفوذ بين أمريكا وروسيا وحلفائهما في المنطقة، واختزال المسألة في ما يسمى بغربي الفرات وشرقه، وما يجري على الأرض من تغيير ديمغرافي على أسس مذهبية وطائفية وقومية كما في الغوطة الشرقية وعفرين وغيرها من المناطق. الواقع على الأرض تفرض نفسها على الحل السياسي سواء في جنيف أو اسيتانا أو سوتشي ».
تابع برو: « الحديث عن صياغة مسودة الدستور توافقي لسوريا المستقبل لم يتضح معالمه في ظل رفض النظام والمعارضة لدولة اتحادية لا مركزية سياسية، كما غير واضح مدى جدية أمريكا في موقفها من إيران وتمددها في المنطقة ومسالة خروج القوات الأجنبية والميليشيات من سوريا وكذلك موضوع النظام وبقائه، جملة من التعقيدات الميدانية والسياسية فضلاً عن عدم جدية الإرادة الدولية التي تجعل المشهد السياسي في المدى المنظور غير واضح ».
وعن زيارة وفد المجلس إلى روسيا أردف برو: « كانت زيارة اعتيادية بروتوكولية لتبادل وجهات النظر والاستماع للآخر عن قرب حول قضايا عديدة منها شكل الدولة السورية المستقبلية من وضع الكورد والمكونات الأخرى وعفرين…إلخ ».
ونوه برو أيضاً: « نسمع عن محاولات من أجل التقارب، لكن لابد من خلق مناخات مثل حرية الممارسة السياسية والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وفتح المكاتب، وايجاد ضمانات ورعاية من أجل إعادة الثقة خدمةً لمصلحة شعبنا الكوردي ».
قضيتنا ليست ضد الاشخاص
تحدث نشأت ظاظا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بالقول: « في اعتقادي أي تحليل للوضع السوري بات ضرب من الخيال وذلك لجملة من الاسباب:
١- تقدم النظام في الكثير من الجبهات العسكرية على حساب المعارضة المسلحة بعد افتقاد المعارضة للحلفاء الحقيقيين وافتقارهم للدعم العسكري والسياسي كما السابق.
2- عودة النظام وحلفائه بترتيب اوراقهم الداخلية والخارجية على اسس المصالح المشتركة الإقليمية منها والدولية. وأخص هنا بعض المتداخلات على سبيل الذكر لا الحصر، فتركيا المتوجسة من القضية الكوردية بالأساس من جهة، وتخوفها من الPYD الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني المتواجد على طول شريطها الحدودي من جهة أخرى، تجعل منه ان تفكر مئة مرة في إعطاء الدعم العسكري لهذا المعارضة كما السابق لتغيير نظام الحكم في دمشق. وكذلك إسرائيل التي تعتبر النظام القائم رغم كل عيوبه حامي الحمة والضامن الأفضل من التيارات الاسلامية الراديكالية لحدوده المشتركة، ناهيكم عن الاردن والعراق المتعثرين اقتصادياً وسياسياً وحتى امنياً وعسكرياً وخضوعهم لأجندات وإملاءات اقليمية خارجية تجعل مواقفهم متغيرة كالرمال المتحركة ».
وعن سؤالنا عن جدية إنهاء الأزمة السورية، أردف ظاظا بالقول: « في الحقيقة سؤال محير والجواب بالمطلق سيكون كذلك، في تصوري توجد مساعي هنا وهناك لكن بالمجمل لا ترتقي الى حجم ومستوى الحدث أو الصراع الدائر في سوريا منذ ثماني سنوات طبعاً، ويتعلق ذلك بجملة من الاسباب ايضا، وهي تتقاطع مع اجوبة السؤال الأول أذا جازَ لنا التعبير، فكل دولة تود الحل على مقاسها والحفاظ على مصالحها ودورها في المستقبل، وهذا طبعا يتعارض مع مصالح وطموح الشعب السوري الذي قدم الغالي والنفيس للتخلص من الطاغية بشار وزمرته المستأثرة بالسلطة منذ عقود ».
تابع ظاظا: « أما بالنسبة لزيارة المجلس الوطني إلى موسكو، حكماً الزيارة كانت قيمة وضرورية، فموسكو لاعب اساسي في الصراع الدائر في سوريا، وله دور فعال على الارض وعليه سيكون له دور قوي في الحل لذا من الضروري للمجلس الوطني الكوردي العمل والسعي مع جميع الاطراف الدولية الفاعلة في هذا الشأن اي الازمة السورية. “نعم” ندرك بأن موسكو حليفة للنظام القائم في دمشق لكن قضيتنا ليست ضد الاشخاص بقدر ما هي تحقيق أهداف لشعب ضاق به السبل في نيل حقوقه ».
أما بالنسبة لتقارب بين المجلس الوطني وتف دم، اجاب ظاظا: « إلى هذه اللحظة ليس هناك اي تقارب رغم وجود مبادرات هنا وهناك لكن دون نتيجة او حتى دخان ابيض، على اية حال موقف المجلس واضح من هذا الشأن ودائماً السباق في الدعوة الى وحدة الموقف والصف الكوردي على اساس الشراكة الحقيقة لا التبعية، وعليه نحن نرحب بكل ما هو خير لمصلحة شعبنا وقضيتنا القومية ».
المجلس الوطني الكوردي يملك صفحة ناصعة في تعاملها مع المجتمع السوري
تحدث محمد سعيد وادي عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا، بالقول: « المشهد السوري بكل تعقيداته قد أشرفت إلى التفكير جدياً بوضع حلول لمعاناة الشعب السوري بعد ان تحولت الساحة السورية إلى صراع مصالح للدول الكبرى والإقليمية لتحقيق اجنداتهم على أرض الواقع، وبعد فشل الحل العسكري لحسم الأمر لا بد من الرجوع إلى مؤتمر جنيف لإيجاد بديل مناسب للوضع الحالي. فالدول ذات الشأن خاصة أمريكا وروسيا اتفقت على الخطوط العريضة مع اختلاف في التفاصيل، حيث سيتم الاتفاق مبدئيا على مناطق النفوذ الأمريكي والتركي في المناطق الشمالية مقابل مناطق النفوذ الروسي والنظام السوري وإيران في المناطق الغربية والجنوبية. وفي المرحلة الأخرى اتفقت أمريكا وروسيا على انهاء الدور الإيراني المنافس الرئيسي للروس حاليا ومستقبلا في تقاسم الغنائم حيث ظهر جلياً في مؤتمر سوتشي عندما اتفقوا على سحب القوات الأجنبية من سوريا هذا يعني ضمناً الميليشيات الإيرانية واتباعها ».
اضاف وادي: « الأمريكان لكي ترضي تركيا ستسمح لها بوضع نقاط مراقبة على الشريط الحدودي في المنطقة الشمالية اعتبارا من عفرين وانتهاء بحدود كوردستان العراق. فبدأت تركيا تغازل النظام السوري وعدم تمسكها بإسقاطها، وما يهمها تفعيل اتفاقية أضنة بين النظامين السوري والتركي، ودخلت فرنسا على الخط بمباركة أمريكية وقبول تركي على مضض لوضع نقاط مراقبة كون سوريا مستعمرتها القديمة وبحاجة الى حماية مصالحها بعد ان أشرفت الفصائل المسلحة على الانتهاء من دورها، وتحاول الدول ذات الشأن وضع الحلول المناسبة لحماية مصالحها، وضمان امريكي للمصالح الروسية في المنطقة الساحلية ووضع دستور جديد لسوريا المستقبل رغم تهرب النظام من استحقاق الدستور الجديد ويكون للشعب الكوردي دور في انشاء مسودة الدستور ».
تابع وادي: « وما جولة لجنة العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكوردي في بعض الدول الأوروبية وأمريكا وموسكو لتأكيد على تمثيلهم للكورد في المحافل الدولية والاقرار بحقوقهم الشرعية والدستورية كون المجلس يمثل الجانب السياسي والمدني للشعب الكوردي وبعيد عن انتهاكات حقوق الانسان والعنف ويملك صفحة بيضاء ناصعة في تعاملها مع المجتمع السوري، والزيارة الأخيرة للجنة العلاقات الخارجية إلى موسكو كانت ناجحة، وتفاهم الروس على مطالب الكورد وحقوقهم المشروعة وفق المواثيق الدولية».
تابع وادي أيضاً: « حول تقارب المجلس الوطني الكوردي وتف دم لم تطرأ أي تحول ايجابي كون الطرفين متناقضين. طرف المجلس الوطني الكوردي يطالب بحقوق الكورد المشروعة ضمن سورية المستقبل وضمن جغرافية كوردستان سوريا، بينما تف دم لا يملك أي مشروع قومي بل العكس يحارب هذا المشروع، ويستخدم العنف ضد الآخر دون مراعاة حرية الرأي، ومحاولة اجهاض أي مشروع قومي يستند عليه الشعب الكوردي لتحقيق طموحاته في الحرية والعدالة الاجتماعية ».
المرحلة تتطلب وحدة الصف والموقف
تحدث نافع عبدالله عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، بالقول: « ان ما يجري على الأرض السورية هو صراع وتنافس الدول العظمى مثل امريكا و روسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وبعض الدول الاقليمية وعلى رأسهم ايران وتركيا على النفوذ وكيفية الحفاظ على مصالحهم الاستراتيجية والجيوسياسية في سورية ما بعد انتهاء الازمة. روسيا الحليف والمدافع التقليدي للنظام السوري ترى من حقها البقاء في سورية وخاصة على الساحل السوري خدمة لمصالحها البعيدة، وايران ترى بانها المنقذ للنظام ويحظى بشرعية كونها دخلت الى سوريا بطلب من الحكومة السورية مثل روسيا. اما دول التحالف فهذه فرصتهم لوضع اقدامهم في سوريا كونهم كانوا في عداء دائم مع النظام السوري خدمة لمصالح اسرائيل، وتركيا ايضا لها مصالح سياسية واقتصادية، وتتحجج بأمن حدودها لكي تحتل اجزاء مهمة من الاراضي السورية ».
حول مسألة انهاء الازمة السورية، تابع عبدالله: « حتى الآن لا توجد في الأفق بوادر لحل الازمة السورية لان الوضع معقد ومتشابك، وكل المؤتمرات الأممية ما هي إلا محطات اعلامية وتخدير للشعب السوري، وتم من خلال تلك المؤتمرات والقرارات مصادرة الثورة السورية، وتشتيت المعارضة، وفتحت المجال لظهور قوى إرهابية ظلامية، وهذا ساعدت النظام ايضا للقضاء على المعارضة الحقيقية او اضعافها على الاقل ».
أضاف عبدالله: « ان زيارة وفد المجلس الوطني الكوردي الى موسكو هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وهذا من صلب سياسة المجلس، الانفتاح واللقاء مع كافة الدول اصحاب التأثير في الشأن السوري ومن بينهم روسيا لوضع دستور جديد لسوريا المستقبل تضمن للشعب الكوردي حقه الدستوري كشعب يعيش على ارضه التاريخية وفق العهود والمواثيق الدولية ».
تابع عبدالله أيضاً: « هناك محاولات ومبادرات جدية من قبل بعض الجهات السياسية والاجتماعية للتقارب بين المجلس الوطني الكوردي وحركة المجتمع الديمقراطي تف دم وخاصة قيادة الاقليم، وهذا يتطلب ايجاد مناخات وارضية لبناء الثقة للجلوس حول طاولة الحوار، ومن هذه الامور اطلاق سراح السجناء السياسيين وفتح المكاتب وفسح المجال لعبور قيادات المجلس للذهاب الى كوردستان من خلال المعبر وافساح المجال للنشاط الحزبي والسياسي، المرحلة تتطلب وحدة الصف والموقف ونتمنى ان تتكلل تلك المساعي بالنجاح خدمة للمصلحة القومية لشعبنا ».
خطوات تمهيدية كبادرة حسن نية من اجل الوصول الى الهدف المنشود
تحدث لقمان يوسف نائب رئيس اتحاد كتاب كوردستان سوريا، بالقول: « بالنسبة الى الوضع السوري المتأزم لا اعتقد بان هناك اي بارقة امل في الافق، على الاقل في المدى المنظور كون المرسوم والمخطط الموضوع لسوريا لم ينضج ولم يقترب بعد من النهاية المأمولة بالنسبة لأصحاب القرار. بالنسبة لأمريكا والدول المتحالفة معها جميعها تعمل من اجل مصالحها وقضية ايران والميليشيات التي ترتبط بها لا تشكل عائق امام مخططاتهم بل هي شماعة لا اكثر. بالعكس ارى بانها تخدم مصالح ومخططات تلك الدول وتساعدها في تنفيذ اجنداتها وكل تلك الدول في النهاية ستحرص على مصالحها غير ابهة لا بمصلحة السوريين ولا بسيادة الدولة السورية، وروسيا ايضا تعمل جاهدة للاستقرار والتمركز في المياه الدافئة والحصول على حصتها من الكعكة ».
تابع يوسف: « بخصوص الدستور المزمع سنه لا ارى بانها ستلبي مطامح الشعب في ظل غياب معارضة قوية مستقلة وتؤمن بالديمقراطية. للأسف فان تشرذم الحركة الكوردية، وعدم مبالاة قسم منها بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي سوف ينعكس سلبا، وآمال شعبنا سوف تخيب ان استمر الوضع هكذا ».
تابع يوسف أيضاً: « وبخصوص التقارب بين المجلسين وما اشيع في الفترة المنصرمة لست متفائلا، لان اي محاولة او مبادرة من هذا النوع يجب ان يسبقها خطوات تمهيدية كبادرة حسن نية من اجل الوصول الى الهدف المنشود، لكننا في الواقع نرى العكس تماما، فمكاتب الاحزاب مازالت مغلقة والمعتقلين السياسيين مازالوا رهن الاعتقال ».
أضاف يوسف: « بكل الاحوال زيارات المجلس الوطني وتحركاتها السياسية في الخارج ايجابية دون شك، وستكون اكثر فعالية عندما تتوحد قدرات الحركة السياسية الكوردية ».
التعليقات مغلقة.