أين تهربين…بقلم الشاعر خالد أبراهيم
/ أين تهربين /
تُرهقني صورتكِ الشخصية أهرب من قامتي المتصدعة، أنمو أغطس في بئر شقاء العجز الإنساني
أمصُ خيوط الظلام وأنين الحروب المزورة أُشيدُ الخنادق والمنافذ ويدي بين جمرِ الخيبة والريبة
يكرهني اللصوص والمتسولين قيادات الثورة والأحزاب الكردية شحاذي الثروة القاتلة
الكُتاب والأقلام المأجورة
شعراء أقلام الرصاص والبيرة الفاسدة مثقفي العشائر المُبادة
وأصحاب المؤتمرات ومنفذي المؤامرات مصاصي أفخاذ النساء والعجائز
هنا ومن حول هذا الركام…نعم
ومن تحت الأرصفة تنبتُ أظافر الشهداء وصرخة الطفل العنيد
تهربين مني الليلة كلهم تركوني للضباع لا أستطيع أن اركض لأهرب لا أستطيع أن أختبئ لم يعد هناك مكانا إلا وبكيت فيه كالطفل أطرافي تؤلمني راسي تتهافت عليه خناجر الخيبة والصدمة لا أصدقاء لي إلا القلائل يعرفون أنفسهم ها هم معي هذه الليلة :
تبغي وهذا الأنترنت الضعيف كجسدي سأتمشى الليلة على ضفاف الراين
سأختبئ مثل اللص الخائف تهربين أنتِ مثلهم مثلهم تتركينني أمي وأبي وهذه السنوات التي نعيشها عراة
تهربين نحو الشمس وتصفعين قلبي بخنجر تثقبين جسدي مثل رصاصة تبعثرين أضلعي باردة أنتِ مثل شهر تشرين الثاني ربما كانون الأول سأغطس في الراين سأثمل الليلة سيأتي يوماً وتبحثين عني طويلا ستتعبين وستبكي الملائكة والطيور
وستنهض قبور الأوليين ستبكي مياه دجلة أنا الساقط سهوا والجاثم بمعالق الله
نعم أيتها الحياة
أنا الذي لا ينسى
أنا الذي لا ينسى دموع أمه
أمي التي لم تنم يوماً وأنا خارج أنفاسها
سيأتي يوماً وتبحثين عني مثل أمي
نمتُ دونَ صوتكِ دونَ قلبٍ، صَارعتُ الكَثيرَ مِنَ الظّنِ، بّحثُ عّن صوتكِ ويديكِ وفنجانِ قهوتكِ، عبثا يحَاولُ العَاشقُ التمني في هَذه السيارةِ التي تُشبهُ التابوت، بارِدةً هي الحياة
تتجهُ العَجلاتُ الأربعةُ فرادا
في الشمال يحفرُ نهراً، في الشرق يقتلُ وطناً في الجنوب يزرعُ ألماً في الغرب يدفنُ روحاً
نمتُ بِلا قلبٍ، صَارعتُ المارد النائمَ عند تلكَ البحيرة، نظرت إلى شجرةِ الحب العذراء، رسمتُ كفناً هو أنا
مشيتُ ثلاثين كيلومتراً على الأقدام نحو الموت ولم أمت
غداً ستبكِ جِذعُ الشجَرة، ستَصرخُ أغصانها بوجهِ الريحِ والعتمة، وسَيشهد ضيوف المقبرة:
كانَ هنا ومضى ….
الشاعر : خالد أبراهيم
التعليقات مغلقة.