خالد أبراهيم : جميلٌ أن تكون في أوروبا
جميلٌ أن تكون في أوروبا
لتكتشف الكهوف والجسور والوديان
لِتعلمَ ما هي قدرة اختراق الرصاصات الحقيقية في الجسد
جميلٌ وأكثر عندما تتعرى بلا ثياب أو حذاء في القدم
لا شيء سوى سيجارتكَ المُفضلة
وقلب حياة
والبعضُ مِن عصافير روحكَ الخائفة ويدين بِلا أصابع
في مدينة دورتموند…!!
وأنتَ تُراقبُ المارةَ بعينٍ مليئةٍ بالدموع وحبات الكَرز
ارقص على ذلكَ الرصيف البارد
اعزف للمَّارة لذة أحلامِكَ وارسم لهم حجم الدمار تحت لسانكَ
في هذه المدينة الموبوءةِ، حزنٌ وفرحٌ وأشلاءٌ
والكثير مِن الظلام
جميلٌ أن تخرجَ من أعمدة الجوامع والكنائس في مدينة فوبرتال
وتتسلق التلال وإشارات المرور والتعبُ ينخر جسدكَ العاري مثل جدار مهترئ
جميلٌ أن تكون في أوروبا العمياء وسلاح الأمة الموبوءة حول عنقك
تسحلُ خيباتٍ تنطح خيبات وتبكي وحَدكَ وتداعب حظك المطاطي في مدينة دوسلدروف
كل شيء جميل هنا
ابتعد عن مخلفات الحروب ولا تنم على جثث الأطفال
لا تجعل ذلكَ السلم يبكِ وهو من بقايا عظام شهيدٍ سوري
البس أجمل ما صنعته معامل الملابس ولا تدع قدميكَ ترتجف مثل عصفور داخل قفص
ابحث عن أصابع يديكَ في تلك المدن وابتعد عن الأرصفة الباردة والطافحة بالإرهاب والكذب
انهض من هذا الكابوس ودع ذاتكَ تبحر بعيداً واجعل من قلبكَ قبطان السفينة الأخيرة
انزل عن كاهلكَ هذه السلال المزدحمة بسرب العصافير الخائفة
اخلع ثيابُكَ، ومسامير القلق عن جَسدكَ.
سيبحث عنكَ من أحب، وبصمت ابكِ تحت أشعة الشمس الحمراء
هذا المساء ليسَ كعادته، بالونات الألم ستنفجر، وسيسبحُ جسدكَ في إحدى ذكريات الخريف النابض في قُراكَ المنكوبة.
عش وحيداً في سرداب يُسمى أوروبا
أوروبا العارية والممتلئة بالأسرار وعلب السكاكر والسردين العربي الفاسد
اكره نفسكَ وبشدة ودَع مرارة الخيبة تقتلع الملائكة من حولكَ
ازني
اُدخن الحشيش
وكافة أنواع التبغ المخشوش، أشربُ وأسكرُ وأسرقُ وأنامُ على رصيف يغطيه البول والذباب / يقولها مهاجرٌ في إحدى المحطات ويمضي /
أتأملهُ بصمتٍ وأنا أتحسس بعض الحزن الهارب منه أليَّ
أشعلُ سيجارة غليظة كأصبعٍ مضغوطٍ على قلبي، وتبدأ النهايات مِنَ الاقتراب.
بقلم الشاعر : خالد ابراهيم
التعليقات مغلقة.