المجلس الوطني الكوردي في سوريا

إبراهيم خليل: المرارة هي ما أشعر به لا الإحباط

128

تستوقفك الصور والفيديوهات القادمة من مخيمات اللجوء في اليونان – بوصفها مقطعا عرضيا دقيقا لبلدان اللاجئين اﻷصلية – فتسأل نفسك: لماذا يحدث كل ذلك ويتكرر بين الحين واﻵخر وما أصل المشكلة؟ لماذا تتصرف هذه الشريحة من البشر بالذات بهذا الشكل اللا بشري؟ لماذا يقلدون في سلوكهم مخابرات الحاكم الذي فروا من بين يديه وركبوا البحار للخروج من دائرة سلطانه ؟ لماذا يعتدون على لاجئين مثلهم وينتخون باسم جغرافيا متروكة خلفهم ؟ لماذا لا يستخدمون عقولهم بدل أيديهم وألسنتهم بدل أسلحتهم ولماذا ولماذا ولماذا… ؟
أبطال تلك المشاهد عرب مسلمون سوريون من مدينة “دير الزور” وقد فروا من بلادهم بسبب الحرب الناشبة هناك ووصلوا إلى اليونان كمحطة في طريقهم إلى إحدى حواضر أوربا حيث لا حكم لا للعرب بعدنانهم وقحطانهم ولا للمسلمين بسنتهم وشيعتهم ولا للسوريين ببعثهم ومعارضتهم …
تتساءل، وأنت تشاهدهم يعتدون على أقرانهم من اللاجئين الكورد بطريقة وحشية فيقتلون ويجرحون، أسئلة تمضي إلى ما وراء المشهد بفراسخ:
هل العلة في اﻹسلام كدين ؟ مئات آلاف البشر البالغين الذين يحلمون بدخول جنة موعودة في السماء وقد أقنعتهم طائفة من المعممين العاطلين عن العمل أن الطريق إليها محفوفة بالعنف ومصبوغة بدماء “الكفرة والمشركين والمرتدين والمنافقين والفاسقين وأصحاب الفرق وأهل الذمة وأحفاد القردة والخنازير” المعطلين للصلاة والصيام وسائر تفاصيل شرع الله، مئات اﻵلاف ممن لا يزالون يعيشون في عصر مضى ويرفضون دخول هذا الزمن اﻷمريكي اﻷوروبي الخالي من اﻷنبياء والصحابة والتابعين، آلاف مؤلفة تحلم ليلا أو نهارا أو ليلا ونهارا بعودة رسوم الخلافة اﻹسلامية الراشدة وانبثاق المهدي من البعد الخامس رغما عن أنف المنطق وقوانين الله والطبيعة.
هل العلة في العرب كعرق ؟ وهل يصح فيهم اليوم ما قاله القرآن فيهم قبل أربعة عشر قرنا وما استعاده ابن خلدون قبل ستة قرون وما زال يكرره بمرارة مفكرو العرب وباحثوهم ؟ هل نصدق النازية الساقطة في تصانيفها الجينية العنصرية ونحكم أحكاما عامة على شعوب بأسرها أنها ملل منحطة غير قابلة للإصلاح والتحضر والرفعة ؟
هل العلة في الشرق كجغرافيا والشرق شرق ولن يصبح غربا مهما امتد الزمان والمسألة قدرية لا يمكن تغييرها إلا إذا دارت الكرة اﻷرضية بالمقلوب وهذا لن يكون، ولذلك ترى حكومات الغرب تستمتع بالفرجة على كل هذا الانحطاط دون أن تحاول تغييره جديا …
هل العلة في الفقر كوضع اقتصادي ؟ وهل لو كان هؤلاء الملثمون من حملة السكاكين والبواري أغنياء مكتفين لكانوا أكثر أدبا وتحضرا وسلمية ولما نزلوا إلى هذا الدرك ولا ظهروا بتلك الصورة المخجلة للإنسانية ؟
هل العلة في المناخ، في الماء، في الهواء في خط الاستواء، في نوعية الشراب والطعام أم في قوانين اللجوء وتعب الطريق ومافيا المخيمات والنظام السوري والمعارضة اللا سورية والشرطة اليونانية والامبريالية والصهيونية والرجعية والطبقات الباليوليتيكية … ؟

 

 

التعليقات مغلقة.