الشعب الكوردي يعيش على أرضه التاريخية والمقسمة بين أربع دول. فكل قسم أو جزء في أي دولة يشكل امتداداً للأجزاء الأخرى، والكورد يتفاخرون بثوراتهم وانتفاضاتهم أينما كانت، فكان جميعها محل دعم ومساندة من الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة.
اقليم كوردستان ومنذ إعلانه كإقليم، أعطى الكورد في أجزائه الأربعة بعداً كوردستانياً، وأملاً بتحقيق حلم كل كوردي بدولة مستقلة على رغم ما حل بالإقليم من مواقف الغدر والخيانة، وكان آخرها خيانة كركوك، إلا ان الشعب الكوردي في إقليم كوردستان العراق صمد في وجه كل المؤامرات والخيانات بقوة.
الآن الشعب الكوردي في كوردستان العراق أمام امتحان وجود أو لا وجود وهو الانتخابات البرلمانية العراقية.
- كيف تحللون الانتخابات العراقية في هذه المرحلة، وخاصة بعد الخيانة التي حصلت في كركوك؟
- هل نتائج هذه الانتخابات له تأثير على المرحلة المقبلة للكورد؟
- ما تأثير نتائج هذه الانتخابات على أجزاء الأخرى لكوردستان وبالأخص كوردستان سوريا؟
- ما تأثير هذه الانتخابات على البعد الكوردستاني ومستقبل الكورد؟
قمنا بتوجيه هذه الأسئلة إلى عدد من السياسيين والمثقفين:
الانتخابات العراقية تعتبر معركة نيابية لتحقيق وتثبيت استحقاقات والمطالب الدستورية لإقليم كوردستان
تحدث حسن رمزي عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا حيث قال: « إحدى المبادئ الأولية في الديمقراطية هي مبدأ الإنتخابات من خلالها يستطيع الشعوب والشرائح المجتمع من التعبير عن رأيها في تقرير مصيرها، واثبات وجودها السياسية والاجتماعية والاقتصادية لإنتقال نحو الأفضل والأنسب والرقي في حياة حرة وكريمة ».
تابع رمزي: « ان الانتخابات العراقية تعتبر معركة نيابية لتحقيق وتثبيت استحقاقات والمطالب الدستورية لإقليم الكوردستان عبر توحيد الخطاب والموقف الكورديين الجاد. بالرغم من سيطرة سحابة خيانة (16) أكتوبر من العام المنصرم وانعكاسها سلباً على الشارع الكوردستاني، وبالأخص المناطق المتنازع عليها. إلا أن السياسة والدبلوماسية الحكيمة الذي انتهجها رئيس حكومة إقليم كوردستان الاخ نيجيرفان البارزاني خلال زياراته الدولية والإقليمية وتمسكه بتطبيق الدستور العراق، مما أحاط الحكومة العراقية والمتآمرون معها في زاوية الضيقة ».
أضاف رمزي: « ان إقليم كوردستان سوف ينتقل بعد الانتخابات من معركة ضد الارهاب الى معركة دستورية عبر العملية الديمقرطية، وأمام نواب الكورد تحديات كبيرة للدفاع عن المطالب الكوردستانية-مادة (140) وميزانية الاقليم وقطاع نفط وغاز وتسليح البيشمركة ومسائلة عالقة أخرى- عبر دستور توافقي تشاركي، وبموقف كوردايتي موحد ».
أضاف رمزي أيضاً: « ان تعزيز موقع الإقليم القوي دولياً وإقليمياً في العراق الفيدرالي ينعكس إيجابياً على الامة الكوردية وعلى الاجزاء الكوردستانية الأربعة من خلال البعد القومي والروح الكواردايتي والمشاعر القومية، وبشكل خاص على الشعب والحركة التحررية الكوردية في كوردستان سوريا، لكونها تشكل العمق الجيوسياسي.
استقرار اقليم كوردستان العراق له تأثير على الجزء الكوردستاني في سوريا بشكل مباشر
تحدث محمد سعدون عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا حيث قال: « الانتخابات هي عملية ديموقراطية لكنها قد تستغل من قِبل بعض الأطراف وإن بنسب متفاوتة ومن دولة إلى أخرى. وأغلب الشرق لايؤمنون بنتائج الانتخابات. فالعراق اليوم يمر بمرحلة دقيقة نتيجة الصراع الداخلي والتدخلات الخارجية. الشيعة يحاولون بشتى الوسائل التمسك بما حققتها بعد انهيار نظام صدام حسين والسنة يتطلعون إلى أمجادهم ما قبل 2003، والكورد لا يثقون بالاثنين معاً، وبالرغم من التجاوزات هناك دستور لدولة اتحادية فيدرالية تضم ثلاث مكونات رئيسية مع احترامي للمكونات الأخرى ».
أضاف سعدون: « بعد أن دحر الكورد داعش وأثبوا جدارتهم تم الاتفاق بين السنة والشيعة وبعض الخونة من الكورد وبقيادة قاسم سليماني لاحتلال كركوك وبقية مناطق المادة (140) المتنازع عليها. وهذه العملية استهدفت الكورد جميعاً لتشتيت شملهم ولافقادهم الثقة بالقوى الدولية. وهذه العملية تفيد العبادي المدعوم امريكياً ضد المالكي المدعوم ايرانياً. ولهذه العملية تأثير سلبي على عدد المقاعد في البرلمان العراقي لأن تلك المناطق تحت احتلال الحشد الشيعي للتأثير على نسبة التصويت لقائمة كوردستان الانتخابية وقد تنقص مقعدين او ثلاثة من العدد الحالي لنواب الكورد في البرلمان العراقي، ولا أظن أن هذا النقص يؤثر سلباً كثيراً على حقوق الكورد لأن حكم العراق توافقي وليست بالأكثرية النيابية فقط. والكورد يحاولون الاحتفاظ بمقعد رئيس الدولة ».
تابع سعدون: « أما بالنسبة للأجزاء الأخرى من كوردستان فهي تتأثر ببعضها كأنها جسد واحد، إن تألم جزء من الجسد تداعى له سائر الأجزاء الأخرى. ومشاركة الاجزاء الأخرى في الثورات الكوردستانية خير دليل على ذلك. فنجاح انتفاضة كوردستان العراق طفت المسألة الكوردستانية عموماً على السطح ولن تغوص ثانية بالرغم من محاولات الأنظمة التي تحكم اجزاء كوردستان الاربعة للحؤول دون ذلك. ولن تستقر المنطقة برمتها طالما بقيت دون تحقيق طموحات الشعب الكوردي عموماً في حق تقرير مصيره ».
تابع سعدون أيضاً: « ان استقرار اقليم كوردستان العراق له تأثير على الجزء الكوردستاني في سوريا بشكل مباشر، لانه المنفذ الوحيد له، كما يقوم بتدريب قواتنا المسلحة ( پێشمە رگێ روژ )، ويدعم شعبنا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، مثلما تدخل في تحرير كوباني واستقباله مئات الآلاف من المهجّرين وعشرات الآلاف من المقاعد الدراسية لكافة المراحل.
نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية ستكون بداية النهاية للنفوذ الايراني في العراق
تحدث عبدالرحمن كلو- سياسي- حيث قال: « من المفيد أن نذكر أن الانتخابات العراقية الحالية تجري في ظروف مغايرة تماما عما كانت عليه في أيام الحرب على الارهاب عام 2005 أو في مرحلة الحرب على داعش في ما بعد، فالمنطقة عموما دخلت مرحلة ما بعد الحرب على الارهاب، أي أننا نعيش مرحلة نتائج هذه الحرب في الساحتين السورية والعراقية، حيث كانت الحرب تستوجب حشد وزج كل القوى التي تدعي أنها تحارب الارهاب. الآن يمكن القول أن المنطقة ستشهد مرحلة رسم الحدود الجديدة للشرق الأوسط على ضوء نتائج هزيمة الارهاب، أي أن العملية السياسية الجديدة في العراق ستكون حالة انتقال نوعي من مرحلة إلى أخرى على صعيد العراق والمنطقة، لهذا السبب فالانتخابات البرلمانية العراقية الحالية هي نقطة تحول انتقالية لترتيب الآوضاع في العراق أولاً وفي المنطقة ثانياً، لذا فهي ستمثل بداية لإرساء عملية سياسية جديدة لحالة توازن اقليمية بدءاً من العراق ».
تابع كلو: « من المفترض أن تأتي نتائج الانتخابات العراقية بحسب الترتيبات الأمريكية لصالح القوى والتيارات المدنية على حساب الإسلام السياسي الشيعي والنفوذ الايراني في العراق، ولن تكون كركوك بمعزل نتائج هذه النتائج بحسب الرؤية الأمريكية، لكن غياب الديمقراطي الكوردستاني من ساحة كركوك الانتخابية والذي هو أحد شركاء الولايات المتحدة الأمريكية من خلال حكومة اقليم كوردستان سيعقد من مسألة كركوك بشكل خطير حيث القوى الكوردية الحالية التي تنافس على مقاعد كركوك هي ذاتها التي سلمت المدينة من دون قتال لذا فهي ستخسر معظم مقاعدها بكل الأحوال في ظل الدعم التركي للأحزاب التركمانية الموالية لها ونفوذ السلطة العربية المدعومة ايرانيا لخلط الأوراق، وستدخل قضية كركوك في نفق مظلم لا يمكن الخروج منه إلا من خلال المادة 140 وبحضور قوي من حلفاء أمريكا، وإلا ستبقى كركوك القنبلة الموقوتة لنسف العملية السياسية في العراق والمنطقة يرمتها ».
أضاف كلو: « عموما يمكن التأكيد أن نتائج العملية الانتخابية ستكون بداية النهاية للنفوذ الايراني في العراق، وإذا ما نجحت أمريكا في تحرير القرار السياسي العراقي من التبعية والهيمنة الايرانية، فهذا يعني تحييد أكبر قوة ممانعة للمشروع الوطني الكوردستاني، وسيكون نجاحا كبيرا ومفصليا لمسيرة التحرر الوطني الكوردستانية، ومن خلال تتابع سير الأحداث يمكن ملاحظة أن الحرب الفعلية ـ غير المباشرة ـ مع إيران قد بدأت على الأرض السورية وستنتقل هذه المواجهات إلى العراق ولو بأشكال أخرى مختلفة، لكن هذا لا يعني أن حلفاء إيران في العراق وكوردستان سيقبلون بنتائج الأمر الواقع للانتخابات، بل ستحاول إيران عبر أدواتها وحلفائها في حزب الدعوة جناح المالكي والميليشيات الشيعية وحلفائها من الأطراف الكوردية في الاقليم بالطعن في نتائج الانتخابات، وخلق حالات الرفض والفوضى في محاولات منهم بالعودة إلى المربع الأول، ومن هنا يأتي أهمية وحدة صف الأطراف الوطنية الكوردستانية كحالة وطنية في العلاقة مع بغداد وليست حالات حزبية. لأن الاستراتيجية الأمريكية تعتمد على الجغرافيات السياسية الجديدة في مرحلة ما بعد إيران وداعش. وعلى حساب تقليص النفوذ الايراني سيكون هناك دور أكبر لإقليم كوردستان في ترتيب الوضعين السوري والعراقي على صعيد رسم حدود الجغرافيات السياسية الجديدة، ولكن يبقى الرهان على قدرة الحركة السياسية الكوردية في كوردستان سوريا في الخروج من مرض الحالات الحزبية ومحاصصاتها القاتلة للمشاريع الاستراتيجية، والارتقاء إلى مستوى تمثيل قضية وطنية بأبعاد دولية وإقليمية ».
مشاركة الكورد بقوة في الإنتخابات البرلمانية العراقية يضمن كل الإمتيازات الدستورية للإقليم
تحدثت شمس عنتر عضو اتحاد كتاب كوردستان سوريا حيث قالت: « سيكون لإيران الدور الأكبر في هذه الانتخابات والنتائج على الأغلب ستكون لصالحها، فدورها في العراق حاليا كبير جدا. قاسم سليماني يُعتبر الرجل الثاني بعد العبادي في العراق، ويعمل بجد لتكون نتائج الانتخابات القادمة لصالح ايران، والعمل مستمر لشرعنة المليشيات ودخولها الحياة السياسية تحت مسميات عدة، لان الدستور العراقي يَعتبر تدخل القوى الأمنية في الشؤون السياسية مخالفة صريحة، لكننا نرى دخول الحشد الشعبي في الانتخابات. ولا يخفى على أحد الإرتباط الإيدلوجي للحشد الشعبي بالحرس الثوري الايراني، وبما أن الكورد يمثلون خطرا استراتيجيا على وحدة تركيا، فهي تغض الطرف عن التدخل السافر لايران في العراق وسيطرتها على كركوك والموصل بدل سيطرة الكورد عليها، ويبدو جليا أن البرلمان العراقي القادم سيكون قوة ايرانية جديدة في المنطقة ».
أضافت عنتر: « احتمال خسارة الكورد لمنصب رئاسة الجمهورية وبقية المناصب السيادية الاخرى وارد جدا في ظل الإنقسام الحاد للاحزاب الكوردية، علماً لا يوجد نص في الدستور العراقي يضمن بقاء منصب رئاسة الجمهورية للكورد، لكن ممكن أن يبقى اذا كان هناك توافق سياسي قائم مع وجود التهديد بالفقدان كما فقدوا منصب وزارة الخارجية، وضع الكورد الفيلي ببغداد وديالى والواسط يراعى بتطبيق نظام الكوتا، لكن الصراع القائم بين القوى الكوردية يزيد الشرخ في حال فوز القوى الموالية والمدعومة من ايران، وإذا فاز الطرف الآخر كذلك يبقى الشرخ قائماً، فالإنقسامات تهدد الجسد الكوردي في الاقليم ».
تابعت عنتر: « من الواضح لنا، أن هناك اتجاهين سياسين تتنافسان على الانتخابات في العراق جهة تمثل مصالح ايران واخرى تمثل امريكا مع السعودية فالجهة التي تمثل ايران لها علاقات مع الكورد في سوريا وبالتحديد الادارة الذاتية لكن وجود تركيا تشكل حجرة عثرة في هكذا علاقة، وامريكا تبعث برسائل تحذر من اجتياح ايران للعراق سياسيا واقتصاديا ( إن قواتنا متواجدة في العراق وعلى الحكومة العراقية القادمة أن تختار بين ايران وبين المجتمع الدولي ). وكل هذا بسبب غياب الرؤية الوطنية والارادة العراقية المستقلة، التي تفسح المجال للصراع، وتوقع احتمالات خطيرة فحتى لو خسرت القوى المدعومة من ايران وانتصرت الاخرى فالعراق هو المتضرر اقتصاديا ».
تابعت عنتر أيضاً: « هذه الانتخابات لها مفرزات جديدة واتحادات مثيرة للجدل مثل الحزب الشيوعي المنضوي في ائتلاف – سائرون- والمدعوم من زعيم التيار الصدري، وواضح افتخار العبادي بإنه حافظ على وحدة الاراضي العراقية ونشر القوات الاتحادية، وانه انتصر على داعش، وانه فضح ممارسات سلفه المالكي، ومنع انفصال الكورد عن العراق ويتواصل مع ايران مما يؤدي إلى بقاء وضع الكورد متأزماً، ولا يتضح اي أمل في حل قريب ».
إقليم كوردستان مركز الترابط والتوحيد للشعب الكوردستاني في أجزائه الأربعة للوصول إلى حق تقرير مصيره
تحدثت اوميد يوسف- كاتبة – حيث قالت: « انتخابات 2018 في العراق بالنسبة للكورد هي أكثر تركيزاً وتخطيطاً بعد كل التقلبات التي جرت من قبل حكومات عراق تجاه الكورد، وأيضاً بعد مواقف بغداد تجاه الاستفتاء وكل الخيانات والتكتلات التي اعاقت عملية الاستقلال. مشاركة الاقليم في الانتخابات هي فرصة اخرى لبغداد لتهدئة الوضع السياسي والعسكري في المنطقة ككل، والعودة الى الدستور وتطبيقه والتحكيم في قراراته المستقبلية. ونتائج هذه الانتخابات لها تأثير كبير على المرحلة المقبلة لنقُل انها وثيقة تاريخية اخرى لصالح الاقليم ».
تابعت يوسف: « ان الاقليم متمسك بقراراته، وهذا يعتبر من الثوابت الوطنية، وأي قرار سلبا او ايجابا سينعكس على الكورد ككل، لأن اقليم كوردستان وهو مركز الترابط والتوحيد للشعب الكوردستاني بكل اجزائه للوصول الى حق تقرير مصيره، والامل يتجدد في دولة كورستان قادمة لا محال، وسيبقى نهج البارازني محققا آمال كل كوردي على وجه المعمورة، وبقيادة المناضل الاول السيد مسعود البارزاني ».
لذلك نرى ان أي انتصار للكورد وفي أي جزء من أجزاء الأربعة من كوردستان محل فخر وإعتزاز وتضامن ومساندة للكورد في الأجزاء الأخرى، فإنتصار الكورد في إقليم كوردستان في العملية الديمقراطية من خلال الإنتخابات البرلمانية، يعزز من مكانة إقليم كوردستان على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، إذاً فالنتضامن جميعاً مع إقليم الكوردستان بكل إمكاناتنا، فإنتصار الإقليم إنتصار لكل الكورد”.
عزالدين ملا ….
التعليقات مغلقة.