عبدالرحمن مهابادي:
“انتفاضة الشعب الإيراني ضد الديكتاتورية من اجل الحرية
نظرة الى دور شبكات التواصل الاجتماعي في انتفاضة الشعب الإيراني”
شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام و التلغرام بشكل خاص كانوا أحد الاشياء التي أوصلت الولي الفقيه في إيران وجميع مسؤولي وأجهزة النظام الإيراني المختلفة الى حد الجنون . التلغرام أحد أكثر برامج التواصل الاجتماعي شعبية في العالم وإيران حيث يتمتع بخاصية التشفير والترميز وأيضا قابلية ايجاد قنوات ومجموعات وامكانية التحكم بها وادارتها . ووفقا للاحصائيات التي انتشرت من قبل السيد باول دوروف مؤسس تطبيق التلغرام ورئيسه التنفيذي فان هذا البرنامج (تلغرام ماسينجر) يملك حاليا أكثر من ٢٠٠ مليون مستخدم نشط من بينهم ٤٠ مليون إيراني. السؤال الذي يطرح نفسه الان هو لماذا أعلن النظام الإيراني(تحريم) الكثير من الأمور فيما بينها شبكات التواصل الاجتماعي وبخاصة التلغرام على الشعب الإيراني ولماذا يخشى النظام الإيراني دخول الشعب الإيراني الى هذه التطبيقات والمواقع ؟؟
الجميع يعلم أنه لاوجود للحرية في إيران. المقياس والمعيار لشرعية الحكومة ليس الرأي الشعبي بل يأتي من الله! ولذلك يعتبر رؤوس هذا النظام أي معارضة مع هذا النظام كنوع من المحاربة (عدو الله) والتي سيكون في انتظارها أشد أنواع العقاب. ولذلك كانت الحرية هي أول الضحايا في إيران الحالية. حيث حبل المشنقة يلتف حول عنقها. اعدام المعارضين هو منطق نظام ولاية الفقيه وظاهرة ذاتية ومتأصلة في هذا النظام الدموي.
في إيران لاوجود لأي منظمة (سياسية أو غير سياسية) أو أي وسيلة اعلام حرة ومتسقلة على الاطلاق. على مدى ٣٩ عاما من حكم الملالي في إيران التي كانت مهدا للحضارة الانسانية في هذه المنطقة من العالم جميع المنظمات والمؤسسات ووسائل الاعلام الموجودة فيها أصبحت بطرق ملتوية أو بسيطة جزءا من حكومة القمع والتعذيب التي تركز حجرها الأساس على رفض الحريات الانسانية.
ومن هذا المنظور الذي نستطيع أن نلمس من خلاله قدرا بسيطا لايذكر من ألم ومعاناة شعب هذا البلد البالغ عدد سكانه ٨٥ مليون. عندما نسمع أن إيران تحولت الى سجن كبير للإيرانيين من قبل النظام الحاكم عندها لايكون الأمر مبالغا فيه بل هي حقيقة واقعية مؤلمة وغير قابلة للانكار. الشعب الإيراني ولاسيما الشباب محرومون من حرية التواصل مع أقرانهم. وحش ولاية الفقيه العميل توغل في جميع الأماكن وحتى في بعض المنازل والحياة الخاصة للإيرانيين . هم محرومون مع حرية الوصول وسائل التواصل الغير حكومية . شبكات التواصل وأيضا شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كامل تقبع تحت سيطرة وتحكم وزراة مخابرات النظام سيئة السمعة وبقية الأجهرة الحكومية القمعية. السبب الرئيسي الذي يكمن وراء امتلاك نظام ولاية الفقيه لاضخم سجل تعذيب واعدام على مستوى العالم هو الطبيعة والبنية التحتية لنظام قمعي مجرم وقاتل.
ولكن يجب ألا ننسى أن ميزان الوحشية والبربرية هذا في العصر الحاضر لم يستطع منع الشعب الإيراني ولاسيما الشباب الإيراني من التحرك نحو الحرية. اعتقالات بالملايين والاعدامات والمذابح الواسعة الانتشار على مدى ٣٩ عاما مضت وأنواع وأشكال التعذيب والقمع البدني والنفسي لم يسبق رؤيته في تاريخ البشرية المعاصر كله كان دافعا للشعب الإيراني ولأبنائه في المقاومة الإيرانية للاستمرار في النضال من اجل الحرية مصممين على اسقاط الدكتاتورية الدينية الحاكمة. وذلك لانهم يرون أن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة يعتمد بشكل أساسي على اسقاط هذا النظام.
الإجراءات الجنونية والهسترية الأخيرة للنظام الإيراني ضد وصول الشعب الإيراني للشبكات الاجتماعية تنبع من أن انتفاضة الشعب الإيراني الاخيرة باستهدافها كل من جناحي النظام الحاكم (المحافظ و الاصلاحي) اجتاحت حدود اسقاط النظام الحاكم. لقد دار الوضع في إيران بطريقة لايمكن التصور فيها عودته الى سابق عهده. يريد رؤوس النظام الان بهذه الاجراءات منع استمرارية الانتفاضة الإيرانية . علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لبرلمان النظام كان قد أعلن أن قرار اغلاق التلغرام تم اتخاذه على أعلى المستويات ويقصد بذالك خامنئي .
موسى أفشار عضو اللجنة الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يقول حول هذا الموضوع أن النظام الإيراني عن طريق توقيف واغلاق برنامج التلغرام ينتهك قسما من حقوق الانسان . بروجردي بالاضافة لذالك قال أن النظام الإيراني يريد أن يستعيض عن التلغرام ببرنامج مراسلة وطني !! تكون ادارته في متناول النظام الأمر الذي يشكل بالطبع خطرا كبيرا على الشعب الإيراني وذلك لان جميع المعلومات المتبادلة بين الشعب الإيراني سيتم تسجيلها في أنظمة النظام الجاسوسية والمخابراتية وسيترتب عليها عقوبات شديدة يقوم بها النظام ضد من يتجسس عليهم.
تصفية وحظر التلغرام من قبل نظام الملالي كان له ردة فعل شديدة وحادة من قبل الشعب الإيراني ويمكن القول ان مثل هذه الاجراءات كانت سببا في اتقاد شعلة الانتفاضة. بحيث أن بعض مسؤولي هذا النظام أيضا ارتعبوا من موضوع تصفية وحظر التلغرام وانعكاساته في أوساط الشعب الإيراني. ووفقا للتقديرات يوجد من ١٠ الى ١٥ ألف فرصة عمل انترنتي يتم تنفيذه عن طريق التلغرام . حسن روحاني كان قد تكلم مرة عن وجود ٣٠ ألف وظيفة يوفرها التلغرام . خلال عملية ايقاف التلغرام المؤقتة في ديسمبر ٢٠١٧ أدت الى خسارة حوالي ٥٠٠ مليار تومان على حساب الشعب الإيراني .
الحقيقة هي أنه مع حظر النظام الإيراني للتلغرام لم يكتف الشعب الإيراني بعدم التحول نحو استخدام برامج المراسلة المرتبطة بالنظام الإيراني من نوع(سروش) بل تحولوا نحو استخدام برامج(كاسر الحظر) والمجتمع الدولي يسعى الان ليضع تقنية متقدمة أكثر في هذا المجال بيد الشعب الإيراني حتى يتمكن من كسر اجراءات النظام في تصفية وحظر التلغرام وحتى يتمكنوا من ايصال أصواتهم للعالم بشكل أفضل وأكبر.
بالنظر الى ما تكلمنا عنه يتبين بشكل جيد أن موضوع التلغرام الحالي بالنسبة للنظام تحول الى موضوع أمني جاد وحاد يهدد بقاء ووجود هذا النظام أكثر فأكثر . مسؤولو النظام يقولون أن مجاهدي خلق قد اخترقوا داخل إيران عن طريق هذه الشبكات من أجل اسقاط النظام . علي خامنئي في تاريخ ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧ في خطابه لمسؤولي النظام قال : ” فيما يتعلق بالفضاء الافتراضي أقول أن تحذروا من رمايات مدافع العدو . عليكم الانتباه والحذر . لاتستخدموا هذا الفضاء العدو ضد هويتكم ووجودكم ونظامكم … هناك الآلاف من المدافع شغلها الشاغل هو اطلاق الرمايات نحوكم .” .
المعرفة الصحيحة للتغيرات الداخلية والدولية في العلاقة مع إيران يرشدنا الى هذه الحقيقة بشكل جيد حيث :
● الآن يعد الشعب الإيراني نفسه لقطف ثمار انتفاضتهم وفي هذا الصدد فان تشكيل مراكز الثورة المرتبطة مع المقاومة الإيرانية يتجه نحو التوسع في جميع أنحاء إيران.
● تطور الجبهة الدولية والاقليمية ضد النظام بالتزامن مع استراتيجية المقاومة الإيرانية من اجل تغيير النظام في إيران أمر غير قابل للانكار. اقتراب موعد ال ١٢٠ يوم النهائي الذي حدده ترامب فيما يتعلق بالاتفاق النووي.
● ازدياد شدة حرب الذئاب في رأس هرم النظام كل يوم بشكل أكبر وانهيار النظام يقع في بوتقة التوقعات القريبة جدا.
● التزايد التصاعدي لقيمة الدولار أشعل وألهب المجتمع الإيراني أكثر من أي وقت مضى و انتفاضة الجائعين في الطريق.
في مثل هذا الطريق تتجه قوتان متخاصمتان في إيران – نظام ولاية الفقيه الديني الحاكم في إيران من جهة والشعب والمقاومة الإيرانية من جهة أخرى – نحو الاصطفاف من أجل المواجهة النهائية وهذا هو التغيير الكبير الذي ينتظره الجميع والذي سيصل نحو منصة الظهور . حتما أن النصر سيكون من حليف الشعب والمقاومة الإيرانية و(الجيش المسقط لنظام ولاية الفقيه).
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع
التعليقات مغلقة.