المجلس الوطني الكوردي في سوريا

حوار مع الذات .. هل نمتلك صحافة حقيقية ؟

136

 

تعتبر الصحافة الحرة الغير مأجورة مرآة رقي وتقدم البلدان ، والإعلام يعكس الوجه الحضاري للأمم ، وهي بالفعل تستحق لقب السلطة الرابعة ( سلطة الرقيب ) فهي تحمل العناء وتتكبد لاجل فضح السلبيات تنتقد كل ما هو شائب في المجتمع وتسعى جاهدة للدفاع عن الحقوق وحماية الافراد ورفع الغبن عن المجتمع ، لاجل التطور وعدم الانكماش والتقوقع ضمن الذات وتبدي مصلحة المجتمع فوق كل اعتبار .
بداية الصحافة ؟
بدأت الصحافة منذ فجر التاريخ وبدء الخليقة ، فقد لجأ الانسان منذ الازل الى التعبير عن ذاته وحاول اظهار مآثره عبر رسوماته التي خطها على جدران الكهوف لتكون شاهدا على تاريخه ، ثم انتقل الى الرقم الحجرية ثم ورق البردي فجلد الغزال واخيرا الورق .
بدأت الصحافة فعليا في القرن الرابع عشر مع التجار الايطاليين والالمان الذين لجاؤوا الى كتابة بعضا عن اسفارهم وبضائعهم بخط اليد ووزعوها بين العاملين لديهم للترويج واستمر هذا الحال الى ان اكتشفت الطباعة في السادس عشر فاصبحت الطباعة اكثر سهولة ورواجا ،وعمد بعض المثقفين الى نشر نتاجهم ليكون في متناول اليد ولم تنخرط الصحافة في السياسة إلا في القرن السابع عشر أبانَ الحرب الاهلية الانكليزية وخصوصا فترة خلو العرش ، فبدأت المنشورات السياسية تغزو الصحف في سعي كل طرف لحشد الدعم الشعبي لجانبه .فسيس الاعلام واُحتكروه ، مع تطور وسائل الاعلام بدأ الرعب يتسلل الى مخدع المتنفذين الذين اوجسوا خيفة منه فشكلوا الاعلام المضاد لمحاربة الشرفاء .
بالتضحيات الجسام التي قدمها الاعلاميين استطاعت فئة ( الغرب)منهم الوصول الى مآلهم وبقيت فئة ( الشرق ) اسيرة الاصفاد .
لماذا يتطور الغرب والشرق متخلف ؟
بمقارنه بسيطة بين الاعلام الغربي الاوربي والاعلام الشرقي ( العالم الاسلامي والمعسكر الاشتراكي ) .
نرى ان الغرب يتميز بحرية التعبير والرأي فمثلا الصحف الامريكية تنتقد الرئيس الامريكي ترامب وتصفه بانه غير آهل لقيادة امريكا والرئيس يكتفي بتفنيد وتكذيبها دون المساس بها ، اذا الصحافة الغربية لها رأي ولاتنحاز لجانب الحكومات .
بينما في المسكر الاشتركي ( رغم تفككه لايزال تحت التأثير ) في موسكو كشف احد الصحفيين طريقة دخول المرتزقة الروس الى سوريا وفضح دورهم في الاحداث الجارية والمغريات المقدمة لهم لاجل ذلك ، تفاجئ الوسط الاعلامي بانتحار ذلك الصحفي بعد اسبوع من نشر الخبر في ظروف غامضة واخفاء الملف الذي لم ينشر بالكامل وطوي التحقيق .
في العالم الاسلامي والعربي او الشرقي عموما نجد ان اكثر المستهدفين في الحروب هم الاعلامين الحياديين ،كونهم الخطر الاكبر على مجرمي الحروب .
ما هو الرأي وما هي المسلمات ؟
الرأي هو أن يكون المتحدث او المناظر له نظرة حول موضوع الحدث فمثلا حينما نشاهد احد المحللين السياسين يبدي رأيا في حدث ما يقول : برأي انا اقول كذا ولا يتطرق الى مقولات اخرى ، اما لو كان المتحدث من احد الاحزاب الشرقية او من بلد فلا يخرج عن سياسة حزبه فيقول ان سياسة الحزب او قائد الحزب او الحكومة تحددان كذا فهو لايستطيع ابداء الراي بل يركن الى المسلمات ومتقوقع ضمن الرؤية الضيقة لساسته .

هل هناك تقارب بين الفكر الماركسي والاسلامي ؟
هما وجهان لعملة واحدة ،
فالماركسبة تطرح فكرة ( الشوعية هي كلية القدرة — اي الالهية ) وتطرح دكتاتورية البورليتاريا اي ان العامل يتحكم بالمثقف وبالتالي يسير المجتمع ،
الاسلام السياسي كذلك يطرح فكرة ( الاسلام هو الحل — وهو ايضا يدعو الى تفرد رجل الدين بمفاتيح السلطة — وهذا قمة الانحطاط والتخلف ) ،
الماركسية والاسلام لاتعترفان بالقدرات وتستنكران كل ما لا ينتمي او يؤمن بافكارهم .
هل من ادلة ملموسة تبين الفرق بين ثقافة الغرب وتخلف الشرق ؟
الامثلة كثيرة جدا وساورد مثالين او ثلاث كمقارنة بينهما ،
اولا – الغرب-
1 – صحيفة ايبدو الفرنسية نشرت صورا مسيئة للسيد المسيح وتهجمت على رموز الدين المسيحي ولم نجد اية ردة فعل من الشعب او الحكومة
2- الكاتب اليوناني ( كازنزاكي ) نشر رواية ( المسيح يصلب من جديد ) انكر كل ما جاء في المسيحية وشكك في عفة السيدة العذراء ورغم ذلك نشرت الرواية وطرحت في الاسواق وعرضت في دور العرض . لربما تتسائل ما علاقة هذة الامثله بالاعلام ..وسائل تحدثت عن هذين الحدثين بموضوعية ولم تثر الشعب ولم تضخم الامر بل ترك الحكم للقارئ.
3- كافة الصحف الغربيةانتقدت و تنتقد حكوماتها وسياسيها ولم تتعرض لاي مضايقات تذكر – الحكومات في نظر الاعلام الغربي حكومات فاسدة لاتمتلك ادنى مقومات الرقي وهذا ما يدفع بالسياسين لبذل قصارى الجهد لكسب ثقة المجتمع..
ثانيا – الاعلام الشرقي .
1- ايضا صحيفة ابيدو الفرنسية وصفحيفة اخرى دنماركية نشرت صورا مسيئة للرسول (محمد ) وجاءت ردة الفعل قوية وعمت المظاهرات كافة الارجاء ورغم انهم ( لاجئون ) هاجموا مقر الصحف وتكبدوا العديد من الجرحى وثلاثة قتلا.

2- نشر الكاتب سلمان رشدي كتابا بعنوان ( الايات الشيطانية ) يدعي فيها ان ابليس تجسد في صورة( جبريل ) واوحى الى النبي عدة ايات ( اذا يعترف بالنبوة فهذا اعتراف صريح مته بنزول الوحي والنبوة وانتقاده ان النبي لم يتمكن من التفريق بين الابليس والملاك ) ودون اي اطلاع على فحوى الكتاب او محاولة الرد عليه اصدر ( الخميني ) فتوى واهدر دم الكاتب .
3- كافة وسائل الاعلام تعمل لخدمة حكومات بلادها فهي توصفها بانها قمة الرقي وبعيدة كل البعد عن الفساد ،
مما يزيد في جور وتسلط الحكام وتهميش الشعوب وهدر حقوقهم .
4- اصدر الاعلامي علي فرزات ( رسام كاريكاتور) جريدة ( الدومري) لفترة وحينما شعرت الدولة بخطرها لكثرة حذبها للقراء ولاحظت زيادة في ترويجها على جرائدها ، اصدرت الحكومة السورية امرا باغلاقها ومحاكمة محرريها لتجاوزهم الخطوط الحمراء ، وبعد مدة تعرض الفنان علي فرزات لاعتداء جسدي وضرب مبرح وكسرت اصابع يديه .

واخيرا اجد انه من المستحيل ان تعيش في هكذا بيئة صحافة حرة تملك النزاهه وتفرض المغريات المادية ولا تنصاع لرغبة او تهديد المفسدين .

إعداد :

مكرمة العيسى وعبدالحميد جمو

إعلام ENKS

التعليقات مغلقة.