التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ، عن شهر آذار 2018 وحتى تاريخه ..
بعد التطورات السياسية التي حصلت مؤخرا ، ولاسيما في أعقاب الحملات العسكرية التركية على عفرين وبلداتها وقراها وسط صمت دولي دون أي رفض أو حتى امتعاض ، بدا أن الأزمة السورية قد دخلت طورا جديدا في سلم أولويات المجتمع الدولي وخصوصا التحالف الدولي بقيادة أمريكا ، فبعد الصراع الدامي مع داعش وهزيمته في كل من سوريا والعراق ، أخذ التحالف الدولي يضع ترتيبات جديدة أكثر حزما على الصعيدين العسكري والسياسي في آن ، فعلى الجانب العسكري يمارس الضغط على النظام وأحيانا يشن عليه ضربات موجعة بغية النيل من أنشطته القتالية وعلى أن يمد المعارضة المسلحة بالعتاد اللازم وتعزيز فعاليته القتالية ، ومن ثم الانتقال إلى الجانب السياسي حيث الاعداد والتحضير لمؤتمر جنيف 9 إضافة إلى مخرجات مؤتمرات جنيف السابقة والقرار الدولي 2254 والقرارات الأخرى ذات الصلة بغية الضغط باتجاه تحقيق الحل السياسي للأزمة السورية المستعصية حتى الآن ، أي أن التحالف الدولي يعمل بالتزامن والتنسيق على أكثر من صعيد وخيار ليس في سوريا فحسب بل على مستوى عموم المنطقة وخصوصا في العراق وسوريا ، ويبدو أن لكل من فرنسا وبريطانيا دور هام وأساسي في الترتيبات المرتقبة سواء في سوريا أو في العراق تجلى ذلك في مواقفها بمجلس الأمن ومشاركتها الفاعلة في الضربات الأخيرة على مواقع سورية هامة رغم الفيتو الروسي ، وتفيد المعلومات أن مهمة الإشراف على إدارة شرقي نهر الفرات المرتقبة ستسلم إلى فرنسا ، وربما مهام مشابهة أو مماثلة تسلم إلى بريطانيا في العراق ، ولا يخفى ما يعول عليه التحالف من أهمية دور كل من الأردن والسعودية وتركيا والامارات وإلى حد ما قطر ، أي أن التحالف الدولي ومعه العديد من دول المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من التطورات والترتيبات القادمة لعموم منطقة الشرق الأوسط ..
وعلى الجانب الإقليمي ، أبدت تركيا توافقها مع التحالف الدولي في ضرباته الأخيرة لسوريا ، ما يعني أن تركيا لن تتخلى عن حلفائها التاريخيين أو أنها حصلت مؤخرا على تفاهمات مع الجانب الأمريكي ، كما يعني حصول اختلال في علاقات دول استانا الثلاث ( روسيا ، إيران ، تركيا ) أو أن علاقات هذه الدول آنية وقتية بدأت في استانا ولمصالح سياسية معينة على الأرض السورية ليس إلا ..
وإيران ، تخشى في تواجدها السوري من حملات عسكرية خاصة على مواقعها في سوريا ، سواء من اسرائيل أو التحالف الدولي ، لاسيما وأنها ماضية في تدخلاتها الإقليمية دون هوادة سواء في سوريا أو في اليمن أو العراق أو في لبنان ، ولا تأبه في ذلك خشية أحد ، في سعي منها لإخفاء قلقها حيال مستقبلها السياسي ، خاصة أن أمريكا ربما تنسحب من الاتفاق النووي مع إيران الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن ومعها ألمانيا ( خمسة + واحد ) ، كما أن القلاقل الداخلية لاتزال مستمرة ومن منطقة إلى أخرى وآخرها ( الأحواز ) كما لا تزال الخلافات الداخلية متفاقمة دون تفاهمات بشأنها ، إلى جانب حركة الجياع من شعبها قائمة دون توقف ، والوضع الاقتصادي في تراجع دائم وقيمة النقد الإيراني في تدهور أمام الدولار واليورو ..
وفي العراق وكوردستان ، هناك مؤشرات إيجابية واضحة نحو تفاهمات قد تفضي إلى مرحلة جديدة من العلاقات بين بغداد و هولير ، فالقضايا الأساسية في طريقها إلى الحل و العمل مستمر من أجل زوال حالة الاحتقان بين الطرفين ، على أمل ألا تعود تلك الحالة فيما بعد الانتخابات العراقية ، كما أن هناك عزم على تضافر الجهود والمساعي نحو محاربة الفساد والمفسدين ( إلى جانب الفساد المالي والإداري هناك الفساد بل التفسخ السياسي في العراق ) والعمل معا من أجل خروج العراق من تحت عباءة إيران وهيمنتها ، والعمل معا في إدارة مدنية وعسكرية مشتركة للمناطق المتنازع عليها أي التنسيق بين البيشمركة والقوات العراقية في حماية تلك المناطق وخصوصا كركوك لاسيما هناك بوادر ظهور داعش من جديد في خلايا نائمة بالقرب من هذه المناطق متربصة تنتظر الفرص المناسبة للمنازلة من جديد .. و هولير هي الأخرى تتهيأ لانتخابات مزدوجة ، الانتخابات العراقية وانتخابات إقليم كردستان ، وهناك شكل من الاستقرار نتيجة التفاهم بين الأحزاب والقوى السياسية باستثناء البعض منها غردت خارج السرب أو أنها بالأساس لم تكن يوما داخل السرب ، وجل خدماتها تصب في مصلحة الآخرين ، وعلى العموم يبقى الوضع في كردستان يشير إلى الهدوء والاستقرار ، وأن موضوع الاستفتاء على استقلال الإقليم غدا أمرا واقعا حيث سجل نقطة مضيئة في مسيرة نهج البارزاني الخالد والمشروع القومي الكوردستاني الذي يتقدم بقيادة الزعيم المناضل مسعود البارزاني ..
أما في كوردستان سوريا ، فلا تزال الصراعات التي يفتعلها حزب الاتحاد الديمقراطي ( p.y.d ) و ( tevdem ) مع المجلس الوطني الكوردي في سوريا و أحزابه قائمة ، رغم ما يعايناه من سخط جماهيري وتدني عميق لشعبيتهما نتيجة الفشل السياسي والإخفاقات العسكرية الأخيرة المخالفة تماما لتهديدات قياداتهما في قنديل عبر الإعلام ، وللتغطية على هذا الفشل الذريع عمدا إلى تصعيد الصراع مع مجلسنا وأحزابه فأمعنا في اعتقال المزيد من قياداته والإبقاء على آخرين مازالوا رهن الزنازين والمعتقلات ، فضلا عن زيادة وتيرة ملاحقة الشباب للتجنيد الإجباري ، و رغم كل ذلك فإن المجلس يبقى عازم على البقاء ملتزما بخطه القومي والوطني بشكل واضح حيال أي تدخل عسكري في الأراضي السورية وخصوصا الاحتلال التركي لمدينة عفرين وبلداتها وقراها ، كما يدعو المجلس باستمرار إلى ضرورة لم الشمل وتضافر الجهود من أجل حماية مناطقنا وأهلنا ذلك هو واجب كل المخلصين من أبناء شعبنا ، لكن دون جدوى ، ودون أن يخفف هذا الموقف المبدئي من المجلس جزءا ولو يسيرا من سياسات p.y.d و tevdem الطائشة وممارساتهما التعسفية المدانة بكل المقاييس ، إلا أن المجلس يظل مستمرا في نضاله السياسي السلمي وسيواصل علاقاته مع القوى والمنظمات الإنسانية ولجان المجتمع المدني وحتى مع الدول الصديقة لشعبنا الكوردي من أجل المساهمة في تخفيف الأعباء عن عفرين و أهلها وفي المقدمة منها تأمين سبل عودتهم الى ديارهم وممتلكاتهم وكذلك السعي من أجل المساهمة في تأمين مستلزمات العيش لهم بأمان ، كما لن يدخر المجلس أي جهد أو مسعى يخدم قضية شعبنا بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص عبر العمل السياسي المشترك مع القوى والشخصيات نحو تحقيق بناء سوريا دولة اتحادية ذات نظام ديمقراطي يكفل لكل المكونات السورية حقوقها القومية والوطنية بما فيها حق الشعب الكوردي وفق العهود والمواثيق الدولية ..
في 14 / 4 / 2018
المكتب السياسي
السابق بوست
التعليقات مغلقة.