هنا أود أن أذكر الجميع ببعض كتاباتي الماضية أي قبل تهديدات “ترامب” للنظام السوري بشهور خلت ،كان مضمونها أني أكدت على أن نهاية المشهد السوري سيعرف طرد إيران و النظام خارج المعادلة بٱعتبارهما فقط أدوات لمصالح القوى العظمى ،في حين كان الجميع يستغرب من كلامي إلى درجة السخرية ،لكن هذا ما يظهر الآن عمليا على الساحة السورية.
أكدت مسبقا إنطلاقا من بعض تسريبات تقارير أمريكية و روسية قبل شهرين بأن القطبين سيتخلصون من إيران و تركيا و أديالهم في آخر مطاف الوضع السوري ،حيث أن روسيا و امريكا و أروبا في توافق ضد اي توسع إيراني و تركي و عربي علما ان كل التمددات التي نراها فقط كانت بمعيار روسي و أمريكي و أروبي لا اقل و لا أكثر ،مع العلم أن إنتهاء دور إيران و النظام يستوجب إقتلاع وجودهم و قص أجنحتهم ،كما أن الدور سيأتي مستقبلا على تركيا كذلك.
إبقاء النظام كل هذه الأعوام منذ بداية الثورة إلى الآن كان الغرض منه إطالة الحرب و ترويج السلاح و نهب الثروات ،كما أن وجوده دريعة في عدم ترك أي فرصة لتوغل القوى المنافسة لأمريكا و أروبا كالصين و اليابان على وجه التحديد ،حيث أن كل هذه التلاعبات كانت بٱتفاق أمريكي_روسي سرا لكنها تتضح عمليا على الأرض.
تهديدات أمريكا للنظام السوري و الراجح أن الضربة العسكرية قادمة في حالة تعجرف إيران ،هي خطة ثنائية بين الروس و أمريكا و مخطئ من يظن عكس هذا ،حيث يظهر هذا بشكل واضح في تراوغ روسيا في الرد و التصعيد مع أمريكا ،زيادة إلى إنسحاب بعض القوى الروسية من دمشق و سفن روسية تفاديا للقصف ،بينما أن كل ما حدثت في مجلس الأمن كان فقط مسرحية بين القطبين العالميين ،ما يكشف ان روسيا سحبت البساط من تحت أقدام النظام و إيران كما فعلت في العراق و ليبيا و أفغانستان ،مؤشرات ألزمت إيران الصمت و تركيا في ترقب للمشهد و ٱنتظار دورها بخصوص جريمة حرب في “عفرين”.
الخطة الروسية و الأمريكية و الأروبية السير التنفيد حاليا بعيدة عن المصالح السياسة بل هي مخطط أكاديمي يستهدف إلى تقزيم و تحجيم العنصر القومي الإسلامي في المنطقة ،بمعنى آخر أن الأقطاب الثلاث فتحوا المجال لإيران في سوريا إلى أن أنهت المخطط من الجانب العسكري بعدها دخلت أمريكا و اروبا و غضت روسيا الطرف للتخلص من إيران و ديلها النظام ،كتذكير على أن روسيا و أروبا لم تنسى أبدا جرائم الإمبراطورية الفارسية و العثمانية و العربية في حقهم لهذا فالكل مازال يعمل للإنتقام من العرب و الترك و الفرس.
حسب تجارب الأقطاب الثلاث الروسي و الأمريكي و الأروبي في التسوية السياسية بخصوص المصالح الإقتصادية و مناطق النفود فإنهم يعتمدون على الحوار و التفاوض ،أما بخصوص الحرب فالضحية لا تكون إلا ضد طرف رابع ،علما أن مشروعهم كان محو سوريا من الخريطة ذلك بتقسيمها إلى مناطق نفود على شكل أقاليم ،مع إبعاد كل من العرب و الفرس و الترك سياسيا و الإعتماد عليهم فقط كجنود و رجال حماية.
تهديدات أمريكا بتحالف اروبا و بمواقفة روسيا ماهي إلا بداية للعب الكبار من أجل التخلص من الصغار كإيران و النظام و تركيا ،أضف إلى ذلك كذلك pyd و pkk لأسباب أهمها إرتباطهما بإيران و النظام السوري ،أثبتت التجارب التاريخية و الحالية أن الأمور ليست فقط نظرة مصالح و إقتصاد بل هي مسألة تاريخ أسود راسخ متمثل في الحقد الدفين بين القوميات الغاصبة لكوردستان و الغرب.
مسألة الضربة الأمريكية للنظام لقت دعما أروبيا و إسرائيليا و عربيا سنيا بقيادة السعودية من أجل إخراج إيران و ميلشياتها من سوريا ،مع العلم أنه إن لم تتم عسكريا فإنها ستتم سياسيا بتنازل إيران و النظام و موافقتهما على مطالب الغرب بدون أدنى شك
إلى هنا هل توصل الشعب السوري إلى أن سوريا لا وجود لها بعد الآن ،كما أن العراق بدوره ينتظره نفس اللاوجود مستقبلا ،وحبل الجرار على تركيا و إيران مع الوقت”.
الكاتب الامازيغي : يوسف بويحيى
التعليقات مغلقة.