لقد دخلنا العام الجديد، وتوضح الأمور بشكل أكثر بالنسبة لشعب السوري، بأن كل هذه التدخلات في سوريا، ابتداءً من الأمم المتحدة – المنظمة العالمية الأولى- ومروراً بكل من أمريكا وروسيا، وانتهاءً بتركيا وإيران، لم تكن رحمة على الشعب السوري أو لجلب الديمقراطية وإنهاء الأنظمة المستبدة والقضاء على الإرهاب، بل كانت هذه التدخلات لتنفيذ مصالحها، وبسط مناطق نفوذها، ضاربة بكل القيم الإنسانية عرض الحائط.
أصبحت سورية مرتعاً لتصفية الحسابات، أرض مستباحة لكل ما هو ممنوع، لم يخسر فيها سوى الشعب السوري عامة، دون ان يرف طرف الضمير الإنساني، فالصمت الدولي ومنظمتها العالمية أمام ما جرى ويجري في سوريا، فهو دليل على مشاركتهم في هذه الجرائم التي تقشعر لها الأبدان.
فالقرار الدولي بمحاربة الإرهاب خرج منذ بدايته ميتاً، لعدم تصنيفها وتعريفها بشكل واضح، كل دولة تُفسر وتُعرف هذا القرار حسب منظورها ومصالحها.
فالجميع يحاربون في سوريا تحت بند هذا القرار، فروسيا والنظام يقصفون الغوطة بحجة محاربة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، ومحاربة أميركا مع حلفاءها في سوريا بحجة محاربة داعش الارهابي. فدخلت تركية في الآونة الأخيرة على الخط، وقامت بالتدخل في عفرين بحجة محاربة PYD ذراع الحزب العمال الكوردستاني المصنفة إرهابياً حسب منظورها. إذا ما حللنا الوضع في عفرين والغوطة الشرقية، فنجد انها ضمن المساومات والبازرات الدولية.
إذاً الضحية الأولى والأخيرة في هذه البازارات السياسية المدنيون الذين قتلوا وشردوا، ودمر بيوتهم، دون ان يحرك الضمير الإنساني، تجاه ما يحدث في عفرين. فالمصالح والنفوذ فوق كل الاعتبارات الانسانية. ان ما يجري الآن في كلٌ من مدينة عفرين والغوطة الشرقية، ليست إلا تصفية للحسابات، والضغط على بعضهم البعض ليتنازل كل طرف عن ما يريده الطرف الآخر، رغم هذا الدمار والخراب والقتل، لا نرى بينهم سوى المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، إذا الخاسر الأول والأخير هم الشعب السوري عامةً، دون تمييز بين عرق وقومية وطائفة. فالشعب السوري عامة والكوردي خاصة ومنذ أكثر من سبعة سنوات تحت رحمة البازارات السياسية، وكان عفرين والغوطة آخرها، تم قصم ظهر السوريين تحت حجج واهية، منها محاربة الإرهاب، وتحقيق الديمقراطية، والقضاء على الأنظمة الشمولية والمستبدة، لم يخسر فيها سوى المدنيين الأبرياء، الذين خسروا أنفسهم وبيوتهم. ألم تنتهي هذه البازارات السياسية على حساب قتل وتشريد الآلاف من المدنيين؟، ألم يحن الوقت لاستيقاظ الضمير العالمي؟.
عزالدين ملا …
التعليقات مغلقة.