دخلنا العام الجديد والشعب السوري تأمل انفراجا لبؤسه ومعاناته، لكن ما حصل وخلال الشهرين الماضيين وخاصة في منطقتي عفرين والغوطة الشرقية، وهم يعيشون تحت رحمة قصف المدافع والطائرات، مما تسبب في قتل وجرح وتشريد المئات من المدنيين،كل هذه الجرائم تتم تحت سمع وبصر المجتمع الدولي ودون تحرك جدي من المنظمات الدولية من أجل وقف هالة العنف والقتل والتدمير .فالبازارات السياسية وبسط وتوزيع وتقسيم مناطق النفوذ بين الدول الكبرى يجعلها في خانة المتسبب في هذا الكم الهائل من الدمار والقتل.
- كيف ينظر السياسيون الكورد إلى ما يحث في عفرين والغوطة الشرقية؟؟
- في نظر السياسة، كيف يمكن التفريق بين ما هو الصح وما هو الخطأ في ما يجري الآن؟؟
- هل في نظر السياسيين الكورد ان ما يحدث في عفرين يوازي ما يحدث في الغوطة؟؟ أم ماذا؟؟
- ما المطلوب من القوى السورية العربية والكوردية الفاعلة خارجياً لإنهاء ما يحدث في عفرين والغوطة الشرقية؟؟
تم طرح هذه التساؤولات على عدد من السياسيين والمثقفين الكورد:
تحدث نشأت ظاظا عضو مكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، حيث قال: « في الحقيقة سؤال جدير بالتقدير من حيث الشكل والمضمونوباعتقادي أن نظرة الكورد بشكل عام والسياسيينبشكل خاص تتسم بالحزنوالأسف من جهة والملامة وقلة الحيلة من جهة أخرى،فتتشابه المشاهد جراء القصف العشوائي والافراط في حجم وكمية النيران، وبمختلف الاسلحة طبعاً تحت ذرائعواهية لا أساس لها من الصحة. وهنا يمكن لنا القول بأن الوقائع ومعرفة الحقائق السياسية كما تنبغي، وقراءة المشهد كما يجب في ظل صمت المجتمع الدولي، واخصُ منهم اصدقاء الشعب السوري أن صح لنا التعبير. فالمواقف بدت خجولةلا ترتقي الى مستوى الحدث لا بل الأكثر من ذلك طغىعليها لغة المسايرة والمصالحوالتوازنات الجيوسياسية والحسابات العسكرية البعيدة المدى. وعليه ندرك بأنه لاصوت يعلو فوق صوت المعركة، ولا مكان للعواطف والمشاعر اوحتى آهات الأمهاتالتي تبكن اولادها في كل دقيقة من استمرار أمد هذه الحرب القذرة التي قتلت البشر ودمرت الارض والشجر ».
في ما يخص سؤالنا عن نظر السياسة، كيف يمكن التفريق بين ما هو الصح وما هو الخطأ في ما يجري الآن، أجاب ظاظا بالقول: « اذا صح لنا القول المصطلح بذاته ينقسم الى شقين فالإسلام يستخدم المصطلح بشكل ومفهوم مختلف عن ما هو عليه في السياسة،أما بالنسبة للسياسة ففي اعتقادي الأمرمختلف، فلا يمكن لنا الجزم في استخدام هذه المصطلحات وأسقاطها على الحالاتالمنظورة، وأخصالعلاقات الاستراتيجية بين الدول من حيث المصالح والفوائد التي يجنيها الطرفين،وعلى سبيل المثال لا الحصر شعبنا الكوردي، والذي يعتمد على مجموعة عوامل منها داخلية والأخرى خارجية،اقتصادية وسياسية،ولكل منها ابعاد ومداخل معينة تحتاج لشرح معمق بكل ما تعني الكلمة من معنى.إلإ اللهم اذا كان المقصود هنا شيء مختلف عن ما أشرت اليه، وأخص بها المواقف التاريخيةاوالرؤية الاستراتيجية والسياسية المتجسدة في المشروع القومي الكوردي فهنا حكماً الامر مختلف جداً، وعليه فأن المصطلح المعتمد اعلاه واضح وليس بحاجة إلى تأويل وتقويل »
وفي ما يخص ما يجري في مدينة عفرين والغوطة الشرقية، تحدث ظاظا: « نعم أعتقد ذلك فهنا شعب يقصف ويقتل ويشرد وهناك شعب ايضاً يعامل بالمثل، كذلك هنا صمت دولي وتواطئوغض طرف عن ما يجري بحق شعب تواق للعيش بحرية وسلام، اسوة بباقي شعوب المنطقة وهناك كذلك، هنا التهم والذرائع والحجج الواهيةجاهزة وعلى حد وصفهم طبعاً محاربة المجاميع والتنظيمات الارهابية هناك كذلك، وعليه يستنتج المرء بأن اللغة الطاغية على المشهدين القتل وأزيز الرصاص ».
تابع ظاظا: « في اعتقادي بأن المطلوبشيء والممكن شيء اخر، لكن الأهم في هذه المرحلة لتلك القوى المؤمنة بالثورة العمل بروح المسؤولية امام التضحيات الجسيمة التي قدمهاشعبنا العظيم بمختلف انتماءاتهم في التخلص من الطاغية بشار الأسد وزبانيته، والذين حكموا البلاد منذ عقود بالحديد والنار، كما ان على هذه القوىالهادفة رأب الصدعفي ما بينها، نتيجة انجرار البعض خلفمشاريع واجندات اقليمية منهاوداخليةلا تخدم الا مصالحتلك الجهات، لا بل زد على ذلك ايضا بأنها تساهم في ترسيخ الشقاق بين مكونات المجتمع المتمثلة بالمعارضة والتي كان النظام يعمل عليه جاهداً طوال عقود، ويبدو لي بأنه نجح بعض الشيء في تحقيق مآربه، كما ان على هذه القوىقبل التوجه الى المجتمع الدولي او القوى الخارجية الفاعلة بهذا الشأن الاتفاق على مشروع سياسي ضامن وجامعيلبي طموحات جميع مكونات المجتمع السوريبمختلف مشاربه الاثنية منها والدينية ».
تحدث ابراهيم اليوسف كاتب وصحفي، حيث قال:« لا أصنف نفسي سياسياً، وإنما أعدني مجرد إنسان. مجرد كوردي. مجرد سوري، يؤلمه ما يتعرض له أهله، سواء أكان ذلك في عفرين أو الغوطة، وإن كنا نجد ثمة من يتشفى بالمجزرة المفتوحة ضد الكوردي في عفرين، بدعوى الثأر من طرف سياسي، إلا أن الأمرليس كذلك، فالموقف الإنساني لايتجزأ، ومايحدث الآن من قبل بعضهم أمرمؤسف، وهونتيجة قصورفي الرؤيا، لاسيما إن من يقف وراء ذلك ينتمون إلى النخبة- سياسياً وثقافياً- وهم من نشروا هذه الثقافة.
ثمة تواطؤ، لابد من إدراكه. تواطؤ دولي هذا التواطؤ تم ضد ثورة السوريين التي تصادف هذه الأيام ذكرى مرور سبع سنواتعليها. هذا التواطؤ مورس مع إقليم كوردستان، وهاهويمارس مع كورد سوريا. شراكة الدم عامة- الدول الكبرى شريكة مع القاتل السوري- وقاتل بغداد وقتلة إيران وتركيا وغيرهم ».
أضاف اليوسف:« ان معيارهدرالدم هو الذي يحدد كل شيء. صحيح، اللوحة متداخلة، والرؤى مضببة، ومع هذا فلا بد من الاحتكام إلى المنطق والعقل. لي رأيي: خلافات أهل البيت الواحد تؤجل أمام أي خطرأكبر. إنه معياريجب أن يعمل به في كل مكان، وإن كنت- شخصياً- قد فقدت ثقتي ببعضهم: جهة، أو أشخاصاً، ممن يتنطعون للتمثيل هنا وهناك ».
أكد اليوسف: « بأن الجريمة واحدة أينما كان مسرحها. مايحدث في الغوطة مجزرة مفتوحة، مدانة، وحشية، وإبادة لأبناء المكان، ومايحدث في عفرين مماثل، بل يكاد يكون أشد إجراماً، إذا وضعنا في الاعتبار: أن في ذلك استهدافاً لوجود شعب، واقتلاعه من جذوره. من فوق ترابه. مدان كل من يفرق بين الجريمة هنا أو هناك، حتى وإن استمال أحد القتلة أحدهم ليصرح ضد هذه الضحية أو تلك. هنا تكمن مسؤولية المثقف. هنا تكمن مسؤولية الإعلام الذي بات يلغي دور المثقف، لأجل فرض رأي ممول، هو في الأصل جزء من الحرب التي تتم في سوريا. في المنطقة ».
ثم تابع اليوسف: « لا دور لأحد، في تصوري. ما أرادته الدول التي دخلت-على الخط- استطاعت تحقيقه. ليس أمامنا إلا – الاعتصامات، المظاهرات- لكن كل ذلك، لا أهمية له أمام” الضخ” الإعلامي، مابعد مابعد الحداثي الذي هو مواز للحرب. مواز للدمار. مواز للقتل. مواز للجريمة، بل له حظه الوافر في صناعة كل ذلك ».
تحدث درويش ميركان محامي، حيث قال: « منذ عملية حلب وجولات استانة اللاحقة بات المشهد السوري أكثر وضوحاً لجهة عقد الصفقات بين روسيا وتركيا وإيران لتقاسم النفوذ في الجغرافيا السورية، وكلما لاح للأفق اتفاق وقف التصعيد في منطقة ما، نتطلع إلى الصفقة الحقيقية لهذا الاتفاق.حتى الأمس القريب كانت إدلب مسرح لاتفاق وقف التصعيد، هذا التصعيد الذي لم يهدأ حتى الآن مقابل الهجوم على منطقة عفرين، وفيما بعد دخلت الغوطة الشرقية في الصفقة المشبوهة ودون أي اعتراض من تركيا على الرغم من مطالبتها الخجولة بوقف العمليات العسكرية فيها،وعلى الرغم من تبني مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2401 في شباط الماضي بشأن وقف الأعمال العسكرية في سوريا، ورفع الحصار المفروض من قبل قوات النظام على الغوطة الشرقية وبقية المناطق الأخرى المأهولة بالسكان، لمدة 30 يوماً، ويدخل حيز التنفيذ بشكل فوري، إلا أن هذا القرار لم يطبق لا في الغوطة ولا في منطقة عفرين على الرغم من أن القرار شمل كل سوريا ».
تابع ميركان: « يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لاتكترث سوى لمنطقة شرق الفرات ومناطقها الغنية بالنفط والغاز، ووجود قواعد لها هناك بحجة محاربة تنظيم داعش، التي تتوجه أصابع الاتهام اليها في عملية صناعة هذا التنظيم».
أضاف ميركان: « الحقيقة أن المعارضة السورية بكل أطيافها أصبحت رهينة لمصالح داعميها، سواء كانت معارضة بوجهها السياسي أم العسكري، وكون الكورد جزء من هذه المعارضة ممثلة بالمجلس الوطني الكوردي، فهي ليست أفضل حظاً من البقية، وما الدور الدبلوماسي الذي يقوم به المجلس عن طريق مكتب العلاقات الخارجية في عقد جولات من اللقاءات مع أطراف إقليمية ودولية خارج مظلة الائتلاف إلا نوع من محاولة إيجاد موطئ قدم في الحالة السورية عامة والكوردية خاصة بعد سيطرة الإدارة الذاتية على مفاصل الحياة بقوة السلاح ».
يرى ميركانبعد استعراضهالبسيط للحالة العامة السورية والغوطة وعفرين خاصة: « أن تحرك القوى العربية والكوردية في الخارج دبلوماسياً، لانهم يعتبرونالمواطن في عفرين ليس بأقل من هم في الغوطة والعكس صحيح، ودم طفل الغوطة هو بنفس لون وقيمة دم طفل من عفرين، هذا التحرك مطلوب في وقت تخلى البعض عن إنسانيتهم، واعتبر النفط أغلى من الدم والغاز أغلى من الأوكسجين الذي يستنشقه المواطن السوري ».
تحدث عبداللطيف محمدامين موسى كاتب، حيث قال: « مما لاشك فيه بأن الأزمة السورية و منذ بدايتها في آذار ٢٠١١ الى اللحظة الراهنة في تعقيد مستمر، نتيجة تداخل وتشابك المصالح الدولية واجندات الدول الفاعلة في التأثير في القرار العالمي، فكان لابد من تشابك تلك المصالح والاجندات وكان لا بد من ان يتم إعطائها طابع سياسي بالتحضير لها في الغرف المظلمة وتحت كواليس ورحمة تجار الحروب والمصالح، ومنها ما تم التحضير لهاعبر اتفاقات سياسية أمنية تتم ترجمة مفرزاتها على ارض الواقع، فكانت لاجتماعات أستانا الأثر الأكبر على الأزمة السورية من خلال انشاء ما تم تسميتهبمناطق خفض التصعيد ».
أكد موسى:«ان ما يحصل في عفرين والغوطة الشرقية مرتبط بتفهامات وحروب بالوكالة بين دول تتشابك مصالحها، ويدفع ثمنها الشعب السوري بشكل عام والكوردي بشكل خاص. بالنسبة لعفرين فيها محاولة لتغير ديموغرافية المنطقة من خلال إسكان المهاجرين السوريين من كافة المناطق السورية المهاجرين الى تركيا واسكانهم في المنطقة الآمنة المزمع إنشائها من قبل الدولة التركيا على حساب الشعب الكوردي الذي يشكل نحو تسعين بالمئة من سكانها. بالطبع الشعب الكوردي في عفرين يدفع ثمن تلك المقايضات السياسية على طاولات البازار السياسي، والتي تترجم الى قتل يوميبمختلف انواع الأسلحة. بالطبع السياسي والمثقفالكوردي يتحمل قسم كبير مما وصلت اليه الأمور في عفرين، حيث لم يكن بمقدوره ان يضع مصالح الكورد على أولوية تلك الاجندات، والتي كانت لربما تخدم المصالح الكوردي، وكما اثر المشهد السياسي الكوردي المنقسم على مجريات الأمور ».
يرى موسى: « ان قسم الأكبر من اللوم تتحمله سلطة امر الواقع كونها لم تستطع الدفاع وترجمة المصالح الكوردي بما تخدم تطلعات الشعب الكوردي، حيث دخلت في اتفاقات متعدة كانت مردودها سلبي جدالم تخدم عفرين وشعبها، واستفردت بقضية عفرين ولم تسمح بالأطياف الاخرى من الشعب الكوردي بالمشاركة في حفاظ على المصالح والمكتسبات الكوردية في عفرين من خلال عدم السماح ل بيشمركة روز المقبولة دوليابالمشاركة في الدفاع عن عفرين، ولم تخلق الثقة من خلال إطلاق السجناء السياسين الكورد، فوصلت الامر الى ما وصلت اليه من السوء، وكما ان للقسم الآخر من السياسين الكورد المتمثل بالمجلس الوطني الكوردي والذي يمثل شريحة كبيرة من الشعب الكوردي ومبادرته السياسية لم تكن بالمستوى الكافي، كونه لم يستطع توظيف علاقاته السياسية والدبلوماسية في عواصم القرار العالمي بما يتناسب ومصالح وخدمة قضية شعبنا الكوردي بشكل عام وفي عفرين بشكل خاص ».
أكد موسى: « ان السياسي الكوردي تغلب عليه العاطفة القومية اكثر من السياسية المعتمدة على العقلانية الوطنية. لابد من توحيد الصف والجبهة السياسية الكوردية، والخروج بموقف سياسي كوردي موحد تجاه ما يحصل، بحيث يمكن توظيفه في خدمة مصالح شعبنا الكوردي في عفرين من وجهة نظر السياسية ».
أضاف موسى: « ان السياسةلا يوجد فيها ما هو الصح والخطأ، ما يناسب مصالح الدول هو الصح وما ينقضههوالخطاء. السياسة فن الخدعة والذكاء واللعب مع الشيطان وهزيمته، وان تجعل كل الأمورفي خدمة ومصلحة قضيتك، بالنسبة لنا تقاطع مصالح الدول تلقي بمفرزاتها على الشعب الكوردي ».
ويؤكد موسى أيضا: « ان السياسي الكوردي يعيش الواقع نفسه ما يحصل في عفرين والغوطة السورية هي سياسة التهجيروالقتل، ومخططات لتغير ديموغرافيةعفرين والغوطة نفسها، ومن الغيرالممكنالفصل بين معاناة عفرين والغوطة، كون المخطط يستهدف وجود السوري».
لذلك فالسياسي الكوردي يرى بان حل القضية الكوردية ضمن إطار سورية موحدة متمثل بالفيدرالية.ويجب عمل كل المستحيل لوقف معاناة الشعبين الكوردي والسوري في عفرين والغوطة. يتحتم ومن منطلق واجب إنساني وقومي وعاطفي اتخاذ خطوات عاجلة للعمل على وقف ذاك العدوان وتلك المجازرالتي تحصل في عفرين وفي الغوطة الشرقية وكل المناطق السورية، من خلال وضع برامج مدروسة وحلول فورية لاتحتمل التأجيل.
التعليقات مغلقة.