المجلس الوطني الكوردي في سوريا

يوسف بويحيى :عفرين تحت النار ..الجزء الخامس عشر

113

كما كنت أقول دائما أوربا و امريكا هي الوجه الملون للإرهاب بينما الأنظمة الإقليمية فقط أدوات عملية مصنوعة رهن الإشارة ،لهذا فقضايا الشعوب المستعمرة التواقة للتحرر تكمن مشاكلها على يد رواد مجلس الأمن و الأمم المتحدة و المجتمع الدولي قبل ان تكون بأيدي الأنظمة العملية الغاصبة.

قارة إفريقيا بثرواتها الخيالية مازالت تعاني الفقر المدقع بفعل السياسات الإستعمارية لفرنسا و بريطانيا…،هذه الأنظمة الإمبريالية مازالت تنهج مخططات التجويع و التفقير عن طريق أنظمة ديكتاتورية إفريقية بالوصاية ،لن يصدق أحد بأن إفريقيا قارة غنية بالذهب و الماس و الفضة و النفط و الغاز…مع ذلك مازال الإفارقة يموتون جوعا و مرضا و جهلا ،كل هذا بسبب الإستعمار الأروبي الذي يستنزف ثرواتها إلى الآن بدون وازع اخلاقي و إنساني.

إن العدوان التركي على الشعب الكوردي بعفرين ليس إلا مخطط سياسي دولي ألماني ،ذكرت ألمانيا ليس بسبب عدم إلتزامها بقرار منع بيع السلاح للجيش التركي بعد إرهاب غصن الزيتون ،بل بدليل تاريخي لمن إسترجع ذاكرة التاريخ للوراء ،سيجد بأن ألمانيا لها دور أساسي فعال في صناعة النظام التركي بعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية كما هو الحال لبريطانيا و فرنسا في صناعة أنظمة العراق و سوريا و إيران و اليمن و لبنان…،فعلاقة ألمانيا بتركيا كعلاقة العبد بسيده ،لهذا كنت أصر دائما بالقول أن المانيا تسعى دائما لإبعاد تركيا عن المستنقع الكوردي ما أمكن ،زيادة إلى أن ألمانيا تحتضن أكبر المافيات التركية الحاكمة “الذئاب الرمادية” هذه الأخيرة تعامل أردوغان كبيدق لا غير ،رغم إختلاف المبدأ الفكري و العقائدي بين النظامين الألماني و التركي.

ألمانيا متورطة بشكل ملموس في قضية عفرين كما هو حال أمريكا في كارثة كركوك و بريطانيا في حلبجة ،بمعنى آخر جد صريح ان الشعب الكوردي يحارب و يقتل بيد عالمية وليس فقط إقليمية ،هل من المعقول أن تكون دول أروبا و امريكا غافلة عن حقائق هذه الكوارث الإنسانية و التنظيمات الإرهابية (القاعدة،داعش) بالمقابل أقمارها الإصطناعية و إكتشافاتها و أبحاثها تغزو البر و البحر و الفضاء ،الحق يقال بأن أروبا و أمريكا هما رأس الإرهاب الخفي أما أذيالهم من الأنظمة التبعية فقط أدوات عملية لا أقل و لا أكثر.

أمريكا و دول اروبا تعملان دائما على خلق الإرهاب و الحرب بواسطة عبيدها من الأنظمة الغاصبة لكوردستان ،هذه الأخيرة بدورها تعمل على تشكيل تنظيم بيادق لها من داخل الشعب الكوردي (احزاب،حركات،مافيات…) ،هكذا تستمر حلقة الإرهاب و الإجرام لإخضاع الشعب الكوردي و كسر إرادته لعدم نيله الإستقلال ،علما أن إستقلال الشعوب الأصلية هي نهاية للإرهاب و غلق بؤرة الإسترزاق الدولي الأروبي و الأمريكي.

لمدة شهرين عفرين تقصف و تقتل و تدبح بلا أي تحرك دولي أخلاقي و إنساني لحماية الإنسان الكوردي البريء ،لا مجلس أمن و لا أمم متحدة و لا مجتمع دولي و لا إتحاد أروبي و لا جامعة الدول العربية و لا مسلم و لا مسيحي و لا يهودي و لا جني إستطاع أن يحرك ساكنا نصرة للإنسانية و الأخلاقية ،لم تحرك عفرين و كركوك و حلبجة شعرة واحدة في ضمير العالم العاهر ،بينما يلعب على تلك الكوارث الإنسانية لمصالحه الشخصية عند وقتها المناسب ،خير مثال قضية حلبجة الكوردستانية في سنة 1988 التي لم يتم ذكرها على لسان العالم (أمريكا و اروبا) إلا في سنة 2003.

أروبا و أمريكا لا تحارب فقط لأجل مصالحها الإقتصادية و لا لعقيدتها المسيحية بل لنزعتها القومية النصرانية قبل كل شيء ،إفريقيا السمراء اغلبيتها مسيحية المعتقد لكن لا تعني لهم شيئا كما هو حال مسيحيي آسيا لأنهم ليسوا نصارى ،فمن كان يظن ان الأنظمة الأروبية الإمبريالية و أمريكا لا تبني مخططاتها على بعد قومي عنصري فهو اكبر واهم ،علما اني ذكرت ذلك في أكثر من مناسبة بأدلة علمية فكرية و إجتماعية و نفسية و عقائدية…

عفرين و شعبها لا يعني لهم شيئا حتى ولو كان مسيحيا لان الحقيقة انهم كورد في آخر المطاف ،لكن إن تعلق الأمر بإنسان واحد نصراني تعقد الإجتماعات في كل مكان بشكل فوري (مجلس الأمن و الأمم المتحدة…) خير مثال على هذا ماحدث بين روسيا و بريطانيا بخصوص محاولة قتل الجاسوس البريطاني ،بمعنى شعب كوردستان بأكمله لا يساوي إنسان بريطاني واحد في نظرهم.

القضية الكوردية قضية عادلة و مشروعة كونيا و إنسانيا و تاريخيا و جغرافيا ،كل ما تحتاجه هو ان يتوحد شعبها تحت راية كسر القيود من أجل الإستقلال الحر و تأسيس دولة ،إبتداءا من التخلص من الخونة و العملاء إلى الإنتفاض ضد الأنظمة القمعية سواء الإقليمية و الدولية ،تجربة شعب “فيثنام” و “كوبا” خير مثال على ذلك.

الكاتب الامازيغي : يوسف بويحيى 

التعليقات مغلقة.