المجلس الوطني الكوردي ومنذ تأسيسه، كان محط أنظار جميع فئات الشعب الكوردي في كوردستان سوريا وآمالهم، لأنه حمل على عاتقه المشروع الوطني والقومي للكورد في سوريا.
بعد مرور ثماني سنوات على الازمة السورية، بقي المجلس الوطني الكوردي يراوح في مكانه، رغم قيامه بعض إنجازات على الصعيد الخارجي، حيث كان المجلس الممثل الوحيد وحامل المشروع الكوردي في المحافل الدولية.
ولكن على الصعيد الداخلي ونتيجة ممارسات الطرف الكوردي الآخر أي (ب ي د ) ولواحقه. لم يقم المجلس بأي خطوة نحو الأمام سوى المناشدات والتنديد والاحتجاج.
حدث تغيير ديمغرافي في كوردستان سوريا نتيجة هجرة الآلاف من الكورد شبابا ومن الفعاليات المختلفة إلى الخارج.
هنا يبادر إلى الأذهان تساؤلات عديدة:
1- كيف سيتعامل المجلس الوطني الكوردي مع هذه الاوضاع إذا ما استمر الامور على حالها؟
2- ماذا عن مستقبل الكورد وقضيتهم القومية التي هي ضالة كل كوردي وطني في كوردستان سوريا ؟
3- هل هناك مشروع للمجلس للحفاظ على الكورد في سوريا؟
4- إذا وجد هذه المشروع، كيف ستطبقونه على أرض الواقع؟
عرضنا هذه التساؤلات على مجموعة من السياسيين:
المجلس الوطني الكوردي يجسد نبض الشارع الكوردي …
تحدث محمد اسماعيل المسؤول الاداري للمكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا وعضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكوردي حيث قال: « المجلس الوطني الكوردي يواجه سلطة الأمر الواقع (PYD) وقوات النظام الدكتاتوري وكافة أساليبهم من النفي والخطف والتهديد ومختلف الممارسات والانتهاكات في كافة المجالات والتدخل في جميع النواحي المعيشية والمهنية بدون السلاح, بل بالمظاهرات والاعتصامات والمناشدات، وكذلك بوسائل إعلامه المتواضع بقي صامداً، معتمداً على تاريخه النضالي وصدقية مشروعه القومي، معبراً بذلك عن رأي الشعب الكوردي في سوريا وعن أهدافه مجسداً نبض الشارع الكوردي، لان شعبنا يرى في سلطة (PYD) ظهور دكتاتورية لا تختلف عن دكتاتورية النظام وانهم خدموا جميع الاطراف بدءً من النظام وانتهاءً بأمريكا بدون أي اتفاق سياسي حول الحقوق القومية للشعب الكوردي ».
في ما يخص اختلاف المجلس مع المعارضة تابع اسماعيل بالقول: « ان اختلافنا مع المعارضة الوطنية التي نحن جزء منها على شكل الدولة ومسألة اللامركزية يعزز الثقة بالمجلس الوطني الكوردي، خاصة له حاضنة شعبية لابأس بها من النخب السياسية والثقافية ومختلف القطاعات المهنية من المجتمع الكوردي في سوريا سواء في كافة المناطق الكوردية في سوريا أو في مخيمات اللجوء بالدول المجاورة، وخارجياً أيضاً ضمن الجالية الكوردية يحظى المجلس بتأييد واسع وكذلك على المستوى السياسي والدبلوماسي يمثل الشعب الكوردي والقضية الكوردية في جميع المؤتمرات الدولية المتعلقة بالشأن السوري, بالأخص منها تلك التي كانت بإشراف ورعاية أممية، هذا هو الطريق لتطبيق المشروع القومي للمجلس الوطني الكوردي، في حين ان سلطة الوكالة المتمثلة بPYD هو أمر ظرفي مؤقت وهي تحت رحمة التحالفات الدولية والأقليمية والتي لتركيا دور كبير فيها وبهذا يكمن مصدر الخوف والقلق والتوجس لدى ابناء شعبنا , بالتالي لا مستقبل لها ».
كما اواضح اسماعيل بالقول: « ان معظم المخالفين لمشروع المجلس ذهبوا للمكاسب الشخصية والنفعية التي لا يمكن اخفائها. حيث ان الرؤية السياسية والمواقف والنضال ليس مهماً بالنسبة لهم، فهذا لا يعد معياراً لشعبيتهم ».
تابع اسماعيل: « اننا نريد ان نصرف نظر الانسان الكوردي عن هذه الحالة، ولا يمكن لأي وطني شريف ان يتجاهل الحقوق المشروعة لشعبه تلك التي ضحى من أجلها المناضلون الكورد والحركة السياسية الكوردية التي نعتز بها على مدى ستين عاماً من النضال المتواصل متحملين المشقات ومعتمدين فقط على الدعم الجماهيري والقومي الكوردستاني، إذاً عندما يتم الحديث عن مستقبل الكورد في سوريا، يكون المستقبل بالتأكيد للمشروع القومي الكوردي الذي يعتبر عقيدة قومية لشعبنا، فيبقى الكوردي متشبثاً بعقيدته تلك، وكذلك العمق الاجتماعي والتجربة النضالية الطويلة والتضحيات الجسام، وتمثيل الشعب الكوردي في المحافل الدولية في مستقبل سوريا ».
أكد اسماعيل: « ان موقع المجلس الوطني الكوردي في المعارضة الوطنية السورية واستمراره في مواجهة التحديات التي تعترض سبيله، معتمداً على ابناء الشعب الكوردي المؤمنة بنهج الكوردايتي في النضال والتضحية والاخلاص، كل ذلك كفيل بإسعافه من أي مأزق أو منعطف للوصول إلى حقوقه المشروعة ».
نسعى لخطاب كوردي موحد يعطي الامان للشارع الكوردي
ضمن هذا العنوان تحدث الأستاذ فيصل يوسف المنسق العام لحركة الإصلاح في سوريا وعضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكوردي، حيث قال: « المجلس الوطني الكوردي لازال يعبر عن المشروع الوطني القومي الكوردي في سوريا، ويسعى جاهداً لإيجاد حلول سياسية للوضع السياسي المتأزم في البلاد، وايجاد حل للقضية الكوردية، وتمكُن من اقناع قوى عديدة برؤيته. وما بيان رياض(2) إلا خير مثالٍ على ذلك، فقد تضمن على جملة مبادئ تجاهلها بيان الرياض(1)، حيث أكد على حل القضية الكوردية، وأقر بسوريا بلد متعدد القوميات والأديان، والاعتراف بالحقوق القومية للمكونات ومنها حقوق الكورد ».
تابع يوسف: « كما ان المجلس يستحوذ على علاقات جيدة مع معظم القوى الكوردستانية والقوى الدولية، علاوة على ذلك فانه بات يتبوأ موقعه في صفوف المعارضة عبر الهيئة العليا للمفاوضات، وفاوض من أجل الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي في جولات جنيف التسعة، ويشارك في اغلب الاجتماعات واللقاءات التي تدور حول سوريا، وفي هذا السياق فان الوضع السياسي العام في البلاد بات يراوح في حلبة القوى الدولية النافذة، ومجمل القوى السورية محكومة بما يحدث ويجري وليس المجلس الوطني الكوردي هو الذي يراوح في مكانه بل انه موضع تقدير عند القوى الدولية المهتمة بالشأن السوري ».
كما أكد يوسف: « الشعب الكوردي في سوريا تجاوز مرحلة استهداف وجوده، وهو الآن وبفعل نضاله وتضحياته ينتظر صياغة سوريا- الجمهورية الثالثة- ليكون شريكاً حقيقاً في مجمل حياتها الاجتماعية والسياسية والثقافية. وتاليا اعادة وتصويب ما كان متبعا بحقه وان كان ثمة مخاوف مشروعة، لكننا على يقين بان الكورد كمكون اساسي في سوريا لن يغيب أو يتغافل عن حقوقه ».
وأضاف يوسف: « الكورد في سوريا شعب يعيش على ارضه التاريخية، وهو على الرغم من تأثره بما يحصل في عموم انحاء البلاد من نزوح وهجرة، لكن في لحظة الحل والحسم السياسي سيتم التعامل معه كما غيره من السوريين بضمان عودته وممارسة كافة حقوقه، ونحن نؤكد ان خير مشروع هو إرادة التشبث بالبقاء والصبر، والمجلس الوطني الكوردي يعيش مع شعبه، ويحمل معه اينما ذهب وتواجد معاناته ووضعه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، ويطالب بان يتم أخذ ذلك بعين الاعتبار في مشاريع اعادة الاعمار والتنمية في البلاد وهو ما ننقله لمختلف القوى الدولية بالتفصيل والتكرار ونلاقي الاهتمام من قبلهم ».
وفي النهاية أكد فيصل: « ان ما نعمل عليه على ارض الواقع هو الدفاع عن حقوق الشعب الكوردي في سوريا – دولة علمانية فيدرالية- وإلغاء كافة السياسات التي استهدفت وجوده، ولاتزال مستمرة بشكل او بآخر ك« الحزام العربي والتعويض عن ضحايا الاحصاء الاستثنائي والمرسوم ٤٩ وغيرها..»، وتخصيصهم ببرامج تنموية شاملة كما نسعى لخطاب كوردي موحد يعطي الامان للشارع الكوردي. حيث يشتكي من التشتت الحاصل بعد انهيار اتفاقية (هولير١ و٢ ودهوك) حيث التزم المجلس بها لأنها عوامل قوة في مجالات كثيرة، ومن خلالها كان ولايزال يشكل مدخلاً مهما لكسب التأييد الكوردستاني والدولي لقضيتنا سياسياً ودعم المتضررين. لكن حزب الاتحاد الديمقراطي ( pyd) يصر على التفرد بالقرار، ويحاول الهيمنة بالقوة على المختلفين معه. لو تحققت تلك الاتفاقيات كنا انجزنا الكثير في مجالات عديدة للشعب الكوردي في سوريا على صعيد المعارضة والقوى الدولية ومنع اية قوة ترغب الاضرار به ».
لا استقرار في سوريا دون تحقيق الحقوق القومية للشعب الكوردي
ومن خلال ذلك تحدث نعمت داوود سكرتير حزب المساواة الكوردي في سوريا وعضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكوردي حيث قال: « بعد نجاح النظام الدفع باتجاه عسكرة الثورة نتيجة استخدامه العنف المفرط وتسهيله ظهور المجموعات التكفيرية والارهابية واستهدافهم كامل مساحة البلاد، تراجع زخم العمل الجماهيري إلى حد بعيد وتقلصت الحاضنة الشعبية لها نتيجة هذا العنف والهجرة الاضطرارية واستحوذت المجموعات المسلحة على مناطق النفوذ، الأمر الذي قلص امكانيات العمل السياسي كحالة مؤقتة، واصبح القرار الدولي والجهود الدولية والاقليمية من خلال المؤتمرات ذات الصلة وخاصة جنيف لإيجاد حل سياسي. هي الساحة التي تعمل فيها المعارضة لتحقيق تطلعاتها ومن بينها المجلس الوطني الكوردي الذي لايزال يحمل مشروعه ورؤيته الموضوعية في مستقبل سوريا وفي حل القصية الكوردية والمتمثل في تحديد هوية سوريا كدولة متعددة القوميات والاديان والثقافات، والعمل على بنائها دولة ديمقراطية تعددية بنظام اتحادي يقر دستورها ويضمن الحقوق القومية للشعب الكوردي وحقوق باقي المكونات الاخرى.
دولة تحترم المجتمع الدولي والامم المتحدة وقراراتها، وتُحترم من الجميع كدولة سلام وامن واستقرار، هذه الرؤية التي اجمع عليها اطراف الحركة الكوردية ككل، وإن تنصل منها البعض ولا يزال المجلس يناضل من اجل تحقيقها ».
وأضاف داوود: « في ظل الوضع القائم وما آلت اليها الأزمة السورية لا يمكن ايجاد حلول جزئية بمعزل عن الحل العام في البلاد، وان ظهر هنا وهناك بعض المشاريع المؤقتة. ويبقى إلى الآن العمل الجماهيري والسياسي الأداة والوسيلة لتحقيق ما يتطلع إليه المجلس سواء على الصعيد الداخلي أو من خلال الجهود الدولية والعمل على أن يكون المكون الكوردي ومن خلال المجلس حاضراً وفعالاً برؤيته ومساهمته بكسب المزيد من الاصدقاء والمناصرين لما يتطلع اليه من باقي المكونات في البلاد او من القوى الدولية ».
وأضاف داوود أيضاً: « في ظل التجربة التاريخية وفي ظل معاناة الشعب السوري طيلة عقود من الاستبداد وسلطة حزب شمولي انكر الآخرين والمخالفين له وعمل على صهر الكورد ومحو ثقافتهم وتاريخهم لا يمكن بناء سوريا آمنة ومستقرة دون تحقيق الحقوق القومية للشعب الكوردي وتحقيق حقوق كافة المكونات كشركاء في الوطن، ويتطلب لتحقيق ذلك المزيد من العمل والنضال وتوفير مستلزمات النجاح وفي مقدمتها وحدة الموقف والصف الكورديين وعلى المجلس عدم التوانِ في ذلك رغم الصعوبات الكثيرة أمامه ».
تفعيل البعد الوطني الكوردستاني
في هذا السياق تحدث عبدالرحمن كلو كاتب وسياسي حيث قال: « بداية لا بد من التذكير – مرة أخرى وفي كل مرة – أن الساحتين السورية والعراقية هي ساحة واحدة وذلك من خلال أطراف الصراع الدولية والاقليمية ومرحلة الفوضى الخلاقة تعيش فصولها الأخيرة، وهذه الأطراف هي الآن بصدد رسم حدود الجغرافيات السياسية لمرحلة ما بعد داعش، وهناك تفاهمات دولية واقليمية على تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ أمريكية في شرقي الفرات وروسية في غربي الفرات مع بعض التنازلات لتركيا في الشمال السوري، وبحجم شمولية تلك التعقيدات ومخاطر نتائجها لابد للمجلس من أن يخرج من نمطية حالته السياسية الراهنة ».
أضاف كلو: « على المجلس أن يعتمد الحالة المؤسساتية الوطنية بدلاً من المحاصصات الحزبية القائمة لأنه ليس تمثيلاً لاصطفافات حزبية، بقدر ما هو يمثل المشروعية التاريخية للقضية الكوردية في المحافل الدولية، كما أن عليه تجاوز هشاشة الموقف السياسي وتبعثره الذي بات يعتمده في الآونة الأخيرة والذي يتجلى على شكل رسائل توفيقية موجهة لأكثر من جهة بسبب الضغوطات الداخلية والخارجية، ومن دون ذلك من المتعذر مواكبة تداعيات نتائج الترتيبات الدولية والاقليمية التالية لمرحلة ما بعد داعش، وكل المؤشرات تقول أن الغائب الأكبر في حالة الصراع هذه هو المشروع القومي الكوردي حيث فقد المجلس جزءاً من قوته بعد أحداث 16 أكتوبر الخيانية ».
تابع كلو: « لابد للمجلس أن يعاود استلام زمام المبادرة النضالية بتفعيل البعد الوطني الكوردستاني لأنها معركة دولية – اقليمية، والحملة على عفرين بدأت من كركوك مروراً بخانقين وخورماتو وشنكال والمشروع الوطني الكوردستاني هو المستهدف الأول وليست مدينة بذاتها، وفي هذا المجال لا بد للمجلس من أن يحاول الاخلال بمعادلة التوافقات الاقليمية والدولية التي يتم ترتيبها على حساب القضية القومية الكوردية، وخاصة التفاهمات التركية الايرانية الأخيرة بعد عملية الاستفتاء، والتي تسير بتواطؤ وتنسيق ممنهج ومباشر من حلفاء المشروع الايراني من أكراد المالكي وموظفي مؤسسة لاهور الأمنية، ولن يكون بالإمكان اختراق متاريس هذه المنظومات إلا من خلال البوابة الأمريكية لأن الولايات المتحدة تعتمد في مشروعها على الجغرافيا السياسية لكوردستان بالدرجة الأساس ولن يكتب لمشروعها النجاح خطوة واحدة من خارج الحاضنة الكوردستانية لأن القوة الأمريكية لوحدها لا تكفي لتطويع الارادات وقيادة الشعوب، لذا فالخطوة الأولى بالاتجاه الصحيح هو إدخال البيشمركة من دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية أو أي اعتبار لمواقفها أو موافقات منظومة ال PKK والتي هي جزء من المؤامرة على المشروع القومي الكوردي، لأن القوة وحدها ستكون كفيلة بتغيير معادلة توازنات الأقوياء، وعلى ضوء نتائج الانتصارات على الأرض ترسم السياسات ».
لذلك نرى أن الحل الوحيد لتحقيق جميع الحقوق المشروعة للشعب الكوردي في كوردستان سوريا هو توحيد البيت الكوردي. حل جميع النقاط الخلافية بين الأطراف الكوردية، غير ذلك فطريقنا نحو لعنة التاريخ.
عزالدين ملا …
التعليقات مغلقة.