المجلس الوطني الكوردي في سوريا

محمود عباس: عفرين المعيار الأخلاقي للتفريق بين العرب والعروبيين..

108

لليوم العاشر أردوغان ودواعشه ينتهكون أرض السلام(عفرين)، يقتلون أطفالها ونسائها دون رحمة، بنفس الطريقة التي يقتل فيها بشار الأسد أطفال سوريا، وبالحقد ذاته الذي دفع بصدام حسين تسميم الأطفال والنساء في مدينة حلبجة، وقام الدواعش العروبيون الإسلاميون بمجازرهم في شنكال الإيزيدية. تجمعهم ثقافة موبوءة واحدة، نهجها الإجرام، وركيزتها كراهية الأخر.
المجازر في سوريا مستمرة، لم تهدأ يوما منذ ما يقارب السبع سنوات، باستثناء بعض المناطق، ومن ضمنها الكردية، فلم يرقَ لأردوغان وأذرعه، الأمان والاستقرار الموجودتين في تلك البقعة من الجغرافية السورية، خاصة وهي منطقة لا ترضخ لسلطة الإجرام الأسدي، ولا هي تحت حماية التكفيريين العروبيين، وليس له هيمنة عليها، فبدأ بضرب طبول الحرب على عفرين، استفاق على صوتها العروبيون أو أيقظهم الميت التركي، وتحولوا فجأة وبقدرة أردوغان من غلاة عنصريين إلى وطنيين، يتقدمهم العهر والنفاق السياسي.
حالة الهدوء والسلام التي كانت متوفرة للشعب الكوردي وللملايين السوريين الفارين من مجازر سلطة بشار الأسد، قبل الاجتياح التركي -العروبي، تفضح بشكل أو أخر خباثة أردوغان أمام الرأي العام العالمي حول تجارته بالمهاجرين السوريين، والمخيمات التي تجلب له المليارات من اليورو، وتعري نفاق الدول الكبرى وبينها الأوروبية المعنية بالقضية السورية، وتماطلهم مع روسيا وتركيا بعدم وضع نهاية لمآسي الشعوب السورية، للقضاء على التكفيريين، لذلك قام بتجميع منظماتهم، تحت اسم الجيش الحر، وزجهم والمعارضة العربية، السياسية والعسكرية، معه في حربه على عفرين وسكانها، وجعلهم طعم للمصيدة.
في الوقت الذي كان يجب فيه على المعارضة العربية حماية جنوب غربي كردستان، الممتدة من ديركا حمكو في أقصى شمال شرق سوريا إلى منطقة عفرين، وعرضها كمثال لكل سوريا، والحفاظ عليها كمنطقة أمنة تحتضن قرابة ثلث المجتمع السوري، تتعرض اليوم لغزو جحافلهم بأمر من أردوغان، تسبقهم حججهم السفيهة، ومنها أن حربهم هي على الحزب الكوردي دون الكورد، لكن في الواقع، الشعب الكوردي واللاجئين من العرب وغيرهم المستقرين في المنطقة المسالمة تلك هم الذين يقتلون ويهجرون، وقراهم ومدنهم هي التي تدمر وتنهب، أمام الصمت الدولي العاهر، بل وبلذة من المنظمات الإسلامية العروبية المدرجة على قائمة الإرهاب العالمي، وبدعم من الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم فرع تركيا الأردوغانية.
نقولها دفاعا عن الشرفاء من العرب، والذين يناضلون لإعادة العربية بصفاتها الإنسانية، وقيمها، وللحد من الفساد المستشري في مجتمعهم بيد العروبيين أي (الأعراب) وشرائح واسعة من الشعوب والقوميات المستعربة، المتكالبون على العربية وراكبوا الإسلام، العارضون ذاتهم حماة الأمة العربية، المزاودون على العرب الأصلاء كمركب نقص لا يفارقهم رغم مرور قرون على استعرابهم، أن هؤلاء الذين يمتطون اليوم دبابات أردوغان، ويهتكون أعراض أهاليهم الملتجئين إلى أرض الزيتون (عفرين) ويقتلون أطفال الكورد، يشوهون ليس فقط تركيبة وبنية القومية العربية، وباتفاق مع شريحة واسعة من المثقفين والسياسيين العرب المخدوعين بالفكرة، مشاركيهم في النهج والمفاهيم العنصرية، بل يهتكون القيم الإنسانية التي يقال بأن العرب الأصلاء والإسلام الحقيقي أو لنقل الفرقة الناجية منها كانت تتمتع بها وتنشرها قبل أن تعتم عليها قيم وأخلاق مرتزقة أردوغان وأئمة ولاية الفقيه.
وكرد فعل ساذج من هؤلاء، وللدفاع عن الذات المسيئة للمجتمع، وتحت حجة النهوض بالعربية والإسلام والوطن في سوريا، والتغطية على ممارساتهم المشينة بحق الشعوب والديانات الأخرى في المنطقة، يخلقون صراعا عربيا كردياً، ويقفون ضد القضية الكردستانية، معادين الشعب الكردي خدمة لأردوغان، ولأئمة ولاية الفقيه والأنظمة العروبية المسيئة للأخلاق العربية، ويساندونه في حربه القذرة على منطقة عفرين الهادئة، ويهللون لإعلامه المنافق، أمام مرأى جامعتهم العروبية الخرساء، ومرجعياتهم الإسلامية كالأزهر.
قدم العروبيون والإسلامويون أنفسهم كحماة مرتزقة عن الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، بالاعتداء السافر على الشعب الكردي في منطقة عفرين، وعلى المليونين من العرب الفارين إليها، وسابقا على كركوك وشنكال، وتناسوا صراعهم مع سلطة بشار الأسد خدمة لأردوغان، فتوضحت بشكل لا لبس فيها، أن صراعهم وعلى مدى السنوات الماضية لم تكن بأكثر من خداع للشعوب السورية، ولم يكن أكثر من تكالب على السلطة بين جناحين من العروبيين، يخدمون أردوغان أو أئمة ولاية الفقيه، مبتذلين العرب والإسلام وقيمها وكرامتها وثقافتها، تحت حجة الحفاظ على سيادة وحدود الوطن، الذي سموه جدلاً بالوطن العربي، فانتقلوا عشية الحرب على الكورد من معارضة تحاول التحرر من طغيان بشار الأسد، إلى خدم مطيعين لخليفة سلاطين ابتذلوا العرب قرابة أربعة قرون (السلطان أردوغان).
هؤلاء العروبيون هم أحفاد الذين طرحوا مصطلح العروبة، كبديل عن مكونات القومية العربية الثقافية والتاريخية والدينية الأصيلة، وفبركوا التاريخ العربي والإسلامي، ونشروا الصفحات السوداء منها، وشوهوا سمعة الأمة العربية والدين الإسلامي، خاصة عندما بلغوا مرحلة طغيان مفهوم العروبة على أغلبية الشعب العربي، ولم تنجى من الموجة الشوفينية إلا الشريحة الواعية، التي تواجههم اليوم لإنقاذ أمتها من براثنهم وأوبئتهم الفكرية، وتعري ادعاءاتهم ونفاق أردوغان وإعلامه وزيف حججه، وتفضح حربه الهمجية على عفرين.
ويبقى لنا كبير أمل بالشريحة المثقفة والسياسية الناضجة من العرب، القوة الوحيدة المعولة عليها، رغم إمكانياتها القليلة، ليس فقط لإحياء الخصال العربية الأصيلة وإنقاذ الشعب العربي، بل لردم الهوة بينهم وبين الشعوب المتآذية من شرور العروبيين وأنظمتهم. وهي ذاتها الواقفة بحزم اليوم أمام المفسدين والانتهازيين المسيطرين على المعارضة السورية العروبية الانتهازية والتكفيرية، والتي توسع الشرخ يوما بعد أخر بين الكورد والعرب، تارة بالرضوخ لإملاءات أردوغان، متقدمين دباباته المنتهكة حرمة الوطن السوري، ملوثين أرضهم بالخيانة والغدر، إرضاءً لنزعته الاستعمارية وغروره، وأخرى بتهجماتهم المبتذلة على الشعب الكوردي، وتصريحاتهم المنحطة بحق الشعوب السورية الأخرى. ومرة أخرى تنفيذهم وبذل لأجندات ولاية الفقيه، ممهدين لهم الطريق للعبث بالمنطقة تحت مسوغات نشر الفكر الشيعي، مسخرين الإسلام أو الوطن مطية للاعتداء على الأديان والمذاهب والقوميات الأخرى.
مؤامراتهم المرفقة بالاتهامات الدونية بحق الشعب الكوردي لفتح أبواب الحجة على محاربتهم، مثلما يفعلونها الأن في عفرين، ليس فقط ينتهكون بها الأخلاق العربية، بل يجعلون أمتهم عبيدا ومرتزقة عند الطلب لدى أردوغان وأئمة ولاية الفقيه. ليس بغريب عند التدقيق في جذور المتنفذين على الأنظمة الإقليمية، وهؤلاء العروبيين ومنظماتهم وأحزابهم الهاجمة على الكورد والقوميات الأخرى في المنطقة، أن نجدهم من الشريحة المنبوذة من المجتمع، والمستعربين، أو الأعراب، الذين تمكنوا بشكل ما استلام السلطة، وخير مثال حافظ الأسد وصدام حسين، وعبدالناصر وشريحة واسعة من الذين يتبوؤون المعارضة العربية السورية، وكثيرا ما يتبرأ منهم العرب الأصلاء، إما بمقالات، أو حوارات صحفية، أو بتحليلات على الإعلام، والتي من خلالها تظهر موازين الأخلاق بين العرب والعروبيين، فمواقف الطرفين حول عفرين وكتاباتهم مقارنة بأعمال أحفاد الأعرابي (ذو رغال) مرتزقة أردوغان وأئمة ولاية الفقيه تظهر هذه الحقيقة.
ولمعرفة من هم هؤلاء العروبيين التكفيريين الذين حشدهم أردوغان تحت عباءة الجيش السوري الحر لمساعدته بالهجوم على منطقة عفرين وقتل أهاليهم من العرب والشعب الكوردي، وانتهاك حرمة الأرض السورية، نرفق القائمة التالية:
1- فلول داعش الفارين من الرقة ودير الزور والموصل، وإثبات على ذلك قتل في اليوم الثالث من الهجوم على جندريس أحد قادة المجموعات الهاجمة وكان من قادة داعش الفارين من الرقة، وقد تم نشر صورته على الإعلام.
2- مجموعات من النصرة الذين تم إخلائهم من الحدود اللبنانية، وارسلوا إلى منطقة إدلب الخاضعة للنفوذ التركي، فجلبهم الميت التركي لتعزيز جيشه الحر.
3- فيلق الشام.
4- جيش النصر.
5- جبهة الشامية.
6- أحرار الشام.
7- فرقة نورالدين زنكي
8- صقور الجابر
9- فرقة السلطان مراد.
10- فرقة سمرقند.
12- فرقة المنتصر بالله.
13- فرقة السلطان محمد الفاتح.
14- فرقة حمزة.
15- عاصفة الشمال.
16- الحزب الإسلامي التركي.
17- مجموعات تكفيرية من المخيمات الموجودة على الأرض التركية.
لا نشك لحظة أن روسيا تعلم هذه الحقيقة، وهي التي أفرزتهم ضمن قائمة ال 170 منظمة إرهابية، والتي لاتزال تقصفهم بلا هوادة في إدلب والغوطة الشرقية، فما هي خلفية سكوتها عليهم في منطقة عفرين، وهم يتقدمون الألة العسكرية الأردوغانية؟

المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع

التعليقات مغلقة.