لعل من أكثر الأشكاليات التي نواجهها في راهننا الكوردي هو أرتفاع منسوب التخوين في خطابنا السياسي المقروء والمسموع وتشتد وطيس التلاسن والتخوين أكثر شدةً وقساوةً على المواقع الألكترونية حيث فرض القناعات والمواقف والقراءات والتفسيرات على الآخر تأخذ طابعاً مبتذلاً في حوارت عقيمه تسوده الجهل المعرفي والتاريخي بالأضافة الى التسويق الحزبوي الذي يفتقر الى وسائل أقناع الآخر المختلف ,فثقافة مجتمعنا الكوردي هي ثقافة تعتمد على ذم الأختلاف ووصف المختلفين بشتى التهم التي من خلالها ينزع كل طرف عن الآخر صفة الوطنية وأتهام الخصم بالتخوين والعمالة لجهة خارجية ما , ومرد كل ذلك هو غياب ثقافة الحوار وجهلنا التام بمقومات ثقافة الحوار حيث تنوب عنه ثقافة الخلاف والكراهية. فالرأي الآخر في عقلنا الكوردي لا نستأنس له كونه صادر من طرف آخر مختلف معنا فكرياً وسياسياً مع العلم قد يكون الرأي الآخر أكثر نضجاً ومكانة ويساهم في التنبيه الى مكامن الخلل والخطأ في بعض الأفكار والآراء السائدة، وقد ينشأ عنه طرح أكثر نضجاً وتكاملاً، بل إنه قد يشكل لدى صاحب الرأي فرصة أفضل لبلورة فكرته الأصلية ومعرفة مختلف جوانبها وأبعادها ولأننا تعودنا في الحقل السياسي أن نتلقى الأفكار والآراء معلبة وجاهزة ومغلفة، ولا مجال للكشف عنها ومناقشتها أو الاعتراض عليها فلو أشار أحد قادة حركتنا السياسية على سبيل المثال بأصبعه الى القمر لنظر الأتباع الى أصبعه دون النظر الى القمر المضاء بحقيقتها المطلقة . وها نحن ندفع أثمان باهظة و لست هنا بصدد ذكرها لأن معظمكم على دراية بها. فقبول الآخر والتأسيس لثقافة الحوار لابد أن يسبقها أرضية ملائمة لظهور هكذا ثقافة حيث المعوقات التي تحد من نشر هذه الثقافة كثيرة فالعقل القبلي ( العشائري ) تفعل فعلتها في أسقاطاتها على منظومة أفكارنا وتسخرها لذاتها وهنا تبدأ مسيرة الألف ميل بخطوة , فلنمهد العقل ونحرره من القيود لهذه الخطوة على طريق نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر.
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع
التعليقات مغلقة.