مايجمع زمننا الحالي وأحداثها بالرغم من السنين العديدة التي تتالت منذ التدهور البنيوي والوهن الذي اجتاح مفاصل السلطنة العثمانية وأطارفها التي تفكفكت نسبيا واخذت تعتمد على صياغة سياقية مستقلة ، لابل أن بعضها استطاعت ان تتمرد وتشكل قوة كبيرة هددت السلطنة نفسها وتمكنت بالفعل ان تصل الى حدود عاصمتها آستانة ، ولتنعكس هذه الحالة على المحيط ايضا فتربك دولا كانت قد برزت على السطح بقوتها ونفوذها ، ويبان خشيتهم على هذه السلطنة الهزيلة من التفكك فتتسلق على أشلائها احدى الولايات تحل محلها ، وبالفعل ، وكما هي متواليات اليوم بأحداثها وإن كانت بوتيرة مختلفة نسبية ، فقد كان لقدوم جيش والي مصر محمد علي باشا بقيادة ابنه إبراهيم الذي وصل الى بلدة نصيبين وازداد خشية السلطان محمود الثاني سيما بعد هزيمة جيشه ومقتل العديد منهم ، فحركت روسيا جيش قوامه ١٥ الف مقاتل بناءا على طلب السلطان مما أثار خشية قوية عند الإنكليز والفرنسيين فشجعتا على الصلح بين السلطان ومحمد علي ومن ثم إبرام اتفاقية كوتاهية في الخامس من مايو عام ١٨٣٣ وعلى إثرها ولتنظيم الوجود الروسي عقدت هي أيضا مع السلطان معاهدة هونگار اسكله سي في يونيو ١٨٣٣ تعهدت فيها روسيا الدفاع عن السلطنة في حالة تعرضها إن لهجوم المصريين أو أية جهة أخرى ، فهي إذن كوتاهية ؟! والتي منها كان خطاب الحرب لإردوغان وفي استعارة تاريخية لذلك الزخم الروسي الذي تدفق له لتسييل لعابه في هجمته الوحشية على عفرين وشعبها من ناحية ، وتناسيهم جميعا لآليات إعادة / أو هكذا يظهرون / إنتاج المسألة الشرقية وتتبعات أزماتها والتي بات كل متابع لخيوطها يدرك ماهية تلك الكتلة الصلدة التي تتالت وتراكبت عبر حوالي قرنين من الزمن ، والحرص على ان تبقى في دوامة الدوران وبإصرار شديد والحفاظ على جيناتها بالرغم من انتقال ادوات حماية الفرض بالقوة من دول الى أخرى ، ومن هنا ، وباختصار شديد ، وفي قفز متعمد على الإنشاء التأريخي رغم زخم المعلومات والوثائق ! إلا أن التحليل الواقعي يؤكد وفي سياقية ازمات المنطقة منذ عام ١٨٣٠ والتدرج بها من شبه جزيرة القرم وانتقالها بحكم الصراعات وقواعد الجذب قوة أوضعفا مركزيا وبالرغم من ظاهرة التفتت الى قطاعات عدة والتي بدورها تقاطعت من جديد مع زحف إبراهيم باشا على رأس جيش والده محمد علي باشا والي مصر وتهديده استنبول وسلطانها وما تلاها من التدخل الفظيع للدول الأوروبية في شؤون السلطنة مستفيدة من حملات بعثاتها التبشيرية قبلا ، حيث يمكننا هنا الإختزال مجددا والتركيز على تدرجات المسألة الشرقية ومرة أخرى من القرم مرورا بالمستعمرات العثمانية الأوروبية ولتتلاقى على حدها فتلامس الدولة الصفوية وإن كانت اتفاقية مدينة كوتاهية التي منها اعلن إردوغان حربه المجنونة باسم غصن الزيتون وضد بلاد الزيتون و .. هي هنا زبدة التصارع والمحصلة التي تراكبت في بقعة الظلام الغامضة والتي لاتزال كما امسها القوى المتحكمة عالميا ليست عاجزة بل مترددة ، والأصح هي خائفة ان تفتح منفذا فيتسرب كل المردة من قمقم البراكين التي تبدو خامدة ومعها يتمدد فالق البحر الأحمر الى المتوسط فالأطلسي حيث مضيق هرقل او باب المندب ويأخذ مجراه في الطول والعرض ويجتاز البحار والمحيطات الى ارخبيلات اسيا البعيدة وجزرها مرورا بالصين وباكستان الى افغانستان ورابطة الدول المستقلة ، والأهم هنا هي روسيا الإتحادية نفسها ، هذه التشكيلة الجغرافية بخرائطها وشعوبها المتداخلة والتي كلفت اوروبا قرونا من الحروب والتسويات بالترادف مع عمليات تمظهر بالقص واللصق ولتساق كعملية تجريبية / تجميلية في مواقع أخرى انتجت تجارب فاشلة دفعت اثمانها شعوب المنطقة دولا فاشلة انتجت حروبا ودماءا بشرية كثيرة ، إن مآلات منطقتنا بالتحديد والتي كانت ولاتزال تستقر على فوهة الفالق ، – وبتصوري – ووفق التعاطي مع مسألتها كخارطة متموضعة لازالت في نطاقية الإمبراطوريتين المحتلتين كانتا لبقاع وشعوب عديدة ، واللتين لازالتا تمارسان نفسيا وبعقلية وصائية استعمارية كما السابق فترى شعوب المنطقة كلها بقايا اشتات ذي تابعية الهية لها من جهة ، وتدرك من جهة أخرى بأن قوامها كدول تأشكلت أساسا على سياسة القص واللصق فحتمي هنا ان تتلمس في خاصية القص واللصق هاتين المتوقعتين مجددا على كيانيتيهما سيما وهما لاتزالان تمارسان سياسة الظهور بالقوة في الفرض القوموي على الشعوب التي لاتزال منضوية / محتلة من قبلها ، فلا غرو أن نراهما في كوردستان العراق حيث ظهر قاسم سليماني يتمختر على رؤوش حشوده في خورماتو وكركوك أو أن يشهر إردوغان غصن الزيتون على قاذفات إف ١٦ وبأيادي الكتائب الحميدية التي تسبقه ، فيطرح الوضع علينا مجددا وفي متواليته هذهةكسريالية غير منتهية وهذا السؤال : هل ما تمارسه هذه القوات بمسمياتها هي جيوش فاتحة أم غازية محتلة ؟ .. وهل الميليشيات التي تشكلت في معسكرات / الحرس الثوري / قوات تحرير كما كتائب إردوغان ودرعه الحميدي ؟ .. إشكالية سيعجز الكثيرون الإجابة عليها في الشطر المتلازم والمتماس مع قضية كوردستان ، وهي هنا . النقطة او التساؤل التي أثارها الزعيم الكوردستاني مسعود بارزاني حينما اعتبر كركوك وخورماتو محتلتين وكشعب كوردي في كوردستان سوريا ينظر للجيش التركي ودرعه كقوة غازية ومحتلة ، وبقي علي أن أضيف ايضا بأن كل هذه العمليات ليست سوى استدراج ممنهج للدولتين ، والأيام القادمةستنكشف عن قضايا كثيرة ومنها أن هذين الإمبراطوريتين – الصفوية والعثمانية – مازالتا في طوق الحسم المتدرج نحو الفكفكفة الممنهجة وبالترافق والهوينى مسايرة لميلان الفالق نحو مسارات أخرى بعد – ضبضبة – فائض القوة في منطقتنا كلها .
التعليقات مغلقة.