محمود عباس: المقاومة والدفاع عن عفرين أفضل من كل أنوع الاستسلام
المهاجمون على عفرين، المدعومون من الألة العسكرية الأردوغانية الوحشي، هم فلول مجرمي داعش، الهاربون من الرقة والموصل ودير الزور، الذين دمروا شنكال وقاموا بسبي الألاف من نسائنا، وقتلوا شيخونا، وجندوا أطفالنا بعد إرضاخهم على ترك دينهم (الإيزيدية-إحدى أقدم الديانات في التاريخ) واعتناق الإسلام لقتل أهلهم.
الحثالة البشرية تلك (داعش وبدعم أردوغاني) دمروا كوباني، وحاولوا غزوا المدن الأخرى من كردستان، ومعهم مجموعات من النصرة والمنظمات العروبية والتركية الإسلامية التكفيرية الأخرى.
فلا نظن أن في قلوبهم رحمة بالكورد، وإيمان بأية عقيدة. غسلت أدمغتهم، بفتاوى أئمتهم التكفيريين الإرهابيين، وإرشادات زعماء من حزب العدالة والتنمية الأردوغاني، مدربون على الجريمة من قبل جنرالاته الفاشيين، جحافل إرهابية تؤمن بفتاوي القرضاوي والأزهر الذين غرسوا فيهم الدعايات المليئة بالحقد والكراهية بحق الكرد، ومنها الإفتاء بأنهم كفار، فيحل دمهم وقتلهم، وأن كوردستان ستكون الإسرائيل الثانية.
الاستسلام، يعني الموت البطيء بذل، وسبي نساؤنا أمام أعيننا، ونهب بيوتنا بدون مقاومة، واستعبادنا لتخاذلنا، وإعادتنا إلى عصر السيادة والموالي في أفضل الحالات، وتهجيرنا بالقوة، لتحكم هذه المجموعات الإرهابية الإسلامية التكفيري مناطقنا، ويديروها سفلة أردوغان، ويحلون 3 ونصف مليون من المهاجرين مكاننا، وإسكانهم في مدننا وقرانا وبيوتنا لإحتلال مزارعنا، ونهب أملاكنا، هؤلاء السوريون الفارون من بطش المجرم بشار الأسد، والذين قبض عليهم أردوغان وحزبه أكثر من 6 مليار دولار من الدول الأوربية.
مخاطر الاستسلام والتخاذل عديدة، تتجاوز ما ذكرناه، وستكون مصيرية، وهي تعني فتح باب الدخول إلى كل جنوب غربي كوردستان. عفرين هي المقدمة، كما صرح أردوغان في بدايات الغزو البربري، ذكر بأنه بعد عفرين ستكون منبج، وسيتجه بعدها إلى حدود العراق، ومعه مجرميه ومرتزقته من الدواعش والنصرة وتابعيهم، وتعني هذا النهب والتدمير لكل المنطقة، والقضاء على ديمغرافيتنا.
الصمت الدولي حتى الأن تبين بأنه سوف لن يكون هناك اعتراض مهما ارتفعت سوية العمليات الإجرامية، ما دامنا لا نسمع حتى الأن أي احتجاج على التدمير الجاري الأن على جندريس، وقرى ناحية راجو وغيرها، باستخدام هذا الكم الهائل من القصف والحشد العسكري، وهكذا ستستمر، مادام الهجوم تم بموافقة أمريكا وروسيا، وبشكل ما سلطة بشار الأسد المجرمة، وإيران، مع مرافقة صمت شبه عالمي، وكأنه لا وجود لعفرين ولا اجتياح عسكري على مستوى احتلال الدول! صمت يرافق دخول أرتال من الدبابات والمدرعات، والقصف الجوي لجغرافية سوريا، ولا أحد يحتج، ولا حتى هيئة الأمم تهتم! إنه الرعب العالمي، تشبه الصفقات الجارية بين عصابات المافيا للمخدرات، والتي تغطي على بعضها.
المقاومة، هي الحياة بعز وكرامة، لا شك سيكون هناك دمار وتدمير ممنهج، ولكن لو حضر قدرنا فسيكون بشرف وشهادة، كما وأن الغزو والهدم والنهب قادم لا محال، حتى بتسليم المنطقة لهم بمذلة، لكن بالصمود، على الأقل سوف يكون هناك أمل بأن نساؤنا لن تسبى، وبيوتنا لن تنهب أمام أعيننا بحسرة، وسوف لن يرتاح العدو، وسيدفع ثمن وحشيته، ورعونته. حتى ولو أصبحنا الضحية، بعد المقاومة، فنهاية أردوغان ستكون حتمية، ولكن نهايتنا عن طريق الاستسلام سيظهره منتصرا، أمام العالم، وسنتهم بالإرهاب حسب ما سيروجه إعلامه.
المآثر العظمى تحتاج إلى تضحيات، ولا انتصار بدون ثمن. فللمقاومين ربهم، وسوف لن يذلهم، ولا نشك لحظة بأنهم سيخطون صفحات لامتهم وللتاريخ كالتي سجلوها في كوباني، وأنقذوا الشعب والشرف. ولا يستبعد أن يحدث تغيير في موازين القوى قريباً، فالزمن لصالحنا وهو كفيل بجلب النصر. ستظهر أصوات دولية مهمة لإيقاف المجرم أردوغان وكلابه الشاردة، فلقد أصبح يفقد توازنه الدبلوماسي مع أمريكا، في حديثة الأخير مع ترمب، وهي ناتجة، على الأغلب، من دفاع العظماء عن أرض عفرين المقدسة.
لا مفر من الصمود، والمجابهة، وبكل ما نملك، كل من طرفه، وبما يقوى عليه، فمن لا يقاوم ويحث عفرين على الاستسلام رهبة، تحت أية مسوغات أو حجج، هي الخيانة بعينها، ولا تختلف عن الخيانة التي تمت فيها تسليم كركوك، والتخلي عن شنكال.
ومن يأمل بعملية تسليم منطقة عفرين إلى سلطة بشار الأسد، يلقي بذاته وبالمنطقة إلى التهلكة، وإلى مصير مشابه لتسليمها لأردوغان وداعش والنصرة، المختفين بأمر منه تحت عباءة الجيش الحر، فلو كانت سلطة دمشق تهتم لاحتجت على الأقل في أروقة مجلس الأمن، ودافعت عن جغرافيتها إعلامياً، أو عسكريا بطريقة ما، ولكن وبما أن رسنه بيد بوتين الذي فتح الباب لدبابات أردوغان بغزو سوريا، وسمح للإرهابيين الذين يقصفهم في إدلب والغوطة الشرقية بدخول المنطقة دون اعتراض! فمن الجهالة والسذاجة الاعتماد عليه وعلى دميته بشار الأسد وجيشه الذي لا يقل إجراماً وحقدا من داعش والنصرة على الكورد.
تصريح أردوغان الأخير “أنه سيحرر عفرين من إرهابي ال ي ب ج ويسلمها إلى أصحابها الأصليين” مؤشر إجرامي خطير، فقد تركها غامضة بخباثة، لتحمل عدة أوجه. من جهة ليحرض العرب والكورد المدنيين على بعضهم البعض. ومن جهة أخرى يخلق الشكوك بين أطراف الحركة الكوردية، فعلينا جميعا الحذر من حبائله، فمدافعه موجهة نحو كل الكورد وكوردستان، وليس على حزب معين كما يدعي، فكل كوردي يأمل أن أردوغان سيسانده بعد تدمير عفرين، يكون قد خدع ذاته وخان شعبه، وسهل لأردوغان خططته، وعلينا جميعا أن ننتبه أن جميع الأطراف الكوردية عنده وعند كل أعداءنا مدرجة في خانة واحدة، خونة وكفار، فقط تختفي هذه التهم عندما يحتاجوننا لاستخدامنا كأدوات ولمرحلة معينة. ومن جهة ثالثة، ليلهب بتصريحه المنافق ذاك، جحافل التكفيرين لئلا يهربوا من المعارك أمام صمود أبطال عفرين، ويزيد فيهم الطمع والأمل، أنهم سيكونون أصحاب مزارع الزيتون.
التعليقات مغلقة.