المجلس الوطني الكوردي في سوريا

حسن كله خيري : عفرين بداية جديدة لصراع الدولي …!

132

الاحتلال بمعناه البسيط هو قيام دولة ما بخرق حدود دولة أخرى والأستيلاء على الأراضي طمعاً بها ولأهداف أخرى كثيرة ، ولأسباب غير منطقية تبرر وجودها على تلك الأرض وتكون بمساعدة الأعوان في الداخل ، من خلال قيامهم بعدة مهمات تمهد إلى عملية الاحتلال المباشرة .

بعد تسلح الذي أصاب الثورة السورية وتداخل المفاهيم والمصالح والأجندات تحت وصاية دول كثيرة وبأيادي داخلية المساعدة في تحويل الثورة إلى مسار التسليح والتشدد والقتل العشوائي وخروج الثورة وقضية قيادة البلاد من أيادي السورية سواءً من النظام والمعارضة ومن كافة أطياف الشعب السوري ، بدأت حلقات تدويل القضية الشائكة منذ سبع سنوات والتي من خلالها فقد مئات الآلاف لحياتهم ناهيك عن أعداد الجرحى والمفقودين والمعتقلين والهاجرين ، فبدأت كل جهة دولية من الذين يديرون الملف السوري تتسابق لجذب الأطراف المؤثرة إلى جانبها ، بمعنى الفصيح كل جهة خارجية تحاول كسب لقمة من الكعكة السورية . الأمريكان والروس من دونهم الأخرون لن يستطيعوا فعل أي شيء لأنهم أصحاب القرار أولاً وأخيراً ومصالحهم محفوظة ، فالولايات المتحدة ستحافظ على جيب الكوردي في شرق الفرات الغني بمصادر الطاقة والخام والتي بدورها تدعم قوات سوريا الديمقراطية بالسلاح والعتاد يمكن تفسيرها إلى ثلاثة أسباب:

أولاً: من أجل القضاء على الأرهاب التي استفحل في المنطقة والذي باتت يهدد الجميع ،

ثانياً: من أجل الحفاظ على نفوذها في مستقبل المنطقة والذي بدأ يرسم ويخطط له ،

ثالثاً: الحفاظ عليه من أجل أي مقايضة دولية التي قد تحدث في المستقبل بينها وبين روسيا أو تركيا أو ربما الإيرانيين والنظام فلا يوجد في السياسة شيء أسمه العدو الدائم أو الصديق الدائم .

أما الروس الذين يحلمون منذ مئة سنة بالوصول الفعلي إلى المياه الدافئة (البحر المتوسط) فهم بدورهم سيحافظون على مناطق نفوذهم في الساحل من خلال قاعدة حميميم وقاعدتها البحرية ، فهم يرون أن الحلم تحقق فعلياً وأن دعمها للنظام ما هو إلا من أجل تحقيق الحلم القديم الذي يراودهم وهي فعلت الكثير منذ بداية دخولها الفعلي في سوريا في 2015 والتي بفعل قوتها العسكرية أستولت على حلب ومناطق أخرى بعد مقايضات سياسية كثيرة حصلت بينها وبين أطراف الصراع وبعد تفتت دولة داعش . أما بخصوص إيران وتركيا فأهدافهما واضحة فإيران لها مجد إمبراطوري وهي تحاول الوصول إلى البحر المتوسط مروراً من العراق والبادية السورية مستغلة الروابط الدينية مع بعض شرائح المجتمع في المنطقة ، وبمعنى تريد تشكيل هلالها الشيعي ظاهرياً ، وهي تدفع في سبيل إنجاح هذه الخطة جيشها ومليارات من أموالها .

تركيا هي الأخرى لها مطمع أمبراطوري قديم “الامبراطورية العثمانية ” فالأوربيون والغرب عموماً يعلمون جيداً أن لتركيا أطماع في المنطقة وأنها تريد إعادة أحياء أمجاد الدولة الرطغرلية العثمانية المهاجرة من منغوليا بقيادة أردوغان وهي تحاول الأتفاق مع جميع القوى وتتنازل للجميع في سبيل إنجاح الجزء البسيط من خططتها وباعتبارها حليف قوي في الشرق الأوسط وعضو في الحلف الأطلسي إلا أن هناك سياسة خفية يمكن أن يستغلها الغرب لأضعافها لأن تركيا تحاول التمادي كثيراً في المنطقة وهذا الشيء يقلق الغرب لأنها تعرف أن قويت شوكة الأتراك فأول شيء سيفكرون به هو أحياء أمجاد العثمانية .

من ناحية أخرى مطالبات أردوغان المتكررة في ألغاء اتفاقية لوزان 1923 أو إعادة النظر في بنودها والتي بموجبها تم ترسيم حدود الحالية لجمهورية الطورانية المهاجرة ، لأن أردوغان ومن خلفه الحركة القومية التركية MHP بقيادة دولت بهچلي يريدون أحياء أمجاد القومية التركية العثمانية ، وهم يريدون ترسيم الحدود من جديد (حسب أحلامهم المزعومة) من خلال ضم شمال إدلب مروراً إلى عفرين كوباني إلى موصل وكركوك وهم جادين في ذلك وسيفعلونها إذا تغاض الغرب عن تصرفات أردوغان ، والتي كانت بداية أحياء الأمجاد العثمانية هو تغيير الدستور العلماني الذي وضعه الأوربيون لكمال الأتاتورك وتحويل تركيا رويداً من علمانية إلى عثمانية إسلامية قومية تقوم على أنقاض الشعوب الأخرى .

باختصار الجميع يريد حصة من الكعكة السورية والتصريح الامريكي الأخير بخصوص عفرين بأنها لا تقع تحت مسؤولية التحالف الدولي هو دليل على أن أمريكا تنازلت عنها لصالح روسيا وروسيا بدورها حسب التفاهمات الدولية تحت الطاولة السياسية ربما تتنازل كما حصل في مدينة الباب التي تنازلت روسيا عنها لصالح تركيا مقابل حلب ، والصمت الدولي على الهجمات والقصف التركي على عفرين هو بمثابة ضوء أخضر لأقتحام عفرين في محاولة لإعادة التقسيم النفوذ لبدء مرحلة جديدة من الصراع على سوريا والتي ستكون بداية بلورة الخريطة الشرق الأوسط والتي نحن الكورد دورنا فيها حسب قوة سياستنا نكون أو لا نكون .

التعليقات مغلقة.