المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ، عن شهر كانون الأول 2017 وحتى تاريخه …

113

بعد انتهاء أعمال مؤتمر جنيف8 دون أي تقدم يذكر ، بدأ من جديد ما يشبه التنافس أو الصراع بين جانبين أساسيين في معالجة الأزمة السورية وكل بحسب أهدافه وأجندته الخاصة ، الأول مجموعة دول التحالف بزعامة أمريكا وتزعم تشبثها بمرجعية جنيف1 وبقرارات الأمم المتحدة 2254 و 2118 وكل القرارات الدولية ذات الصلة ، والثاني توافق دول آستانا الثلاث ( روسيا ، إيران ، تركيا ) المعروفة بالدول الضامنة لخفض التوتر ، حيث سعت هذه الدول وعبر لقاءاتها العديدة إلى تحقيق ما كانت تصبو إليه في هذا الصدد لكن دون جدوى ، ذلك لانصراف كل منها إلى خدمة مصالحها وأهدافها الخاصة ولو على حساب الحل السياسي المنشود ، وما تزال الدول الثلاث تواصل مساعيها إلى تحقيق شكل من المصالحة الوطنية بين النظام وبعض المكونات السورية على أمل تحقيق حل ولو جزئي هذه المرة وعبر حوار وطني من خلال مؤتمر تدعو له الدول الثلاث في منتجع سوتشي الروسية أواخر شهر كانون الثاني الجاري 2018 وعلى أن مخرجات هذا المؤتمر لا تكون بديلة عن سلسلة مؤتمرات جنيف ذات الشرعية الدولية بل تكون عاملا مساعدا في إنجاحها، ورغم أن الجانب الأمريكي لم يدخر أي وسع للحيلولة دون عقده أو إفشاله بزعم الخروج عن الشرعية الدولية ، إلا أن إصرار الدول الثلاث وخصوصا روسيا على عقد هذا المؤتمر إنما يحمل معاني ودلالات معينة – ولو أنه يزيد من وتيرة اشتداد الصراع بين الطرفين – إلا أن روسيا وحلفاءها تعتبر مساعي عقد هذا المؤتمر هي جهود إضافية تضاف إلى سلسلة المساعي الدولية والإقليمية على طريق تحقيق ربما خطوات باتجاه الحل السياسي المنشود ، لكن تبقى أمريكا وكما يبدو من جانبها عازمة على تعزيز دور المعارضة السياسية السورية في مسعى التوافق مع الشرعية الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة بمعالجة الأزمة السورية ، حتى ولو انعقد مؤتمر سوتشي المزمع عقده نهاية شهر كانون الثاني الجاري دون ارجاء إلى أجل آخر ..
وفي السياق ذاته ، ثمة خلافات بين الدول الضامنة تلك على أرض الواقع ، فالقوات التركية العازمة على اجتياح مناطق عفرين وادلب ( ما اسمتها على غرار درع الفرات ) قد تصطدم بقوات النظام أو مع الميليشيا الإيرانية أو القوات الروسية ، في حين تختلف الأجندة الروسية والإيرانية ، إذ ترى روسيا أن الميليشيا الإيرانية تسبب لها عراقيل وعقبات في الأراضي السورية وخصوصا مع إسرائيل التي ترفض وجود تلك الميليشيا من جهة و لم تتورع عن ضربها في سعي لقطع الامداد الإيراني عن ميليشيا حزب الله اللبناني من جهة أخرى ، وعليه فإن الأجواء السورية وبسبب تلك التداخلات والتشابكات العسكرية لا تغدو مناخا ملائما لتفاعل تلك القوى بإيجابية ، مما يعني عوامل التناقض بينها تحول دون تحقيق كل من تركيا وإيران لأهدافها المرسومة على الأراضي السورية ، هذا ناهيك عن القلق التركي في علاقاتها مع كل من إيران وروسيا وإلى حد كبير مع أمريكا ..
من جانب آخر ، تشهد إيران حركة احتجاجات جماهيرية واسعة منذ ما يقارب الأسبوعين وهي في اتساع مضطرد ، لعوامل واسباب شتى ابرزها الوضع الاقتصادي والوضع المعيشي المتردي لنسبة عالية جدا من المواطنين ، أي أن معظم الأوساط الشعبية تعيش دون خط الفقر هذا ناهيك عن الصراعات السياسية الحادة بين مختلف الأوساط السياسية داخل النظام وخارجه ، هذا إلى جانب النهوض العارم للمكونات القومية والدينية ، كل ذلك مع تقدم واضح لقوى المعارضة السياسية المنظمة ( مجاهدي خلق ) والمدعومة دوليا ماديا ومعنويا ، وفي هذا السياق فقد لوحت الادارة الأمريكية بدعم حركة الاحتجاج في الوقت المناسب ، ما يعني أن إيران أمام مرحلة جديدة ، أو أنها لن تستقر على الأقل في المدى المنظور ، وسيكون للوضع الجديد أثره البالغ على سياسة إيران الإقليمية والدولية ، وبالتالي تبقى إيران مرشحة لتبدلات عميقة في سياستها إزاء الوضعين الداخلي والخارجي على حد سواء ..
وعلى صعيد العراق وكردستان ، فالحكومة العراقية ما تزال مستمرة في غيها حيال كردستان وشعبها ، إذ لا زال الحصار مفروضا عليها وهكذا ميزانية الإقليم محجوبة ، في وقت ينبغي أن تعيد حكومة العبادي حساباتها سواء لجهة الفوضى العارمة التي تسود العراق وخصوصا أوصال الحكومة من تسيب وفساد مالي وإداري ، إلا أن الأوساط السياسية ومعها الحكومة العتيدة منهمكة بالتكتلات الانتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في سعي منها لضمان كسب أكبر قدر ممكن من أصوات الناخبين ، وفي هذا السياق يبدو أن بعض الأوساط العراقية يسعى نحو فتح قنوات مع قيادات بعض الأحزاب السياسية في إقليم كردستان والكتل الأخرى هناك ، ذلك لما يضمن الإقليم ما يزيد عن ثلاثة ملايين صوت انتخابي ، الأمر الذي يشكل ورقة متميزة يمكن استثمارها بما يحقق مكاسب لشعب كردستان في هذا الصدد .. هذا ورغم ما تعانيه كردستان وما تكابده من صعوبات في طريق تطورها وتقدمها إلا أنها تشهد استقرارا نسبيا وتسعى بدأب نحو استجماع قواها والعمل بعزيمة أقوى نحو تنظيم طاقاتها وإمكاناتها في مواجهة التحديات بهمة واقتدار وعلى مختلف الصعد السياسية والعسكرية والدبلوماسية وفي اللقاءات والمشاورات مع الحلفاء والاصدقاء لشحذ العزائم نحو التفاعل مع مستجدات المرحلة القادمة بما تحمل من التطورات والتحولات الايجابية المتوقعة ..
وعلى صعيد كردستان سوريا ، لازال حزب الاتحاد الديمقراطي p.y.d يسعى بكل الوسائل الممكنة إلى إنهاء الحياة السياسية في كردستان سوريا ، إذ لازال مستمر في قمع الحركة السياسية الكردية ( المجلس الوطني الكردي في سوريا ) بأحزابه ومكوناته المجتمعية فالمحتجزون هم رهن تلك الزنازين ومع كل فك حجز من طرف يتم إضافة أعداد آخرين من الطرف الآخر ، بمعنى عدد المحتجزين في تزايد رغم بعض الإفراجات البسيطة هنا وهناك ، ولازالت مكاتب المجلس وأحزابه ومقراته مغلقة ، وما زاد الوضع سوءا هو مداهمة الاجتماعات الحزبية التي تعقد في منازل الرفاق وأهاليهم والتلويح بالتهديد لمن يعقد الاجتماعات في منزله وحصل هذا النموذج من الاجراءات في كل من الدرباسية وديريك وبعض المناطق المتفرقة الأخرى ، وبالتزامن مع كل هذه الإجراءات التعسفية والقمعية يزعمون أنهم يدعون إلى وحدة الصف الكردي ووحدة الموقف السياسي فيا للمفارقة العجيبة !!
أما المجلس الوطني الكردي في سوريا ، فإنه ورغم كل ذلك لن يتردد عن القيام بمهامه ونشاطاته اللازمة في الداخل ( ولو تحت جنح الليل ) وفي الخارج أيضا سواء من خلال لجنة العلاقات الوطنية والخارجية أو من خلال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ولم يتخلف عن حضور المحافل واللقاءات والمؤتمرات الدولية منها والإقليمية ، وسيظل يناضل بثبات قوي وعزيمة صادقة ودون كلل وجنبا إلى جنب القوى السياسية والمكونات الوطنية السورية والشخصيات الحقيقية والاعتبارية نحو بناء سوريا دولة اتحادية متعددة القوميات والأديان ذات نظام ديمقراطي برلماني يضمن للمكونات كافة حقوقها القومية والسياسية وللشعب الكردي حقوقه المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية ..
في 13 / 1 / 2018
المكتب السياسي

التعليقات مغلقة.