النص الكامل لمقابلة قناة “روداو الفضائية” مع السيد مسرور بارزاني مستشار مجلس أمن إقليم كوردستان حول نتائج الاستفتاء والأحداث اللاحقة له ومستقبل الإقليم…
نقلاً عن موقع رووداو..
أكد مستشار مجلس أمن إقليم كوردستان، مسرور البارزاني، أن لكل شعب الحق في تقرير مصيره ولكننا لم نُمنح هذا الحق، بل تم العمل وبشكل ممنهج لتقويض دور الكورد كشريك حقيقي في السلطة العراقية وإبعاد الكورد عن مركز السلطة، مشيراً الى ان الحكومة العراقية لم تكن لتتجرأ على مهاجمة البيشمركة لولا الاتفاق مع بعض الخائنين.
وقال مسرور البارزاني في مقابلة خاصة أجرتها معه شبكة رووداو الإعلامية، إنه “وصلنا إلى قناعة مفادها أنه مادمنا لم نتوصل إلى أي اتفاق، والحكومة العراقية غير مستعدة لتحقيق الحقوق الدستورية لشعبنا بشكل أساسي، فعلينا أن نفكر بأن أمامنا طريقان، وهي أن نلجأ إلى القتال (لا سمح الله)، وهو ما رفضناه، والثاني: هو أن نجد بشكل سلمي طريقاً آخراً، ورأينا أن الاستفتاء هو السبيل الأكثر ديمقراطية ومدنية لإيصال طموحات شعبنا للعراق والعالم”.
وفيما يلي نص المقابلة:
رووداو: لا تزال مسألة الاستفتاء في إقليم كوردستان من المواضيع الساخنة والمؤثرة، فكيف تبلورت فكرة الاستفتاء وقرار إجرائها؟
مسرور البارزاني: الاستفتاء حق طبيعي وشرعي لجميع الشعوب، وهو وارد في ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على أن لكل شعب الحق في تقرير مصيره، هذا كحق، حق شعب على امتداد التاريخ، وخاصة خلال القرن الماضي وحتى الآن، فقد مورس الظلم اتجاه شعبنا، أي أن هذا حق لنا، لكن متى نمارس هذا الحق؟، دعونا لا نوغل في الماضي كثيراً، فإذا ما بدأنا من عام 2003، وبعد وضع دستور جديد للعراق، كلنا كنا ننتظر أن يكون الدستور أساساً للتعايش وجميع المكونات في عراق ديمقراطي اتحادي، لكن على العكس، فما كنا نسعى له في الدستور، انتهك شيئاً فشيئاً، حيث لم تطبق حقوق شعبنا في كوردستان، ولم يمنح شعبنا هذا الحق، وتم العمل بشكل ممنهج لتقويض دور الكورد كشريك حقيقي في السلطة العراقية وإبعاد الكورد عن مركز السلطة، ومن ثم وصل الأمر إلى حد تقليل حصة إقليم كوردستان من الموازنة تدريجياً حتى تم قطعها بالكامل، ولم يتم السعي أبداً لتعريف البيشمركة كجزء فعال من المنظومة الدفاعية العراقية والتعامل معها على هذا الأساس، ورأينا كيفية التعامل مع البيشمركة في الحرب على تنظيم داعش ومنع وصول الأسلحة إليها، فضلاً عن عدم تطبيق المادة 140 وخرق المادة 55 من الدستور، وكل هذا دفعنا للتفكير في سبل أن نعيش في مستقبل لا نلجأ فيه إلى القتال، أو أن يتعرض شعبنا مرة أخرى للاضطهاد والمشاكل التي تعرض لها سابقاً، ولنجد حلاً جذرياً لمعالجة خلافاتنا مع بغداد، لذا اعتقدنا بوجوب سؤال شعبنا، وهذا ما بلور فكرة الاستفتاء، وهذا ليس وليد اللحظة، ففي عام 2014، طالب السيد الرئيس (مسعود البارزاني) البرلمان بتشكيل لجنة عليا للاستفتاء، وحينها وافق البرلمان، وثم خضع لمناقشة من جميع الأطراف الأخرى، ووصلنا إلى قناعة مفادها أنه مادمنا لم نتوصل إلى أي اتفاق، والحكومة العراقية غير مستعدة لتحقيق الحقوق الدستورية لشعبنا بشكل أساسي، فعلينا أن نفكر وأن أمامنا طريقان، وهي إما أن نلجأ إلى القتال (لا سمح الله)، وهو ما رفضناه، والثاني: هو أن نجد بشكل سلمي طريقاً آخراً، ورأينا أن الاستفتاء هو السبيل الأكثر ديمقراطية ومدنية لإيصال طموحات شعبنا للعراق والعالم، والفكرة من الاستفتاء هي استطلاع رأي شعبنا عما يريده وكيف يرغب به مستقبلاً، مع هذه الحكومة التي انتهكت حقوقه حتى الآن.
رووداو: تقول بعض الأطراف، أن موعد الاستفتاء لم يكن مناسباً، أنتم كنتم تتحدثون في الخارج بحملة الاستفتاء، وكنتم في الداخل أحد الذين أديتم دوراً مهماً في إنجاح العملية، هل تعتقدون أن الوقت لم يكن مناسباً؟ هل لو أجري الاستفتاء في المستقبل كان سيكون له ردود فعل إقليمية ودولية مغايرة؟
مسرور البارزاني: أعتقد أن ما يثار بشأن الوقت مجرد ذرائع، لأنه في الحقيقة مرّ عليه وقت طويل (الخطوة جاءت متأخرة)، طوال هذه السنوات التي انتهكت فيها حقوق شعبنا، هل قال أحد إن الوقت ليس مناسباً لانتهاك حقوقكم؟ لم يتحدث أحد عن الوقت، ورغم ذلك، أجرينا الكثير من الحوارات مع دول الجوار والعالم ومع الولايات المتحدة وأوروبا وبغداد نفسها، حيث بحث وفد رسمي من الإقليم الأمر مع هذه الأطراف، وأنا كنت واحداً من الذين تحدث عن هذه المسألة في الخارج، لكن أمريكا بشكل خاص كانت تقول ثلاثة أمور: لم تكن تقول أبداً أنها ضد حق تقرير المصير أو إجراء الاستفتاء، بل كانت تشير فقط إلى بعض القلق بشأن التوقيت، لثلاثة أسباب، الأول يتعلق بالحرب على داعش واحتمالية أن يؤثر الاستفتاء سلبياً عليها، والثاني تداعيات إجراء الاستفتاء على السيد العبادي كرئيس وزراء العراق مستقبلاً وعدم حصوله على ولاية ثانية، والثالث: تفاقم الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان بشأن المناطق المستقطعة من الإقليم، لكننا كنا نعتقد أن هذا ليس مقنعاً، وأن هذه الأمور لا ترتقي إلى أن تكون أسباباً لعدم إجراء الاستفتاء، ما هي الاستفتاء؟ الاستفتاء يعني استطلاع رأي الشعب للتعبير عما يريده، لكن حينها أيضاً، لم نكن نقل إننا سنقوم في اليوم التالي بالتعامل مع النتائج والتقرير بشأنه مباشرة، وأكدنا أن فرصة الحوار مع الحكومة العراقية ستكون قائمة كقرار قومي ووطني بيد القادة الكورد، لكي لا تتم المفاوضات بأسماء احزاب أو اطراف سياسية أو اسم شخص والعمل على إيجاد حلول، وقد يكونون بحاجة الى رأي شعبهم، والتحدث فيما بعد عن النقاط الثلاث التي ذكروها، الاول: مسألة الحرب مع داعش، فنحن نعتقد بأنه هذه المسألة لا ترتبط ابداً بمسألة الإستفتاء، لأن تنظيم داعش حينما هاجم على مناطق إقليم كوردستان، كان الشعب الكوردستاني قد قرر الدفاع عن نفسه، وذلك بهمة وشجاعة قوات البيشمركة، الذي تصدى لعناصر داعش، وتمكن من الانتصار عليه، اذاً هذا كان قرارنا وليس قراراً صادراً عن بغداد، لأنه في الاساس اذا ما تمعنت النظر في هذه المسألة فأنك سترى بأن داعش قد تكوّن في الزمان والمكان الذي يكون فيه هناك فراغ امني واقتصادي وسياسي، وسبب فشل النظام السياسي في العراق كانت الحكومة العراقية، بالإضافة الى تسليم كل هذه الاسلحة الى يد عناصر داعش، فهم زادوا من قوة هذا التنظيم، واعطوهم القوة اللازمة للهجوم على كوردستان، وهنا استطاعت قوات البيشمركة الدفاع والانتصار على داعش، وهذا كان قرارنا، لذلك فأن قرار الإستفتاء لن يؤثر على موقفنا، في التصدي لداعش الآن او للإرهابيين في المستقبل، لذلك اعتقدنا بأن هذه المخاوف ليس لها اي داعي.
رووداو: اذا لماذا لم تتمكنوا من إقناع الولايات المتحدة الامريكية؟
مسرور البارزاني: اذا سمحت لي اريد التحدث عن نقطتين ايضا. ثانياً: الباقي كان حول انتخاب رئيس الوزراء، كنا نعتقد بأنه لا يوجد لدينا تأثير على المرشح لمنصب رئيس الوزراء القادم، لأن اختياره يتم بعد فوز كتلته في نظام الانتخابات العراقية، إلا ان الحكومة العراقية قد وضعت هذا النظام “مع احترامي لهم جميعاً” فالشيعة هم الاكثرية، وهذا يعني بأننا نحن الكورد والسنة وحتى لو اصبحنا معاً، فأننا سنبقى اقلية ولن نتمكن ان نكون تلك القوة لتعيين رئيس الوزراء، وهذا يعني بأن الشيعة هم من يختارون ويرشحون رئيس الوزراء، هذه من احدى العوامل، التي تقول بأن من يحصل على اعلى الاصوات هو من سيرشح لمنصب رئاسة الوزراء ويستلم هذا المنصب، إلا ان هناك عاملان مؤثران ايضاً، يتمثل الاول بمسألة المرجعيات الدينية في النجف، التي عليها ان توافق عليه، اما العامل الثاني وهو مخفي فيتمثل بالتأثير الإيراني الواضح على القرار السياسي في العراق، لذلك علينا جمع هذه العوامل وتكون متوازنة لكي نتمكن من اختيار رئيس الوزراء المناسب، وهذا يعني بأن الاستفتاء لم يؤثر ابداً على من سيكون مرشحا لتمثيل الحكومة العراقية القادمة، لأنه لن يستطيع ان يقف عائقاً امام إجراء الاستفتاء.
ثالثاً: بالنسبة لمسألة المناطق المستقطعة، كنا نقول اذا ما كان وجود قوات البيشمركة في هذه المناطق سيؤدي الى مشاكل، فنحن لم نبدأ الاستفتاء بعد والبيشمركة لا يزالون هناك، ولكن لنرى ما سبب وجود قوات البيشمركة في هذه المناطق، السبب يكمن في السلطات العراقية، وظهور داعش، وذهبت قوات البيشمركة للتصدي لها ومنع انتشارها بهذه المواقع، وحققت انتصارات على داعش، وحررت الكثير من الاراضي، إي ان البيشمركة انتقلت لهذه المناطق لحمايتها وحماية اهالي هذه المناطق، لم نقل في يوم من الايام بأن وجود قوات البيشمركة هو فرض لأمر واقع في هذه المناطق لحد الآن واننا سنفرضه على النظام القادم في العراق، وقلنا ايضا بأننا حينما نقوم بإجراء الاستفتاء فهذا لا يعني بأنه سيكون هناك تغيير في الحدود الجغرافية بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، هذا الاستفتاء كان لبيان الرغبة القومية لشعب كوردستان وبشكل عام، لكي يقرروا مصيرهم، وطريقة عيشهم الى جانب الحكومة العراقية، فبحسب المادة 140 يجب العودة الى الدستور لحل المشاكل على المناطق المتنازع عليها، نحن على اتم الاستعداد للوصول وايجاد الحلول المناسبة لهذه المناطق، وكان هذا ردنا على النقطة الثالثة، التي كانوا يتخوفون ويتحدثون عنها وقت إجراء الاستفتاء، وهذا الامر لم يكن كذلك طبعاً، لأننا لم نقل بأنه سيتم فرض الامر الواقع، أو بأنه سنقوم برسم الحدود، أو انه سيتم حل مشكلة هذه المناطق عن طريق إجراء الإستفتاء، نحن لم نقل ذلك، فقط قلنا بأنها رغبة قومية لتحديد طريقة الحكم في المستقبل”.
رووداو: هذه التبسيطات التي قدمت للمشاهد من خلال هذه المقابلة تعتبر عقلانية، ولكن لماذا لم يقتنع بها الأمريكان؟
مسرور البارزاني: انا لا استطيع التفكير مكانهم، ولكن لا بد بأن لهم مصالحهم ايضاً، فهم ينظرون بشكل عام الى الاوضاع في الشرق الاوسط والعالم، وقد يكون لديهم برنامج مختلف بين ايديهم الآن، او ان هناك بعض النقاط التي لم يتحدثوا بها معنا حول تاثير الاستفتاء على برنامجهم القادم في المنطقة، قد تكون لديهم اسباباً منعتهم من التقدم، أو ان هناك سياسة لبغداد تمكنت بها من اقناع امريكا بأن اجراء الاستفتاء سيكون ضد مصالح المنطقة، ولا يوجد اي اصل او اساس لها الامر، وسنرى ذلك لأن النتائج ستبين هذه الامور.
رووداو: هل كان هناك اتفاق حول قرار اجراء الاستفتاء بين القادة السياسيين، خصوصاً بين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني؟
مسرور البارزاني: بكل تأكيد كان هناك اتفاق.
رووداو: كيف؟
مسرور البارزاني: ليس فقط بين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، فقد تحدث سيادة الرئيس حول هذا الموضوع مع جميع القيادات والاحزاب السياسية الاخرى، فقط كانت حركة التغيير مع الجماعة الاسلامية تقف بعيدة عن هذا الموضوع، إلا ان جميع الطراف السياسية والحزبية الاخرى قد شاركت في الاجتماعات التي عقدت حول هذا الموضوع وقرروا من خلالها بأن يكون 25-9 هو يوم اجراء الاستفتاء ووافقوا عليه جميعاً، لأنهم ارادوا ان يكونوا جزءاً من هذه العملية، لأنها تعتبر مسألة سيادية بالنسبة لقضيتنا القومية، إلا ان النتائج كيف كانت، وما هو موقف الاهالي فهذا امر آخر، إلا انني اخبرك بكل ثقة، كانوا جميعاً معاً، وكانوا صوتاً واحداً، وكان هذا واضحاً أمام الجميع.
رووداو: لماذا كنا نتلمس بعض التردد في خطاباتهم؟
مسرور البرزاني: قبل ام بعد الإستفتاء؟
رووداو: خلال اقتراب موعد الاستفتاء؟
مسرور البارزاني: هذا الامر يعتمد على الشخص المعني، هناك اشخاص مؤمنون بشيء معين، يبقى معهم، ويتحملون من اجله كل شيء، في المقابل هناك بعض الاشخاص يكونون مهمشين، وينتظرون الفرص، اذا نجح على حساب معاناة اشخاص آخرين يقول بأنه صاحب هذا الانجاز، أما اذا فشل يقول لا دخل لي في هذا الامر، وبعض الاشخاص لديهم مواقفهم العدائية في الموجودة بشخصيتهم الداخلية.
رووداو: هناك حديث كثيرعن البديل (الترانتفيك) وانه تم طرحه على القادة الكورد، كبديل عن الاستفتاء، فهل كان هناك جزء يستحق ان يكون بديلا عن الاستفتاء؟ وهل ان بغداد كانت مع هذا الامر؟
مسرور البارزاني: تم الحديث كثيرا عن هذا الموضوع، إلا انني اريد ان اوضح الامور اكثر للمشاهدين من خلالكم، فمنذ البداية كان الامر كمسودة حضرها السفير الامريكي مع السيد بريت ماكغورك فهم كانوا معنا على الخط، وتم تقديم هذه المسودة كبديل، إلا انه طرأت بعض التغييرات على هذه المسودة، حتى انهم قدموا مسودة قبل اجراء الاستفتاء بعدة ايام، وقالوا بأن هذه مسودة لكي يتم الاطلاع عليها، وحينما اطلعنا عليها رأينا بأنها لا تحتوي على اي ضمانات، ولا على اي التزامات، بحيث لن تستطيع الامم المتحدة او امريكا أو الدول الاوروبية من فرض اي شيء على الحكومة العراقية، أو على العلاقات المستقبلية بين إقليم كوردستان والعراق، هذه نقطة.
ثانياً: كم من المرات حصلت هناك مفاوضات واعطاء وعود لإقليم كوردستان من قبل الامريكان او الاوروبيين، وفجأة يحصل هناك تبديل لفريق هذه الدول، مع عدم الايفاء بالوعود، بالإضافة الى عدم التعويض، ونبقى نحن ندفع الثمن، ولكن لنرى عن ماذا كانت تتحدث هذه المسودة؟ تقول المسودة: عليكم بتأجيل الاستفتاء لمدة عام، وعليكم بعد ذلك الدخول في مباحثات في اطار العراق مع حكومة السيد العبادي، فإذا لم تتقدم الحكومة العراقية بنية صافية للتباحث معكم، عندئذ سنعلم نحن ما تطالبون به من حقوقكم، بحيث يكون لكم الحق بإجراء الاستفتاء، لا يقول بأنه سيعترف بالمكاسب، او انه سيحترم هذه المكاسب، بل انه لم يتحدث بتاتاً عن مكتسبات الاستفتاء، بل يقول قد يكون لديكم الحق بإجراء الاستفتاء، ان مسألة الاستفتاء حق طبيعي، وهذا ما اشارت اليه الامم المتحدة، ولذلك لسنا بحاجة الى ان يقول لنا احد حقنا بإجراء الاستفتاء ام لا، فهو لا يتحدث عن اي التزامات، بل يشير اذا كانت نية الحكومة العراقية غير صافية، عندئذ سنقول لكم بأنه من حقكم اجراء الاستفتاء بعد عام من الآن، واذا استمر الوضع على ما هو عليه، فيجب الحل داخل الفيدرالية او الكونفدرالية، او الاستقلال، وبأي طريقة كانت، وارى انه من المهم ان اتطرق الى مسالة النية لدى الحكومة العراقية، فعليكم بدء المفاوضات في اطار العراق الاتحادي، لم نجري الاستفتاء، وبدأت المفاوضات، والسيد العبادي لديه انتخابات مع الحكومة العراقية ايضاً، وهنا يظهر الالتزام بأنه لم يحدث، وهو ليس التزاماً مع رئيس الوزراء بل اتفاق “جنتل ماني” معه، يعني ان الكورد فقدوا حقاً اخر من حقوقهم الشرعية، ولا يعترف احد بشيء بديل، لأنه غير ملزم، وفي السياق ذاته، اذا جاء العبادي وقال انا كرئيس وزراء سأعمل لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، ولكن هذه الامور خارجة عن سلطتنا، فأنتم تتحدثون عن رسم للحدود وتتحدثون عن نظام الحكم في العراق، بالإضافة الى الاستقلال والنظام الكونفيدرالي، فمهما حدث، فأن هذه الامور ليست من صلاحيات رئيس الوزراء، يجب نقل هذا الموضوع الى البرلمان للموافقة عليه، وكان من الجيد ان يوافق عليه البرلمان، فأنا قد اظهرت نيتي الصافية امام الجميع، إلا ان البرلمان لم يوافق. جميعنا يعلم بأنه لا توجد مبدأ الشراكة في البرلمان العراقي، هناك اكثرية واقلية، وهم ينظرون الينا كأقلية، ومن المستحيل ان يتم التصويت داخل البرلمان على امور تصب في صالح الكورد، وعندئذ كان يمكن ان لا يؤيد البرلمان العبادي، وكان سيقول السيد العبادي لقد اظهرت لكم نيتي الصافية، وكانت امريكا ستقول لقد فعل ما بوسعه، إلا ان البرلمان رفض طلبه، وهذه عملية ديمقراطية ولا نستطيع ان نعمل شيئاً، او كانوا سيقولون يجب اعادة كتابة الدستور، وبحسب الدستور العراقي اذا ارادت ثلاث محافظات استعمال حق الفيتو بعدم تغيير الدستور، فلن يتم تغيير الدستور، هناك البعض يريدون استغلالنا لتقوية مواقفهم، أو يريدون ان يحملوا الاستفتاء جميع ما يحدث، وهذا الامر لا اساس له، فهذا الحل البديل لم يكن ملزماً ولم يتم التوقيع عليه، ولم يكن رسالة، بل كان مسودة تتحدث عن هذه الامور التي ذكرتها، ولهذه الاسباب طالبناهم في وقتها بأن يقولوا فقط باننا داعمين لنتائج الاستفتاء بدلا من هذه المسودة، اذا كان لمدة سنة او سنتين او اي مدة أخرى، إلا انهم كانوا غير مستعدين لذلك، واذا كان احد ما غير مستعد لتقديم اي التزام لك، فلا يمكنك ان تفسر كتابة رسالة بالحل البديل.
رووداو: اريد التاحدث معك عن اجتماع دوكان، الذي عقد قبل 16 من اكتوبر، ما الذي حدث في ذلك الاجتماع، لماذا تغيرت الاوضواع في كركوك بعد ذلك؟
مسرور البارزاني: بعد اجراء الاستفتاء اعلنا عن رغبتنا وتحدثنا عنها، وقبل اجراء الاستفتاء قلنا: نريد اجراء الاستفتاء، لكي نذهب ونتفاوض مع بغداد، فبغداد لم تكن تريد التفاوض او المناقشة مع الإقليم،فقد ذهبت الى بغداد وتحدثت مع السيد العبادي حول هذا الامر وقال لي، لماذا لا تقومون بإستفتاء خالي من القوى السياسية وان لا يكون بإسم الاستقلال، في الحقيقة انا لم اعلم انهم ضد هذا الموضوع لهذه الدرجة، واظهرت لنا بعض الامور بأنهم لم يكونوا ابداً مع بدأ هذه المفاوضات، لحماية المكتسبات التي هي لنا والتقدم بخطوات الى الامام، بل انهم لم يكونوا يتقبلون هذه المكتبسات ايضاً، وهنا ارجع الى هذه النقاط، عندما بدأت الحرب في الموصل حاولنا كثيراً عقد اتفاق بيننا وبين الحكومة العراقية مع الطوائف والقوميات في حدود محافظة نينوى، وتحت مراقبة الولايات المتحدة الامريكية، والاتفاق السياسي في ظل العمل العسكري لحل المشاكل التي قد تحصل بعد القضاء على عناصر داعش، ولكنهم لم يكونوا مستعدين للإتفاق معنا حول هذا الامر، وكانوا يصرون على بدء العمليات العسكرية، ثانيا: تأخير بدء معركة الحويجة، فقد كان من الممكن بدء معركة الحويجة بعد تحرير تكريت، لماذا اجلوا ذلك؟ وقد اخبرنا جميع الاصدقاء عن مخاوفنا من هذا الامر آنذاك، وقلنا بأنه يتم تأجيل تحرير الحويجة لكي تنقل جميع القوات الى هذه المنطقة، فلا تزال اعينهم على كركوك وعلى المناطق المستقطعة، وهذا ما حصل بكل تأكيد، فإذا تم اجراء الاستفتاء أو تم تأجيله فلم يكن هذا الواقع مقبولا لديهم، وللاسف دائما نحن نحاول ان نعبر عن آرائنا بطرق سلمية وديمقراطية، في حين اتجه العراق الى التعبير عن رأيه بفرض القوة العسكرية واخذ هذه المناطق من الكورد.
كان هناك اجتماع في دوكان بتاريخ 15 من اكتوبر بين قيادات الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، وتم الحديث هناك، لا اريد ذكر اسماء، تطرق بعض الاخوان في الاتحاد الوطني بأنه تم الحديث مع الحكومة العراقية والامريكان وبريطانيا على تاسيس لجنة تنسيقية، مثل التي توجد في اربيل والمناطق الاخرى، بين قوات التحالف والحكومة العراقية والقوات الكوردية في معسكر كيوان، وان يتم نقل اللواء الرئاسي الذي كان لمام جلال الى بعض المناطق في كركوك، ولكن لم يتم التحدث بتسليم كركوك عسكرياً الى الحكومة العراقية، وحتى اننا سألنا: هل اتفقتم معهم فعلاً أم هذا إقتراح؟ قالوا: كلا هذا اقتراح. طبعا رئيس الجمهورية السيد فؤاد كان متواجداً هناك بالإضافة الى الرفاق السيد بافل وغيره، مع العلم هو لا يحمل الصفة القيادية في حزبه إلا انه ذهب وتحدث مع هذه الاطراف مع عدد من اقربائه، وحينما تم طرح هذا الامر، نحن اوضحنا بأن كركوك ليست ملكاً لأحد، وليست ملكاً للاتحاد الوطني، وليست ملكا للديمقراطي الكوردستاني، وليست ملكاً لأي حزب آخر، ولهذا يجب علينا جميعا ان نقرر ما سيحدث، وتم الاعتماد على خمس نقاط اساسية خلال الاجتماع وتم الاتفاق عليها بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني.
في الوقت الذي قام عدد من الرفاق بالذهاب مساءاً الى منطقة رشاد وطوزخورماتو والاجتماع مع قيادات تابعة للحشد الشعبي والحكومة العراقية، وعدد من المسؤوليين الايرانيين، حيث كان لديهم برنامج كامل عن كيفية تسليم كركوك لهذه القوات، وهذا ما ادى مع كل الاسف الى استشهاد عدد من مقاتلي البيشمركة في الاتحاد الوطني الكوردستاني والذين كانوا في المواقع الامامية مع قوات إقليم كوردستان والذين كانوا يحمون مواقعهم، للأسف.. ومع كل الاسف، قاموا بإدخال الحكومة العراقية والحشد الشعبي الى كركوك، وهذا الامر لا يستطيع اي انسان ان يتغاضى عنه، فقد كانت اكبر خيانة يتعرض لها الكورد في التاريخ، وهي التي ادت الى بيع ارض كوردستان، وتسليم كركوك، حتى انهم ضحوا بالبيشمركة الابطال التابعين للاتحاد الوطني والذين كانوا في الصفوف الامامية اثناء دخول هذه القوات الى مناطق كركوك، وادى هذا كله الى حدوث تاثير على جميع الجبهات، وتم سحب بعض القوات، واصبح هناك تغيير في خطوط الجبهة واصبح البيشمركة في وضع لا يستطيع ان يتصدى لهجمة الحكومة العراقية، والغريب في الامر، انه كانت لدينا حساباتنا للكثير من الامور، ولكن..
رووداو: كيف لم تشعروا بهذه التحركات؟
مسرور البارزاني: بصراحة، كنا قد شعرنا بها، كنا نعلم بأن هناك نقاشات تجري بين بعض المسؤولين في حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني والحكومة العراقية، إلا أننا لم نتوقع أن تطبق قوات البيشمركة خاصة التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني قرارات لهؤلاء المسؤولين، كنا نتوقع أن تقاوم تلك القوات وتصمد أمام جميع الهجمات، وبقي عدد من المسؤولين الأبطال في الاتحاد الوطني الكوردستاني في جبهات الدفاع وقاتلوا وحتى انهم قدموا الشهداء أيضاً، لا اتحدث عن ذلك، هناك بعض الأمور أحياناً تختلط مع بعضها عندما يتم الحديث عن الاتحاد الوطني الكوردستاني، نحن لا نتحدث عن الثوريين في الاتحاد الوطني الكوردستاني الذين دافعوا وكان الشعور القومي والثوري طاغي على قلوبهم، بالفعل كانت خيانة كبيرة، وقام بها عدد من الأشخاص من أجل مصالحها الخاصة، هؤلاء لم يعملوا من أجل حزبهم، بل قاموا بها من أجل المنافع المادية، من أجل بيع وسرقة نفط كركوك، في الحقيقة كانوا أولئك الأشخاص نفسهم عملوا ليؤثر هذا الموضوع بشكل عام على جميع الأوضاع في إقليم كوردستان، الحكومة العراقية لم تكن تملك الجرأة لو لم تكن على اتفاق مع هؤلاء الأشخاص للهجوم على قوات البيشمركة، نحن سمعنا وأصدقائنا أبلغونا بأن العراق لم يكن قادراً على فعل ما قام به، البيشمركة كانت تحمل اسماً عظيماً، والحكومة العراقية لم تكن تود وكانت تخشى أن تشن هجوماً على قوات البيشمركة بهذا الشكل إلا أنهم عندما علموا بأن هناك بين الكورد شعور منخفض ويستطيعون خيانة أصدقائهم وأخوتهم ويبيعون أرضهم ووطنهم، وهناك اختلطت الأمور، حيث تمكنت الحكومة العراقية ان توقف دور البيشمركة وهذا كان سبباً لتقوم الحكومة العراقية بتقدم قواتها إلى الأمام وسهولة حركتها.
رووداو: رفع استفتاء إقليم كوردستان الشعور الوطني والإرادة والكوردايتي ( وهو مفهوم يتجسد فيه المفاهيم القومية والهوية والخصوصية الكوردية والإخاء الكوردي والإنساني) لدى شعب كوردستان إلى القمة، كانت كوردستان على طريق استقلالها، وحالياً الوضع الداخلي والدولي يفرضان بأن يكون الكورد متوحدون. هل هناك أي خطة للشعب الكوردي ليكون مستمراً في المطالبة بحقوقه، وعدم التخلي عن حقوقه الاستراتيجية التي يناضل من أجلها منذ سنوات عديدة؟
مسرور البارزاني: نحن جميعاً على ثقة، بأن وحدة صفنا وموقفنا القومي هما ضمان استحقاقتنا، وقلت عدة مرات سابقاً: من أجل أن نكون مستقلين ينبغي أن نكون نتخذ قراراتنا بأنفسنا وليس تابعاً لأي طرف آخر أو من أجل مصالحنا الضيقة نبيع منطقة ما في هذا الوطن، هذه الأمور أدت إلى عدم بقاء وحدة الصف فيما بيننا إلا أنه سابقاً كانت الوحدة موجودة بين الجميع في القرارات السياسية والعسكرية لقوات البيشمركة ومسألة الدفاع عن الوطن، كل هذه السنوات كانت قوات البيشمركة تقاتل معاً ضد داعش، حيث أن الأفكار والمعتقدات كانت مختلفة إلا أنهم كانوا مع بعضهم يحاربون ويستشهدون في جبهات القتال، وحدة الصف والتعاون التي كانتا موجودتان قبل خيانة 16 أكتوبر لم تعدان متوفرتان لكن أعيد وأقول لا يمكن أن يكون عائقاً أمامنا، أعتقد بأن هناك أشخاص كثر يستطيعون حماية وحدة الصف والمواقف بين الأحزاب السياسية، أتمنى أن يفكر القياديون السياسيون بهذا الأمر، لأن بوحدة الصف والموقف بإمكانهم الحفاظ على الاستحقاقات والخبرات الموجودة إلى الآن، وأنا على أمل بأن نصل في المستقبل إلى جميع أهدافنا.
رووداو: حالياً، بدأت مرحلة خطيرة من سياسة التعريب في كركوك وطوزخورماتو ومناطق أخرى، وعدم وجود موقف موحد بين إقليم كوردستان إلى أي مدى يؤثر على العملية؟
مسرور البارزاني: للأسف، تلك المناطق التي كانت تسمى بالمناطق المستقطعة أو المتنازع عليها أصبحت الآن محتلة، لأن الحكومة العراقية لم تطبق المادة 140 الدستورية ولم تسمح لنا بإدارة مشتركة في تلك المناطق، هم دخلوا بشكل عسكري وأرادوا أن يسيطروا على تلك المناطق، حيث اندلعت اشتباكات وتم قتل الأهالي هناك، وهاجموا المدنيين واستخدموا العنف، وحرقوا البيوت، وأقدموا على تهجير الأهالي، وجرائم هذه الأعمال يتحملها المسؤولون في بغداد وفرق الخائنين في 16 من أكتوبر، لذلك هناك عواقب سلبية على مستقبل تلك المناطق، وهذا لا يمكن القبول به، لذلك نحن مستعدون أن نناقش جميع المشاكل الموجودة بين إقليم كوردستان وبغداد وفق الدستور كذلك وضع المناطق المتنازع عليها، ولكن هذه المناطق هي محتلة وحالياً عملية التعريب مستمرة فيها.
رووداو: اختيار محافظ جديد لكركوك أصبح محل خلاف بين الأطراف، كذلك هناك خلاف بين الحزبين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، كيف سيتم حل هذه المسألة؟
مسرور البارزاني: إذا كانت المدينة محتلة وتكون الضحية فيها، كيف ستقبل بهذا؟ نحن ننظر إلى كركوك كمدينة محتلة ولن نتعرف بما يفرضه العراق ولن نقبل به أيضاً، نزحوا جميع الكورد، ويدمرون بيوت الكورد بشكل يومي ويضطهدون الكورد، والآن، نقوم بتحديد محافظ جديد وكان شيئاً لم يكن، لا يمكن أن نقبل بالإرادة التي فرضت ضد مطالب شعبنا، حيث هناك محافظ منتخب، لماذا لم يعد له اعتبار بل سيكون هناك اعتبار لشخص تم تحديده بقوة السلاح؟
رووداو: في هذه السنة الجديدة، أمامنا انتخابات إقليم كوردستان والعراق، كيف تنظرون إلى مستقبل الكورد في العراق؟
مسرور البارزاني: إذا نظرت إلى الفترة السابقة، فإن الحكومة العراقية خلقت الأزمة بشكل حكيم، وبعد ذلك، قاموا بتدبير هذه الأزمة لتكون حجة لوضع يديهم في وضع إقليم كوردستان، خلق الأزمات الاقتصادية، الأمنية، الهجوم على كركوك والمناطق الأخرى، والمشاكل هي جميعها في برنامج الحكومة العراقية.
التعليقات مغلقة.