المجلس الوطني الكوردي في سوريا

وليد حاج عبدالقادر: البارزاني لم يخطئ التقدير..

117

 

في العودة إلى قرار الإستفتاء و/الذي تم في ٢٥ / ٩ / ٢٠١٧ ومآلاتها ومن ثم تحميل المسؤوليته / كفشل مزعوم / للسيد مسعود البارزاني وفي قراءة متأنية للأسباب التي دفعت كوردستان وشعبها لإتخاذ ذلك القرار وكحق شرعي مكتسب تتسامى على كل العهود الوضعية . هي جملة التراكمات البنيوية التي ترسخت كنتاج صريح لأنموذج الدولة الفاشلة ، لتصل في المرحلة الأخيرة الى عمق بنية النظام الذي انحرف عن التوافقية وانحدر لصياغة وتمثل توجه طوق بنزعة مذهبية وفي تراكب لنزعوية قومية مفرطة ومبالغة في تزاوجها مع المذهبية للتغطية عليها وفي تدرج ممنهج نحو زعزعة كانت ولاتزال تتغلغل في نسيج الدولة الفاشلة ، والتي كان قد نبه لها السيد مسعود البارزاني في أولى المراحل التي تلت سقوط صدام ، وتأكيده – البارزاني – الجازم بأن كوردستان وشعبها سينأوون بأنفسهم عن العراق إن انحدرت الى حرب اهلية طائفية ، وهذا ما حدث وبأشكال متعددة لتفضي الى ما آل اليها مستقبل العراق وما تمنهج كشكل لنظام ما بعد صدام ، وفي عودة لممارسة التفرد سلطويا وسياسة سحب الصلاحيات كما تفريغ القوانين والضغط المعيشي لشعب كوردستان والعبث المتقصد بماهية التوافقات والتفسير الخاص لمواد الدستور وقوانينه ، كل هذه الخروقات كانت عوامل رئيسة استند عليها البارزاني ومعه كل المؤسسات التشريعية والحكومية ليتخذ القرار ووفقا لنصوص مواد الدستور العراقي ذاته للذهاب الى الإستفتاء والإحتكام الى نتائج صناديقه والتي أثبتت وقائعها بأنها حققت نجاحا فاقت كل التوقعات ، وهنا يتوجب ايضاح أمر هام وهو أن السيد البارزاني كان قد قرأ المعطيات الداخلية ورغبات شعبه ومعها المآلات التي تتجه صوبها جغرافيا المسألة الشرقية المتجددة وتتبعاتها وكقارئ – البارزاني – وكمستوعب لتلك المتلازمات وما يجري الآن في عمق هذه الجغرافيا بصفيحتها الساخنة ، وما تتالت وسيتراكب عليها من أحداث أيضا متتالية قادمة وكوجهة نظر ، لا بل ، وكتذكير بنظرية إعادة انتاج ودوران التاريخ دون الإرتكاز عليها وإن كانت الجينات لازالت كامنة في نطاقيتها ، والمقصودة فيها نمط او طبيعة الزلزال لا الجيولوجي منها بقدر ماهو الفالق في تمظهره وبشكله الكبير وكإنعكاس له / الفالق / هي التباشير التي أتخذت منحاها وعلى ارضيتها – أيضا – ستتكشف امور كثيرة في كوردستان وبلاد الشام ، وبالأصح مارافقها في البدايات من تموضع لنوع او ونمطية بعض اللاهثين ، ضمن نطاقية المشكلة / المسألة الشرقية كغاية وبجينة عصفت منذ أكثر من قرن بدولتين يفترض – بأن أراضيهما – كانت ساحة لسجالات عسكرية / مؤامراتية وتوافقات أودت لتفاهمات أفرزت قصا ولصقا لخرائط تمأسست عليها دول طعمت بجينة فشلها ، وثانية ، وعلى أرضية تلك الخرائط وبجيناتها المتصارعة ، يفترض فينا ألا نستغرب من إردوغان وغيره الإنكشاف السريع ، سيما وهو المهووس بالنزعة السلطانية ، فتتالت قائمة طموحاته ومعه الجهة الأخرى – إيران – المفترضة نقيضا و : ليبان وبوضوح بأنه العبث بالجميع ومع الجميع واصبحت الدول التي كانت فاعلة تابعة وتقطعت بهم المفاصل كما بعثرة الميليشيات المساندة لها ، وباختصار ، وفي خاصية تركيا وإيران اللتين اختلطت فيهما الأوراق ، ويبدو أن بعضا من المستور أخذ ينكشف ، وهنا قضايا كثيرة ستطفو على السطح من خلال انتفاضة شعوب ايران التي يبدو بأنها ستتسع وأيضا محاصرة تركيا بقضايا عديدة ، وبالترافق مع تلك ستتكسر الأجنحة ربما ستبدأ وبالتحديد داخل تلك الدول الفاعلة عسكريا كانت وفي سياقية أطرها وتشكيلاتها المنتشرة ، ومن جديد ، ستتمحور هنا لتعود الى نطاقية المسألة الشرقية وخريطتها التي على بقاعها جرت الحروب وعلى أطرافها وداخلها ايضا عقدت غالبية التسويات بمسمى اتفاقيات ومعاهدات بينية سواء للإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية او دولانية فرضت على ايران وتركيا لاحقا ، وهنا ، ومن دون التبسيط لأبعاد وترسخ مفهومية هذه المسألة الشرقية إن بعمقها الإستراتيجي او المأسسة التاريخية التي غلفتها ، إلا أنها وبتواتر الأحداث أماطت اللثام عن كثير من الظواهر التي ابتدأت من شبه جزيرة القرم كمفصل أساس كانت عام ١٨٨٦ ولتنطلق منها وفق مسار يفترض به تصحيح لهبة تنازل عنها قيصر قديم وجاء قيصر جديد معاصر يصر على استعادتها ، فيدخل العالم من تلك البوابة مجددا نطاقية عبث وتراكمات الدول الفاشلة بتناقضاتها ووصولها الى حالة الإنفجارات البينية وطبيعي ان تكون كوردستان واحدة من تلك البقاع التي تموضعت فيها كل ماذكرناه . وفي عودة سريعة للأحداث المتتالية خاصة على أرضية الأزمة السورية والحرب ضد داعش والإرهاب والمآلات التي تبلورت مع انكشاف كثير من الأمور بحيثياتها والملمح الذي يتبلور بوضوح وقوة في النية لإعادة النظر بكل المتشكل الذي اثبت فشله على الرغم من حروب بينية عديدة وحربين عالميتين وفشل جميع الجرعات المهدئة والجراحية ، وهنا وفي خاصية كوردستان العراق التي حاولت قيادتها بمراحل كثيرة الحفاظ على شكلانية الدولة المتعددة / الفدرالية والعمل الجاد على دسترة تلك الدولة ومحاولة اسباغ نوع من الحداثة الدستورية مع طاقة قصوى في انتشال الأركان الرئيسة وترميمها كي تتخطى الدولة حالة الفشل رافقها في الصميم وبعبثية كانت ولاتزال تشي بمدى تغلغل يد الإفشال الغميقة من جهة ، والتعريف الممارساتي بماهية القوانين والدساتير التي يتشبث بها ويشهرها المساهمون الأكبر في خرقها وإفراغها من فحواها ، وباختصار : لعل يوميات المهرجانات والخطب التي القاها البارزاني في كل التجمعات الداعمة للإستفتاء كان يركز على عاملين ومرجعيتين للفصل في هذه القضايا ، الدستور و الممارسات التي تراكمت من عسف واستهتار والعودة الممنهجة الى سياسات التعريب وإفراغ الدستور من فحواه بتعطيل المادة الرئيسة الجامعة لحل قضية المناطق المختلفة عليها ، اضافة الى الظروف التي أحاطت بالتشكل الجيوسياسي اعلاه وافرازات فشل الجغرافيا السياسية التي تموضعت على الفالق الآنف الذكر ، ولعل العنصر الأهم هي تلك الدوامة التي تأشكلت وكتايفون بدأت تتضح وكاستدراج ممنهج وبسلاسة ووضوح نتلمس تباشيرها ما يحدث في إيران ، وتركيا التي تخوض فوبياها الى درجة الهوس ، كل هذه المعطيات يدركها أي متتبع لشؤون المنطقة بنتائجها المكشوفة ، فما بالنا بزعيم مثل مسعود البارزاني وكقارئ رسته سنين نضاله وخبرته الطويلة ، وعليه يمكن القول بأنه لم يخطئ في قراءة الواقع بحدثه ، كما وأن غالبية الدول التي حثته على التريث في اجراء الإستفتاء لم ترفضه كمبدأ ولم تنكر او تنفي كل المسوغات المقدمة كوردستانيا ، والآن ! و ومع إصرار حكومة المركز على الإستمرار في طي كل مواد الدستور المنفتحة على انموذج الفدرلة ومحاولة العودة الى هيمنة المركز ، ومع تباشير التحولات في المنطقة مثل مظاهرات الشعوب الإيرانية ، وتخبطات اردوغان ، لن نكون مخطئين ان استنتجنا بأن الخلاف حول الإستفتاء كان وبقي منحصرا في عامل التوقيت ليس إلا ، وهاهي الأيام تؤكد أيضا بأن الصراع الدستوري المحتدم الآن سيكون في محصلته لصالح كوردستان وشعبها.

المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع

التعليقات مغلقة.