المجلس الوطني الكوردي في سوريا

عزالدين ملا : أنتهاء أوراق العام 2017 وآمال بتحقيق الأفضل في العام 2018 في كوردستان سوريا

123

 انتهاء أوراق العام 2017 وآمال بتحقيق الأفضل في العام 2018 في كوردستان سوريا

الشعب مازال يرزخ تحت ضغوط الحياة المعيشية اليومية ….عزالدين ملا

الأزمة السورية المستمرة منذ سبع سنوات خلفت دماراً هائلاً في البشر والحجر، دون أن تحرك الضمير الإنساني لإنهاء تلك المآسي التي تقشعر لها الأبدان، لكن عام 2017 كان مغايراً للأعوام السابقة، فبسبب التطورات على الأرض لا سيما قضايا اللجوء وخاصة إلى تركيا، وعدم قبول واشنطن بفكرة إقامة مناطق آمنة في سوريا، لذلك بدأت عام 2017 بالدعوة من قبل كل من روسيا وتركيا إلى مؤتمر في أستانا حول سوريا، ودعا إليها قيادات عسكرية في المعارضة السورية. وانضمت إيران لاحقاً إلى الآستانة وأصبح برعاية روسية إيرانية تركية. جولات مؤتمر آستانا كانت تركز على التطورات على الأرض ومحاولة خلق مناطق لخفض التوتر وخلق حالة من الاستقرار النسبي يقود إلى مفاوضات تنهي حالة الصراع في سوريا. وكذلك مؤتمر جنيف الذي عقد سلسلة من حلقاته في عام 2017 وبرعاية أمم المتحدة دون التوصل إلى أي إتفاق ينهي معاناة الشعب السوري، وكان المحور الأساسي في جميع هذه المؤتمرات هو القضية الكوردية لكن من تحت الطاولة وليست فوق الطاولة وبين المؤتمرين. المهم في عام 2017 أن الدول الثلاثة ( روسية وتركية وإيران) استشعرت التجاهل الأميركي لمصالحهم.

رغم كثرة المفاوضات في عام 2017 من جنيف وآستانا بحلقاتهما الثمانية ، لم يتحقق ما يأمله الشعب السوري بإنهاء معاناته من القتل والتدمير، كما غلب على عام 2017 الطابع العسكري. القضية الوحيدة التي تمت بنجاح هو الإنتصار على داعش وإنهاء سيطرته على الرقة.

غلبة الطابع العسكري

وفي هذا السياق تحدث الإستاذ وليد حاج عبدالقادر- كاتب وروائي- عن عام 2017 حيث قال: « في قراءة للوضع السوري وكجردة حساب لعام ٢٠١٧، سيلاحظ غلبة الطابع العسكري والتي إرتكزت على زيادة الإنخراط العسكري الدولي ومعه تقطيع أوصال المتطرفين وحصره في مناطق محددة وباتت داعش ومعها النصرة بتوابعها مجرد جزر مبعثرة، ورافق أو أسس لهذا الأمر مجال سياسي آخر بعيداً عن جينيف، وأعني بها إجتماعات آستانة التي إصطبغت بصبغة عسكرية بحتة، استطاعت حصر وإحتكار الدول الضامنة الثلاث، وأسست مناطق لخفض التصعيد. ولتفرز بُعداً آخرا، تم التأسيس عليها في طروحات جديدة، ومكنت الضغوطات في السعي لإنجاز وحدة المعارضات ( المنصات الثلاث في رياض ٢)».

تابع حاج عبدالقادر عن جنيف بالقول: « ولعل لقاء جينيف (٨) وتميزها رغم الضجيج الإعلامي المرافق، لكنها في الواقع وضعت اللمسات الحقيقية لسكة الحل أو بوادر صيغ لحلول حقيقية تستند على السلتين الأساسيتين:(الإنتخابات والدستور) من خلال ترحيل تفاصيل أخرى الى آستانا كقضية المعتقلين والأسرى ووو… ومن خلالها / آستانا / الدعوة الى مؤتمر سوتشي للحوار الوطني والمطوقة / سوتشي / بفيتو ايراني – تركي خاصة في الموقف من القضية القومية الكوردية في سوريا، ولعله يمكن إضافة نوع من المكتسبات الكوردية في سوريا: ( موقف المعارضة ورؤيتها في طرح القضية القومية الكوردية كقضية وطنية ووجود ممثلين للكرد  ولو بنسبة لا تتوافق مع حجمهم)، ولكن لوحظ تفاعلهم والمؤتلفين معهم بالتقرب من فهم جوهر القضية الكوردية».

بالنسبة للموقف الدولي وبالأخص روسيا وأمريكا أضاف وليد: « لازلت شخصياً على ثقة تامة بتوزيع الأدوار البينية، ورغم تخبط الإدارة الأمريكية الجديدة في سياساتها خاصة في الشرق الأوسط، إلا أن تفاهمات جون كيري ولافروف هي التي لاتزال سارية المفعول، وتطبق بوضوح بينهما، ومع إنحسار المنظمات الإرهابية، أخذت تطفح على السطح مطامح جميع الدول المنخرطة في الأزمة السورية، ولعل أكثر الدول التي تعيش فوبيا الحلول هي تركيا التي تواترت تراجعات حلقات وخطوطه الحمر، لترتكز فقط بالحد من أي مكسب فعلي أو آفاق صريحة لحل القضية القومية الكوردية، وطبيعي معها إيران مضافاً لها مشروعها الوجودي المتمثل بالهلال/البدر الشيعي/، كان لابد من تكتل عربي مناهض للمد الفارسي المغلف بالتشيع، ومن محاسن هذا التكتل، أنها لم تلتجئ الى القوموية المؤدلجة عروبياً بعثياً أو ناصرياً، كما وان ريادتها أيضا لم تنطلق من دمشق وبغداد والقاهرة، وأيضا إتخذت منحى صريح من التمذهب السني منه والشيعي، وأصبحت كركيزة يمكن القول بأنها ستؤسس/ربما/ حلاً لجوهر المسألة الشرق الأوسطية».

بالنسبة لعام ٢٠١٧  تابع حاج عبدالقادر بالقول: كانت عام 2017 الحاسم الأكبر في قصقصة أوصال داعش والنصرة وهيكليات المعارضات التي وجدت كقوات برية تؤدي مهام محددة، ومع إنجاز المهام وكشركات خاصة تغادر الساحة، (نعم) ان داعش والنصرة وحلفائها ما تبعثروا أو تبخروا إلا بإستخدام أحدث الأسلحة حتى الإستراتيجية منها رافقتها فظائع ومجازر حقيقية كما ومعارك فعلية، وبدت سوريا فعلاً كحاضنة يستهدف من خلالها القضاء على المتطرفين، وبات لكل دولة قواتها تتعقب مواطنيها المنخرطين في تلك المنظمات، وما لفت في هذا الجانب موقف دول التحالف من التشكيلات التي استندت عليها، ومع تنفيذ مهامها بدت صريحة معها بطلبها منهم تسليم أسلحتهم وهذا ما يتسرب من مواقف وتصريحات قادة التحالف وموقفهم من قوات سوريا الديمقراطية كما فعلت مع جيش اليرموك».

أضاف حاج عبدالقادر عن الملفات العالقة بالقول: «يبدو انه مع نهاية ٢٠١٧ تم ترحيل كل الملفات الى العام الجديد وشهره الأول الذي سيشهد لقاءاً هاماً في سوتشي، ويليه سيكون مرجعية هامة لآستانا، وستطبخ فيها إنعكاسات خفض التصعيد سياسياً، ويستشف من مجريات الأحداث بأن الأزمة السورية أصبحت بالكامل مجرد منصة للتسويات ومحطات قد تلبي بعضاً من مطامح الدول التي تدرجت وتوسعت ولتضيق في الأخير مثل تركيا التي إنحصرت إهتماماتها لتركز على كوريدور هنا وتدخل في كوردستان العراق، والأهم ان تتجاوز خلافات ورثتها في صراعها مع المذهبية الشيعية وكذلك إيران وحلمها القديم الجديد، وبالتالي تصادم هذا التوافق وتصادمها مع المشروع العربي، وهنا وبإختصار ستكون هي ما اسميه شخصيا بالإستدراج الممنهج لكل هذه التضادات، ولكن الإستهداف الأخطر وقصقصتها وهنا هما ايران وتركيا».

كما تحدث الإستاذ محمد سعدون عضو اللجنة المركزية لحزب PDK-S  عن الأزمة السورية: « الشعب السوري كغيره من الشعوب المنطقة أراد التحرر من نظام دكتاتوري وشمولي بشكلٍ سلمي وتحت شعار(الشعب يريد اسقاط النظام) لكن النظام وبدعم من إيران عسكر تلك المظاهرات وسمح للإرهابيين بالدخول الى سوريا، وبذلك تدخلت أغلب دول العالم وخاصة القوى الكبرى، والتي حولت الساحة السورية ودول المنطقة الى محورين، محور تقوده أمريكا وآخر تقوده روسيا.

كادت الثورة السورية تدخل عامها السابع ولا زال كل محور مصر على مشروعه طمعاً بحصة أكبر من الكعكة علماً بات الوضع في عام 2017 أقل دموية نتيجة تقسيم سوريا إلى كانتونات باسم مناطق أقل توتراً.  كذلك تم القضاء على داعش الإرهابية. وبذلك بدأت مرحلة جديدة وهي المرحلة السياسية وان بقيت جيوب صغيرة تحكمها جبهة النصرة أوغيرها. وإنتهت مرحلة تجارة النظام بمحاربة الارهاب، وبذلك  يعتبر النظام نفسه منتصراً، وأغلب المعارضات توحدت للحوار مع النظام ( جنيف 8 )».

تابع سعدون بالحديث عن المحور الروسي ورؤيته بالقول: « هنا لابد من الإشارة الى المحور الروسي الذي يتألف من: روسيا وإيران وتركيا وخلافاتهم حول مستقبل سوريا. روسيا ترى ان تكون دولة سوريا ذات حكم فيدرالي موحد لكن تلك الفيدرالية لا تتجاوز اللامركزية الإدارية، وأما إيران فهي متفقة مع تركيا على إنهاء القضية الكوردية في سوريا، وكما تريد دولة سوريا المركزية بقيادة العلويين لأن النظام إنتصر عسكرياً، وأما تركيا لها مهام أخرى وهي إفشال المشروع الكوردي الذي كان يتداول من قبل الكورد وهو تحرير كوردستان سوريا وتشكيل حكومة فيدرالية على غرار إقليم كوردستان العراق ضمن دولة سوريا من نهر الدجلة الى البحر المتوسط، وفعلاً استطاعت تركيا بإحتلالها منطقة جرابلس وإدلب للضغط على عفرين لتسليمها الى النظام، وإفشال ذلك الحلم ».

بالحديث عن المحور الأمريكي أضاف سعدون: « أما المحور الأمريكي الذي ساعد(قسد) في تحرير شرقي فرات، والتي تكون منطقة نفوذ أمريكي بالإضافة الى منطقة التنف. وأما بالنسبة للكورد فهم منقسمون الى محور ب ي د  وبالإتفاق مع النظام  قسم المنطقة الكوردية الى ثلاث كانتونات ليحكمها بقبضة من حديد، وتنفيذ المخطط الذي فشل النظام في تطبيقه من تهجير الكورد بكافة صنوف الضغط وإسكان العرب في تلك المناطق لتغيير ديموغرافيتها. أما المحور الثاني  المجلس الوطني الكوردي فعلى أرض الواقع خسر كل مكاتبه ومكاتب الأحزاب المنضوية تحت لوائها حرقاً أو إغلاقاً، وكذلك افشلوا في عقد مؤتمرهم الرابع، بالإضافة الى سجن المئات من رفاقه ومؤيديه. لكن سياسياً لازال محتفظاً بعضويته في الإئتلاف والوفد المحاور مع النظام ».

والسؤال عن كيفية حل الأزمة السورية؟ أضاف سعدون: «  فلكل منا وجهة نظر حسب قراءته للواقع فإني أرى أن روسيا وأمريكا متفقتان على حلول مشتركة على طريقة الشد والإرتخاء، وكل منهما يحاول الحصول على نصيب أكبر من الكعكة السورية، ومتفقان على مستقبل سوريا كدولة فدرالية( لامركزية إدارية)، وعلى الكورد توحيد صفوفه والإتفاق مع أمريكا لأنها باقية في المنطقة إلى ان تستقر وتؤمن مصالحها، وقطع طريق أمام إيران للوصول إلى البحر المتوسط، وذلك حفاظاً على مصلحتها مع إسرائيل وفك ارتباط (ب ي د) من (ب ك ك) إرضاءاً لحليفتها الإستراتيجية تركيا. لأن أمريكا تتصرف حسب قاعدة ( التضحية بالمصالح الصغيرة مقابل المصالح الكبيرة. كما أنها ضحت بكركوك مقابل فك إرتباط العراق عن ايران)».

مسلسل سوري طويل

كما تحدث الإستاذ إسماعيل درويش عن عام 2017 حيث قال: «المسلسل السوري وأعوامها التي تتكرر، حاملة معها مآسي وآلام جديدة، ومزيد من الدم السوري الذي سال ويسيل على الأرض دون رادع لها من قبل الدول التي تتدعي حقوق الإنسان.

عام 2017 كان جزءاً من المسلسل الدموي كسابقاتها من الأعوام الستة، التي كانت حبلى بالمجازر المتنوعة من قبل جميع الأطراف المتصارعة على الأرض السورية، وظهور المزيد من الفصائل الدموية الداعمة لطرفي الصراع السوري – السوري، حيث المعارضة الإسلامية المتشددة وكتائبها التي تاجرت بالثورة على حساب الدم السوري، والنظام السوري الذي تجاوز كل الحدود في همجيتها وإرهابها بحق البشر والحجر السوري.

كوردياً لم يقدم فيه شيء وكل ماقيل كانت شعارات من الأطراف الحزبية للحفاظ على بقاءها نحو المزيد من التجارة بالشعب الكوردي بإستثناء تحرير الرقة بالدم الكوردي، على أمل أن يكرس تضحيات الشباب الكوردي في خدمة الإنسان الكوردي ».

تابع درويش بالحديث عن أخلاقية الدول الكبرى، حيث قال: « الدول الكبرى والمتحكمة بالسياسة العالمية فقدت كل ما لديها من الشعور الأخلاقي في السياسة لحل المشاكل العالمية والوضع السوري من ضمن تلك المشاكل. وبات كل طرف  يبحث عن نصيبه من الكعكة السورية على حساب الدم السوري، ولن تقدم تلك الدول أي حلول جذرية لإنهاء الأزمة إلى أن تتفق جميعها على حصصها الحالية والمستقبلية وعلى رأسهم روسيا وامريكا، والأرضية الخصبة التي أوجدها الظروف على الارض السورية من خلال العقلية الدموية لطرفي الصراع السوري كان عاملاً أساسياً في عدم جدية الدول الكبرى للبحث عن حلول جذرية».

أضاف درويش عن رؤيته في عام 2018 بالقول: « عام 2018 ستشهد ترتيب المزيد من الأوراق على طاولة الدم السوري وعلى حساب الشعب والحجر السوري، حيث روادها المدعين بالبحث عن حلول ومنفذيها المعارضة والنظام الذين فقدوا أدنى معاني الإنسانية والاخلاقية، فلا حلول دون أن تكون هناك إرادة جدية عالمية في وقف مسلسل الكارثة السورية، حيث لا نهاية للكارثة السورية وهناك العشرات من الأيادي التي تقتسم الأرض والشعب السوري وخاصة إيران وتركيا ».

وضع كوردي غير مثالي

تحدث المحامي لازكين حاجو عن عام 2017 بالقول: « لقد كان عام 2017 إمتدادا للأعوام السابقة من عمر الأزمة السورية من حيث الصراع على السلطة بين كل من المعارضة والنظام  ولم تستطع مؤتمرات جنيف واستانة وجولات ديمستورا تحقيق أي تقدم يذكر على صعيد التقارب بين الطرفين أو إيقاف نزيف الدم المتدفق منذ سبع سنوات، ولو ان هذا الصراع قد خفت حدته بعد فرض مناطق خفض التصعيد من قبل الأطراف الدولية ».

وعن الوضع الكوردي أضاف حاجو بالقول: « الوضع الكوردي لم يختلف حالاً عن الوضع السوري عامة فلم تستطع الأطراف الكوردية – نتيجة خلافاتها العميقة- ان تفرض مشروعاً يلبي طموحات وتطلعات الشعب الكوردي، نتيجة إرتباط بعض الأطراف الكوردية بأجندات داخلية وخارجية، ولم يستطع ممثلي الكورد إقناع المعارضة والنظام بمطالبهم المشروعة. مما أثر ذلك سلباً على الكورد، فدفع ضريبة هذه الخلافات معاناة وتهجير متزايدين. ان الدول الكبرى وكذلك الدول المحورية تنظر الى الأزمة السورية على انها المدخل لتوسيع نفوذها في المنطقة، وزيادة هيمنتها، وتحقيق مكاسب كبيرة على حساب الشعب السوري. لذلك لا تسعى هذه الدول الى إنهاء الصراع، بل على العكس تماماً تريد تأجيج الصراع لأطول مدة ممكنة، حتى تستطيع فرض مشاريعها. لا أعتقد ان يشهد العام 2018 إنفراجا للأزمة السورية طالما خيوط حل الأزمة  ليست بيد الأطراف السورية، وطالما ان الدول الكبرى والمحورية لا تسعى الى

ذلك ».

مع دخولنا للعام الجديد وكثرة الحديث عن إعداد لعقد مؤتمر سوتشي لبحث مستقبل سوريا، يبدو جلياً عمق الخلافات حول اتجاهات المؤتمر وكذلك طبيعة المشاركين والسيناريوهات التي يمكن أن يطرحها هذا المؤتمر بالنسبة لحل الأزمة السورية، في ظل وجود اختلافات بين رُعاة المؤتمر حول مصير رئيس النظام السوري، وطبيعة الخطوات التي يمكن أن يسير فيها المؤتمر وصولاً لحل يفضي إلى مستقبل سوري مستقر ومزدهر.

التعليقات مغلقة.